يخيم الهدوء النسبي على الأسواق المالية ببداية التعاملات الأوروبية بعد العاصفة التي ضربت الأجواء نتيجة القرار المفاجئ من البنوك المركزية العالمية لتنفيذ خطوات منسقة فيما بينهم لدعم مستويات السيولة في الأسواق و هذا ما كان له الأثر الايجابي الواضح على الأسواق سواء العملات أو الأسهم، و اليوم بدأنا بانكماش مؤشر مدراء المشتريات الصيني بأسوأ وتيرة منذ 2009، ثم أظهرت البيانات الأوروبية انكماش القطاع بوتيرة أسوا من الشهر الماضي في ألمانيا و منطقة اليورو، في حين جاءت بيانات قطاع الصناعة البريطانية أفضل من التوقعات. سنبدأ مقالتنا بالحديث عما يحدث في القارة الأوروبية مؤجلين الحديث عن البيانات الاقتصادية مع تراجع أهميتها وسط تفاقم أزمة الديون السيادية، فقد أشار دراغي اليوم إلى أهمية الاستقرار المالي في منطقة اليورو، و جاء هذا بعد أن أبدت ألمانيا استعدادها لبدء النقاش حول سبل تعزيز موارد صندوق النقد الدولي، و قبل قليل تمكنت الحكومة الأسبانية بيع الحد الأعلى المستهدف من السندات الحكومية، في حين لم تستطع الحكومة الفرنسية بيع المستويات المستهدفة من السندات. تسلطت الأضواء اليوم على حديث محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دارغي ضمن التقرير السنوي 2010 أمام البرلمان الأوروبي و الذي اعتبر محبطا للأسواق الأوروبية، فقد أشار ماريو دراغي إلى أن المخاطر السلبية المستقبلية للاقتصاد تتصاعد و لكن البنك المركزي سيضمن استقرار الأسعار في جميع الاتجاهات و يضمن بقاء مستوى التضخم ضمن المستويات المقبولة، و ذكر دراغي هذه التعليقات في اجتماعه اليوم مع البرلمان الأوروبي، و رأت الأسواق أن محتوى هذه التلميحات يشير إلى قيام البنك بخفض سعر الفائدة في اجتماعه الأسبوع القادم. تحاول الاقتصاديات الأوروبية احتواء أزمة الديون السيادية من هنا فقد قدمت ألمانيا تنازلا عندما وافقت ألمانيا اليوم على بدء المناقشات حول تقديم الدعم لصندوق النقد الدولي من خلال قروض ثنائية أو حقوق السحب الخاصة و هذا ضمن المساعي لمواجهة الأزمة الاقتصادية حسب ما صرح فيه وزير المالية الألماني اليوم في برلين، و من ناحية بريطانيا، فقد تراجعت عن قرارها الأخير حول تعديلات المعاهدة مع الاتحاد الأوروبي و هذا أيضا ضمن المساعي لاحتواء أزمة الديون في منطقة اليورو و منع انتشارها. وصلنا إلى القضية التي تشغل بال المستثمرين في الوقت الراهن، ارتفاع العائد على السندات الأوروبية لمستويات قياسية، فقد خضعت أسبانيا و فرنسا لاختبار قدرتهم في الحصول على التمويل، فقد أحازت أسبانيا أفضل النتائج عندما قامت الحكومة الاسبانية ببيع الحد الأعلى التي أقرته مسبقاً عند 3.75 مليار يورو من السندات في المزاد التي عقدته اليوم لبيع سنداتها الحكومية ذات أمد استحقاق خمس سنوات، و شهدت الدولة تكاليف الاقتراض مرتفعة على الرغم من تراجع العائد على هذه السندات 15 نقطة أساس ليصل إلى 5.71%. لم تستطيع فرنسا تحقيق النتائج الأسبانية، فقد لم تستطيع بلوغ المستويات المستهدفة وسط ارتفاع العائد على السندات ذات أمد عشرة سنوات لمستويات 3.22% من السابق 3.18%، فقد باعت ما قيمته 1.57 مليار يورو من هذه السندات ذات أمد عشرة سنوات، في حين أنها لم تبع الحد الأعلى في المزاد بشكل عام المحدد عند 4.5 مليار يورو، و لكنها باعت ما قيمته 4.346 مليار يورو، أن هذا الأداء غير المرضي من فرنسا يعود لتهديدات من خسارة تصنيفها الائتماني الممتاز خلال الفترة الماضية. أخيرا، سنلقي الأضواء على بيانات قطاع الصناعة التي صدرت عن الاقتصاديات الأوروبية، فقد بقيت القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات في منطقة اليورو و ألمانيا خلال الشهر الماضي ثابتة مقارنة بالقراءة السابقة و لكنها أسوا من قراءة شهر تشرين الأول و ذلك وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منقطة والذي أضر أداء جميع القطاعات الاقتصادية و الذي يتوقع بالنهاية سوف يوصل هذه الاقتصاديات إلى الركود الاقتصادي. من بريطانيا الوضع مختلف بعد أن جاءت قراءة امؤشر مدراء المشتريات الصناعي أفضل من التوقعات إلا أنه لا يزال أسوا من القراءة السابقة للشهر الماضي، و هذا نتيجة حتمية لإقرار الحكومة خطط تقشفية صارمة أضرت بمستويات النمو في بريطانيا.