سوهاج-الزمان المصرى: تحقيق : حسن بخيت بزنس من نوع خاص بدأ يظهر في الأونة الأخيرة يربط بين الأطباء في مختلف التخصصات وأصحاب معامل التحاليل الطبية ، ومراكز الأشعة ، يقوم هذا البزنس علي أن يرسل الطبيب المريض إلي معمل تحاليل محدد ، أو مركز أشعة بعينه ، ولا يقبل بغيره ، ويبرر ذلك الأمر بأنه يشهد بكفائة هذا المعمل أو المركز – ويكون ذلك بقصد أرباح مادية للطبيب ،وشهرة واسعة للمعمل ، وقد يكون السبب في هذه العلاقة المريبة التي يدفع ثمنها المريض المسكين – هو صداقة بين الطبيب وصاحب المعمل ، او زمالة دراسية ، او صفقات بزنس ، وغيرها من من الأسباب التي لا تليق بمهنة الطب …. كما انتشرت في الوقت الحالي وبطريقة مرعبة عملية انتشار الإفراط في التدخل الجراحي دون إعطاء المجال للبدائل الطبية الأخرى وخاصة في مجال تخصص النساء والولادة القيصرية ، كما أن التعجل في اجراء بعض الجراحات دون انتظار نتائج وسائل العلاج الأخري يوثر علي الثقة المطلوب تدعيمها بين الطبيب والمريض .. ولا يخفي علينا التشخيص الخاطيء وأخطائه القاتلة ، والاستجابة لضغوط المرضى الراغبين في العلاج السريع أهم أسباب التوسع في إجراء بعض الجراحات بما يتعارض مع ضوابط ومعايير ممارسة مهنة الطب . وانطلاقا" من الحرص علي مصالح المرضي فإن "" جريدة الزمان المصري "" تفتح ملف مشرط الأطباء ومعامل التحاليل التي تستغل ظروف المرضى بشتي الطرق سواء المغالاة في الأسعار ، أو استغلال حالة المريض للكسب المادي السريع من خلال اجراء التحاليل والأشعة بدون فائدة ، أو اجراء عمليات جراحية متسرعة بغض النظر عن حالة المريض نفسه … في البداية يوضح " محمود شعبان " من مركز طهطا بمحافظة سوهاج ، موظف ومصاب بمرض مزمن : أنه شعر ببعض الإعياء ، فأنطلق إلي طبيب معروف بمدينة طهطا – وبعد الكشف الطبي عليه ! طلب منه الطبيب أن يجري بعض التحاليل وحوله إلى معمل تحاليل محدد ! ذهب المريض إلى ذلك المعمل واستقبله المسئولون عن المعمل هناك ، واتضح أنهم على معرفة تامة بالطبيب ، وبعد دفع " الفيزيتا " الباهظة أخبروه بأنهم يشكون في إصابته بمرض معين وحتي يقطعوا الشك باليقين لابد من اجراء المزيد من التحاليل ، وفي النهاية قالوا له " الحمد لله . معندكش حاجة ….!!! وطالبوه بدفع مبالغ مالية ضخمة تكلفة هذه التحاليل ، وحمل أوراقه وعاد للطبيب الذي أكد له أنه " تمام " وكل ما في الأمر أنه مصاب بمرض مزمن بسيط ، وعلاجه عبارة عن بعض الأدوية البسيطة والغير مكلفة .. ويتسائل المريض عن طبيعة العلاقة التي تربط بين الطبيب ومعمل التحاليل الذي أصر على الذهاب اليه ، وهل الحالة كانت تستدعي كل هذه التكاليف الباهظة …. وتقول " إيمان محمد " قبل موعد ولادتي بأربعة أيام فقط ، وخلال تواجدي عند طبيب نساء وتوليد مشهور جدا بمدينة طهطا بسوهاج . فاجأني بضرورة ولادتي غدا وبأسرع وقت ممكن ، وحاولت الاستفسار عن أسباب التسرع ! فلم يقدم لي مبررا" مقنعا" . وحدد لي صباح اليوم التالي للولادة … وتوجهت في التاسعة صباحا الي المركز الصحي الخاص بالطبيب ، وهو الميعاد الذي حدده الطبيب لي ، ووصلت إلى غرفة العمليات ، وقام باجراء عملية الولادة القيصرية ، وبعدما تمت إفاقتي : قال لي الطبيب : " علي فكرة البيبي كان الحبل السري ملفوف علي رقبته " ….وتكمل " إيمان " حديثها قائلة : ولكنني لم أصدقه لأن السونار أجريناه مساء أمس ، ولم يخبرني بشيء حول حالة طفلتي ، وفي النهاية : طالبني الطبيب بضرورة سداد مبلغ خمسة ألاف جنية مصاريف العملية . وأشارت السيدة " إيمان " إلى أنها ظلت تعاني من نزيف لمدة 55 يوما" من الولادة . أما السيدة " مني خضيري " تروي تجربتها "" لجريدة الزمان المصري "" قائلة : ذهبت إلي نفس الطبيب الذي ذهبت إليه السيدة " إيمان محمد " وهو أشهر طبيب بمدينة طهطا ، وكنت قبل ذلك أتابع مع طبيب أخر من بداية الحمل والذي أكد لي أنني سألد طبيعي . الا أن الطبيب الجديد طالبني بتناول قرص دواء ، وحينما أخبرته أنني أعتدت الولادة الطبيعية وأن هذا الحمل هو الحمل الثالث بالنسبة لي . فقال لي : الدكاترة مدارس ، موضخا" أن العملية تتكلف خمسة ألاف جنية ! فتركته علي الفور ، وذهبت لطبيب أخر وبالفعل " ولدت طبيعي " إرهاق مادي - وعن ارهاق المرضى في تحاليل وجراحات غير ضرورية يقول الدكتور " ناصف موريس " أستاذ الجراحة العامة : يتعين علي الطبيب المعالج أن يتحرى الدقة الشديدة في الفحص وطلب الاشعة والتحاليل الطبية الضرورية فقط ، بحيث تكون لديه القدرة علي التشخيص السليم في الوقت المناسب بدون إدخال المريض في دوامة من التحاليل غير المطلوبة ، وهذا يتطلب أمانة مهنية وضميرا" يقظا" لدى الطبيب والإطلاع المستمر على ما هو مفيد وجديد في عالم الطب ، ولابد أن يعرف الأطباء حديثوا التخرج أنه ليس بالفحوصات والتكاليف الباهظة المكلفة يصبح الطبيب مشهورا" وكبيرا" .. ولو استدعت الحالة بعض التحاليل فلا يحق للطبيب بأيه حال من الأحوال أن يفرض معملا" معينا" أو وحدة أشعة بعينها .. فحوصات ويضيف الدكتور " أحمد حسن النجار " اخصائي الباطنة والقلب بمستشفي طهطا المركزي " قائلا" : لا يحق للطبيب بأى حال من الأحوال أن يفرض علي المريض معملا" معينا" بعينه ، أو وحدة أشعة بعينها ولا يكون الأمر الزاميا" ، فعلى الطبيب أن يحدد نوع التحاليل التى يريدها بعد التشخيص الدقيق ، وللمريض مطلق الحرية في إختيار المكان الذي يجريها فيه ، وإن كان الطبيب يرشح بعض المعامل لثقته في النتائج التى يعلنها ، أو أنه أرخص من أماكن أخري وأسرع وأدق في إخراج النتائج _ فالأصل في الطبيب هو البحث عن كل ما من شآنه راحة المريض الذي يعالج عنده ، _ وراحة المريض تشمل حسن استقباله ، والتشخيص الدقيق للحالة ، والمعاملة الطيبة ، وأيضا" توفير نفقات العلاج . ومن غير المعقول أن يعقد الطبيب صفقة " بزنسه" خاصة مع معامل التحاليل علي حساب المريض ، وإن كان هناك قلة يفعلون ذلك ، فإنهم يسيئون إلى مهنة الطب ذات الطابع الإنساني .. ويوضح المهندس أحمد مصطفي محمود "نائب المدير الفني ورئيس قسم العلاقات العامة لمركز الخلوتية الطبي بمدينة طهطا ، والابن الأكبر للأستاذ الدكتور / مصطفي محمود استاذ العيون والمسئول الأول عن مركز الخلوتية الطبي : أن الطبيب قد يتفق مع بعض المعامل على إرسال المرضى غير القادرين لإجراء التحاليل بالمجان ، وقد يرتبط الطبيب بمعمل معين لأنه الوحيد الذى يمكنه إجراء أنواع معينه من التحاليل ، وليست بزنسه _ كما يقال . ويؤكد ‘ أحمد مصطفي محمود " أن المريض أمانة لدي الطبيب لابد وأن يحافظ عليها بما يلزمه من ضميره الأخلاقي لأن الطب مهنة إنسانية قبل أن تكون وسيلة كسب سريع ، كما أن الأطباء يطلبون من المرضي التوجه إلى معمل تحاليل معين لسببين أساسيين : أولهما : أن يكون الطبيب على ثقة تامة في هذا المعمل ونتائجه من حيث الدقة والكفاءة والسرعة ، وكذلك خبرة الأطباء القائمين علي ذلك المعمل في مجال التحاليل _ أما السبب الثاني : فهو أن يطلب الطبيب تحاليل معينه ‘ فيذهب المريض إلى معامل ذات سمعة رديئة ، أو في جمعية بالمجان ، وفي بعض الأحيان تكون نتائج التحاليل غير دقيقة ، وبالتالى تنشأ مشاكل عديدة .. أبغض الحلال الدكتور " محمد صلاح " استشاري النساء والتوليد يقول : هناك بعض الخرافات وراء زيادة إنتشار الولادة القيصرية نتيجة عدم وعي المرأة ، وللأسف هذا خطأ ، فليست الولادة القيصرية تهديدا" لصحة الأم _ لكنها وسيلة يلجأ اليها الطبيب للحفاظ علي حياة الجنين وصحة الأم في حالات تقتضي التدخل في عمليات الولادة – وقديما" كان إجراء مثل هذه العملية " الولادة القيصرية " يشكل مخاطر لعدم تطور العلم والطب ، وعدم توفير الأجهزة المتطورة فضلا" على أن التدخل الجراحي يجب أن يكون أبغض الحلال عند الأطباء ، علما بأنه توجد ظروف في بعض الأحيان تتطلب تقدير الولادة القيصرية ، وهذه الظروف تدفع الطبيب إلى إجراءها وليس هناك بديل أخر لظروف متعلقة بالحامل مثل " كبر حجم الجنين ، أو اختلاف وضعه ، أو تعرض الأم بالإصابة ببعض الأمراض ، وضعف عضلات البطن والحوض ، أو وضع الجنين وفي مثل هذه الحالات تكون نتائج الولادة القيصرية أفضل وأكثر أمانا" حتي يتم انقاظ حياة الأم والجنين ..