حالة من القلق والتوتر تسود المشهد السياسي في مصر تأتي بالتزامن مع التقارب المصري الإيراني الذي بدأ ببداية عودة العلاقات بين البلدين والتي بدأت بالرسالة الإيرانية التي وجهها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للرئيس محمد مرسي لتبني النموذج الإيراني السياسي في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة في مصر، بالاستناد لتعاليم الإمام الراحل آية الله الخميني، لحث مصر على قبول التعاون معها في المجالات الاقتصادية والسياسية، والأمنية أيضًا، وتعقبها بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر وقيامه ببعض الزيارات لبعض المناطق السياحية والأثرية والدينية؛ إلى أن أثارت هذه العلاقات مخاوف كافة الأحزاب السياسية والقوى الثورية والدينية على حد سواء لاعتبارها خطوة على طريق إيران الدؤوبة للهيمنة والتدخل على مجريات الأحداث والأوضاع السياسية في مصر، للعمل على ترسيخ قواعد الفكر الشيعي بأسرع وقت. وفقًا لما يزعمه الإعلام الإيراني بأن الوقت قد حان للصحوة الإسلامية المستوحاة من تعاليم الخميني وقيادة خامنئي، عقب اندلاع ثورات الربيع العربي في دول المنطقة، والتي تتيح لها الفرصة بعودة العلاقات الخارجية والدبلوماسية مع مصر، الأمر الذي استنكرته كافة القوى الدينية أيضًا بعد نشر الفكر الشيعي في مصر خاصة بعد محاولة إيران للانفتاح السياحي بين البلدين، مما زاد من حالة الانقسام بين التأييد والتخوف، خاصة في ظل مباحثات الحكومة المصرية عن حلول جديدة للأزمة الاقتصادية الراهنة في ظل تعقد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، حيث توجهت لإيران للدعم المصري، والذي أسفرت عن فتح صفقة سياحية بين "القاهرةوطهران" عقب فترة طويلة من الانقطاع الدبلوماسي بين البلدين لأكثر من 34 عامًا. إلى أن أثارت هذه الصفقة استنكار الأحزاب الإسلامية السلفية مثل حزب النور والأصالة السلفي، الذي اعتبر هذه السياحة خطأ كبيرًا وجرمًا ارتكبته مؤسسة الرئاسة المصرية، وتسببها في تمكين إيران من اختراق مصر لنشر المذهب الشيعي، ووصف هذه الاتفاقية السياحية بأنها "مجرد ستار لتغطية مشروع إيران الصفوي الإقليمي العنصري لنشر المذهب الشيعي بالمنطقة". بينما اعتبرها آخرون عودة العلاقات بين البلدين ب "الخطوة الإيجابية لإنقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار". وعلى الجانب الآخر استنكرت الأحزاب المعارضة من هذه العلاقات واعتبارها محاولة من قبل الرئاسة للاستقواء بإيران ضد المعارضة من ناحية، وإرهاب الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تضغط على الرئاسة والإخوان باحترام حقوق الإنسان وتطبيق الحرية والديمقراطية، والتي تتعارض مع فكر واعتقادات الجماعة. أكد صلاح عدلي سكرتير الحزب الشيوعي المصري والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن حديث النائب الكويتي عن صفقة بين مصر وإيران تشمل 30 مليار دولار لمصر في مقابل السيطرة على المساجد الفاطمية أمراً خطيراً، خاصة وأن إيران هي من أرادت تقديم المصالح والخدمات الاقتصادية لمصر من خلال عودة العلاقات بين البلدين، إلا أن ما حدث يعكس صورة أكثر خطورة بعد ما تردد في وقت سابق من لقاء مسئولي المخابرات الإيرانية مع قيادات جماعة الإخوان خوفًا من استدعاء التجربة الإيرانية التي شكلوا بها الجيش الثوري الإيراني محذرًا من تطبيق النهج القمعي الذي حدث في إيران من خطف الثورة للاتجاه الشيعي وقمع كل الفصائل والخصوم السياسيين في مصر، في حين كان ترحيب القوى بعودة هذه العلاقة لضمان الحصول على مصادر أخرى للمساعدة بديلة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتعمد تقديم المساعدات المشروطة بالتدخل في شئون البلاد . بينما استنكر حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، العلاقات المفاجئة التي ظهرت بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير وخاصة عقب صعود الرئيس محمد مرسي لسدة الحكم وخصوصاً عقب استقباله لنجاد أحمدي الرئيس الإيراني والتي عكست مدى للعلاقات الوطيدة بين الجماعة وإيران من جانب، ومدى موافقتها على ممارسات الرئيس نجاد في قمع الحريات والمعارضة الإيرانية وإهانة أهل السنة هناك، لافتًا إلى أن وجود مؤامرة يتم إبرامها بين النظام الحالي وإيران في التوقيت الراهن والذي تهدف إيران إعلانه للعالم الغربي والمجتمع الدولي، والتي تؤدي بدورها إلى تدهور العلاقات الخارجية لمصر مع دول القرض المزمع تغيير اتجاهاته عبر هذه الزيارة. وأوضح د. عماد جاد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسيةوالإستراتيجية، بأن صفقات إيران ومصر السياحية ستكون بداية التأكيد على مدى تعمق العلاقات بين الإخوان المسلمين وإيران والتي بدأت بدعوة الرئيس مرسي لرئيس إيران بزيارة مصر لعودة العلاقة مرة أخرى وإتاحة الفرصة لإيران للتدخل في مصر لنشر الفكر الشيعي من خلال هذه الصفقات المشبوهة، والتي تعكس رغبة الجماعة في الاستقواء بإيران في حال الضغط على النظام المصري والتلويح في وجهه بضرورة تلبية نداء الشعب في الديمقراطية، والتعبير عن الحريات التي تأتي متعارضة مع أغراض وأهداف مكتب الإرشاد الذي يهدف إلى الهيمنة على الحكم. في حين رحب المهندس عمرو فاروق المتحدث الرسمي باسم حزب الوسط، بصفقة السياحة والتبادل بين مصر وإيران، واعتبارها خطوة إيجابية لمصر الجديدة والتي في حاجة لإقامة علاقات دولية واسعة مع جميع الدول في محيط المصالح الوطنية والدولية والدبلوماسية بصرف النظر عن المواقف الحزبية التي تعبر عن نفسها، خاصة أن مصر دولة إقليمية ومحورية في المنطقة لا يمكن تغافلها أو تجاهلها، أما فيما يتعلق بموقف مصر من إيران وفترة الانقطاع التي تخطت الثلاثين عامًا جراء قطع النظام السابق لهذه العلاقات. والتي كانت بمثابة الفرصة أمام إسرائيل للانفراد بالمنطقة والتغول فيها وسط صمت رهيب للفصيل الإسلامي، مشيراً إلى أن قرارات السلطات المصرية بعودة السياحة الإيرانية إلى مصر فتح المجال لمصر لإبعاد نفوذ إسرائيل عن المنطقة. ومن جانبه أكد د. نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي، على ضرورة أن تشمل الاتفاقية التي تربط العلاقات المصرية الإيرانية علي الوقف الفوري لمذابح أهل السنة والجماعة في سوريا والأحواز، وضرورة تفكيك التنظيمات المسلحة الشيعية التي تعمل على بث الفتن والعنف في أرجاء المنطقة، وأيضاً مناقشة ملف حقوق الإنسان لأهل السنة والجماعة في الدول التي تقوم إيران بالتدخل في سياساتها ، وعدم السماح بنشر التشيع وتغلغله في مصر أكبر دولة سنية بما لها من عمق تاريخي وجغرافي ، والتأكيد على عدم السماح لدولة إيران بنشر التشيع، والثورات الشيعية في دول الخليج العربي باعتبارها عمقًا استراتيجيًا لمصر . وأضاف المتحدث باسم حزب النور السلفي ، أن النظام الإيراني لديه استعداد للقيام باغتيالات لأهل السنة من أجل نشر مذهبه الشيعي، وإسقاط أي أصوات معارضة له . وفي رأي د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، أن تطبيع العلاقات بين مصر وإيران من خلال اتفاقية السياحة تثير مخاوف الغزو الثقافي الشيعي من خلال قنوات الشيعة على النايل سات ، حيث بدأ بتقبل فكرة السياحة الدينية والتي لا يمكن التنبؤ بالصورة المستقبلية التي قد تصل إليها هذه السياحة ، في ظل عدم التزام جماعة الإخوان المسلمين بميثاق الشرف الإسلامي ، وتأكيدهم على الخطر الشيعي على مصر ووقوفهم للتصدي لهذه الظاهرة التي لا تتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي دولة مثل مصر ذات الطبيعة السنية ، موضحاً الاتفاق على تبادل الوفود السياحية بين القاهرةوطهران تحمل بين طياتها خطرًا كبيراً على الأمن القومي لمصر لأن أماكن الشيعة كثيرة في البلاد، وسيحاول السياح الإيرانيون بناء علاقات اجتماعية وأسرية مع المصريين البسطاء خصوصًا مع سوء الوضع الاقتصادي والأمي للأسرة المصرية . وأضاف أن تصريحات الإيراني مجتبى أمانى بأن 65% من الشعب المصري يؤيدون عودة العلاقات بين مصر وإيران أثار غضب كافة القوي الإسلامية ، خاصة وأن جميع الدول التي خضعت للغزو الشيعي انهارت ، وما يدعونا للتخوف أن إيران سوف تتمسك بالفرصة المصرية . واتفق معه الشيخ زين العابدين كامل عضو الدعوة السلفية، بأن جماعة الإخوان المسلمين تراجعت عن وعودها التي جاءت في برنامجهم الانتخابي للرئاسة، فيما يتعلق بالعلاقات مع دولة إيران، خاصة وأن الرئيس مرسي أخذ العهد على نفسه قبل ذلك بحماية مصر، إلا أن موقف الحكومة المصرية في اتخاذها هذه الإجراءات دون طرحها السياسي أو الشعبي ،لوضع القواعد والأطر التي تضمن تجنب وقوع ﺍﻟﺒﻼﺩ في ﺷﺮ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺘﺸﻴﻊ ﻭﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻭﺍﻋﻴﺔ، وإن كنت ﻻ ﺃﺭﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻹﻟﻐﺎﺋﻬﺎ لأن منطق ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺃﻭ المذهب ﻏﻴﺮ ﺳﺪﻳﺪ، ولكن لابد من وضع الأمور في نصابها ومراقبة الوضع بغاية الدقة، حتى لا تسبب لنا طهران أزمة مذهبية، وذلك من خلال اللجان التي شكلتها الدعوة السلفية لمكافحة ومحاربة التشيع ونشر المذهب الشيعي في مصر ، والذي تسعي إيران صاحبة مشروع أيديولوجي لنشر التشيع في مصر، من خلال عودة العلاقات المصرية الإيرانية والتي تمثل خطرا على مذهب أهل السنة والجماعة . كما رفض محمد نور المتحدث الرسمي باسم حزب الوطن ، عودة العلاقات الدينية بين طهرانوالقاهرة تحت أي ستار أو سياحة دينية؛ لأن "إيران" لديها مشروع شيعي توسعي في المنطقة العربية، وترغب في نشر الفكر الشيعي داخل البلاد الإسلامية التي تتبع الفكر السني، مطالبًا قبل عودة العلاقات بين البلدين تقديم الضمانات الكافية لعدم نشر أو الغزو الشيعي في مصر والاكتفاء فقط بالتعاون السياسي بين البلدين في المنطقة، والتي تشرط تخلى إيران عن دعم ومساندة بشار الأسد في قتل وذبح شعب سوريا، ومن الناحية الاقتصادية لا مانع من تبادل الاستثمارات بشرط فرض رقابة صارمة على رجال الأعمال الإيرانيين، مؤكدًا إذا أردنا توافق بين الدولتين لابد أن نتفق دينيًّا على أصل نرجع إليه، وإن وافقوا على ذلك فلنبدأ في التوافق وتسير العلاقة الدينية واضحة بين السنة والشيعة ، مؤكداً أن تحديد أماكن الأقصر وأسوان ستكون البداية لتحرك الشعب الإيراني في نشر المذهب الشيعي بمصر من خلال زيارة أضرحة آل البيت والأماكن المقدسة على سبيل السياحة، وبذلك لن يكون في استطاعة الإسلاميين في مصر الوقوف ضد هذه المحاولات التي تعمل بشأنها على خلط الوعي عند المواطن المصري والخلط بين المذهب الشيعي والسني، في ظل هذه الاتفاقيات السياحية التي وقعتها السلطات المصرية مؤخرًا مع إيران .