ما زالت أصوات الأثريين بمنطقة مصر القديمة ترتفع وتطالب بالاستغاثة الفورية لإنقاذ آثار مصر الإسلامية والقبطية واليهودية التي يحتضنها "مجمع الأديان" في القاهرة القديمة ؛ لما تحمله حالات التعديات بالمباني المخالفة التي ترتفع وتحيط بالعمارة الأثرية في هذه المنطقة من خطر كبير يلحق بالمساجد والكنائس والمعابد التي تضمها منطقة مجمع الأديان خصوصًا في ظل حالة الفوضي والانفلات الأمني التي تشهدها البلاد منذ انطلاق ثورة 25 يناير وعدم تنفيذ قرارات الإزالة التي صدرت لتلك المباني التي شوهت الطابع الأثري للمكان في ظل عدم استقرار الأوضاع في البلاد وإغفال المسئولين عن هذ الخطر الذي نكشف تفاصيله خلال هذا التحقيق في السطور التالية.. ويكشف محمد محجوب مدير عام منطقة القاهرة القديمة والفسطاط تفاصيل التعديات على منطقة مصر القديمة وخصوصًا مجمع الأديان ويقول: إن أول تعد كان لرجل أعمال والمالك لأشهر بازارت منطقة مصر القديمة ومالك لتلك العقارات والذي أزيلت له منذ سنوات مخالفات بناء مشابهة، بدأ حين حصل على موافقة من هيئة الآثار في 9 82010م، لعمل مظلة فوق سطح العقارات المالك لها للحماية من حرارة الصيف وأمطار الشتاء، لكنه بدلاً من عمل مظلة قام ببناء دور، وتم عمل محضر مخالفة في 12 122010م ثم قرار إزالة في 6 يناير 2011م، واستمر في التعدي بعد أحداث الثورة على العقارات 4 و 6 و 8 في حارة "الست بربارة" المواجهة لكنيسة "القديس أبو سرجة" الأثرية، ورفع العقار لأربعة ادوار مخالفة وقبلها كان دورين والذي أصبح حاليًا كل منهم مكون من ستة أدوار، وقام بالتعدي بالبناء على العقارات بأرقام 4 و16 و24 بحارة "دير مارجرجس" بمصر القديمة، وقد صدر قرار إزالة رقم 650 في 4 52011 م. وحدث التعدي أيضًا على العقارات 1 و3 بحارة "مارجرجس"، فقد كان العقار مكونًا من دور واحد، بينما قام بالتعدي ببناء ثلاثة طوابق فوق الأراضي استغلالاً لأزمة الانفلات الأمني، وقد تم عمل قرار إزالة 2624 بتاريخ 20 112011 م، كما قام بالتعدي على العقار رقم 5 حارة "مارجرجس" ، وتم الحصول على قرار إزالة برقم "290". وقد تم اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة طبقًا لنص القرار والتي قد سلمت لكل من الجهات المختصة حتى يتم تنفيذها، والتي لم تفعل حتى لأن بسبب الاضطراب الأمني في البلد. كما يؤكد محجوب أن حالة الانفلات الأمني التي أعقبت ثورة 26 يناير تسببت في تفاقم ظاهرة التعديات على أراضي الدولة والمناطق الأثرية وخصوصًا في القاهرة القديمة ومنطقة مجمع الأديان التي لم يكن أحد يتجرأ على هذه المنطقة من قبل مشيرًا إلى تعرضها للعديد من مخالفات البناء التي من الصعب إزالتها في الوقت الحالي خصوصًا مع عدم استقرار الأوضاع في البلاد. ويضيف محجوب: إن المشكلة زادت سوءًا حين سمحت إدارات المرافق بدخول الخدمات من كهرباء ومياه ولم يمانعوا، لكن لا بد من محاسبة أي مسئول بتلك الإدارات قام بالموافقة على دخول المرافق لمباني غير مرخصة قانونيًا، وكذلك محاسبة أي من أصحاب تلك العقارات قام بسرقة توصيلات. وفي الوقت نفسه يشير محجوب إلى ما قامت به المنطقة الأثرية من كل الإجراءات القانونية اللازمة ضد هذه التعديات حيث تم إرسال قرارات الإزالة إلى الجهات المعنية سواء لمحافظة القاهرة او لشرطة السياحة ومدير أمن القاهرة وكذلك قسم مصر القديمة. مسئولية محصورة وفي السياق نفسه يشير الأثري هاني صادق مدير المتحف القبطي بمنطقة مصر القديمة إلى الخطر الجسيم الذي يهدد أمن المتحف من جراء تلك التعديات في ظل الغياب الأمني وعدم استقرار البلاد خصوصًا أن تلك العقارات مواجهة وملاصقة للمتحف ولا يملك أن يتخذ أي إجراءات بخصوصها حيث إنه كمدير للمتحف مسئوليته محصورة في داخل أسوار المتحف، أما خارج المتحف فيكون من اختصاص قطاع الآثار الإسلامية والقبطية. ويضيف صادق: إن من الممكن لأي شخص من الخارجين على القانون أن يستخدم المبنى أو سطحه للقيام بأي فعل يهدد أمن المكان، ولأن المتحف محاصر بالارتفاع بتلك العقارات، وكذلك العقار الموجود بشارع "مارجرجس" بجوار محطة المترو لافتًا إلى أن تشوه المشهد الجمالي بالضرر الذي أدى إلى حجب بانوراما المتحف من جراء تلك التعديات بالمباني وسط العمارة الأثرية مما يعوق على الزائرين مشاهدة مجمع الأديان والقباب بالمنطقة من حولهم وهم بداخل المتحف. وفي الوقت نفسه يتفق معه في الرأي محسن سيد على رئيس الآثار الاسلامية والقبطية الذي يؤكد أن هذه التعديات وسط العمارة الأثرية يمثل خطورة كبيرة على أمن المتحف القبطي خصوصًا بعد أن أصبح المتحف مكشوفًا مشيرًا إلى أن من السهل على البلطجية أن يستخدموا تلك أسطح تلك المباني المخالفة للقانون على المتحف بالرغم من حالة التأمين الجيدة فيه خصوصًا في ظل حالة الفوضى والانفلات الأمني في كل مكان مما يسهل عملية اقتحامه من قبل الخارجين على القانون والمخربين.