يقول الباحث الفرنسي أوليفر روي: "إن فكر تنظيم القاعدة ليس مجرد تعبير عن إسلام تقليدي، ولا حتى إسلام أصولي، إنها بالأحرى رؤية جديدة للإسلام، ترتدي ثوب ايديولوجيات ثورية غربية". لا شك، إن مصطلح "الإسلام فوبيا" قد يكون قاصراً برأي روي، أو خادعاً، فبعض الصدامات قد لا يكون سببها الاعتقاد بخطأ في الإسلام نفسه، ولكن قد يكون الخطأ في طبيعة التفسير. فروي يقول مثلا في منع الحجاب: "هو ليس كرها أو عداءً للإسلام، ولكن لكونه اتجاه يقيد حرية المرأة، لكن البعض حولها إلى عمل ضد الإسلام أو خوفاً من الإسلام". أقف هنا لوضع مقارنة بما أخذ الإخوان في ترويجه من جديد، ولعل آخرهم الرئيس محمد مرسي، عندما أطلق هذا المصطلح في خطابه في هيئة الأممالمتحدة. فهل هي مصادفة أم مخطط آخر، وضرب عصفورين بحجر واحد، وذلك بوضع الإخوان على رأس الهرم الإسلامي، وثانياً الابتعاد عن مقارنتهم بالشكل الإرهابي للقاعدة. يتم الآن ترويج المصطلح، أي الإخوان فوبيا محل الإسلام فوبيا، عالمياً، ليكون الشكل الجديد للإسلام بقيادة سلالة قطب والبنا هو ما يعبر عنه بالإسلام فوبيا، وليس الإسلام دين الناس لا دين الأحزاب والمنظمات، وحتى لا يظهر الإخوان كالعنصر الشاذ في هذه التركيبة. ولكن لماذا الإسلام فوبيا الآن؟! قد لا يكون الغرب هو الذي أطلق هذا المصطلح، ورمى الإسلام أو الإخوان بالفوبيا (أو الرهاب). فبالتأكيد إن للإخوان، من وجهة نظرهم، أعداءً من داخل المجتمع الإسلامي، كما يروجون أكثر بكثير من ذلك الغربي الذي هو في الأساس يمثل الصديق الجديد والداعم للإخوان. إذن مَنْ المقصود بالإسلام فوبيا، ومن هو العدو الجديد؟ بقلب المصطلح وإعادته إلى الجانب الآخر، وهو "الإخوان فوبيا"، تجد الإجابة واضحة. فالعدو هو من يواجه هذه الحركة، وهو من حذر منها ومازال، وهو منْ يعاني من تبعات انتشارها ومخططاتها. في بديهيات التعامل لن تجد إخوانيا يقر في انتمائه إلى تنظيم الإخوان إلا ما ندر - بل تجدهم بالجملة ينفون وجود تنظيم. بينما هم التنظيم بعينه – تراهم يركزون على مصطلح الحكومة الإسلامية وترويجه، وأيضاً العمل على رفع مستوى الوعي حول اضطهاد المسلمين في مختلف دول العالم. فمن الأمور التي يمكن الاستدلال بها في بعض التوجهات التي تدعم هذا التوجه الجديد القديم، وعلى غرار أي فريق سياسي، يتعاملون مع المنافس عن طريق تشويه الحقائق، وتسخيف صورة الطرف الآخر، وتشويه سمعة منتقديهم، في حين تظهر قيادتهم بصورة البطل الإنسان والسياسي القاهر لمنافسيه. إن مصطلح معاداة الإسلام (إسلاموفوبيا) Islamophobia أو رهاب الإسلام هو لفظ حديث الوجود نسبياً، ربما بدأ تعاطيه منذ العام 1976، وظل استعماله نادراً في الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي. لكن سرعان ما نجده انتشر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. ثم بدأ في التلاشي حتى عاد الإخوان ليقودوا موجة جديدة من الحرب الإعلامية بما يعبر عنه ب"الإخوان فوبيا"، أي تقديم أنفسهم هم الإسلام ككل. بمعنى: لماذا العداء والخوف؟ فنحن نمثل الإسلام ونقود الأمة، ونطبق الشريعة، وهي إيحاءات موجهة إلى العدو الداخلي، ولكن سرعان ما ينتبهون لخطأهم، فكيف يفصلون الإخوان عن الإسلام؟ لذا حاولوا سحب الدفة من جديد، لتستقر مع الصعود السياسي للجماعة إلى الإسلام فوبيا، وهو ما يؤكد أن الهدف من إطلاقه وترويجه هو السيطرة على الواجهة الإسلامية إعلامياً، كما هي فكرتهم في السيطرة السياسية. ----- كاتب من الإمارات