كشف هاني قدري ، وزير المالية، عن تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة المالية ووزارة التخطيط للبدء في وضع الآليات والضوابط اللازمة للانتقال إلي موازنة البرامج والأداء بدلاً من منهجية موازنة البنود المعمول بها حالياً. وقال وزير المالية في حوار خاص ل "أموال الغد"، أن الانتقال الكامل إلي موازنة البرامج قد يستغرق 5 سنوات، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود إنجاز حقيقي وتدريجي سيتم خلال تلك الفترة في تحديد البرامج بدقة وتوجية الانفاق الجيد لها، بما يتلائم مع تطلعات الحكومة في تطوير منظومة المالية العامة للدولة وإدارتها بطريقة كفء. وأضاف قدرى، أنه سيتم دراسة بعض التجارب العالمية قريبة الشبه والتعرف علي المعوقات التي قد تواجه تطبيقها بمصر، مشيراً إلى أنه يتم العمل بتلك الموازنة فى بعض البرامج التى تطبقها وزارة الصحة فى حملات التطعيم ضد شلل الأطفال. وتعود مبادرة الانتقال إلي موازنة البرامج والأداء إلي وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي عام 2010، ولكن الظروف السياسية حالت دون تطبيقها، وتعتمد موازنة البرامج خطة لتحقيق مجموعة من الأهداف سواء طويلة الأجل أو قصيرة الأجل من خلال ربطها بالهيكل التنظيمي بحيث يتم تقسيمها إلى اختصاصات وبرامج وأنشطة ومشروعات في ضوء التحديد الدقيق للتكاليف والعوائد المتوقعة بهدف تحقيق أقصى كفاءة ممكنة لتخصيص الموارد المتاحة. وكشف قدرى، عن بدءخطة لتطوير المستشفيات العامة بالتعاون مع البنك الدولي الذي رصد نحو 200 مليون دولار لبرنامجي اعتماد الجودة وتطوير المعدات والاجهزة الطبية، مشيراً إلي أن هذا البرنامج جزءا من موازنات البرامج التي سيتحول لها الانفاق العام علي الصحة لتحقيق هدف ال 3% من الناتج المحلي وفاءاً بالاستحقاقات الدستورية. وعن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الأخيرة إلي القاهرة ، وصف وزير المالية الزيارة بال"مثمرة"، علي الرغم أنها روتينية تتكرر سنوياً ضمن مشاورات المادة الرابعة والتي تزور من خلالها بعثة تابعة للصندوق كل دول العالم في هذا التوقيت من العام، مضيفاً أن البعثة ناقشت صياغة نصوص مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة لضمان أن يتواكب مع الاتجاهات العالمية لقوانين ضريبة القيمة المضافة. وتوقع أن يُصدر الصندوق تقريراً عن الاقتصاد المصري في يناير، معرباً عن أمله أن يأتي التقرير إيجابياً و وشهادة بمدي سلامة السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومة قبل القمة الاقتصادية المزمع عقدها في مارس المقبل. ويقوم صندوق النقد بإجراء مشاورات المادة الرابعة التي تجريها الدول الأعضاء عن الوضع الاقتصادي طبقاً لنصوص ميثاق تأسيس الصندوق الذي يلزم بإجراء مشاورات حول مدي أمان الوضع المالي لكل دولة عضو، بما فيها الدول الاوروبية الكبري والولايات المتحدة، تحقيقا لهدف انشاء الصندوق وهو ضمان استقرار النظام المالي العالمي. وبسؤاله عن وضع الاقتصاد المصري خلال الفترة الراهنة، أجاب وزير المالية بأن الاقتصاد استطاع أن يعبر مرحلة التعافى ليصل الى مرحلة الاستقرار بدعم من الاصلاحات الاقتصادية والمالية التى قامت بها الحكومة مؤخراً على جانبي الإيرادات والمصروفات، أبرزها تحريك أسعار الطاقة، الأمر الذي كان له أثر إيجابي في توفير 2% من الناتج المحلى. كما ساهم في توسيع القاعدة الضريبية لتشمل كل الدخول والارباح دون أي مساس بالفئات الاولي بالرعاية، وفي نفس الوقت المضي قدماً في الوفاء بالاستحقاقات الدستورية فيما يخص الانفاق علي قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي والاسكان من خلال توفير مصادر تمويل ذاتية ومتجددة. ويمثل الاصلاح الضريبي جزءا من منظومة تحقيق العدالة الاجتماعية حيث تقوم وزارة المالية بتوزيع العبء الضريبي بطريقة تصاعدية، بما يتماشي مع ما يطبقه العالم كله فالنظام الضريبي المصري تصاعدي منذ انشائه، وزادت التصاعدية فيه مع الاصلاحات الاخيرة. وأوضح هاني قدري، أنه يتم العمل حالياً على تطوير المالية العامة من خلال تحديث السياسات المالية والبرامج حتى يمكن من خلالها وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح، متوقعاً أن يسجل معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي 6% خلال الخمس سنوات المقبلة، معرباً عن أمله أن يسجل معدل النمو 3.5% خلال العام المالي 14/2015. وعن معدلات النمو المحققة خلال العام المالي السابق أو المستهدفة خلال العام الجاري ومدي تلبيتها لطموحات الحكومة، كشف قدري أن معدلات نمو الناتج المحلي منخفضة وغير مرضية ولا تلبي طموحات الحكومة لتوفير فرص العمل داخل السوق، ولكنه يري أن التطور في المؤشرات الاقتصادية يعد مصدر تفاؤل ودلالة إيجابية علي سلامة السياسة المتبعة. وكشف الوزير أن الخطة التنموية تتضمن اجراءات اصلاحية لتطوير السياسات الاقتصادية التى تتبعها الحكومة وذلك بهدف الوصول إلى الاستقرار المالى على أن تتسم هذه السياسات الاقتصادية بالشمولية فى النمو ليصل الى كافة طبقات المجتمع وخاصة الفئات الاكثر احتياجا وهى الفئات الاولى بالرعاية من قبل الحكومة. وأكد قدري، فى حواره، أن القطاعات الانتاجية شهد تطوراً كبيراً خلال العام المالي الماضي وهو ما قاد الاقتصاد إلي تحقيق معدل نمو مقبول بنحو 2.2% في ظل الظروف الاستثنائية للدولة، متوقعاً إستمرار الأداء الجيد في ظل تبني الدولة لعدد من المشروعات القومية والتي تدعم نمو هذه القطاعات. وأشار إلي أن قطاع التشييد والبناء يعد أبرز القطاعات الانتاجية ولاعباً رئيسياً ومحركاً سريعاً للنمو خلال العام المالي الجاري ، ويمثل القطاع نحو 4% من إجمالي الناتج المحلي ، إلي جانب أنه يسهم بشكل ملموس في تشجيع الاستثمار وإتاحة فرص التشغيل. ويري وزير المالية أن تحقيق معدلات النمو المرجوة ترتبط بنجاح الدولة في خطتها الاستثمارية بتدشين عدد من المشروعات العملاقة التي تقود قاطرة النمو خلال الفترة المقبلة، علي رأسها مشروع تطوير محور قناة السويس والذي عكس ثقة المصريين في النظام السياسي القائم حيث تم تحصيل 64 مليار جنيه في 8 أيام عمل ساهم المواطن العادي منها ب 27 مليار جنيه. وأضاف أنه تم إطلاق مشروع استصلاح 4.5 مليون فدان بتكلفة 9 مليارات جنيه علي مدار سنوات الخطة، لافتاً إلي أنه بالفعل تم تدشين أول مليون فدان منه خلال هذا العام ، إلي جانب بدء مشروع إنشاء 3200 كيلو متر من الطرق فى إطار تحسين البنية التحتية للدولة. وأوضح أن الموازنة العامة الحالية ستقدم تمويلا للخطة الاستثمارية للدولة بنحو 45 مليار جنيه مقابل 34 ملياراً خلال العام الماضي ، لترتفع إجمالي المخصصات للخطة الاستثمارية إلي 68 مليار جنيه. وقال وزير المالية : "نعمل على خفض عجز الموازنة إلى 10.5% خلال العام المالي الحالي بعد أن سجل 12.6% في العام المالي 13/2014، وقد إرتفع على أثر ذلك إجمالى حجم الدين المحلى إلى نحو 1,908 تريليون جنيه وهو ما يعادل 95.5% من الناتج المحلى، وذلك مقارنة بنحو 1,644 تريليون جنيه أي ما يعادل 93.8% من الناتج المحلى في العام المالى السابق". وأظهرت نتائج الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة للعام المالى 13/2014 أن العجز الكلى بلغ 255.4 مليار جنيه أي ما يعادل نحو 12.8% من الناتج المحلى مقارنة بعجز نحو 239.7 مليار جنيه في العام السابق له أي ما يعادل 13.7% من الناتج المحلى. ويري قدري أن التحدي الحقيقي أمام الحكومة هو ليس فقط إدارة المؤشرات المالية "الدين العام ، أو عجز الموازنة"، إنما تغيير منهجية إدارة الاقتصاد القومي ليُدار باعتباره اقتصاد "غني" وليس اقتصاد "فقر" كما كان يحدث في الفترات السابقة ،وبحيث يُدار ككيان واحد وفق رؤية موحدة وليس كوحدات منفصلة. وأوضح أن السياسات المالية المتبعة حالياً تُدَعم هذا التوجه من خلال العمل علي تحقيق التوازن المالي لأن المستثمر لن يأتي وهو غير مطمئن إلي السياسات المالية وقدرة الاقتصاد علي توليد فوائض ومدخرات تدعم هذه التوازنات، لافتاً إلي أن المستثمر يعاني فى الوقت الحالى من بيروقراطية وقوانين مقيدة للاستثمار وهو ما تعمل وزارة الاستثمار جاهدة لتغييره ومحاربته، فهى جادة في ارساء نظام الشباك الواحد. وحول الجدل الدائر عن تطبيق الضريبة العقارية، أشار قدرى أنه كانت هناك حرب دائرة بشكل ممنهج ضدها رغم أنها لا تخاطب محدودي أو متوسطي الدخل علي الاطلا ، لافتا الى ان هذه الحرب لن توقف تطبيق الضريبة . وتؤكد الدراسات أن نحو 10% فقط من الوحدات السكنية الموجودة بمصر ستنطبق عليها الضريبة، كما أن عبئها لا يتجاوز 1 في الألف سنوياً من قيمة العقار، وهو من أدني معدلات العبء الضريبي فى العالم. وأوضح أن من يمتلك عقار كمسكن خاص قيمتة اقل من مليوني جنيه معفي من الضريبة تماماً، ومن يمتلك عقار بقيمة 5 ملايين جنيه فان الضريبة تبلغ 3500 جنيه سنوياً "نحو 291 جنيه شهرياً" وهي قيمة أقل من قدرته علي الدفع بكثير. وأضاف وزير المالية أن القانون يخصص 50% من حصيلة الضريبة لتطوير العشوائيات والمحليات وهوما يوضح الدور الذي يقوم به القانون لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الدخول من الأعلي دخلاً إلي الأقل لتستفيد كافة شرائح المجتمع.