الولادة القيصرية.. تحولت إلى موضة وانتشرت بشكل كبير، لدرجة أن مصر احتلت المركز الثانى عالمياً في هذا النوع من الولادة. سيدات مصر يقبلن علي هذه الطريقة للولادة هرباً من عناء الولادة الطبيعية، أما الأطباء فيفضلون القيصرية لسهولتها، ورغبة في الحصول علي أجر مضاعف، وهو ما دفع وزارة الصحة لوضع المزيد من الضوابط لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة. وبدورها أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم اللجوء إلى الولادات القيصرية إلا في حالات الضرورة القصوى، خاصة بعد أن انتشرت تلك العمليات كالوباء في كل دول العالم، وهي المرة الأولى التي توصى فيها المنظمة بوضوح بضرورة حصر العلميات القيصرية في أسباب طبية، خاصة بعد أن كانت نسبة تلك العمليات في بداية الثمانينيات لا تتجاوز 15٪، أما الآن فتصل نسبة الولادات القيصرية في أوروبا لنحو 23٪، و50٪ في البرازيل و52٪ في مصر. ولمواجهة هذه الزيادة أعلنت وزارة الصحة تشكيل اللجنة القومية للولادات القيصرية، لمراجعة ومناقشة ضوابط إجراءات العمليات القيصرية، وذلك في إطار التوصيات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، ومن جانبه أكد الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، في تصريحات صحفية، أن الوزارة قررت تشكيل اللجنة بعد انتشار العمليات القيصرية بشكل وبائى في العالم، وبعد النتائج التي أظهرها المسح السكانى والصحي لعام 2014 الماضى، والتي أكدت زيادة نسبة الولادات القيصرية في مصر بنسبة 52٪. وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة إلى أن اللجنة التي شكلتها الوزارة ستتولى وضع قائمة بالممارسات الطبية لمواجهة هذه الظاهرة كما تختص بإهدار الحد الأدنى لضوابط إجراء تلك العمليات حتي تكون ملزمة لجميع الأطباء. على الرغم من تفضيل الكثير من السيدات في الآونة الأخيرة للولادة القيصرية، إلا أن الأطباء أكدوا أن للولادة الطبيعية مميزات جديدة، خاصة أنها تعد الأكثر أماناً، ونظراً لكونها الوسيلة الربانية فهي تحمل الكثير من المميزات، أهمها قصر مدة التعافى للمريضة بعد الولادة، كما أن احتمال التعرض للعدوى يكون أقل، وذلك لعدم التدخل بأدوات جراحية، أو تعرض أنسجة الجسم للهوان علي عكس الولادة القيصرية. نشر الوعى ويقول الدكتور عزمى شهدى، استشارى أمراض النساء والتوليد: «هناك أسباب محددة تحتم اللجوء للولادة القيصرية، مثل: حدوث تسمم حمل في الشهور الأخيرة، أو ضيق بالحوض، وأحياناً يكون الطفل مستعرضاً داخل رحم الأم، فيكون هناك صعوبة في الولادة الطبيعية، وأوقات أخرى نلجأ للولادة القيصرية عندما تعاني الأم من حالات عقم لسنوات طويلة، فتكون القيصرية أفضل حتي لا تحدث مضاعفات أثناء الولادة للأم، هذا فضلاً عن كبر سن الأم، وهنا لا يمكن أن نلجأ للولادة الطبيعية. ويضيف في بعض الأحيان تكون الولادة القيصرية بناء علي طلب السيدات، وتلك النسبة ارتفعت بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، خاصة بين سيدات الطبقة الراقية، وهذا يرجع لعدة أسباب منها تجنب آلام الطلق، وللحفاظ على العلاقة الزوجية كما هى، وهناك أسباب أخرى تساعد على الولادة القيصرية منها عدم متابعة الحمل مع الطبيب المختص، مما يؤدى لحدوث مضاعفات خلال الولادة فمن الممكن أن تزداد أو تقل نسبة المياه الموجودة حول الطفل، وهذا يعرض حياته للخطر، فضلاً عن انتشار ظاهرة التوائم، التي يفضل أن تكون الولادة قيصرية حفاظاً علي صحتهم. ويواصل: من ناحية أخرى نجد أن عدم مراعاة الطبيب لآداب المهنة واللجوء للعمليات القيصرية للتربح من ورائها يعد سبباً مهماً انتشر في الفترة الأخيرة أيضاً، فالكثير من الأطباء يجدون سهولة في القيصرية خاصة وأنها لا تحتاج سوي نصف ساعة فقط في غرفة العمليات، كما أنها تعد جراحة مربحة حيث اختلفت أسعار العمليات القيصرية من مكان لآخر وارتفعت قيمتها مؤخراً حيث تتراوح من 3 آلاف جنيه إلى 20 ألفاً. ويطالب الدكتور عزمى شهدى، بضرورة زيادة الوعى، لأن الوقاية خير من العلاج، مع أهمية تحديد عدد الأطباء منذ بداية الزواج، وضرورة متابعة الحمل مع الطبيب المختص لتقليل حدة اللجوء للقيصرية، والحفاظ على صحة الأم والجنين. رغبة المرضى ومن جانبه أكد الدكتور محمود خليل استشارى أمراض النساء والتوليد، أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في الولادات القيصرية بنسبة 50٪ منها 15٪ ترجع لأسباب طبية والباقى تم بدون أسباب طبية. وقال حالياً: المريضة تشترط أن تتم الولادة قيصرية حتي لا تتحمل آلام الولادة الطبيعية، كما أن هناك استسهالاً من جانب الطبيب، رغم أن قانون المهنة يشترط علي الطبيب المحاولة أكثر من مرة لتلافي أية خطورة، إلا أن سهولة وسرعة القيصرية جعلها في زيادة مستمرة، وهنا يجب ألا نلوم علي السيدات وحدهن، فنحن نحتاج لمزيد من التوعيد بأهمية الولادة الطبيعية، خاصة إن كانت الأم لا تحتاج للقيصرية، مع ضرورة تشجيع الأطباء علي اللجوء للولادة الطبيعية، وعلي الطبيب أن يتحمل المريضة حتي تتم الولادة بسلام. ويرى الدكتور إبراهيم أحمد عونى، أستاذ ورئيس قسم النساء والتوليد الأسبق بجامعة الأزهر، أنه توجد زيادة في نسبة القيصرية في مصر عن المعدل العالمي، ويرجع ذلك إلى أن الرعاية الطبية في مصر لم تكتمل خلال فترة الحمل لدي السيدات، فمازلنا نعاني من عدم المتابعة، كما أن التغذية تعد من أهم الأسباب التي تؤثر علي الحوض فتصبح مواصفاته غير طبيعية، هذا فضلاً عن ارتفاع سن الزواج في السنوات الأخيرة، وهذا لا يساعد على الولادة الطبيعية، كما أن زيادة التقنيات الطبية ساعد علي انخفاض المضاعفات التي تحدث خلال القيصرية، مما يؤدى للجوء إليها. وأوضح الدكتور إبراهيم عونى أن لكل ولادة ظروفاً خاصة بها وهذا ما يجب أن يضعه الطبيب في الاعتبار، فلا يجب أن يلجأ للقيصرية إلا للضرورة القصوى، خاصة أن قانون النقابة لا يحاسب الطبيب علي ذلك، فهي مسألة ضمير، فالقانون يعاقب الطبيب إذا أخطأ فقط، كما أن هناك فئات كثيرة تشترط القيصرية ومن حق المريض أن يختار، لكننا نحتاج خلال تلك الفترة إلى نشر التوعية بين السيدات بأهمية الولادة الطبيعية، وعدم اللجوء للقيصرية إلا إذا احتاجت الحالة لذلك. اتفقت الدراسات الطبية علي وجود 9 مخاطر ومضاعفات للولادة القيصرية، وأكدت الدراسات أن تلك المخاطر تزداد إلي حالة السيدات البدينات، أو اللاتي يعانين من مشاكل صحية وخاصة أمراض القلب، وتكون تلك المخاطر كارثية، في حالة السيدات التي تعاني من الحساسية من أدوية التخدير. وحددت الدراسات الطبية مخاطر العمليات القيصرية في: الشعور بالألم: وهو شعور يستمر لفترة من الوقت بعد العملية، ويستغرق وقتاً أطول للتعافي.. وذلك بسبب ألم الجراحة وعدم الراحة في منطقة البطن قد يستمر ذلك لبضعة أسابيع بعد الولادة حتى يتم الشفاء. العدوى: الولادة القيصرية تسبب تمزق أغشية الرحم، وهو من أكثر مناطق الجسم عرضة للإصابة بالبكتيريا التي تعيش في المهبل (عادة ما تكون ضارة). هذه البكتريا يمكن أن تنتشر بسهولة في الرحم. التهاب بطانة الرحم: أكدت الدراسات الطبية أن الولادة القيصرية وراء 75% من الإصابة بالتهاب بطانة الرحم.. وتلك الالتهابات قد تؤدي إلي استئصال الرحم، وفي حالات نادرة قد تؤدي إلي الوفاة. جرح العدوي: قد تتطور العدوى عند النساء لتصل إلي طبقات خارجية علي مكان الجرح، وليس في الرحم..وتسمي التهاب الجرح بعد القيصرية. وقد تؤدي هذه الالتهابات إلى الإصابة بالحمى، فضلاً عن ألام البطن.. وقد تؤدي العدوى إلي الدمامل التي تمتلئ بالصديد، وهو ما يحتاج الطبيب إلي إعادة فتح الخراج لتنظيف المنطقة المصابة. حمي النفاس بعد الولادة: يصاب حوالي 8 % من النساء بعد عملية القيصرية بالعدوى البكتيرية، أو ما يطلق عليها حمي النفاس وغالباً ما يبدأ هذا المرض في الرحم أو المهبل. وفي حالة انتشاره في جميع أجزاء الجسم يطلق عليه تسمم الدم.. وهناك مجموعة من الأعراض تساعد في اكتشاف حمي النفاس مبكراً مثل التهاب المسالك البولية، والتهاب الثدي، بمجرد ظهور هذه العلامات يجب المعالجة الفورية لتجنب انتشار العدوى. النزيف: هناك معدل متوسط للنزيف بعد الولادة الطبيعية هو حوالي 500 سم مكعب من الدماء.. أما متوسط فقدان الدم مع الولادة القيصرية فيصل إلي 1000 سم مكعب وذلك لأن رحم الحامل واحد من أكثر الأماكن التي تحتوي علي الدم أكثر من أي عضو آخر، وفي العملية القيصرية يتم قطع مجموعة من الأوعية الدموية.. مما يؤدي إلي فقدان دم مضاعف عما يحدث في الولادة الطبيعية وهناك مجموعة من مضاعفات النزيف بعد أو أثناء الولادة القيصرية منها نزيف بعد الولادة، تمزقات، التصاق المشيمة. الجروح: في بعض الأحيان قد يكون جرح الولادة القيصرية غير واسع بما يكفي لمرور الطفل وخصوصاً عندما يكون وزن الطفل كبيراً، مما يؤدي إلي تمزق الشرايين والأوردة ويمكن لهذه التمزقات أن تؤدي إلي النزيف الحاد ويتطلب غرز إضافية وفي حالات نادرة يحتاج إلي تطلب عملية جراحية أخري. استئصال الرحم: استئصال رحم القيصرية هو إزالة الرحم مباشرة بعد الولادة وذلك لأن هناك مضاعفات معينة للعملية القيصرية ترتبط بالنزيف الحاد قد يضطر الطبيب معها إلي استئصال الرحم. جلطات الدم: حدوث جلطات الدم بعد الولادة القيصرية، هو أخطر مضاعفات الولادة القيصرية حيث تتشكل الجلطات في الساقين أو منطقة الحوض أو جلطات دموية في الرئتين، مما يؤدي إلي انسداد رئوي. غالباً ما تؤدي الجلطات إلي تورم وألم في الساقين.