تسعى البنوك في الإمارات العربية المتحدة هذا العام لسداد رؤوس الأموال التي تلقتها في ذروة الأزمة المالية العالمية ويتحول بعضها صوب سوق السندات لتفادي خدمة هذا الدين باهظ التكلفة وخطر الوقوع في "هاوية رأسمالية" مفاجئة فيما بعد. وأودعت وزارة المالية الاماراتية 70 مليار درهم (19.1 مليار دولار) في البنوك لدعم ميزانياتها العمومية بعد انهيار بنك ليمان براذرز في سبتمبر أيلول 2008 مما فجر أزمة في النظام المالي العالمي، وفقاً لبوابة الأهرام. لكن هذا الدعم الذي تحول إلى سندات داعمة لرأس المال مدتها سبع سنوات في أواخر 2009 تم تسعيره بفائدة مرتفعة عما كان يمكن أن تدفعه البنوك إذا اقترضت أموالا من السوق في الوقت الحاضر. وعلى سبيل المثال فإن بنك أبوظبي الوطني أكبر بنك في دولة الامارات من حيث القيمة السوقية عليه سندات بقيمة 750 مليون دولار تستحق في مارس آذار 2017 تم تداولها يوم الثلاثاء بعائد 2.36 في المئة وذلك أقل من نصف العائد الذي سيدفعه البنك هذا العام على سندات للحكومة بقيمة ثلاثة مليارات درهم لا تزال قائمة. وقال تيموجين انجين المدير المساعد لتصنيفات الخدمات المالية لدى ستاندرد آند بورز "إذا نظرنا إلى المبلغ الذي تدفعه البنوك على السندات مقارنة مع دينها السيادي فسنجد فارقا كبيرا." وسيستمر ارتفاع السعر الذي تدفعه البنوك إذ ستدفع خمسة في المئة على السندات هذا العام و5.25 في المئة في آخر ثلاث سنوات من أجلها بعدما دفعت 4.5 في المئة في 2012 وأربعة في المئة في أول عامين. وهذا الفارق السعري بين السندات الحكومية التي تساهم في المستوى الثاني لرأسمال البنوك وبين أسعار السوق للسندات الجديدة يدفع كثيرين في السوق للاعتقاد بأن البنوك ستسعى للاستفادة من مناخ أسعار الفائدة المنخفضة السائد حاليا لاستبدال الالتزامات الأعلى تكلفة. وقال مصرفي كبير في الامارات "ربما يبدأ بنك أبوظبي التجاري جولة بيع السندات لكن معظم البنوك في أبوظبي التي حولت الودائع الحكومية ستتبعه." ومن المتوقع أن يطلق بنك أبوظبي التجاري - رابع أكبر بنك في دولة الامارات من حيث القيمة السوقية الذي تلقى أموالا حكومية قدرها 6.6 مليار درهم - عملية بيع سندات قريبا بعدما فوض بنوكا لترتيب الصفقة بحسب ما قاله مصدران لرويترز الأسبوع الماضي. وامتنع مسؤول في البنك عن التعليق. ويمكن للبنوك التي ستلجأ إلى أسواق السندات أن تبيع سندات عادية وتستخدم حصيلتها في سداد الدين الحكومي أو تبيع سندات ثانوية. ومن شأن الخيار الثاني أن يساعد على بقاء الدعم لنسبة رأس المال لدى البنوك لكنه سيكون أكثر تكلفة. ويقدر ثلاثة متعاملين أن بنك أبوظبي الوطني يمكن أن يدفع ما بين 0.5 بالمئة و0.7 بالمئة إضافية لإصدار سندات ثانوية لأجل خمس سنوات. وتتمتع البنوك الاماراتية بالفعل بنسب قوية لرأس المال لاسيما عند مقارنتها مع البنوك الأوروبية ولذا فليس هناك حاجة ملحة لاستبدال رأس المال. وبصرف النظر عن كيفية استبدال السندات فإن هناك رغبة لدى المصرفيين الاماراتيين لفعل ذلك الآن نظرا لأن القيمة الرأسمالية للسندات الحكومية بدأت تتضاءل بالفعل. وبمقتضى شروط السندات الحكومية فإن ثقلها الداعم لرأسمال البنوك يتقلص مع مرور الوقت. ففي هذا العام وبدلا من أن تتلقى البنوك 100 في المئة من الدعم كما كان الحال من قبل ستتلقى دعما بنسبة 80 في المئة لرأسمالها. وستشهد تراجعا إضافيا قدره 20 نقطة مئوية سنويا حتى تنتهى فترة استحقاق السندات في نهاية 2016 وعندئذ ستكون قيمتها الداعمة 20 في المئة فقط. وقال سوريا سوبرامانيان المدير المالي لبنك الاماراتدبي الوطني في مؤتمر عبر الهاتف في 31 يناير كانون الثاني "علينا أن نفعل شيئا بخصوص ذلك ... لأن البنوك لا تريد أن تقع في هاوية رأسمالية". وبدأت بعض البنوك بالفعل في سداد الدين الحكومي مستخدمة مواردها المالية. فقد حول بنك أبوظبي الوطني بداية 5.6 مليار درهم من الدعم إلى سندات لكنه سدد 2.6 مليار درهم العام الماضي بينما سدد بنك رأس الخيمة الوطني تاسع أكبر بنك في دولة الامارات من حيث القيمة السوقية أموال الدعم بأكملها وقدرها 684.5 مليون درهم خلال 2012. وقال انجين إنه في ظل النمو المتواضع للقروض في الاقتصاد الاماراتي فإن البنوك تستطيع استخدام السيولة المالية المتوافرة لديها في سداد السندات المرتفعة التكلفة بدلا من وضعها في استثمارات قصيرة الأجل أو لدى المصرف المركزي. وأظهرت بيانات المصرف المركزي أن نمو الإقراض في القطاع المصرفي الاماراتي بلغ 3.4 في المئة في الأحد عشر شهرا الأولى من 2012 بينما زادت شهادات الإيداع 12.8 في المئة. وقال سباستيان حنين مدير المحافظ لدى شركة المستثمر الوطني إن استخدام تلك السيولة في سداد السندات أو استبدالها بسندات جديدة بالعائدات الحالية في السوق يمكن أن يؤثر إيجابيا بشكل طفيف على الربحية في 2013.