منذ عام 1980 بدأنا نسمع، لأول مرة، كلمة: »إسلاموفوبيا« Islamophobia التي تعني »الخوف من الإسلام« ثم سرعان ما انتشر هذا التعبير في أعقاب هجمات 11سبتمبر2001 بعد أن أضافوا إليه أوصافاً أخري منها: » رهاب الإسلام وكراهية المسلمين«. مروجو هذا الوصف أرادوا به كما قرأت في دائرة المعارف الإلكترونية:»ويكيبيديا« تحفيز مشاعر العنصرية ضد المسلمين والدعوة إلي عزلهم بعيداً عن حياتهم الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتهم. مبررات دعاة، ومروجي، ال »إسلاموفوبيا« يقولون أن الفارق كبير جداً بين قيم الحضارة الإسلامية وقيم باقي الحضارات الأخري. وإن الإسلام يمثل أيدلوجية سياسية عنيفة أكثر منها ديانة! ليس هذا فقط .. بل نجح دعاة : »رهاب الإسلام وكراهية المسلمين« في أعقاب الهجمات الإرهابية التي قام بها إرهابيو الجماعات الإرهابية ضد الأبرياء من سكان العديد من العواصم العالمية:عربية، وأوروبية، وآسيوية، وأفريقية في وضع المشكلة مع »الإسلام والمسلمين « علي جدول أعمال »منتدي ستوكهولم الدولي لمكافحة التعصب« وانتهي بالموافقة علي رصد »الإسلام« بوصفه: [شكلاً من أشكال التعصب جنباً إلي جنب »رهاب الأجانب« و »معاداة السامية« وغيرهما].. وهو ما أسعد إسرائيل بالطبع سعادة كبري. .. وبالمناسبة: يكثر الحديث في هذه الأيام عن إصابة نسبة كبيرة من الإسرائيليين بنفس العدوي تجاه إيران والإيرانيين، أطلقوا عليها: »Iranophobia«. الصحيفة الأمريكية: »ذي كريستيان ساينس مونيتور« أجرت في الأسبوع الماضي تحقيقاً مطولاً رصدت فيه تنامي ظاهرة »الخوف من إيران وكراهيتها للنظام القائم في طهران«، بدأته قائلة إنه من النادر أن يمر يوم علي الدولة اليهودية دون أن يصدر تصريح من مسئول كبير، أو سياسي مرموق، أو جنرال عسكري، يكرر فيه التحذير من الخطر الذي تمثله إيران علي أمن إسرائيل وسلامة شعبها.. وإن اختلف تقييمه من متحدث إلي آخر. واحد يبالغ إلي أقصي مدي في خطورة التهديدات الإيرانية، في حين يقلل آخر من تلك الخطورة وإن أقر بوجودها. وثالث يجمع في تقييمه لهذه التهديدات بين التهوين والتهويل.. معاً، وذلك رداً علي زعم الرابع الذي يحمّل مسئولية جميع أزمات ومشكلات إسرائيل وآخرها الضجة الصاخبة في العالم كله ضد الهجوم الإسرائيلي علي إحدي سفن الإغاثة التركية قبل وصولها إلي غزة! »ديفيد ميناشري« رئيس قسم الدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب انتقد ظاهرة ال »Iranophobia« المتنامية داخل بلاده، معلناً رفضه القاطع لما يردده رؤساء أحزاب، و وزراء، وقادة عسكريون يوماً بعد يوم عن »تعاظم« الخطر الإيراني، و وصفه بأنه يشكل :»تهديداً لوجود إسرائيل علي الخريطة«. ومن رأيه أن ترديد مثل هذه الكلمات والأوصاف، بلسان كبار المسئولين الإسرائيليين ، يمنح إيران شاءوا أم أبوا حجماً أكبر من حجمها، وقيمة لا تستحقها. الأخطر من ذلك كما قال المتخصص الأكاديمي الإسرائيلي إن استمرار الترويع ليل نهار من »الرهاب الإيراني« يوجه رسالة واضحة للبسطاء من الشعب الإسرائيلي تحذرهم فيها من أنه في اليوم الذي تمتلك فيه إيران سلاحها النووي، عليهم التفكير من الآن في مغادرة البلاد حماية لهم من الإبادة داخل إسرائيل. وطالب »ميناشري« رجال الحكومة والأحزاب والحاخامات وأجهزة الإعلام في بلاده بالتوقف عن نشر ال »Iranophobia«، وأن يتحدثوا عن التهديدات الإيرانية إذا ما جد جديد فقط وليس بدون مناسبة.. كما يحدث حالياً. ويسخر »ميناشري« من هؤلاء الذين دأبوا علي تشبيه الرئيس الإيراني »أحمدي نجاد« ب »هتلر« الذي أحرق وخنق ملايين اليهود خلال الحرب العالمية الأخيرة، فيقول إن الإسرائيليين سبق أن وقعوا في نفس هذا الخطأ عندما أطلقوا هذا التشبيه علي كثيرين من قبل. وتساءل:» إذا كان عبد الناصر هو »هتلر«، وإذا كان صدام حسين نسخة من »هتلر«، وإذا كان ياسر عرفات لا يختلف عن »هتلر«.. فكيف نقنع الأبناء والأحفاد بأن محرقة اليهود Holocauste كانت فريدة من نوعها في التاريخ، وأن من أمر بها هو النازي: »أدولف هتلر« الذي لم، ولن، يأتي الزمان بمثله.. من قبل ولا من بعد؟! وتحدث أكاديمي إسرائيلي آخر عن ال Iranophobia« فأكد أن »أحمدي نجاد« هو أسعد الناس بهذا »الرعب« الذي يمثله شخصياً في إسرائيل وغيرها، ولولاه لما أصبحت صوره وتخاريفه تتسابق أجهزة الإعلام العالمية عليها وتبرزها بشكل شبه يومي، ولولا ذلك لما سمع عنه أحد.. ولما أصبحت له »شعبية« لدي بعض العرب. في كل أزمات الرئيس الإيراني مع شعبه أهمها الثورة ضده بسبب تزويره انتخابات التمديد له لم يجد غير التصعيد بكلماته ضد إسرائيل والتهديد بزوالها من فوق الخريطة لعل وعسي ينشغل شعبه عن جريمة التزوير بمتابعة صدي تهديداته في العواصم العالمية. وأصدق ما قرأت من تعليقات الأكاديميين والمحللين الإسرائيليين، توقفت عند وجهة نظر أكد صاحبها أن ال Iranophobia«، اخترعتها حكومة »بنيامين نتانياهو« كعادة كل الحكومات التي سبقتها في »إختراع« عدو أجنبي للبلاد يبرر لها في عيون الآخرين موقفها الرافض والمتعنت لأية تسوية سلمية للقضية الفلسطينية من جهة ولإقناع الشعب الإسرائيلي من جهة أهم بعدم الاعتراض علي الزيادة المتصاعدة في ميزانية الجيش الإسرائيلي عاماً بعد آخر.