اثارت تصريحات أحمد المغربي وزير الاسكان بأنه يتوقع حدوث حالة من الركود في السوق العقارية خلال الفترة المقبلة العديد من التساؤلات، خاصة أنه أرجع توقعاته الي وجود أسباب غير اقتصادية، ورغم توقعات وزير الاسكان إلا أن هناك العديد من الاسباب التي أدت الي ركود القطاع العقاري في مصر، والذي دخل عامه الثالث، خاصةً بعد قرار تحرير سعر الصرف، وما أدي إليه من ارتفاع أسعار الدولار الذي أثر سلبًا - وبشكل كبير- في قطاع المقاولات وشركاته؛ حيث أدي إلي ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصةً حديد التسليح والأسمنت؛ مما أدي إلي ارتفاع أسعار المقاولات والأعمال الإنشائية وأعمال الصرف. ومن الاسباب التي ساهمت أيضًا في ركود القطاع العقاري في مصر، إهدار العديد من اراضي الدولة وعدم استثمارها بالصورة الجيدة حسب المخطط لها كإحدي أهم أدوات إنعاش قطاع المقاولات والعقارات في مصر، حيث إن هذه الأراضي أسعارها مرتفعة، وباتت مجالاً خصبًا للمضاربة، كما أن معظم تلك الأراضي المعروضة للبيع ضمن المشروعات والتوسعات الحالية في المناطق الجديدة، مثل: حي الشروق، وحدائق المعادي، والمناطق الواقعة علي الطريق الدائري.. وكذلك الساحل الشمالي المقسمة علي مساحات كبيرة، لا يستطيع شراءها سوي الأثرياء ورجال الأعمال والمستثمرين. ومن الأسباب الأساسية التي أثرت في سوق العقارات المصري وأصابته بالركود هو إحجام البنوك عن منح قروض للمشروعات العقارية الجديدة . حيث إن البنوك في إعادة هيكلة لمحافظها الائتمانية، إضافة إلي أنها ملتزمة بالنسبة الموضوعة من البنك المركزي، والتي تلزم بعدم زيادة نسبة استثمار البنوك في قطاع الاستثمار العقاري إلا في حدود 50% من المحفظة الائتمانية للبنوك، كما أن البنوك قد كثفت من دراساتها للمشروعات، خاصةً العقارية للوقوف علي قدرة المشروعات في سداد مديونياتها من خلال التدفق النقدي للمشروع، الذي يعد الأساس في سداد مستحقات البنوك؛ وهو ما أثر في منح مزيد من الائتمان خلال الفترة الماضية داخل هذا القطاع؛ نظرًا لركود السوق. ومن خلال رأي الخبراء للوقوف علي اسباب تدهور سوق العقارات في مصر يؤكد هاني أبو أحمد خبير عقاري ومهندس استشاري ان هناك عدة عوامل ادت لركود سوق العقارات في مصر ومن ضمنها عوامل خارج المجال العقاري مثل شراء العقارات للمضاربة كنوع من اعادة الاستثمار فمعظم المستثمرين حققوا خسائر في البورصات بسبب الازمة المالية العالمية ولذلك انخفضت عملية الشراء لنقص السيولة المالية بصفة عامة. والذي أدي لبطء حركة التداولات العقارية فأغلبية السوق العقارية كانت تعتمد علي وحدات السكن الفاخر.. مشيرا الي ان اسباب ارتفاع اسعار الوحدات انه تم بناؤها بتكلفة مرتفعة وعند حدوث الازمة العالمية قل الاقبال علي الوحدات الفاخرة وبالتالي اصبح هناك ركود وعلي الرغم من ذلك لايستطيع صاحب العقار البيع بأسعار منخفضة لانه يسبب خسارة كبري وبالتالي اصبحت هناك معادلة صعبة تواجه سوق الوحدات الفاخرة. وأضاف ان هناك اتجاها جديدا للتغلب علي هذه المشكلة وهو وحدات الاسكان المتوسط سواء في التكلفة او القيمة او المساحة فهناك حوالي %60 من الطلب موجهة للوحدات ذات المساحة الصغيرة والتي تتراوح ما بين100 و120 مترا، فيوجد في مصر الان تغير واضح في نوعية العقارات التي يتم بناؤها بالاضافة لتغيير استراتيجية التسويق، الامر الذي يؤدي لخفض اسعار الوحدات لان الوحدات القديمة كانت ذات مساحة كبيرة تتراوح بين200 و 300 متر والفيلل الفاخرة اما الان فالوحدات الجديدة نصف مساحة الوحدات القديمة وبالتالي فالثمن سيقل النصف ويتحدد سعرالوحدة حسب المنطقة والطلب عليها. ويشير ماجد خلوصي مقييم عقاري ورئيس المركز العربي لتحكيم الهندسي الي ان من اهم العوامل المؤدية لركود سوق العقارات الازمة المالية وتداعياتها بالاضافة لانخفاض نسبة معدل النمو من حوالي7.2%الي 4% والذي يؤكد تأثر الظروف الاقتصادية ككل.. موضحا ان السوق في مصر لها معايير مختلفة عن باقي الدول فهناك آلية تسيطر علي حركة الاستثمار في مصر، وفي الخارج الذي يؤثر في عقارات الطبقة المتوسطة التي تمثل الطلب الحقيقي اما في مصر، ففي الفترة الماضية كان الاسكان الفاخر المسيطر علي السوق المصرية.. مشيرا الي ان عدم اعتماد مصر علي التمويل العقاري كالبلاد الاخري ادي للتأثر بشكل طفيف اثناء الازمة لان نسبته لم تتجاوز ال 1% من حجم الثروة العقارية فجميع قروض التمويل العقاري كانت حوالي 3.2 مليار جنيه وهي نسبة بسيطة بالنسبة لحجم الثروة العقارية. واوضح ان تكاليف مواد البناء من حديد واسمنت لها تأثير مختلف حسب نوعية الاستخدام ففي القطاع الفاخر لا تمثل قيمة لان سعر المتر مرتفع فالحديد يمثل7% من قيمة المنتج النهائي بينما يؤثر بشكل ملحوظ في الاسكان المتوسط والاقتصادي لان سعر المتر يكون منخفضا لذلك نصيب الوحدة يرتفع.. مشيرا الي ان معدل الادخار في المجتمع هو المقياس الحقيقي الذي يمكنه قياس حركة السوق، لذلك فإنه في ظل ظروف البطالة وانخفاض معدل النمو لن يحدث تغيير في حالة السوق العقارية خلال الفترة المقبلة، والتي يمكن استمرارها لسنتين ولن تحدث انتعاشة للسوق.. موضحا ان الفترة السابقة للأزمة لم تكن وضعا اساسيا لان الافراد اتجهوا لشراء الوحدات لاستثمار اموالهم في ظل ارتفاع معد لات التضخم والقلق من ضياع القيمة النقدية. وعن رأي اصحاب الشركات في حالة الركود في سوق العقارات.. وعن أهم الاسباب يؤكد خالد عبد الرءوف صاحب شركة عقارات بالسادس من أكتوبر: إن هناك حالة احباط شديدة في سوق العقارات بسبب الركود الخطير الذي يضرب السوق حاليا. وارجع عبد الرؤوف هذا الركود إلي اختفاء زبائن الخليج العرب بسبب الخسائر التي تعرضوا لها بعد انخفاض البورصات العربية وتحقيقها خسائر بالجملة بالإضافة إلي الأزمة المالية العالمية ثم أزمة ديون اليونان وتراجع الكثير من الاقتصاديات الأوروبية. وعن تأثير اسعار الحديد والاسمنت أكد أنها معقولة جداً إلا ان تحويل اراضي المناطق الجديدة وبيعها في مزادات علنية ساهم في ارتفاع تكلفة الوحدات السكنية هذه المناطق لان المزادات اشعلت اسعار الاراضي هناك. وطالب برقابة حكومية علي أسعار الحديد والاسمنت لمنع ارتفاع اسعارهما أو المضاربة عليهما. ويري سمير فوزي مدير شركة عقارات: إن "دلع" الاغنياء السبب في ارتفاع اسعار الشقق والاراضي المميزة بالنيل والمهندسين والزمالك ومصر الجديدة.. مشيراً إلي أن الاراضي الخاصة بالاغنياء لا تزال اسعارها متماسكة لانها محدودة جداً. وقال: تم بيع شقة علي النيل من النوع الفخيم جداً بسعر 20 مليون جنيه ومتر الارض بشارع النيل بسعر 15 ألف دولار بينما تتراوح اسعار الاراضي بالمهندسين والزمالك بين 20 ألف جنيه حتي 40 ألف جنيه للقطع المتميزة وتباع الشقق. بمصر الجديدة بين مليون إلي 5 ملايين جنيه للمناطق المتميزة ومتر الاراض بين 10 آلاف إلي 25 ألف جنيه وهو نفس السعر بالنسبة لمدينة نصر ماعدا الحد الادني للسعر قد يبدأ من 4 آلاف جنيه. ويشير فوزي أن احياءالشعبية لا تجد زبائن رغم تراجع الاسعار نسبيا فقد بلغ سعر الشقة بأحد الاحياء الشعبية إلي 90 ألف جنيه ومتر الارض بسعر يبدأ من 600 جنيه إلي 1500 جنيه وهو نفس الحال بالنسبة لامبابة إلا ان شارع الجمعية مختلف تماما وتتراوح اسعار الشقق بين 150 ألف جنيه إلي 200 ألف جنيه. ويقول محمد جاد المولي رئيس شركة عقارات: ان الركود الموجود حاليا بسوق العقارات غير متوقع علي الاطلاق لان فترة الصيف بالذات ينتظرها معظم تجار ومستثمري العقارات كل عام لقدوم العرب والعاملين بالخارج. وأضاف: ليست ظاهرة بأن عقارات الاغنياء تجد اقبالاً عن عقارات الفقراء لان عقارات الاغنياء محدودة ومتميزة وتقع بالمناطق الراقية فقط . وأضاف: ان اسعار الفيلات والقصور في المعادي القديمة اشتعلت في الآونة الاخيرة حيث بدأت الاسعار من 30 حتي 40 مليون جنيه للفيلا أو القصر والشقق من 2 مليون حتي ثلاثة ملايين جنيه. شكري ناصف رئيس شركة عقارات يقول: إن التجمع الخامس لم يعد مثار اهتمام المستثمرين وما يدور حوله من بيع أو شراء للمضاربة فقط علي اسعار اراضيه التي تراجعت في الفترة الأخيرة. وأضاف: إن هناك طلباً ملحوظاً علي شراء الاراضي بطريق مصر - الإسكندرية ويتراوح سعر الفدان بين 500 ألف حتي مليون جنيه في المناطق التي تقع في نطاق الاسكان. وأرجع فؤاد الصاوي، مهندس مقاول، حالة كساد إلي سبب نقص السيولة والضعف الذي تشهده البورصة .. وأضاف أن البورصة تؤثر بشكل كبير في حركة البيع والشراء بالسوق.. مشيرا إلي أن سوق العقارات تنتعش بعد نحو 6 أشهر من تحسن الأوضاع بالبورصة .. معربا عن توقعه بأن تستمر حالة الركود حتي نهاية 2010 وافقه في الرأي عبد المنعم زهران، مهندس مقاول، واصفا عام 2010 بالأسوأ علي الإطلاق في سوق العقارات، وقال إن حركة البيع والشراء ضعيفة للغاية .. وأضاف أن أسعار العقارات انخفضت لجذب الزبائن، ومع ذلك أدي نقص السيولة إلي إحجام الكثيرين عن الشراء، معربا عن أمله بتحسن الأسعار مع نهاية 2010 إذا تحسن الاقتصاد العالمي . فيما يري د. حمدي عبد العظيم، استاذ الاقتصاد ورئيس اكاديمية السادات سابقاً أن سوق العقارات تعد الأسوأ في 2010 من الناحية النسبية فقط.. وأضاف أن المتضرر الحقيقي هو الإسكان الفاخر من فيلات وشقق متميزة تباع بالملايين ولا تجد من يقتنيها، رغم انخفاضها بنحو 20% عن أسعار 2008، في حين تسير حركة البيع والشراء بشكل جيد في الإسكان الاقتصادي وما فوق المتوسط . وأوضح أستاذ الاقتصاد أن أسعار العقارات مرتبطة بشكل رئيسي بأسعار مواد البناء الأساسية العالمية.. مشيرا إلي ارتفاع سعر الحديد بشكل مفاجئ عام 2008، عام بدء الأزمة الاقتصادية العالمية، من 3 آلاف جنيه إلي 8 آلاف جنيه نتيجة لاحتدام المنافسة بين الصين والبرازيل، وبعد 6 أشهر من ذلك ارتفعت أسعار العقارات جراء ارتفاع أسعار مواد البناء. وألمح د. عبد العظيم إلي توقعاته للسوق خلال النصف الثاني من 2010، بأنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل في ظل تشابك المؤشرات التي تؤثر في الاقتصاديات المختلفة في العالم الذي أصبح قرية صغيرة .