هدف أساسى وضعته الحكومة الحالية نصب أعينها منذ أن تولت المسئولية يوليو الماضى وهو تخفيض عجز الموازنة إلى 10% من إجمالى الناتج المحلى بنهاية يونيو 2014 مقابل 14% بنهاية يونيو الماضى وذلك عن طريق عدد من الاجراءات. كان اهم تلك الاجراءات تخفيض أسعار الفائدة الامر الذي اتبعه تراجع العائد على أدوات الدين وتشجيع الاستثمارات وهو ما كان يجب أن يستتبعه انخفاض فى إقبال البنوك على تمويل أدوات الدين ؛ إلا أن ودائع البنوك لازالت تتوجه بقوة نحو تمويل أدوات الدين الحكومية مقارنة بالأدوات الأخرى المتاحة لتوظيف فائض السيولة غير المستخدم لديها مثل الودائع المربوطة والكوريدور والانتربنك. ويدلل على ذلك ارتفاع الاقتراض المحلى للحكومة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى 13/2014 إلى 406.5 مليار جنيه مقابل 307.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالى السابق 12/2013 ، فى الوقت الذى سجل فيه الدين المحلى نحو 1.5 تريليون جنيه بنسبة 87% من الناتج المحلى بنهاية يونيو 2013. مصرفيون أكدوا أن تخفيض أسعار العائد على أدوات الدين الحكومية لم يؤثر على إقبال البنوك على تمويل الحكومة فى ظل ارتفاع الودائع لما يفوق التريليون جنيه مقابل انخفاض معدلات منح القروض وهو ما يجعل البنوك تبحث عن أدوات استثمار آمنة لتوظيف السيولة الفائضة بدلًا من الاستثمار فى الأدوات ذات الآجال القصيرة جدًا مثل الكوريدور والودائع المربوطة مشددين أن ادوات الدين مازالت افضل القنوات الاستثمارية لفائض السيولة لدي البنوك. أشرف نجم رئيس قطاع الخزانة ببنك الشركة المصرفية العربية ، قال أن اتجاه البنوك لتمويل أدوات الدين خلال الفترة الحالية يرجع إلى ارتفاع حجم السيولة فى البنوك وتراجع معدلات الائتمان الامر الذي يجعل من ادوات الدين الحكومية افضل السبل الاستثمارية لتوجيه فائض اموال المودعين اليها لتحقيق أرباحًا توفى بالتزامات البنوك تجاه العملاء. وأوضح أن سعى الحكومة لخفض عجز الموازنة لا يعنى خفض الاقتراض الداخلى خاصة فى ظل اتباع سياسة توسعية فى الإنفاق ، وارتفاع الفجوة بين الإيرادات والمصروفات. وأضاف نجم أن المؤشر الرئيسى لخفض عجز الموازنة العامة للدولة هو خفض العائد على الدين المحلى والذى بلغ 10% خلال الفترة الحالية مقابل 14% قبل الثلاثين من يونيو ، موضحًا أن خفض العائد بنسبة 1% يقلل من فوائد الدين بقيمة 10 مليار جنيه. فى سياق متصل قال طارق حلمى نائب رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى السابق أن البنوك تقبل على تمويل أدوات الدين لتوظيف فائض السيولة لديها وتحقيق أرباح والحفاظ على سعر ثابت للفائدة ، بدلًا من أدوات التوظيف الأخرى كالودائع المربوطة والكوريدور والتى لا تعتبر أدوات استثمار لأنها قصيرة الأجل للغاية ، بالإضافة إلى عدم نشاط آلية الانتربنك خلال تلك الفترة بسبب ارتفاع حجم السيولة غير الموظفة فى بنوك القطاع المصرفى. وأشار الي أنه رغم سعى الحكومة لخفض عجز الموازنة إلا أن الوضع الحالى يفرض عليها استمرار الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية لتمويل عجز الموازنة ، لافتًا إلى أنه فى الوقت ذاته تُقبل البنوك على تمويل أدوات الدين المحلية بسبب انخفاض معدلات الاستثمار فى ظل التخوف المحلى والعالمى من الأوضاع الداخلية بالبلاد. وتوقع حلمي أن يُسهم خفض العائد على أدوات الدين فى تخفيف أثر الاقتراض الحالى على الموازنة العامة للدولة ، بالإضافة إلى نشاط مرتقب للاستثمارات مع استقرار الأوضاع بالشارع المصري مما يعني زيادة نسبة توظيف القروض للودائع بالجهاز المصرفي والتي لا تتجاوز حاليًا (متوسط) 45% وبالتالى انخفاض استثمارات البنوك بادوات الدين الحكومية تلقائيًا. قال عمرو يوسف نائب رئيس قطاع الخزانة ببنك بيريوس مصر أن تنوع آجال أذون الخزانة والسندات الحكومية يجعل منها اداة استثمارية جيدة لاستثمار فائض السيولة غير الموظفة بالبنك مما يوفر عائد ثابت لفترة يستطيع البنك من خلاله سداد التزاماته تجاه عملاءه. وشدد على أن الأفضل للبنوك توجيه السيولة للاقراض في ظل ارتفاع عمولة البنك من الانشطة المصاحبة له من عمليات تحصيل وفتح خطابات ضمان واعتمادات مستندية وخلافة من الخدمات المصرفية الاخري الا ان تراجع الطلب من قبل العملاء جعل من ادوات الدين الحكومية افضل البدائل المتاحة لاستثمار فائض اموال المودعين التي تشهد ارتفاعًا مستمر. وأشار الي أنه رغم انخفاض العائد على أدوات الدين الحكومية بسبب خفض المركزى لأسعار الفائدة ، ودخول مليارات الدولارات من المساعدات العربية إلا أن الحكومة لازالت فى حاجة لطرح أدوات دين لتمويل احتياجاتها وسداد الالتزامات السابقة وهو ما يجعل البنوك تقبل إلى الآن على تمويل أذون وسندات الخزانة.