أما محافظات الحدود فهي الأقل وذلك يعود لانخفاض الكثافة السكانية بها وسيادة القبيلة والعشائر بها، كما أكدت الدراسة أن 56 %من النصابين يقومون بعمليات النصب بمفردهم، بينما 34% يقومون بعمليات النصب بمساعدة غيرهم. د. إيمان شريف أستاذ علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية تقول: إن جريمة النصب يرتكبها النصاب والمنصوب عليه.. وعادة ما تكون شخصية النصاب "سيكوباتية" أي لديه كثير من الانحرافات، وأهم ما يتصف به الميل إلي خرق القوانين والنظام وكسر القواعد، كما أنه يميل إلي العدوانية، لكنه في الوقت نفسه لديه من المهارات و"الفهلوة"والذكاء وسرعة البديهة والحركة ما يجعله يخدع الآخرين، خاصة أنه في الأغلب يكون من النمط الانبساطي الذي يتسم بخفة الظل ويوظف كل هذا في النصب والاحتيال علي الناس، لكن ليس كل الأفراد، فهناك بعض المواطنين لديهم الشعور بعدم الرضا وعدم القناعة مع طمع وجشع وعدم ثقة بالنفس بأن لديه قدرات تؤهله لاستثمار أمواله بطريقة شرعية مع فقدان الصبر، فضلاً عن الاستعجال علي الرزق والربح وتحقيق الثراء وعدم تذكر أن الرزق بيد الله، وعدم الشعور بقيمة المال. وأضافت أن الظروف الاقتصادية جعلت القيمة الشرائية ضعيفة في ظل العولمة والثقافات الغربية، حيث انقلب الهرم القيمي للمجتمع ككل، مع وجود أزمات اقتصادية تسببت في عدم تلبية الفرد لاحتياجاته الأساسية. وأضافت د.إيمان: إن الشباب انصرف عن إقامة المشروعات الصغيرة لفقدان الثقة في الغير والمسئولين وبسبب حالة اليأس التي وصلوا إليها، وخوفهم من التعقيدات والروتين، لهذا يقع الفرد من هؤلاء فريسة سهلة للنصابين ويسهل الاحتيال عليه، خاصة عندما يصدق القول مع شخص أو آخر بأن يعطيهم أرباحاً طائلة علي أموالهم فيصدقه الآخرون بعد أن يقعوا في الفخ. وتضيف أنه يجب أن يعاد النظر في تنشئة الصغار داخل الأسرة كمؤسسة تربوية وداخل المدرسة بجميع مراحلها كمؤسسة تربوية وتعليمية، مع تفعيل دور أماكن العبادة والإعلام لإلغاء فكرة "الحصول علي المليون الأول"و"الفلوس تجيب فلوس"كما يقول كثير من الشباب، مع توضيح المفهوم الصحيح لصعود السلم درجة درجة بالصبر والكفاح والاجتهاد، وضرورة وضع تيسير لإقامة مشاريع مربحة تضمن لهم أموالهم وحياة كريمة مليئة بالأمان بعيدة عن النصب. الثراء السريع د. أحمد أبو العزايم استشاري الطب النفسي يقول: إن أسباب جرائم النصب والاحتيال عديدة ومتعددة الوسائل، وإن أغلب الضحايا من "الطماعين"والمتطلعين إلي الثراء السريع، ولديهم طموح زائف لأنه لا يستند إلي منطق، بالإضافة إلي عدم الاستقرار النفسي الذي يصيب الضحية، والنصابون يستغلون تلك الحالة في الضحايا. فالشخص الذي يلجأ إلي النصابين لديه دائماً شعور بالحرمان واختلال المفاهيم ونقص في الوعي الديني والأخلافي، لذا فإن عمليات النصب لا تنتهي مادام الاحتياج موجوداً. وطالب د. أبو العزايم بضرورة تكثيف الإرشاد النفسي في المدارس والمساجد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. د. فتحي الشرقاوي أستاذ علم النفس جامعة عين شمس يري أن الدراسات العلمية التي أجريت علي شخصية النصاب أظهرت أنه يتسم بشخصية جذابة ومرنة وذكاء تصل درجته إلي أكثر من 100%، وهذا يضعه في فئة العباقرة، كما أظهرت ارتفاع كفاءة عملياته العقلية العليا مثل الاستنتاج والاستقراء والاستنباط والاستدلال في لحظات معدودة. أما الضحية فأثبتت الدراسات أنه يتسم بالطمع والجشع ويهوي استغلال الآخرين، لهذا ينجح النصاب مع هذه الشخصية.. وأضاف أن الكثيرين من الناس فقدوا الثقة في المؤسسات الحكومية التي تضع فائدة منخفضة في أغلب أرباحها. ويقول العميد شكري نجيب من الإدارة العامة لمباحث القاهرة: من المعروف أن النصاب يتم تصنيفه في المرتبة الأولي بين المجرمين لما يتمتع به من ذكاء يفوق تفكير الضحية، فأغلب الجرائم تتسم بالغدر والعدوان، والضحية يقع فريسة سهلة للنصاب فيقدم له أمواله بيده وربما يتوسل إليه ليأخذها..حيث يظل الطمع وحلم الثراء السريع والثروة والجاه والسلطان هو القاسم المشترك في جرائم النصب والاحتيال. ويضيف نجيب أن النصاب شخص عادي، لكنه ذو مواصفات خاصة يستطيع من خلالها الإيقاع بضحاياه الذين يلهثون خلفه لجمع الملايين وربما المليارات، وهو يسخر من سذاجتهم وبمنتهي البرود والهدوء يعطيهم ظهره ثم يختفي لتبدأ الصدمة بحالة من عدم التصديق والبكاء علي شقاء العمر الذي ضاع في "غمضة عين" ، أما الضحية فلا يجد من يساعده للحصول علي أمواله بعد فوات الأوان. ويشير العميد شكري نجيب إلي تعدد طرق النصب ووسائل الاحتيال في الآونة الأخيرة فمنها قضايا توظيف الأموال والنصب والاحتيال علي راغبي السفر للعمل بالخارج وغيرها الكثير والكثير، لكن الجريمة واحدة وهي "النصب"، الذي كثر في أكثر من منطقة في مختلف المحافظات لتبقي عقوبة النصب والاحتيال في نظر القانون الحبس مدة لا تزيد علي ثلاث سنوات باعتبارها جنحة، وهو ما يغري الفاسدين بالاستيلاء علي هذه الأموال ثم الهروب بها أو قبول الحبس كعقوبة غير رادعة، ثم بعد ذلك يتمتعون بالأموال المستولي عليها، ولأن أصحاب النفوس الضعيفة يجدون لذتهم ومبتغاهم في العدوان والنصب والاحتيال علي الآخرين بنصب شباكهم علي ضحاياهم لسلب ما يمتلكونه وربما هم لا يحتاجونه لكنها عادة الخبثاء وطريقة الأشرار في عالم الجريمة.