يتوقع محللون أن يصل النمو الاقتصادي الاجمالي للمنطقة العربية حوالي3% مع نهاية هذا العام مقارنة مع 3.3% العام الماضي و4.7% في عام 2010 وهو انخفاض ليس كبيرا مع الخسائر الهائلة الناجمة عن الاحتجاجات العنيفة التي اجتاحت بعض دول الشرق الأوسط ومازالت مشتعلة . وكان مصرفيون عرب قد أكدوا: إن الثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية أدت إلي تراجع الاستثمارات المباشرة في المنطقة العربية ودعوا إلي تعاون وثيق بين المصارف العربية لدرء هذه الأخطار. وذكرت مصادر صحفية لبنانية أن المؤتمر المصرفي العربي انعقد هذا العام في ظل تحديات اقتصادية تعانيها المنطقة نتيجة توابع الثورات في بعض دول المنطقة علي الاقتصاد والتي أطاحت بأربعة حكام ومع تزايد العنف بين حماس وإسرائيل الذي اندلع مؤخرا. وقال عدنان أحمد يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية في المؤتمر لقد كان للأحداث والثورات والاضطرابات التي شهدها ولا يزال بعض دولنا العربية تأثير مباشر وواضح علي النمو الاقتصادي للمنطقة العربية ككل. وأضاف قائلا إن النمو الإجمالي بلغت 3.3% خلال عام 2011 مقابل 4.7% خلال عام 2010 ومن المتوقع أن تنخفض إلي 3% مع نهاية العام الحالي. وجهت انتفاضات الربيع العربي ضربة شديدة للاستثمار في الدول الأكثر تضررا، فقد تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية أكثر من 50% العام الماضي وخرجت من البلاد استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 483 مليون دولار. وقال يوسف: تراجع الاستثمار المباشر في الدول العربية نتيجة الأحداث.. حيث سجلت الدول العربية استثمارا مباشرا واردا بلغ حوالي 50 مليون دولار في عام 2011 مقابل حواي 66 مليارا في عام 2010، ومن المتوقع أن يرد إلي المنطقة العربية استثمارات مباشرة بحوالي 53 مليار دولار خلال العام الحالي. لكنه أضاف قائلا: علي الرغم كل ما يجري في المنطقة العربية والتطورات الاقتصادية والمالية الدولية فإن قطاعنا المصرفي العربي بشكل عام لا يزال بمنأي عن كل تلك التطورات ولم يتأثر بشكل كبير كما حدث للقطاعات الاقتصادية الأخري. وهكذا فإن معظم القطاعات المصرفية تأقلمت مع الأحوال المستجدة أو حتي تجاوزت تأثيراتها. وناقش المؤتمر الذي عقد تحت عنوان "الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين" علي مدي يومين دور الاستقرار السياسي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية وعوامل الإصلاح في العالم العربي والاستجابة لتحديات المرحلة وأولويات القطاع المصرفي والأسواق المالية في مرحلة التحول والتغيير. ورأي رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان جوزف طربية أن الظروف التي تعمل في ظل المصارف العربية من "اقتصادات محلية وإقليمية" مليئة بالمصاعب، ودعا إلي التعاون الوثيق بين مصارف الدول العربية لتجنب هذه المخاطر، والعمل علي طمأنة المستثمرين الأجانب والعرب لتشجيعهم علي الاستثمار في مستقبل المنطقة. وقال طربيه: إن مصارف لبنان تواصل أداءه الجيد علي الرغم من الظروف الداخلية وظروف المنطقة الصعبة، فقد سجلت قاعدة الودائع نموا بنسبة 5.4% في الأشهر التسعة الأولي من العام 2012 بالمقارنة مع 6% للفترة الماثلة من العام 2011 وأضاف قائلا: قاعدة التسليفات سجلت نموا نسبته 7.4% خلال الأشهر التسع الأولي من العام 2012 مقارنة مع 11% للفترة المماثلة من العام 2011، وسجل احتياطي المصرف المركزي بالعملة الأجنبية بالمستوي الأعلي له متخطيا عتبة 35 مليار دولار في نهاية أكتوبر 2012 وكانت وكالة موديز انفستورز سيرفيس للتنصيف الائتماني رأت في تقرير لها في وقت سابق من هذا الشهر أن آفاق النظام المصرفي اللبناني لا تزال سلبية بسبب الاضطرابات السياسية المتصاعدة سواء علي الصعيد المحلي اللبناني أو في سوريا المجاورة. وقال رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزاراعة العربية الوزير السابق عدنان القصار تعاني غالبية الدول العربية اقتصاديا من أحداث الربيع العربي الذي يؤدي مرحليا إلي انحسار في النمو الاقتصادي وتراجع في التنمية الاقتصادية. أضاف قائلا: مرحلة عدم اليقين تشكل هاجسا للمستثمرين العرب والأجانب ولرجال الأعمال والمصارف علي حد سواء، وبالتالي فإنها تشكل عائقا في وجه النمو والتنمية ما لم يتم العمل علي توجيهها الوجهة السليمة. أما رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي فقال: يجب ألا نستخدم الاقتصاد من أجل أهداف سياسية ولنجعل من الأمور الاقتصادية أولوية فتكون السياسة هي الآلية هي المحفزة والداعمة. ودعا ميقاتي إلي إنشاء خارطة طريق تعزز الاستقرار السياسي والأمني في وطننا العربي كمنطلق أساسي لاستقرارنا الاقتصادي. كما أعلنت شركتان عقاريتان من الإمارات العربية المتحدة عن مشروع كبير في مصر الشهر الماضي كان هذا أكبر من مجرد دفع للسوق العقارية المصرية كان علامة علي عودة الاستثمار عبر الحدود في هذه المنطقةالعربية. وكانت مجموعة الفطيم وشركة إعمار العقارية توصلتا إلي اتفاق مبدئي لاستثمار نحو خمسة مليارات جنيه مصري "820 مليون دولار" في بناء مجمع "كايرو جيت" علي طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي. وسيتكون المجمع الذي سيبني علي مساحة 160 فدانا من مركز للتسوق ومساحات للمكاتب الإدارية وفندق فخم ومدارس مراكز طبية ووحدات سكنية. وبعد أكثر من عام ونصف العام من اندلاع انتفاضات الربيع العربي في أجزاء كبيرة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادت الدول التي تأثرت بالاضطرابات إلي اجتذاب رأس المال الأجنبي للاستثمار في الأوراق المالية والاستثمار المباشر في المصانع والعقارات. ومازالت هذه العملية غير مكتملة وتسير بخطي مترددة إذ مازالت الأوضاع الاقتصادية قائمة في كثير من البلدان، فمصر علي سبيل المثال تواجه عجزا في ميزان المدفوعات قد يسبب انخفاضا في قيمة عملتها ودفعها لطلب قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندق النقد الدولي. وفي بعض الدول مثل البرين ومصر وليبيا والمغرب وتونس واليمن هناك علامات علي أن المستثمرين يشعرون بعودة قدر كاف من الاستقرار السياسي للبدء في البحث عن فرص استثمارية فيها. وقال عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية البحرينية هناك قدر جيد من الاهتمام بالاستثمار في شمال أفريقيا، موضحا أن الاهتمام لا يقتصر فقط علي القطاعات التقليدية مثل البنوك والعقارات. وأوضح عدنان الذي يرأس أيضا اتحاد المصارف العربية إن من بين مواطن الاهتمام الجديدة قطاعات البنية التحتية والصناعات الاستهلاكية وحتي الترفيه. وسيناقش أكثر من 20 من مديري الشركات والمسئولين من أنحاء المنطقة آفاق وفرص الأعمال في قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط وهي سلسلة من المقابلات التي ستجري خلال الفترة من 18 إلي21 نوفمبر في أكثر من ست مدن عربية. ووجهت انتفاضات الربيع العربي ضربة شديدة للاستثمار في الدول الأكثر تضررا، فقد تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية نحو 50% العام الماضي وخرجت من البلاد استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 483 مليون دولار، ويقارن هذا مع تدفقات قدرها 639 مليار دولار في 2010 وفقا لبيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات. وتظهر أحدثأرقام ميزان المدفوعات في دول الربيع العربي أن الصورة بدأت تتحسن، فقد أظهرت بيانات البنك المركزي تباطؤ صافي تدفقات استثمارات المحافظ المالية إلي الخارج إلي 456 مليون دولار في الربع الثاني من هذا العام من 1.58 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وسمح بذلك بقفزة بنسبة 56% لمؤشر البورصة المصرية منذ بداية العام حتي الآن مما يجعل القاهرة إحدي أفضل الأسواق أداء في العالم. وقال شريف سالم مدير المحفظة بشركة أبوظبي للاستثمار إن صعود الأسهم المصرية توقف في الأسابيع القليلة الماضية، حيث أدرك المستثمرون حجم التحديات الاقصتادية التي تواجهها البلاد ومن بينها الحاجة لخفض عجز الميزانية من خلال تخفيض الدعم وهو قرار صعب من الناحية السياسية. وأضاف لم نصل بعد إلي الحد الذي يمكننا أن نقول إن كانت مصر قد تجاوزت المرحلة الصعبة أم لا.. هناك بالتأكيد فرص كثيرة لكن الفرص ليست واقعا بعد. غير أن هاك بوادر قوة تظهر في قطاعات استثمارية أخري في مصر، وقالت شركة جونز لانج لاسال للاستشارات إن انتخاب الرئيس محمد مرسي في يونيو أعطي دفعة لعدد من القطاعات. وذكر تقرير للشركة في أكتوبر مع العودة إلي مناخ أكثر استقرارا من الناحية السياسية وفي عهد حكومة ترحب بالاستثمارات نري تزايدا لثقة المستثمرين والمستهلكين. ويتعافي الاستثمار الأجنبي المباشر في بلدان كثيرة،وقالت وكالة النهوض بالاستثمار في تونس إن البلاد اجتذبت 1.48 مليار دينار "931 مليون دولار" في الأشهر التسعة الأولي من 2012 بزيادة بنسبة 27% عن الفترة المقابلة من العام الماضي، ويقل هذا الرقم 1% فقط عن الفترة لمقابلة من 2010 قبل الربيع العربي. وقال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي بصندوق النقد الدولي إن بعض المستثمرين يتوقعون أن يعطي الربيع العربي دفعة للاقتصادات في الأجل الطويل مع بذل الحكومات الجديدة الديمقراطية جهودا أكبر لخلق الوظائف وخفض الفقر. وأضاف هؤلاء المستثمرون يدركون حقيقة أن الفرص في المنطقة في الأجل المتوسط تبقي مواتية جدا. وأحد أكبر التطورات في أعقاب الربيع العربي هو بروز الدول العربية الخليجية كمستثمرين كبار في شمال أفريقيا وهو ما يعوض جزئيا هبوط في الاسثتمارات الغربية الذي نتج عن المشاكل الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة. وستساعد أسعار النفط لمرتفع التي يدعمها بين عوامل أخري مثل التوترات السياسية في المنطقة مصدري الخام في الشرق الأوسط علي تسجيل فائض مجمع في موازين المعاملات الجارية سيبلغ حوالي 400 مليار دولار هذا العام وهو ماي قترب من مستوي قياسي وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي وبعض ذلك الفائض يعاد تدويره الآن إلي دول الربيع العربي في شكل مساعدات واستثمارات.