حالة من الجدل الشديد ظهرت عقب رحيل عدد من القيادات المصرفية بالبنوك الحكومية خلال الفترة الماضية نتيجة تطبيق الحد الأقصى للأجور، وتسائل خبراء عن مدى قدرة قيادات الصف الثانى فى البنوك الحكومية على تولى المسئولية عقب رحيل العديد من قيادات الصف الأول، وإدارة مواقعهم بنفس الكفاءة التى كانت تدار بها سابقًا. وخلال الفترة الماضية شهدت بنوك الأهلى المصرى ومصر رحيل عدد من قيادات الصف الأول خصوصًا بنك مصر، الذى شهد خروج نائب رئيس البنك عباس فايد الذى انتقل إلى بنك عودة وعدد من رؤساء القطاعات، ولم يكن البنك المركزى بعيدًا عن حركة التنقلات حيث تقدم نضال عصر وكيل محافظ البنك المركزى باستقالته ليتردد بالقطاع المصرفي انباء عن انتقاله لتولى العمل بأحد البنوك الخاصة. وتساءل خبراء عن مدى التدريب الذى توفره البنوك الحكومية لأبناءها من المصرفيين الشباب ليصبحوا كوادر مصرفية قادرة على إدارة البنك فى المستقبل، وعدم الاعتماد كليًا على القيادات المصرفية المهاجرة من البنوك الخاصة لتولى المناصب القيادية. أكد مصرفيون وخبراء أن البنك المركزى يقوم بدور تدريب شباب المصرفيين من خلال المعهد المصرفى ذراعه التدريبى والذى يوفر دورات تدريبية فى كافة المجالات المصرفية على أعلى مستوى داخل مصر وخارجها، للاستفادة من خبرات الدول المتقدمة، مشيرين إلى أن البنوك الحكومية تمتلك الكوادر المصرفية الحاصلة على تدريبات جيدة تمكنهم من إدارة أى موقع بالبنك باحترافية لا تقل عن خبرة القيادات المصرفية الراحلة. محمد فتحى، عضو مجلس إدارة بنك القاهرة، يري أن المعهد المصرفى يوفر العديد من الدورات التدريبية بالتعاون مع البنوك المختلفة لإكساب شباب المصرفيية الخبرة الكافية لتولى المناصب القيادية، مشيرًا إلى أن البنوك الحكومية تمتلك الكوادر المؤهلة لسد فراغ القيادات الراحلة. وأشار إلى أن مصرفه قام بتصعيد عدد من شباب المصرفيين فى القطاعات المختلفة والبدء فى إسناد مهام إدارية محددة تساعدهم على الاحتكاك بالإدارة العليا للبنك والاكتساب من خبراتهم المتراكمة، ليستطيعوا القيام بالأدوار المطلوبة منهم فى أى توقيت. وأوضح أن بنك القاهرة بالتعاون مع المعهد المصرفى يعمل على إعداد دورة تدريبية لشباب المصرفيين فى البنك للتدريب على العمل المصرفى المحترف واكتساب الخبرات العالمية من خلال إتاحة الفرصة للسفر للخارج والحصول على دورات تدربيبية خارجية تؤهلهم لتولي المناصب العليا بإدارة البنك. ونوه إلى أن مشكلة هجرة القيادات المصرفية هى مشكلة وقتية خصوصًا وأن السوق يعتمد على سياسة العرض والطلب وبالتالى فالبنوك قادرة على إخراج كوادر مؤهلة لقيادة المناصب الشاغرة، لافتًا إلى أن الأرقام المنشورة فى بعض وسائل الإعلام حول هجرة 150 قيادة مصرفية غير صحيحة. واستطرد "هناك العديد من المصرفيين الذين يفضلون الاستمرار فى العمل داخل البنوك الحكومية حتى فى ظل تطبيق الحد الأقصى للأجور، كما تشهد البلد تحسنًا فى العديد من المجالات خلال الفترة الحالية ومن المتوقع تحقيق معدلات نمو مرتفعة وهو ما قد يدفع الدولة لإعادة النظر فى قرار الحد الأقصى للأجور على البنوك الحكومية، خصوصًا وأن القطاع المصرفى يعتمد على العرض والطلب كما أن الالتزامات المالية لدى المصرفيين تشكل عاملًا مهمًا فى فى الفرص المتاحة. فى ذات السياق قال الدكتور محمد زكريا، مدير وحدة التدريب بالمعهد المصرفى، أن المعهد المصرفى مستمر فى تقديم الدورات التدريبية السنوية للمصرفيين من كافة البنوك العاملة بالقطاع المصرفى، وأنه لم يطرأ أى تغير على الخطة التدريبية للمعهد عقب رحيل بعض القيادات المصرفية من البنوك الحكومية. وشدد على أن البرامج التدريبية التى يقدمها المعهد المصرفى تعتبر برامج دولية تؤهل المصرفيين لتولى أبرز المناصب القيادية، مشيرًا إلى أن المعهد يتعاون مع مؤسسات تدريب عالمية أيضًا لتقديم دورات تدريبية للعاملين بالقطاع المصرفى المحلى. ولفت إلى أن خروج بعض القيادات من البنوك الحكومية لا يعنى حدوث كارثة، خصوصًا وأن البنك المركزى دائمًا ما يخرج كوادر مصرفية متميزة للعمل بكافة البنوك، منوهًا إلى أن المصرفيين الراحلين من عباءة الحكومة لم يتركوا الدولة ولازالوا يعملون فى بنوك خاصة لخدمة الاقتصاد القومى. وأوضح أن المعهد المصرفى وقع بروتوكولًا مع مؤسسة جاردنر العالمية لتقديم دورات تدريبية فى مخاطر تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للمصرفيين بالسوق المحلية، بالإضافة إلى توقيع بروتوكول مع جامعة القاهرة لبدء أول ماجيستير متخصص فى العمل المصرفى. وطالبت بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية وأستاذ الاقتصاد فى الجامعة الفرنسية، بضرورة قيام مسئولى البنوك الحكومية بإعداد كوادر مصرفية مدربة على أعلى مستوى لتحل محل الكوادر الراحلة، مشيرة إلى ضرورة إعداد برامج تدريب مصرفية محترفة فى داخل وخارج مصر للاستفادة من أخطاء عدم وجود كوادر تتولى المسئولية. وأشارت إلى أن محافظ البنك المركزى الأسبق إسماعيل حسن قام بتوفير برنامج تدريبى لإعداد كوادر وقيادات مصرفية استمر لمدة 9 أشهر وتضمن سفر المتدربين لخارج مصر لتلقى برامج مصرفية محترفة، منوهةً إلى أن المحافظ الأسبق أعد قائمة بأسماء تلك القيادات عقب انتهاء برنامج التدريب. وشددت على ضرورة الاستفادة من تلك القائمة المتواجدة لدى البنك المركزى لترشيح قيادات جديدة للمناصب الخالية بالبنوك الحكومية للتغلب على الأثر السلبى الذى قد يتركه رحيل بعض القيادات، موضحة أن البنوك الحكومية مؤسسات محترفة ولا يجب أن تتأثر برحيل أشخاص.