لا تزال المنتخبات الإفريقية المتأهلة إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا تضع ثقتها في المدربين الأجانب القادمين من أوروبا وأميركا الجنوبية، أملا منها بتحقيق أفضل النتائج تحت إمرتهم، مقابل تهميش الكفاءات المحلية حتى وإن كان المدرب الوطني هو صاحب انجاز التأهل، ورغم أن المدرب الأجنبي نال البطولة في 14 دورة مقابل 13 للمدرب المحلي أي بفارق بطولة واحدة، كما أن المدرب الأجنبي غائب منذ عام 2004 حيث توج منتخب تونس باللقب تحت قيادة الفرنسي روجي لومير، وبعدها قاد المعلم حسن شحاتة فراعنة مصر الساجدين لإحراز الكأس ثلاث مرات متتالية، فى انجاز لم يحققه أي مدرب أجنبي - أو حتى وطنى - حتى الآن. ولا يزال البعض يعتبر انجازات شحاتة والجوهري مع المنتخب المصري، وانجاز عبد الحميد كرمالي مع المنتخب الجزائري ، وأيو مارسيال مع كوت ديفوار، وتشارز جيامفي مع غانا، مجرد ضربة حظ ليس إلا رغم أنها تكررت مراراً وتكراراً ليواصل السحرة البيض سيطرتهم على خريطة الإدارة الفنية للمونديال الإفريقي، والبطولة الحالية التي تقام مناصفة بين الجابون وغينيا الاستوائية ستكون نسخة طبق الأصل تقريبا من سابقتها التي جرت في انجولا قبل عامين، بوجود 10 مدربين أجانب مقابل 6 فقط أفارقة، واللافت للانتباه أن أغلب مدربي المنتخبات ال 16 - سواء المحليين أو الأجانب - جدد يخوضون منافسات كأس أمم إفريقيا للمرة الأولى في مشوارهم التدريبي، ليحلوا محل الحرس القديم الذي ظل متواجداً في هذه المنافسة على مدار سنوات وسنوات أمثال محمود الجوهري وحسن شحاتة، والجزائري رابح سعدان، والفرنسيين كلود لوروا وهنري ميشيل، والألماني أوتوفيستر، وأسماء أخرى خلدت في ذاكرة الامم الأفريقية بحضورها المستمر، وباستثناء زامبيا أقدمت بقية المنتخبات التي كانت حاضرة في بطولة أنجولا على تغيير مدربيها. ورغم وجود مدارس عالمية مختلفة من البرتغال والبرازيل وأوروبا الشرقية لكن الحضور الأبرز يبقى دوماً للمدرسة الفرنسية بوجود أربعة مدربين. المجموعة الأولى: يبدو فيها الحضور الواضح لأصحاب البشرة البيضاء، فباستثناء المنتخب السنغالي - أحد المرشحين للفوز باللقب والذي فضل الاعتماد على كفاءاته المحلية مع المدرب أمارا تراوري الذي يشارك هو أيضا للمرة الأولى وذلك بعد انتكاسة أسود التيرانجا مع عدد من الأجانب -، فإن بقية المنتخبات الثلاثة فضلت أصحاب البشرة البيضاء، فليبيا - التي تشارك للمرة الأولى بعد نجاح الثورة- فضلت الاستمرار مع البرازيلي ماركوس باكيتا الذي كان مع المنتخب في التصفيات وحقق معه التأهل رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها، ورغم أن باكيتا يعد من المدربين المخضرمين إلا أنه لم يسبق له أن شارك في المونديال الأفريقي، أما المنتخب الزامبي و أملاً منه بتحقيق نتائج أفضل من تلك التي سجلها قبل عامين بوصوله إلى الدور الثاني فقد استعان بالفرنسي هيرفي رونار الذي بدأ الموسم الحالي مع نادي اتحاد العاصمة الجزائري قبل أن يتركه للمشاركة في العُرس الإفريقى لثالث مرة على التوالي بعدما كان مساعداً لمواطنه كلود لوروا مع منتخب غانا في 2008 ثم مدرباً لزامبيا في 2010 لذلك يُعد حاليا من خبراء هذه البطولة، من جهته لجأ اتحاد غينيا الاستوائية - البلد المنظم- إلى البرازيلي جيلسون باولو لخلافة الفرنسي هنري ميشيل الذي استقال قبل أسابيع من منصبه، ويمتلك جيلسون تجربة كبيرة كمدرب في بلاد السامبا لكنه يفتقرها في القارة السمراء التي يعمل فيها لأول مرة على هذا المستوى العالي. المجموعة الثانية: تختلف عن الأولى بوجود ثلاثي محلي مقابل أجنبي واحد، فمنتخب ساحل العاج وبعد سنوات طويلة من الاعتماد على مدربين أجانب عالميين مثل السويدي زفين جوران ايريكسون والفرنسي هنري ميشيل، ولم يحصد اللقب سوى مرة واحدة مع أيو مارسيال عام 1992 في السنغال، اختار التخلي عن سياسته، والاعتماد على المدرب الوطنى فرانسوا زاهوي في أول تجربة له هو الآخر، وهو الذي كان حاضراً في أمم أفريقيا في المغرب عام 1988 كلاعب، ولأن أفيال كوت ديفوار في أفضل أحوالهم، بعد تحقيقهم العلامة الكاملة في التصفيات، فإن الهدف هو نيل اللقب وتعويض فشلهم في انجولا على يد المدرب البوسني وحيد خاليلوزيدش، وبدوره لجأ المنتخب الأنجولي إلى الإطار المحلي جوزي فيديجال ليتو الذي خلف البرتغالي مانويل جوزي الذي قاد الفريق إلى ربع نهائي نسخة 2010، أما المنتخب السودانى الشهير ب "صقور الجديان" فسيكون مرة أخرى تحت إشراف السوداني الشهيرعبد الله مازدا الذي يعد بمثابة الأب الروحي للمنتخب، ويعرف جيداً خباياه وأسراره التي يجهلها أي مدرب أجنبي آخر، ولجأ المنتخب البوركيني إلى المدرب البرتغالي باولو دوارتي الذي أصبح يمتلك تجربة هامة في الملاعب الأفريقية باعتباره يعمل هناك منذ سنوات حيث كان حاضرا في التصفيات المزدوجة لعام 2010، ويجسد غزو المدرسة البرتغالية في الأعوام الأخيرة للمنتخبات والأندية في القارات الخمس بعد النجاح الباهر لمواطنه مورينهو ومانويل جوزيه وكارلوس كيروش وآرتور جورج. وفي المجموعة الثالثة نجد ثلاثة أجانب مقابل وطني واحد، إذ اختار الاتحاد الجابوني المدرسة الألمانية لقيادة الفهود السوداء، ممثلة في المدرب جيرنوت روهر في أول تجربة له من هذا النوع بعدما اقتصرت تجاربه السابقة على التدريب في بلده وخاصة في فرنسا حيث إشراف على أندية نانت وبوردو ونيس، وستكون على عاتقه مسؤولية تحقيق نتيجة أفضل من تلك التي حققها سلفه الفرنسي آلان جيراس وهي بلوغ المربع الذهبي، ويراهن المنتخب المغربي على المدرب الأجنبي لاستعادة مجده مثلما كان عليه الحال في أغلب مشاركاته السابقة ال 14، حيث سيقوده هذه المرة البلجيكي إيريك جيراتس، وهو الآخر سيشارك في البطولة للمرة الأولى في تاريخه التدريبي على اعتبار إنه لم يسبق له أصلا أن عمل في القارة السمراء ومهمته هي التتويج باللقب خاصة أنه يُعد واحداً من أفضل المدربين المتواجدين في بطولة هذا العام، أما النيجر ورغم الانجاز التاريخي الذي حققه بقيادة المدرب الوطني هارونا دوالا جابدي ببلوغ النهائيات للمرة الأولى على حساب الفراعنة المصريين، واختياره كأحسن مدرب في إفريقيا، فإن ذلك لم يشفع له وقرر الاتحاد النيجري الاستعانة بالمدرب الفرنسي رولان كوربيس، مع الاحتفاظ بدوالا ليكونا جنباً إلى جنب في دكة بدلاء منتخب النيجر، وعلى عكس الجابون والمغرب والنيجر؛ اختار الاتحاد التونسي التخلي عن سياسته المعهودة في الاعتماد على الأجانب بعد الإخفاقات المتتالية لنسور قرطاج تحت قيادتهم مع الفرنسيان روجي لومير وبرتران مارشان والبرتغالي امبرتو كوليلهو، وفضل منح الفرصة هذه المرة للمدرب الوطنى سامي الطرابلسي بعدما نجح معهم في التصفيات وفي بطولة أمم إفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين ليحل محل مواطنه فوزي البنزرتي الذي يوفق عام 2010 وخرج من الدور الأول، ولم يسبق للطرابلسي أن خاض البطولة الإفريقية كمدرب لكنه خاضها كلاعب. فيما يطغى الحضور الأجنبي على المجموعة الرابعة، بوجود الصربي جوران ستيفانوفيتش على رأس الإدارة الفنية للمنتخب الغاني خلفا لمواطنه رايفاتش الذي قاده إلى النهائي في النسخة السابقة، وإلى ربع نهائي مونديال جنوب إفريقيا، ما يجعل مهمته صعبة في الحفاظ على هذا المستوى خصوصاً أن منتخب النجوم السوداء مرشح فوق العادة للقب بترسانة النجوم التي يتوفر عليها والتي تتمتع بتجربة قارية هامة في وقت يفتقد ستيفانوفيتش لها على اعتبار أن يشارك هو الآخر لمرة الأولى، عكس الفرنسي آلان جيراس الذي كان حاضراً في أنجولا على رأس المنتخب الجابوني، واليوم هو يشرف على منتخب مالي بينما يتولى مواطنه ميشيل دوسير مهمة الإشراف على غينيا خلفا لروبرت نوزاري، ورغم أن دوسير يعمل في القارة السمراء منذ سنوات إلا أنه لم يسبق أن خاض النهائيات في حين يقود البوتسواني ستانلي تشوسان، وهو الذي نال جائزة ثاني أفضل مدرب في القارة من قبل الإتحاد الإفريقي بعدما حقق انجازاً تاريخياً بالوصول بمنتخب بلاده للمرة الأولى إلى هذه النهائيات. ومثلما ستكون المنافسة شديدة بين المنتخبات حول اللقب فان صراعاً آخراً سيكون بين مختلف المدارس التدريبية من جهة وبين المدرب الأجنبي ونظيره الإفريقي من جهة أخرى، هذا الأخير المطالب بالحفاظ على الانجازات التي حققها المعلم المصري حسن شحاتة والحفاظ على مكانة أصحاب البشرة السمراء فى عالم التدريب... وفي ما يلي أسماء المدربين الذين فازوا بكأس القارة السمراء: 1957 مصر (مراد فهمي) 1959 مصر (المجري تيتكوش) 1962 اثيوبيا (اليوجوسلافي ميلوسيفيتش) 1963غانا (تشارلز جيامفي) 1665غانا (تشارلز جيامفي) 1968الكونجو كينشاسا (المجري فيرنك شاناد) 1970 السودان (التشيكي ييري شتاروشت) 1972جمهورية الكونجو (امويين بيبانزولو) 1974 الزائير (اليوجوسلافي بلاجوخوي فيدينيتش) 1976 المغرب (الروماني جورج مارداريسكو) 1978غانا (فريد اوسام ديودو) 1980نيجيريا (البرازيلي اوتو جلوريا) 1982غانا (تشارلز جيامفي) 1984الكاميرون (اليوجوسلافي رادي اوجنانوفيتش) 1986مصر (الويلزي مايكل سميث) 1988الكاميرون (الفرنسي كلود لوروا) 1990الجزائر (عبد الحميد كرمالي) 1992ساحل العاج (يوو مارسيال) 1994نيجيريا (الهولندي كليمانس ويسترهوف) 1996جنوب افريقيا (كليف باركر) 1998مصر (محمود الجوهري) 2000الكاميرون (الفرنسي بيار لوشانتر) 2002الكاميرون (الالماني فيلفريد شايفر) 2004تونس (الفرنسي روجيه لومير) 2006مصر (حسن شحاتة) 2008مصر (حسن شحاتة) 2010مصر (حسن شحاتة)