رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    رسميا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 23 أغسطس 2025    تشيلسي يكتسح وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي الممتاز    محمد الشناوي خارج مباراة الأهلي وغزل المحلة.. هاني رمزي يكشف السبب    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    وزير الدفاع الإيراني: صواريخ جديدة برؤوس حربية متطورة لم تُستخدم في حرب ال12 يومًا    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    تشيلسي يدمر وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي.. فيديو    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات ضد أهداف في تل أبيب    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    أمم إفريقيا للمحليين - المليوي يقود المغرب إلى نصف النهائي.. ومدغشقر تقصي كينيا    فالنسيا من قمم المجد إلى هاوية النسيان.. حين تقودك الإدارة إلى اللعنة    تقرير: ليس فينيسيوس فقط.. أنشيلوتي يستبعد رودريجو من قائمة البرازيل    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    ميرهان حسين جريئة وليلى علوي بإطلالة شبابية.. لقطات نجوم الفن في 24 ساعة    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    الزمالك يواصل استعداداته لمواجهة فاركو بتدريبات استشفائية وفنية    محمد طاهر: الكرة من أفضل أدوات التسويق ورعاية للزمالك لدعم الأندية الشعبية    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    رئيس جهاز القرى السياحية يلتقي البابا تواضروس الثاني بالعلمين (صور)    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصر الاندماج الإعلامي يرد الصحافة إلى مفهومها الأصيل
نشر في صوت البلد يوم 07 - 01 - 2017

أكدت الباحثة المتخصصة في الدراسات الإعلامية بجامعة القاهرة د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح أنه في عصر الاندماج وذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل، باتت الصحافة تعمل وفق تعريف جديد أو بالأحرى تعريف يردها إلى مفهومها الأصيل ويحررها من قيود الوسيط إلى آفاق الهدف الذي نشأت من أجله، وهو أن يبقى الناس على تواصل ومعرفة، هذا التواصل وتلك المعرفة التي يحصل عليها كل فرد وهو يقرأ جريدته اليومية في الصباح يطالع الأخبار على تطبيق هاتفه الذكي المتصل بالإنترنت، يقرأ موجز بريده الإلكتروني، يستقبل على هاتفه رسائل عاجلة بأهم الأخبار يشارك على حساب فيسبوك ما يهمه ويبدي إعجابه على ما يقرأه كما يرسله لآخرين يكتب رأيه في تعليق.
يشارك بصوته في استطلاع، يُرسل رأيه للمحرر، كما يصور ويكتب رأيه وينشره عبر منصات شعبية لا تعبر عن السياسة التحريرية للمؤسسة بقدر ما تعبر عن نبض جمهورها. منتجات متعددة تحت علامة تجارية واحدة في سوق إعلامية متغيرة، الأمر الذي بات أحد الظواهر الواضحة ليس فقط في مؤسسات الصحافة الدولية، ولكن في مؤسسات الصحافة المصرية أيضًا، العريقة والحديثة على السواء.
وقالت في دراستها: "الاندماج الإعلامي وصناعة الأخبار" الصادرة عن دار العربي للنشر أن مؤسسة الأهرام، على سبيل المثال، إلى جانب إصداراتها الورقية العامة والمتخصصة، ذات الدورية الممتدة من اليومي إلى السنوي، باتت تصدر بوابة الأهرام، مواقع الإصدارات، ورسائل الأخبار القصيرة على الهواتف المحمولة، وفيديو الأهرام، وراديو أونلاين، وخدمات على صفحات الشبكات الاجتماعية، وتطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، إلى جانب إعلانها في وقت سابق عن اعتزامها إطلاق قناة فضائية، وهو ما يحدث أيضًا في صحف: المصري اليوم والأخبار والوفد والأسبوع وغيرها من الصحف التي بدأت ورقيًا ثم اتجهت لاستحداث منصات رقمية.
ولم يقتصر التعدد على الاتجاه من المطبوع إلى الرقمي، وإنما شهدت السوق الصحفية المصرية اتجاهات معاكسة بمواقع إلكترونية أصدرت صحفًا، أهمها اليوم السابع التي انطلق نشاطها كموقع إخباري أواخر عام 2007، تلاه صدور جريدة أسبوعية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 تحولت إلى جريدة يومية عام 2011، وكذلك البوابة التي بدأت بإطلاق بوابة إخبارية رقمية في نهاية عام 2012، ثم بدأت في التوسع عام 2014؛ لتقدم المحتوى عبر إصدارين ورقيين يشملان جريدة يومية ومجلة أسبوعية.
ولفتت إلى السوق الصحفية العالمية شهدت خلال عام 2014 نماذج لإطلاق إصدارات مطبوعة من منصات رقمية، حيث رصدت جريدة "الجارديان" في عرضها لأبرز اتجاهات الإعلام الرقمي لعام 2015 قيام شركات متخصصة في المحتوى الرقمي باستحداث صحف مطبوعة مثل موقع السفر المتخصص Airbnb الذي أصدر مجلة ربع سنوية، وكذلك موقع CNET وهو أكبر موقع تقني في العالم الذي أطلق إصدارًا مماثلاً، ما اعتبرته الجارديان مؤشرًا لمزيد من الإصدارات المطبوعة التي تطلقها شركات رقمية بالأساس Digital - Only Business في تعبير عن إدراكها أن المستقبل لتعدد المنصات The Future Is Multi - platform بما في ذلك المطبوع، مشيرة إلى مزايا التأثير الإعلاني النوعية التي يتمتع بها مقارنة بالرقمي.
وأشارت إلى أن تلك التحولات ارتبطت بمفهوم الاندماج الإعلامي Media Convergence الذي يعبر عن ذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل بما يتضمنه ذلك من أبعاد تكنولوجية واقتصادية وثقافية، الأمر الذي أثر في الممارسات والمحتوى الصحفي، وانعكس في ظهور مصطلحات جديدة مثل الإنتاج الإعلامي العابر للوسائل Cross - Media Production، والتكامل Integration والإدارة الاندماجية Converged Management.
وقالت فاطمة الزهراء إن الاندماج عبر عن التشابك بين قنوات الإعلام المختلفة، وما اصطحبه من تطورات تكنولوجية ومهنية ومؤسساتية، الأمر الذي دفع الباحثين لمناقشة أنماط تحققه في المؤسسات الإعلامية، وأسبابه ونتائجه، وهو الاهتمام الذي نبع من التحولات الجذرية في طرق التخطيط والعمل داخل المؤسسات الإعلامية التي أحدثها هذا الاتجاه الاندماجي الذي سهلت تطورات التكنولوجيا حدوثه، مثل: رقمنة المحتوى، والتكامل بين المكونات، والجمع بين أكثر من أداة في جهاز واحد متعدد المهام.
وعرضت كتابها لمفهوم الاندماج الإعلامي بالتأصيل للمفهوم من حيث النشأة والأبعاد، ثم ناقشت انعكاساته على إنتاج وتوزيع واستهلاك الأخبار بما يخلق بيئة أخبار جديدة، وكذلك الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بالإعلان والتمويل، لتقدم أخيرًا تحليلاً لأثر الاندماج على الصحافة المصرية برصد تعدد منصات تقديم المحتوى في عدد من المؤسسات الصحفية، وأثر التكنولوجيا في ذلك، وكذلك مظاهر التعزيز المتبادل بين هذه المنصات، بما يخلق صورة متكاملة لأبرز التطورات التي لحقت بقنوات عرض وتقديم المحتوى الصحفي في مصر خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت أن هناك مجموعة من الفرص التي تحفز تحولات تطورات السوق الإعلامية في مصر، منها:
أولا: الانتشار المطرد للإنترنت: حيث بلغ نسبة الأسر التي لديها نفاذ للإنترنت من المنزل 59.8% في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 5.9%، وهو ما ساعد عليه تطوير بنية الاتصالات والتراجع النسبي في أسعار الخدمة.
ثانيا: انتشار الهواتف الذكية والانخفاض النسبي في أسعارها، ما ساعد على انتشارها ووفر بيئة محفزة على إنتاج محتوى رقمي يتم توصيله عبر شاشات تلك الوسائط المنتشرة، خاصة مع ارتفاع نسبة مشتركي المحمول إلى 44.1 مليون شخص في 2014، ووصول عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول إلى 24.23 مليون في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 26%.
ثالثا: التطورات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع المصري عقب ثورة يناير، وما أعقبها من أحداث متعاقبة كان للإعلام الرقمي دور حاسم فيها، ما زاد من معدلات استهلاكه والوعي العام بأنماطه وخلق بيئة أكثر قبولاً لهذا النوع من المحتوى ليس فقط كمتلق، ولكن كمشارك ومتفاعل، ما فتح آفاق لازدهار الصحافة التشاركية.
رابعا: تطور أدوات إنتاج المحتوى الرقمي، والبرمجيات المساعدة على إعداده عبر واجهات بسيطة وسهلة، ما جعل إنتاج هذا النوع من المحتوى ليس بالأمر المعقد مثل السابق، لاسيما في ظل عدم حاجة التغطيات الخبرية السريعة بالفيديو للمواقع الإخبارية لمواد ذات جودة عالية. فإن يلتقط الصحفي فيديو لواقعة طارئة أو حدث يغطيه لم يعد أمرًا معضلاً، ولم يعد عليه إلا أن يشغل كاميرا هاتفه الذكي الذي يشتريه بسعر معقول أو توفره له مؤسسته الصحفية، ليس فقط بحثًا عن تميز مهني ولكن تجنبًا للمساءلة.
خامسا: انتشار أساليب الربط والتعزيز المتبادل بين الورقي والرقمي، حيث يمكن للقراء الاشتراك في جريدتهم الورقية عبر حوائط الدفع الإلكتروني pay wall كما يشاهدون إعلانات ترويجية لها على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل، فيما يمكنهم الوصول للمحتوى الرقمي عبر النسخة المطبوعة باستخدام أكواد الاستجابة السريعة، أو روابط الإحالة، وغيرها من تكنيكات التآز التي تعزز وحدة منصات النشر المتعددة تحت علامة تجارية واحدة.
وأكدت الزهراء أنه بالمقابل تقف مجموعة من التحديات التي تواجه التحول باتجاه التوسع الرقمي وإدارة المنصات الرقمية والورقية وفق نموذج يقوم على العمل الجماعي وتعدد المهارات وتشارك الموارد، وهي التحديات التي يمكن تحديد أهمها في:
-1تحديات تكنولوجية، تتمثل في: التطورات المتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يسبب ضغوطًا على تطوير البنى التقنية للمؤسسات الصحفية، وتطوير منصات نشرها، لاسيما مع تأخرها نسبيًا في إطلاق منصاتها الرقمية ما حرمها من تراكمات الخبرة والتجربة. والارتفاع النسبي لأسعار الولوج للإنترنت عبر الحواسب والموبايل، حيث تأتي مصر في المرتبة 22 بين 118 دولة من حيث ارتفاع تكلفة الولوج للشبكة الدولية، وهو ما يخلق صعوبات أمام استهلاك المحتوى الرقمي على مدار الساعة، خاصة المحتوى الذي يستهلك سعات تحميل أكبر مثل الفيديو والصفحات المزودة بالصور.
على الرغم من ارتفاع الأسعار، تأتي مصر ضمن أكثر عشر دول من حيث بطء التحميل Upload على الإنترنت، وفي المركز السابع عشر من حيث بطء التنزيل download، فبينما يعد متوسط سرعة التحميل دوليًا، لتحتل المرتبة 176 بين 192 دولة من حيث سرعة الخدمة، وذلك وفق إحصاءات Ookla'sNetIndex في أغسطس/آب 2014، وهو ما يخلق تحديات أمام تقديم المحتوى متعدد الوسائط.
-2تحديات تنظيمية، والتي ترتبط ب: عدم النضوج المؤسسي لبعض المؤسسات الصحفية من حيث اكتمال هياكلها التنظيمية ووضوح المسميات والتوصيفات الوظيفية واستحداث وحدات للتسويق وتنمية الأعمال، وغيرها من الأبعاد التي ترتبط بها كشركة تحكمها اعتبارات الربح والخسارة، وليس اعتبارات السياسة والتمويل.
سيطرة القيادات ذات الخلفية الورقية على مراكز صناعة القرار بالمؤسسات الصحفية، فيما لا يزال الصحفيون المنشأون رقميًا في شبه معزل عن المناصب القيادية. تراجع استراتيجيات الاستثمار في الكوادر البشرية، وهو التراجع الذي يعد سمة سائدة في سوق العمل المصري بشكل عام، ولكن تزداد تداعياته السلبية في المجال الصحفي الذي يعتمد بشكل كامل على مهارات الكوادر البشرية، فيما تغيب عنه خطط التدريب المنظم.
-3 تحديات اقتصادية: ترتبط بتنمية موارد المنصات الرقمية، وخلق التوازن بينها وبين موارد المنصات الورقية، ما ينعكس حتمًا على توازن القيمة المؤسسية والنفوذ الوظيفي بينهما أيضًا، وهو ما يواجه تحديات كبيرة ترتبط بشكل رئيسي بضعف عوائد الإعلانات الرقمية حيث لازالت الجرائد الورقية هي المصدر الأول للإيرادات الإعلانية، إعلان الصفحة الأخيرة الملون في الأهرام بنحو 350 ألف جنيه يوميًا، وفي الجرائد الأصغر وفي أوقات عادية في حدود 150 ألف جنيهًا يوميًا، وهو مبلغ يمثل حصيلة 5 حملات إعلانية على الموقع الإلكتروني.
- 4 زيادة تقدير المعلنين للإعلان عبر الوسائط التقليدية والخوف من تأثير الإعلانات الرقمية على صورتهم الذهنية، حيث لا يزال الإعلان الرقمي في مرحلة التجربة بالنسبة للمعلنين الذين اعتادوا توزيع حصصهم الإعلانية بطريقة معينة، ولا يزالوا بحاجة لإقناعهم بوجود وسائل جديدة قادرة على تحقيق أهدافهم الإعلانية بكفاءة.
تشير الأرقام التقديرية لحصص وسائل الإعلام من الإنفاق الإعلاني إلى استحواذ التلفزيون على 50% من هذا الإنفاق يليه الصحف المطبوعة بنحو 20% وإعلانات الشوارع Outdoor بنسبة 15%، فيما يتقاسم الراديو والديجيتال وأي وسائل أخرى الحصة المتبقية، ما يعني أن النسبة التقديرية للإعلانات الرقمية لا تتجاوز 7.5% من إجمالي الإنفاق الإعلاني في مصر.
هذا المخصص المحدود نسبيًا تستحوذ إعلانات يوتيوب وجوجل وفيسبوك بالترتيب على 70% منها، ما يعني أن المواقع كلها بما فيها المواقع الإخبارية تتنافس على 30% من مخصصات المعلنين للديجيتال والتي تعد محدودة بالأساس.
يوفر فيسبوك وجوجل مزايا نوعية تتصل بالحملات الموجهة لفئات محدودة، حيث يمكن من خلال بيانات المستخدمين، ظهور الإعلان لدى سكان منطقة معينة الذين يفضلون منتجات بعينها، أو الذين تتراوح أعمارهم بين سن وآخر، وهي المزايا التي لا توفرها المواقع الإخبارية، ما يجعل إعلانات هذه المواقع العالمية أفضل وأرخص وأكثر تأثيرًا بالنسبة للمعلنين.
5 - تحديات ثقافية: قد يبدو من الغريب التطرق إلى جوانب الثقافة لدى الحديث عن أحد تحولات صناعة الصحافة في مصر، بيد أن الاندماج الإعلامي يحمل في طياته جوانب ثقافية تتجاوز حدود التكنولوجيا إلى ابتداع نظم للتكامل بين صنوف العمل الإعلامي ومراحله، يلزمها قدر عال من قيم العمل الجماعي والابتكار والمسئولية والمشاركة.
أكدت الباحثة المتخصصة في الدراسات الإعلامية بجامعة القاهرة د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح أنه في عصر الاندماج وذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل، باتت الصحافة تعمل وفق تعريف جديد أو بالأحرى تعريف يردها إلى مفهومها الأصيل ويحررها من قيود الوسيط إلى آفاق الهدف الذي نشأت من أجله، وهو أن يبقى الناس على تواصل ومعرفة، هذا التواصل وتلك المعرفة التي يحصل عليها كل فرد وهو يقرأ جريدته اليومية في الصباح يطالع الأخبار على تطبيق هاتفه الذكي المتصل بالإنترنت، يقرأ موجز بريده الإلكتروني، يستقبل على هاتفه رسائل عاجلة بأهم الأخبار يشارك على حساب فيسبوك ما يهمه ويبدي إعجابه على ما يقرأه كما يرسله لآخرين يكتب رأيه في تعليق.
يشارك بصوته في استطلاع، يُرسل رأيه للمحرر، كما يصور ويكتب رأيه وينشره عبر منصات شعبية لا تعبر عن السياسة التحريرية للمؤسسة بقدر ما تعبر عن نبض جمهورها. منتجات متعددة تحت علامة تجارية واحدة في سوق إعلامية متغيرة، الأمر الذي بات أحد الظواهر الواضحة ليس فقط في مؤسسات الصحافة الدولية، ولكن في مؤسسات الصحافة المصرية أيضًا، العريقة والحديثة على السواء.
وقالت في دراستها: "الاندماج الإعلامي وصناعة الأخبار" الصادرة عن دار العربي للنشر أن مؤسسة الأهرام، على سبيل المثال، إلى جانب إصداراتها الورقية العامة والمتخصصة، ذات الدورية الممتدة من اليومي إلى السنوي، باتت تصدر بوابة الأهرام، مواقع الإصدارات، ورسائل الأخبار القصيرة على الهواتف المحمولة، وفيديو الأهرام، وراديو أونلاين، وخدمات على صفحات الشبكات الاجتماعية، وتطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، إلى جانب إعلانها في وقت سابق عن اعتزامها إطلاق قناة فضائية، وهو ما يحدث أيضًا في صحف: المصري اليوم والأخبار والوفد والأسبوع وغيرها من الصحف التي بدأت ورقيًا ثم اتجهت لاستحداث منصات رقمية.
ولم يقتصر التعدد على الاتجاه من المطبوع إلى الرقمي، وإنما شهدت السوق الصحفية المصرية اتجاهات معاكسة بمواقع إلكترونية أصدرت صحفًا، أهمها اليوم السابع التي انطلق نشاطها كموقع إخباري أواخر عام 2007، تلاه صدور جريدة أسبوعية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 تحولت إلى جريدة يومية عام 2011، وكذلك البوابة التي بدأت بإطلاق بوابة إخبارية رقمية في نهاية عام 2012، ثم بدأت في التوسع عام 2014؛ لتقدم المحتوى عبر إصدارين ورقيين يشملان جريدة يومية ومجلة أسبوعية.
ولفتت إلى السوق الصحفية العالمية شهدت خلال عام 2014 نماذج لإطلاق إصدارات مطبوعة من منصات رقمية، حيث رصدت جريدة "الجارديان" في عرضها لأبرز اتجاهات الإعلام الرقمي لعام 2015 قيام شركات متخصصة في المحتوى الرقمي باستحداث صحف مطبوعة مثل موقع السفر المتخصص Airbnb الذي أصدر مجلة ربع سنوية، وكذلك موقع CNET وهو أكبر موقع تقني في العالم الذي أطلق إصدارًا مماثلاً، ما اعتبرته الجارديان مؤشرًا لمزيد من الإصدارات المطبوعة التي تطلقها شركات رقمية بالأساس Digital - Only Business في تعبير عن إدراكها أن المستقبل لتعدد المنصات The Future Is Multi - platform بما في ذلك المطبوع، مشيرة إلى مزايا التأثير الإعلاني النوعية التي يتمتع بها مقارنة بالرقمي.
وأشارت إلى أن تلك التحولات ارتبطت بمفهوم الاندماج الإعلامي Media Convergence الذي يعبر عن ذوبان الحدود الفاصلة بين الوسائل بما يتضمنه ذلك من أبعاد تكنولوجية واقتصادية وثقافية، الأمر الذي أثر في الممارسات والمحتوى الصحفي، وانعكس في ظهور مصطلحات جديدة مثل الإنتاج الإعلامي العابر للوسائل Cross - Media Production، والتكامل Integration والإدارة الاندماجية Converged Management.
وقالت فاطمة الزهراء إن الاندماج عبر عن التشابك بين قنوات الإعلام المختلفة، وما اصطحبه من تطورات تكنولوجية ومهنية ومؤسساتية، الأمر الذي دفع الباحثين لمناقشة أنماط تحققه في المؤسسات الإعلامية، وأسبابه ونتائجه، وهو الاهتمام الذي نبع من التحولات الجذرية في طرق التخطيط والعمل داخل المؤسسات الإعلامية التي أحدثها هذا الاتجاه الاندماجي الذي سهلت تطورات التكنولوجيا حدوثه، مثل: رقمنة المحتوى، والتكامل بين المكونات، والجمع بين أكثر من أداة في جهاز واحد متعدد المهام.
وعرضت كتابها لمفهوم الاندماج الإعلامي بالتأصيل للمفهوم من حيث النشأة والأبعاد، ثم ناقشت انعكاساته على إنتاج وتوزيع واستهلاك الأخبار بما يخلق بيئة أخبار جديدة، وكذلك الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بالإعلان والتمويل، لتقدم أخيرًا تحليلاً لأثر الاندماج على الصحافة المصرية برصد تعدد منصات تقديم المحتوى في عدد من المؤسسات الصحفية، وأثر التكنولوجيا في ذلك، وكذلك مظاهر التعزيز المتبادل بين هذه المنصات، بما يخلق صورة متكاملة لأبرز التطورات التي لحقت بقنوات عرض وتقديم المحتوى الصحفي في مصر خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت أن هناك مجموعة من الفرص التي تحفز تحولات تطورات السوق الإعلامية في مصر، منها:
أولا: الانتشار المطرد للإنترنت: حيث بلغ نسبة الأسر التي لديها نفاذ للإنترنت من المنزل 59.8% في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 5.9%، وهو ما ساعد عليه تطوير بنية الاتصالات والتراجع النسبي في أسعار الخدمة.
ثانيا: انتشار الهواتف الذكية والانخفاض النسبي في أسعارها، ما ساعد على انتشارها ووفر بيئة محفزة على إنتاج محتوى رقمي يتم توصيله عبر شاشات تلك الوسائط المنتشرة، خاصة مع ارتفاع نسبة مشتركي المحمول إلى 44.1 مليون شخص في 2014، ووصول عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول إلى 24.23 مليون في مايو/آيار 2015 بزيادة سنوية 26%.
ثالثا: التطورات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع المصري عقب ثورة يناير، وما أعقبها من أحداث متعاقبة كان للإعلام الرقمي دور حاسم فيها، ما زاد من معدلات استهلاكه والوعي العام بأنماطه وخلق بيئة أكثر قبولاً لهذا النوع من المحتوى ليس فقط كمتلق، ولكن كمشارك ومتفاعل، ما فتح آفاق لازدهار الصحافة التشاركية.
رابعا: تطور أدوات إنتاج المحتوى الرقمي، والبرمجيات المساعدة على إعداده عبر واجهات بسيطة وسهلة، ما جعل إنتاج هذا النوع من المحتوى ليس بالأمر المعقد مثل السابق، لاسيما في ظل عدم حاجة التغطيات الخبرية السريعة بالفيديو للمواقع الإخبارية لمواد ذات جودة عالية. فإن يلتقط الصحفي فيديو لواقعة طارئة أو حدث يغطيه لم يعد أمرًا معضلاً، ولم يعد عليه إلا أن يشغل كاميرا هاتفه الذكي الذي يشتريه بسعر معقول أو توفره له مؤسسته الصحفية، ليس فقط بحثًا عن تميز مهني ولكن تجنبًا للمساءلة.
خامسا: انتشار أساليب الربط والتعزيز المتبادل بين الورقي والرقمي، حيث يمكن للقراء الاشتراك في جريدتهم الورقية عبر حوائط الدفع الإلكتروني pay wall كما يشاهدون إعلانات ترويجية لها على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل، فيما يمكنهم الوصول للمحتوى الرقمي عبر النسخة المطبوعة باستخدام أكواد الاستجابة السريعة، أو روابط الإحالة، وغيرها من تكنيكات التآز التي تعزز وحدة منصات النشر المتعددة تحت علامة تجارية واحدة.
وأكدت الزهراء أنه بالمقابل تقف مجموعة من التحديات التي تواجه التحول باتجاه التوسع الرقمي وإدارة المنصات الرقمية والورقية وفق نموذج يقوم على العمل الجماعي وتعدد المهارات وتشارك الموارد، وهي التحديات التي يمكن تحديد أهمها في:
-1تحديات تكنولوجية، تتمثل في: التطورات المتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يسبب ضغوطًا على تطوير البنى التقنية للمؤسسات الصحفية، وتطوير منصات نشرها، لاسيما مع تأخرها نسبيًا في إطلاق منصاتها الرقمية ما حرمها من تراكمات الخبرة والتجربة. والارتفاع النسبي لأسعار الولوج للإنترنت عبر الحواسب والموبايل، حيث تأتي مصر في المرتبة 22 بين 118 دولة من حيث ارتفاع تكلفة الولوج للشبكة الدولية، وهو ما يخلق صعوبات أمام استهلاك المحتوى الرقمي على مدار الساعة، خاصة المحتوى الذي يستهلك سعات تحميل أكبر مثل الفيديو والصفحات المزودة بالصور.
على الرغم من ارتفاع الأسعار، تأتي مصر ضمن أكثر عشر دول من حيث بطء التحميل Upload على الإنترنت، وفي المركز السابع عشر من حيث بطء التنزيل download، فبينما يعد متوسط سرعة التحميل دوليًا، لتحتل المرتبة 176 بين 192 دولة من حيث سرعة الخدمة، وذلك وفق إحصاءات Ookla'sNetIndex في أغسطس/آب 2014، وهو ما يخلق تحديات أمام تقديم المحتوى متعدد الوسائط.
-2تحديات تنظيمية، والتي ترتبط ب: عدم النضوج المؤسسي لبعض المؤسسات الصحفية من حيث اكتمال هياكلها التنظيمية ووضوح المسميات والتوصيفات الوظيفية واستحداث وحدات للتسويق وتنمية الأعمال، وغيرها من الأبعاد التي ترتبط بها كشركة تحكمها اعتبارات الربح والخسارة، وليس اعتبارات السياسة والتمويل.
سيطرة القيادات ذات الخلفية الورقية على مراكز صناعة القرار بالمؤسسات الصحفية، فيما لا يزال الصحفيون المنشأون رقميًا في شبه معزل عن المناصب القيادية. تراجع استراتيجيات الاستثمار في الكوادر البشرية، وهو التراجع الذي يعد سمة سائدة في سوق العمل المصري بشكل عام، ولكن تزداد تداعياته السلبية في المجال الصحفي الذي يعتمد بشكل كامل على مهارات الكوادر البشرية، فيما تغيب عنه خطط التدريب المنظم.
-3 تحديات اقتصادية: ترتبط بتنمية موارد المنصات الرقمية، وخلق التوازن بينها وبين موارد المنصات الورقية، ما ينعكس حتمًا على توازن القيمة المؤسسية والنفوذ الوظيفي بينهما أيضًا، وهو ما يواجه تحديات كبيرة ترتبط بشكل رئيسي بضعف عوائد الإعلانات الرقمية حيث لازالت الجرائد الورقية هي المصدر الأول للإيرادات الإعلانية، إعلان الصفحة الأخيرة الملون في الأهرام بنحو 350 ألف جنيه يوميًا، وفي الجرائد الأصغر وفي أوقات عادية في حدود 150 ألف جنيهًا يوميًا، وهو مبلغ يمثل حصيلة 5 حملات إعلانية على الموقع الإلكتروني.
- 4 زيادة تقدير المعلنين للإعلان عبر الوسائط التقليدية والخوف من تأثير الإعلانات الرقمية على صورتهم الذهنية، حيث لا يزال الإعلان الرقمي في مرحلة التجربة بالنسبة للمعلنين الذين اعتادوا توزيع حصصهم الإعلانية بطريقة معينة، ولا يزالوا بحاجة لإقناعهم بوجود وسائل جديدة قادرة على تحقيق أهدافهم الإعلانية بكفاءة.
تشير الأرقام التقديرية لحصص وسائل الإعلام من الإنفاق الإعلاني إلى استحواذ التلفزيون على 50% من هذا الإنفاق يليه الصحف المطبوعة بنحو 20% وإعلانات الشوارع Outdoor بنسبة 15%، فيما يتقاسم الراديو والديجيتال وأي وسائل أخرى الحصة المتبقية، ما يعني أن النسبة التقديرية للإعلانات الرقمية لا تتجاوز 7.5% من إجمالي الإنفاق الإعلاني في مصر.
هذا المخصص المحدود نسبيًا تستحوذ إعلانات يوتيوب وجوجل وفيسبوك بالترتيب على 70% منها، ما يعني أن المواقع كلها بما فيها المواقع الإخبارية تتنافس على 30% من مخصصات المعلنين للديجيتال والتي تعد محدودة بالأساس.
يوفر فيسبوك وجوجل مزايا نوعية تتصل بالحملات الموجهة لفئات محدودة، حيث يمكن من خلال بيانات المستخدمين، ظهور الإعلان لدى سكان منطقة معينة الذين يفضلون منتجات بعينها، أو الذين تتراوح أعمارهم بين سن وآخر، وهي المزايا التي لا توفرها المواقع الإخبارية، ما يجعل إعلانات هذه المواقع العالمية أفضل وأرخص وأكثر تأثيرًا بالنسبة للمعلنين.
5 - تحديات ثقافية: قد يبدو من الغريب التطرق إلى جوانب الثقافة لدى الحديث عن أحد تحولات صناعة الصحافة في مصر، بيد أن الاندماج الإعلامي يحمل في طياته جوانب ثقافية تتجاوز حدود التكنولوجيا إلى ابتداع نظم للتكامل بين صنوف العمل الإعلامي ومراحله، يلزمها قدر عال من قيم العمل الجماعي والابتكار والمسئولية والمشاركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.