قبل أيام قليلة قرأت كتابا يتعلق بهذا الموضوع وعنوانه ( التاريخ المحرّم ) وهو مترجم إلى العربية أو جرى اعداده بترجمة مهلهلة،ولكن المحتوى الموجود يبدو مثيرا للاهتمام، وفكرته تقوم على أن الكثير مما وصلنا عن تطور البشرية هو محض اختلاق، أو صيغ بطريقة تضليلية للبشر، وأن نظريات الانسان الأول وتطوره من قرد حسب النظرية الداروينية - عبر العصور الحجرية والحديدية وصولا إلى يومنا هذا مسألة تحتاج إلى مراجعة شاملة، وأن علماء المستحاثات والجيولوجيا ايضا قد اخطأوا كثيرا في تقديراتهم لعمر الأرض ولوجود الانسان عليها، وعلى اية حال فإن المسألة المثيرة التي لفتت انتباهي تتعلق بالتكنولوجيا والتطور البشري فيها، فالكتاب يقول بأن البشر كانوا قبل آلاف السنين على قدر عال من التطور في مجال الصناعات والتقنيات والعمارة، ولكن امرا هائلا قد حدث، يشبه الطوفان على مستوى الكرة الأرضية كاملة قاد إلى تدمير هذه الحضارات الراقية وما وصلت إليه، وبالتالي اضطر الذين نجوا من هذه الكارثة إلى البدء من جديد، ويدلل الكتاب على ذلك بأمثلة كثيرة من الآثار الماثلة اليوم والتي تعود إلى آلاف السنين، فلا احد يعرف بالضبط كيف بنيت،وما هي الأسس المعمارية التي قامت على أساسها، وكيف تم قطع الحجارة الضخمة ونقلها مئات الأميال إلى الأهرامات مثلا، وهناك آثار لمدن في أميركا اللاتينية معلقة في الجبال الشاهقة، ولا توجد طريقة تكنولوجية إلى يومنا هذا يمكن ان تصنع معمارا مشابها، فأضخم رافعة عرفها البشر هذه الأيام لا تستطيع رفع حجر واحد من تلك الحجارة، لا بل لا يمكن لأبرز معماري في العالم اليوم ان يقول لنا كيف تم لصق تلك الحجارة معا دون مواد، وبطريقة صقيلة بحيث لا يمكن وضع شفرة حادة للمرور بين حجرين، فكل النظريات التي قيلت عن بناء الأهرامات المصرية ما تزال مجرد محاولات لمعرفة الحقيقة لم ترق إلى اعتبارها صحيحة، وهناك أيضا بقايا صناعات مذهلة مثل ( الجماجم الكريستالية ) التي لم يستطع اي مصنع للكريستال في العالم اليوم من صناعة جزء منها، ولا في فهم تلك الآلات والمواد التي ساهمت فيها، أما مخلفات الحضارات السابقة من علوم الفلك فهو امر مذهل، ولنا ان نتصور ان التقويم الذي خلفته حضارة المايا ما يزال صالحا إلى اليوم ، ويتنبأ بأحداث فلكية ومصيرية مستقبلية، وهو الذي انجز قبل آلاف السنين، وبالطبع هناك امثلة بالمئات عن بقايا صناعات او مواد او انجازات لحضارات متطورة كانت موجودة ذات يوم هنا وعمرت طويلا ثم بادت...! الكثير من الكتب انشغلت أيضا بحضارة الأطلنطس الغارقة في الطوفان الشهير، وانها كانت قد وصلت مرتبة عالية من التطور، والكثير من الأفلام قد انجزت عن تلك الحضارات سواء كانت روائية خيالية او وثائقية رزينة، والمهم في الأمر ان ديننا الحنيف لا يرفض فكرة ان بعض الحضارات السابقة كانوا أشد منا قوة وانهم عمروا الأرض اكثر مما فعلنا، وأنّ الله تعالى مكّن لهم اكثر مما مكّن لنا، وهذا موجود في صريح القرآن الكثير، ولا بأس من التذكير هنا بالمقولة الشهيرة وهي أن التاريخ يكتبه المنتصرون، وبالتالي يمكن لهم ان يبدّلوا ويزيدوا ويؤولوا كما يشاؤون، وعليه فإن البشر بحاجة اليوم إلى من يعيد لهم كتابة تاريخهم الحقيقي ويفسر لهم ما وصل اليه اجدادهم من تطور، لا ان يستمروا بترديد تلك الاسطوانة المملة عن الانسان الاول الأقرب إلى الحيوان، وأننا اليوم قد وصلنا إلى قمة العلوم، والله يقول ( ولقد كرمنا بني آدم) وأيضا قد سخر لنا كل الكون من أجل هذا التكريم...! ------ [email protected]