حين أقدم العسكر على انقلابهم العفن أهانوا المجتمعَ كاملاً، وحين اهتزت الأرضُ ومادتْ تحت أقدامهم سارعوا بفض رابعة والنهضة على نحوٍ بربري ليس له سابقة عهدٍ، والوحشية والقتل والقمع والقوانين سيئة السمعة تعبر عن فقد الثقة، وأن الأمور خارج السيطرة، فمهما بالغ القضاء في أحكامه لن يهدأ الثوار، وكلما ازدادوا قمعاً زادتْ شريحة مناهضي الانقلاب، ومهما تغنوا بشرعيةٍ يحاولون بسطها من خلال دستور لقيطٍ لا يُعرفُ له نسباً، أو مهزلة انتخابية يديرها العسكر وأبواق دعايته، فهذا كله عاجلاً وآجلاً ستنسفه مكنسةُ الأحرار، وسيُرمى بهم ودستورهم عبر صناديق القمامة. وسيكتبُ التاريخ ويسجل اليوم أن صناديق العسكر ستفتح فوهاتها لتخيفَ من لا يخاف، وترهبَ من لا يُرهب، وتعلن أننا نعيش أحلك أيام الإفك، وسيأتي عمرو بابا والخمسين حرامي أرباب الدستور خلف إعلام مسليمة ليتغنوا على خارطة طريق لا معالم لها، فهم يتكلمون عن ديموقراطية لا يعرفونها، وعن حقوق إنسان يُقتل ويُسحل ويُحرق أمام العيان، يتسولون الناس لينزلوا، ويصورون بعدساتٍ من يرقصوا، وكأن شعار المرحلة: (التزوير والتعذيب) وكان أولى بهم إلغاء الانتخابات وتوفير نفقاتها، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس، إنه الغباء الذي يدفعهم إلى إنفاق ملايين الجنيهات وإشغال المصريين، واستنفار الشرطة ورجال القضاء، لعرض تمثيلية ملتها الناس، ولم يعودوا يجدون فيها أي عنصر للتشويق فضلا عن الإثارة. فالنتيجة محسومة وبنجاح ساحق لمهندس الانقلاب، ولا أمل في تغيير أو تداول مع عسكر لم يذوقوا يوماً نسيم الحرية، فلا للأصوات الغاضبة قيمة، ولا لحراك الثوار في الشوارع وزناً، وعما قليل سيهدأ الجميع أو هكذا يصور لهم غباؤهم وبطانتهم الفسدة، وهيا لندلي بوطننا فى بئر الديموقراطية السحيقة، فشعبنا الجاهل لم يُفطمُ بعد، ومازالنا في كي جي ون، ولا يعرف الألف من كوز الدرة، وسيبارك جمعة والطيب، وخلفهم برهامي وعصابته يقولون: آمين، ويدوي إعلام عكاشة فيتعكشنُ ويتشدق، وتصرخ (حمالة الحطب) مدعية وزوجها (أبو لهب) النزاهة والشفافية، وإقبال البائسين، ورقص متسكعي النواصي والأزقة، وعزف جالسى المقاهى وشاربى الشيشة، وساندي أعمدة الكهرباء المتهالكة، أما المواطنون الشرفاء فسيجدون يوماً خصباً لجيوبهم علها تنتفخ، ول سنجهم وسيوفهم ... لتلمع من جديد بعد أن علاها الصدأ، ولا مانع بأن يُطلى الوجهُ بصورة، ويُشدُّ الخصر بقماشة علامة ستر العورة أو إتقان هز الوسط. وسيحظى بعضُ المتسولين على وجباتٍ جاهزةٍ، وينالُ الحاذقُ منهم أكياساً من لحوم الوطن المسلوخ بحجم معدته وأطول من أمعائه، أما من بُح صوته أو باعه فربما نال ظرفاً به جنيهات بلا غطاءٍ ومسروقة منه سلفاً. ويهلُّ علينا قاضي القضاة، ويبدو عليه أنه من الاختلال والانقلاب موزوناً، لكنه ... جِيئ به من سبأ ب نبأٍ قائلا: وأفرزت النتائج غائطاً من الأفواه ممجوجاُ، واكتساحا منقطع النظير، وقد عدنا لسابق عهدنا من التزوير، ثم تدوي الزغاريد على أنغام طائرة، تجول سماء القاهرة، بِنَهودٍ ظاهرة، وراقصةٍ وشاعرةٍ، وأطرافٍ كحيلة ل ابن يوسف الحيلة ، وأغصان بانٍ ولبان من سما وصافي، علها تتلوى أو تنثني أو تُلاك، أو تملأ الشاشة صواتاً وعويلاً وردحاً بدعوى الإرهاب. ويوصي كلُّ وزير أن يكسر الزير وراءَ من ثاروا وأبناء المحظورة حتى لا يعودوا، فشعارنا:(أخرجوا آل بديعٍ إنهم أناس يتطهرون)، فقد قال ابن جمعة: إنهم سيئو السمعة، وأبيدوا تحالف الشرعية، لرائحتهم النتنة، فإنهم يوقدون فى النفوس العزيمة، ويشرعون فى هدم الأصنام من جديد، ويقرعون ناقوس الحرية، ونحن بعد في طور العبيد. ويتغنى قضاء(الحاجة) الشامخ بأنه أنقذ الوطن القابع من قعر الإرهاب بلا رأس، متعرياً وبلا سروالٍ فلا بأس، وقد قُدَّ قميصه من التزوير ، ولا تثريبَ عليه حين يتجرد من ملابسه ويبدى عوراته فقد اعتادها، وكل ما عليه أنه سيغتسلُ من فعلته ويتطهر، لاسيما أن نجاسة الاقتراع عليه طاهرة، وما أصابه من نبح الكلاب وولغها للعميان ظاهرة، ثم تأتي الفتوى من أزهرنا الصامت :أنه لابد من أن يُسبغَ عليه ماءً طهوراً سبع مرات، ولابأس أن نزيد الثامنة بالتراب. أما شعبنا فقد قُدتْ نخوته، ووأدوا رجولته فتخنس، وصار همُّه أن يكحلَ عينه كل فجر بلفافة إملاق، أو ورقة بانجو ومعاها حباية زرقا وطظ في الأخلاق ، فإن لم يجد.. يذهب لمدرسةٍ ليتعلم فنون الرقص و الخط كي لا يتعدى خط الفقر. ولسان بطنه يلهث قائلا: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، ولسان ضميره ينادي (أجمل من التفاح يا طماطمُ)، ومن يخالفهم الرأى يوضع في عُنقه حبلٌ من مسد، أما الحديد ف فيه بأسٌ شديدٌ وردعٌ لمن عصى، وامشي يا ابني جنب الحيطة أحسن لك، وألا بلاش الحيطة أحسن لها ودان، وإن تجاوز الصوت الحلق ه يعتقلوه، وكفاية علينا نغني ونقول:أنا بكره إسرائيل، وتسلم الأيادي، وبنحبك يا سيسي، ويا سيسي أمرك أمرك يا سيسي.... أيه؟ احنا هننهب!!!