عجيبةٌ هى الدنيا! لم تُعطِ من يهوى مناهُ؛ كأن شِعارَها أن تجمعَ بين الأضدادِ، وتجعل من البعيدِ قريبًا، وتضربُ بينها وبين القريبِ سياجًا من نارٍ تكوى فى كلِّ آنٍ؛ وتعيشُ بعضُ النساءِ فى قصورٍ لها طعمُ القبور ورائحتها، ويخيل إليهن أن فُرشها ضربًا من (...)
ما أعجبَ الدنيا حين تجملُ شيخاً بظرفٍ كظرفِ الأطفال! فقد سكبَ اللهُ في قلبِ أبي معاني الرِّقةِ والحنانِ سكباً لا مثيل له، حتى شعرنا جميعاً أنه أصغرنا، وقد رأيتُ أبي من الذين أنعم اللهُ عليهم بأن جعل لهم أبناءَ قرَّتْ بهم عينه، وتلك من حقائق السعادة (...)
الآنَ فهمتُ أكثر من ذي قبل أن البعضَ من المصريين لايزالُ بهم بقيةٌ من فرعنة قديمة، وبينهم وبين اليهودِ وشائجُ كامنةٌ بحكم المعاشرة قديماً، تحتاج هذه الوشائجُ لمجرد الضغط عليها فتطفو على سطح السلوك، أو هي كامنة في النفس كمون الطيب في العود، فإذا ما (...)
حين أقدم العسكر على انقلابهم العفن أهانوا المجتمعَ كاملاً، وحين اهتزت الأرضُ ومادتْ تحت أقدامهم سارعوا بفض رابعة والنهضة على نحوٍ بربري ليس له سابقة عهدٍ، والوحشية والقتل والقمع والقوانين سيئة السمعة تعبر عن فقد الثقة، وأن الأمور خارج السيطرة، فمهما (...)
ويوشكُ نصفُ قرنٍ أن ينفرطَ عقده، ولم أشاركْ في انتخاباتٍ، ولم أدركْ لصوتي قيمة إلا بعد ثورة يناير، وكنتُ حريصاً على أن يصاحبني صغيري ليرى المشهد فلعله ينعم بأجواء حرية أفضل من أبيه التعس، وكنتُ أحادثه وهو في الإنصاتِ مستغرقاً ومستمتعاً، ولما بادرني (...)
بقلم: أحمد الحارون
......
إليكِ .. يا مَنْ
لملم القدرُ شملنا
ورمَّمَ الهوى خطانا المبعثرة
أنتِ من أنتِ؟
من أيِّ الفضاءات جئتِ؟
بحثتُ عنكِ كثيرا فلم أجدك
لكنه قدري .. فنعم القدر
يا فطرةَ لم تنتكس
ويا حامدةً على العدم
قليلكِ لا قِبلَ لنا بشكره
ويا (...)
فرأتُ في باكورة الشباب مقولةً لا أتذكر قائلها، لكنها حفرتْ أخاديدَ في وجداني، وتطفو على سطح أيامي في كلِّ حين، ألا وهي: "نهضةُ أيِّ شعبٍ مرهونةٌ بفئتي العلماء والقضاة"، وفهمت آنذاك أن فئة العلماء قد تشمل عالِمَ الدين وعالِمَ الدنيا، فالأولُ يؤلِّفُ (...)
قذف أحمد قلمه بعيداً، أرخى نظارته، راحت عينه تطرقُ زجاجَ نافذةِ مكتبه ليرى ضوءَ الشمس، أصبح من خلاله لا يحتاج إلى ساعةٍ، لمح أصيلاً يخيمُ على نهاره، قذف أرقامه في دفاتره التي تأكل أيامه جمعاً وطرحاً وضرباً، خرج مغاضباً تاه وسط زحام أفكاره، تحسس (...)
يُعَدُّ العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام، وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية، حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط أي العدل بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا (...)
الآن فهمتُ أكثر من ذي قبل أن البعضَ من المصريين لايزالُ بهم بقيةٌ من فرعنة قديمة، وبينهم وبين اليهود وشائجُ كامنة بحكم المعاشرة قديماً، تحتاج هذه الوشائجُ لمجرد الضغط عليها فتطفو على سطح السلوك، أو هي كامنة في النفس كمون الطيب في العود، فإذا ما اتصل (...)
اعلم يا صديقي أن الدنيا ليستْ ما يمنحُه لكَ غيرُك، ولا ما تنالُه من حظِّ نفسك، ولا ما يؤولُ لك عبر الميراثِ دون عناءٍ، بلْ قيمتك تقاسُ بمقدار ما تمنحه أنتَ للآخرين، وإن لم تزدْ على الدنيا بحسن فِعالك كنتَ أنتَ الزائدُ عليها، وإنْ لم تتركها على وجهٍ (...)
ما أعجبَ الدنيا حين تجملُ شيخاً بظرفٍ كظرفِ الأطفال! فقد سكبَ اللهُ في قلب أبي معاني الرِّقةِ والحنانِ سكباً لا مثيل له، حتى شعرنا جميعاً أنه أصغرنا، وقد رأيتُ أبي من الذين أنعم اللهُ عليهم بأن جعل لهم أبناءَ قرَّتْ بهم عينه، وتلك من حقائق السعادة (...)
لم يحالفه الصواب من ظنَّ أن الحراكَ الثوري في مصرَ هو ردُّ فعل على الانقلاب فقط، وأخطأ بحسن نية من يعتقدُ أن عودة مرسي والشرعية التي ينادي بها مناهضو الانقلاب ستحلُّ المعضلة، ربما قد تحلها جزئياً أو مرحلياً، فغاية أهل الشرعية عودة الآليات التي (...)
المعانقة بين ذئبٍ وشاةٍ، لا يخرجُ منها عهدٌ...بل معنى نكث العهدِ في كل آن، ونقض الشرطِ في كلِّ شرطٍ، هى الهبوطُ المسمى نهضة، وهي الاستسلام المسمى سلام، وهى كسوة الذلِّ على عوراتٍ فجةٍ مكشوفةٍ ، كلما سترتها ازدادتْ تعري. فلا يمكنُ أن يدومَ سلامٌ بين (...)
في ميدان التحرير... تعالتْ صيحاتُ المظلومين، وحَّدهم القهر، وقادتهم المعاناة، ومِنْ بعضِهم استمدوا الإرادة واستدانوا القوة، فكان المشهدُ مهيباً، رأيناهم يتحررون من أغلالهم، ويحطِّمون أبوابَ القُصور الموصدة، والتي زعموا أنها غير قابلة للتحطيم،كتبَ (...)