أكد مراقبون أن الطريقة التي صعدت بها حكومتا مصر والجزائر حدة الخلافات بينهما عقب المباراة الرياضية بين فريقي الدولتين تؤكد سفه الحكومتين، الأمر الذي يوجب عزل النظامين عن الحكم لأنهما ضحتا بمصائر الشعبين المسلمين من أجل استمرار فسادهما وبقائهما، جاء ذلك في الوقت الذي تسربت فيه أنباء إلغاء قمة بين رئيسي مصر والجزائر جاءت عبر مقترح ليبي سوداني أيدته الجامعة العربية، مع تعهد الدولتين بالعمل على طي صفحة الخلاف الذي نشب على خلفية التأهل لكأس العالم، في حين تتعرض مقدمة برنامج شهيرة على فضائية دريم للفصل من عملها على خلفية انتقادها وزارة الخارجية المصرية أثناء الأزمة مع الجزائر. وكشفت مصادر صحفية عن نجاح الاتصالات التي جرت برعاية ليبية سودانية مع القاهرةوالجزائر فى الحصول على تعهدات رسمية من كلتا الدولتين بالعمل على طي صفحة الخلاف الذي نشب بينهما على خلفية المشاحنات المحيطة بسلسلة مباريات بين المنتخبين المصرى والجزائري فى إطار التأهل لكأس العالم لكرة القدم. وأضافت المصادر أن الوساطة التى قامت بها كل من ليبيا والسودان، بناء على مطالبة من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، خلصت إلى أن خطوة عقد قمة تجمع الرئيسين مبارك وبوتفليقة ليست مواتية وإنه من الأجدى التحرك المباشر على الأرض باتخاذ إجراءات متبادلة تأخذ وقتها بهدف تجاوز الأزمة وتناسيها. وبحسب نفس هذه المصادر فإن وعودا تم قطعها على أعلى مستوى بالتوجه المباشر نحو التهدئة الإعلامية بما من شأنه أن يسهم فى تخفيف توتير العلاقات بين الشعبين والذى كان قد بلغ حالة شديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقد أدت اتصالات دبلوماسية متتالية أجراها الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى التوصل إلى جملة من التفاهمات أغنت عن عقد اجتماعات تجمع مسئولين من البلدين خشية أن تتسبب الحساسية الناجمة عن حالة الشحن الإعلامي فى أن تتحول هذه الاجتماعات إلى مواجهات غير مثمرة. ونتج عن الاتصالات، حسب المصادر نفسها، استمرار المشاركة المصرية الجزائرية المشتركة فى الاجتماعات المقررة للعمل العربي المشترك. وقال مصدر دبلوماسي جزائري رفض ذكر اسمه أن وزير البترول الجزائري سيصل بالفعل إلى القاهرة خلال أيام للمشاركة فى اجتماع لوزراء البترول العرب. بينما قال مصدر مصري إن الوزير الجزائري سيكون محل ترحيب لائق بالطبع، وأشارت المصادر المصرية الجزائرية المشتركة إلى أن مشاركة وزير العدل الجزائري فى اجتماع لوزراء العدل العرب الذي عقد بالقاهرة قبل عيد الأضحى المبارك تم فى إطار مهني دون أي مشاكل وأنه لقي الترحيب الواجب. وقال مصدر برلماني رفيع أن وفدا برلمانيا جزائريا سيصل القاهرة خلال أيام للتنسيق مع وفد برلماني مصري فى تحرك مشترك للبلدين فى إطار منظمة المؤتمر الإسلامي بهدف الاتفاق على النشاطات البرلمانية التى تتم فى إطار المنظمة التى تجمع الدول الإسلامية ال56. وحسب المصدر نفسه فإن اتصالات جرت خلال إجازة عيد الأضحى المبارك للتنسيق، انصبت على العمل المشترك الذي يجمع البلدين وابتعدت بالكامل عن الانزلاق فى حديث التشاحن. وأكدت المصادر الدبلوماسية على الجانبين أن تبادل الزيارات الرسمية المقررة سيتم حسب الجداول ودون تعديلات إلا فيما يتصل بالارتباطات المتبادلة. وحسب المصادر نفسها فإن لقاءات تجمع وزيري خارجية مصر والجزائر قد تتم قريبا فى أطر المشاركة العربية الأوروبية وإطار الجامعة العربية. وأشارت المصادر نفسها إلى أن هناك إدراكا عالي المستوى على مستوى القيادة المصرية والجزائرية، بالرغم من عتب هنا وعتب هناك، أن المصلحة تقتضى عدم الاستمرار فى المواجهة حتى وإن لم تصل المصالحة لأقصى درجة، على حد قول أحد المصادر. كما تجرى الآن اتصالات سياسية رفيعة للاتفاق على سبل التعامل مع الأضرار التى وقعت على مصالح وأفراد خلال مرحلة الشحن. وألمح مصدر رفيع رفض ذكر اسمه إلى أن هناك نوعا من المبادرة بأن يتم التعامل مع تسوية هذه الأضرار فى إطار من التراضي، مضيفا إلى أن الأمر سيتم على الأرجح بعيدا عن ساحة القضاء. وأكد المصدر أنه :"يمكن القول إن الغمة انزاحت ولكن بالتأكيد تجاوز الحساسية سيحتاج إلى بعض الوقت". اللي اختشوا ماتوا فيما أكد مراقبون أنه خلال فترة الخلاف المحتدم بين نظامي مصر والجزائر لم يتوقف أعداء الأمة عن تقوية أنفسهم، فدخل الصهاينة لأول مرة بدعم الحلف الأطلسي للمشاركة في تفتيش السفن العابرة له والتي أغلبها يحمل الجنسية العربية، في إطار الاتحاد من أجل المتوسط الذي تدعمه الحكومات العربية. كما أنه في هذه الأثناء دشن الأوروبيون اكتمال اتحادهم باختيار رئيسه ووزير خارجيته وسيروا طائرتهم التجارية العملاقة، ووقعت أمريكا والصين تفاهمات عسكرية لأول مرة، وأعلن الصهاينة عن اكتمال ونجاح منظومة دفاعهم الجوي ضد أي تهديد عربي محتمل، وسعى الأتراك والإيرانيون لتعزيز قوتهم وتثبيت وضعهم كقوة إقليمية. وقال المراقبون:"كنا نتمنى أن يتحرك أبناء الرئيس المصري لنصرة الشعب الفلسطيني ورفع الحصار الظالم المفروض عليه، فإذا بنا نجدهم يقودون كتائب الغوغاء في المريخ السوداني". وأضاف المراقبون :"عندما سمعنا حكومة الجزائر تحرك أكثر من عشرين طائرة ضاقت بأحمالها من البشر كنا نعتقد بأن هؤلاء سينزلون بالمظلات في القدس وتل أبيب وإذا بهم يستعدون في الخرطوم لمواجهة المصريين الذين وقفوا معهم في حرب التحرير"، وتباع المراقبون:"كما يقول المثل الشعبي اللي اختشوا ماتوا..نعم لقد مات جمال ومات بومدين".
فصل منى الشاذلي من جهة ثانية توقعت مصادر مطلعة أن توقف قناة دريم المذيعة الشهيرة منى الشاذلي وبرنامج العاشرة مساءً ، بعد حلقة ساخنة ناقشت فيها تداعيات مباراة مصر والجزائر ، وشنت خلالها هجوما رئيس الوزراء ، ووزارة الخارجية والإعلام وجريدة الأهرام ، وعلى المجلس الأعلى للرياضة ، وذلك فى معرض حديثها عن قدرة مؤسسات الدولة فى إدارة و التعامل مع الأزمات. وكانت الشاذلي قد صرحت أن تداعيات مباراة مصر والجزائر قد كشفت عن هشاشة وزارة الخارجية، فضلا عن ضعف إدارتها، رغم أنها أول وزارة في العالم العربي وأنها الأكثر خبرة وجدارة. وقالت أنه:" لما تعرض المصريون في الجزائر لاعتداءات أغلق السفير المصري بها تليفونه المحمول فلم يعد ممكنا الاتصال به ليس من المواطنين العاديين فقط ، لكن مؤسسات رسمية فشلت في الاتصال به" . وأشارت إلى أن :" المشهد برمته تكرر في السودان ولم يجد الناس أمامهم إلا الفضائيات يرون لها التفاصيل وما تعرضوا له من اهانات على أيدي الجزائريين في السودان" ، وأضافت : "للأسف وزارة الخارجية بصدد إنشاء مؤسسة لرعاية المصريين بالخارج"، ثم تساءلت ساخرة : "أليس دور الوزارة الآن رعاية المصريين بالخارج" . وقالت الشاذلي أن :"مجلس الوزراء منفصل تماما عن الشعب ، وأن وزارة الإعلام خصصت طائرة خاصة لعشرات الكاميرات والمراسلين والصحفيين وطارت إلى الخرطوم ولكن ولا كاميرا واحدة التقطت صورا للأحداث ولم تسجل صورة واحدة بما حدث وكل ما تم تسجيله ورصده كان من خلال الموبايل" . من جهته فتح الشاعر المصري المعروف جمال بخيت النار على الإعلام المصري وحمّله في تدخل مباشر عبر برنامج "العاشرة مساء" على قناة "دريم" المسؤولية الكاملة على الوضع "المتعفن" الذي يعيشه الشعبين المصري والجزائري بعد الهجمات المسعورة وغير المبررة للقنوات التي تدعي الاحترافية والتي برهنت أنها ولجت عالم الشيخوخة باكرا بدليل "ترهاتها". جمال بخيت قال بالحرف الواحد :"الشحن كله كان بطله الإعلام المصري وبدأت به القنوات الخاصة التي ظنت أنها تهين الشعب الجزائري ولكنها أهانت الشعب المصري قبل ذلك، إعلامنا حول مباراة إلى حرب والإعلام الجزائري السمعي البصري كان فقيرا جدا مقارنة بانفتاح الإعلام المصري على الخواص، وعليه لم يكن له التأثير لدرجة تفوّق إعلامنا في التنكيد على الشعب الجزائري". وأضاف "الاحتقان الموجود نحن من تسبب فيه ولا أحد غيرنا فعوّض استقبال الجزائريين في القاهرة بالورود استقبلناهم بالحجارة". ووصف جمال بخيت الشحن الإعلامي المصري بالحدث الدرامي الرهيب قائلا في ذات البرنامج "بدا التوظيف السياسي السيئ والغوغائية الإعلامية المصرية من مطار الخرطوم، وصولا إلى الخرطوم". وعن الأضرار التي لحقت بالاستثمارات المصرية في الجزائر علق "مثلما أنا غاضب مما فعله الإعلام المصري وإهانته للشعب الجزائري أنا غاضب أيضا من كل مسؤول جزائري تقاعس عن حماية المشاريع المصرية هناك، ما حصل مأساة حقيقية"، على حد قوله. طي الصفحة وفي ذات السياق أكد وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي اليوم الأربعاء، أنه يتمنى كل الخير لمصر وأن بلاده تكن كل الحب والتقدير لمصر وشعبها وحكومتها وترغب فى طي الصفحة، مؤكدا أن بلاده ملتزمة بالتهدئة وانتهاء الحملات الصحفية. وقال إن حكومة بلاده لا تتعامل على الإطلاق مع ما يقال هنا أو هناك، وعلى ألسنة مختلفة لأن الجزائر تكن كل تقدير واحترام لمصر وشعبها وحكومتها. وحول الوساطة التى تدخلت بها كل من ليبيا والجامعة العربية، قال "نحن نحترم لهما مبادراتهما، لكن العلاقة بين مصر والجزائر قوية ولسنا فى حاجة لوساطة مع الإخوة فى مصر، ونقدر كل من يقرب بين الشعبين". وحول الأجواء التى مازالت مشحونة، قال مدلسي "نحن مسئولون عن الأجواء فى الجزائر، ووزارة الخارجية المصرية مشكورة فى تهدئة الأجواء ونرحب بما ذكره وزير الخارجية المصرى أحمد أبو الغيط". وحول التعويضات التى تحدث عنها الوزير أبو الغيط، وعما إذا كانت الجزائر مستعدة لدفعها تعويضا عن الأضرار التى لحقت بالمنشآت المصرية فى الجزائر، قال "إن هذه القضايا يتم بحثها عبر مستويات أخرى وهناك شركات لها تأمين ويمكن معالجة ذلك عبر التأمين، وفى إطار القانون المعمول به فى مصر والجزائر فى هذا الشأن". وحول إمكانية اعتذار الجزائر لمصر، أوضح المسئول الجزائري "هنا نحن طلبنا هذا، وعلى أية حال نحن نتحدث عن التهدئة وطي الصفحة فى إطار العلاقات الأخوية بين البلدين". حاجة "هايفة"..! من جهته طالب الدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، بالتحضر والعقلانية فى مواجهة تداعيات أزمة مصر والجزائر. مشيراً أن وسائل الإعلام هى سبب تهييج الناس وإثارة مشاعرهم أكثر مما ينبغي، وأن رد فعل الجزائر لا يتناسب مع الحدث، والكبار لم يتعاملوا معها بشكل صحيح. وأضاف أمين أن الخطأ هو اشتراك الجانبين فى خلاف سياسي، وعلينا التفرغ للقضايا الأكثر أهمية، التى تواجهنا مثل فلسطين والعراق وقضايا التنمية وغيرها من القضايا المصيرية التى تعانى منها المنطقة العربية. وطالب أمين، الدولتين ببذل الحماية لكل مواطن فى بلد الآخر والوصول لتسوية بدون فرض اعتذار على الآخر، لأن اعتذار دولة لأخرى ليس هيناً, ولكن يجب إرسال وفد مصري للجزائر أو وفد جزائري يأتي لمصر وتعقد جلسات ويقولوا حدثت أخطاء من الجانبين وتأسف كل دولة للأخرى . كما عبر عن استيائه من أن الوطنية اختصرت فى حاجة "هايفة"، وأن المسألة لعبة، وأن تتحول لمعيار للوطنية فهذا مؤسف، لأن الولاء لا يتحدد بكرة قدم، وهذا لم يكن موجوداً قبل ثورة المعلومة، وهذه الظاهرة نتاج أشياء قبيحة يضاف إليها عوامل أخرى منها البطالة وتدنى التعليم، وفى مثل هذا المناخ تحاول بعض الشركات الاستفادة منة للإعلان عن نفسها وآخرون للتملق سياسياً وثقافياً، مؤكداً على التعقل. وقال أمين أن التصريحات يمكن أن تكون أفضل من ذلك ومن الممكن أخذ حق المصريين دون المساس بعلاقة الدولتين, مطالباً بصدور أوامر لإعلام البلدين بوقف تلك الحملة التى وصفها أمين بأنها "كلام فارغ" وتطمئن كل دولة مواطني الدولة الأخرى بأنها ستبذل قصارى جهدها لحماية مواطني الدولتين فيهما . وأشار أمين إلى أن غرض المثقفين ليس الحصول على اعتذار وإنما إنهاء الشجار وطمأنة الناس على مصالحهم ونعيد الأمور إلى ما كانت عليه وهذا ليس صعباً . وأكد أمين أنه فى مثل هذه الظروف الصعبة يجب أن يتصرف الشخص كأنه كبير ويبذل قصارى جهده لإزالة الأحقاد الموجودة فى الجانب الآخر . تضحيات شعبين وكانت العلاقات بين مصر والجزائر قد شهدت توترا منذ 12 نوفمبر الماضي تاريخ الاعتداء على الحافلة التي كان تقل عناصر المنتخب الجزائري لكرة القدم في القاهرة قبل يومين من مقابلته مع المنتخب المصري ما دفع بالخارجية الجزائرية إلى استدعاء السفير المصري مرتين. وتطورت الخلافات بين البلدين بعد إعلان مصر وقوع اعتداءات من قبل مناصرين جزائريين على مناصرين مصريين في العاصمة السودانية الخرطوم التي احتضنت المقابلة الفاصلة بين المنتخبين للتأهل إلى كاس العالم 2010 والتي انتهت بتأهل الجزائر. واستدعت الخارجية المصرية السفير الجزائري في القاهرة مرتين لإبلاغه احتجاجات مصر على هذه الاعتداءات وعلى اعتداءات طالت مصالح وشركات مصرية في الجزائر. جدير بالذكر أن الشعب المصري ضحى بآلاف الشهداء في السويس من أجل الثورة الجزائرية ، وواجه عدوان ثلاث دول عام 1956، وكانت إحدى أهم دوافع العدوان دعم مصر للثورة الجزائرية بالمال والسلاح وبالمواقف السياسية والدعاية الإعلامية، وقد دُمّرت المدن المصرية من أجل الجزائر، وحينما هاجم الحسن الثاني الجزائر، وقفت مصر بالمرصاد وحركت قواتها ودافعت عن استقلال الجزائر الوليد. وبالمقابل عندما اندلعت حرب 67 بين مصر وكيان العدو الصهيوني الذي دعمته الحكومة الأمريكية، حركت الجزائر كل جيشها وقواتها الجوية للدفاع عن مصر وحمايتها.