**البحيرة تحولت إلى مصدر للأمراض والأوبئة بسبب غلق البواغيز والفتحات التي كانت تربطها بالبحر المالح إلقاء الصرف الصحي والصناعي حولها إلى مستنقع مائي تسبب فى إصابة الصيادين بالفشل الكلوي والكبد الوبائي . ** استخدام أصحاب التعديات الطيور النافقة فى صيد القراميط وبعض الأسماك يمثل كارثة لصحة الإنسان. تحقيق : حافظ الشاعر سادت أهالى مدينة المطرية بالدقهلية حالة من الحزن والأسى، بعد استيقاظهم على فاجعة كبيرة بفقدانهم 17صيادا من أبنائهم راحوا ضحية حادث غرق مركب صيد «نور الإسلام» مؤخراً.جميعهم يعيشون على رزق البحر «كل يوم بيومه»، وهذا الحادث مكرر ويحدث يومياً لأبناء المطرية والمنزلة ؛والسبب أن بحيرة المنزلة شهدت حركة غير مسبوقة من مافيا التعديات علي مسطح البحيرة مستغلة الفراغ الأمني إبان ثورتى 25 يناير و30 يونيه ،ويقوم عدد كبير من كبار الصيادين ومافيا البحيرة بمباركة بعض النواب السابقين لمجلس الشعب باستخدام عشرات الحفارات في تجفيف مساحات كبيرة بالمناطق القريبة من سواحل البحيرة الممتدة بمراكز المطرية والجمالية والمنزلة ، وتتركز عمليات مافيا التعديات في مناطق رسوة الجمالية والجحر والعجايبة والوهابية وفقا لشهود عيان تمهيدًا لتحويلها إلي أراض زراعية بعد أن قاموا بالاعتداء عليها وإقامة تحاويط وحوش وجزر علي مساحات تتراوح بين 100 و500 فدان يقومون بحمايتها بالأسلحة الآلية، وهو ما يتطلب فرض السيطرة الأمنية الكاملة للقوات المسلحة علي البحيرة لإعادة الأموال إلي سيرتها الأولي قبل أن يستفحل المعتدون أكثر من ذلك وتختفي البحيرة من الوجود أو تتقلص مساحاتها. لذلك قام المئات من صيادي البحيرة بالاعتصام أمام مبنى محافظة الدقهلية مرات عديدة احتجاجا علي أعمال البلطجة لبعض الخارجين عن القانون الذين استغلوا البحيرة كمأوي لهم و يقومون بترويعهم و الاعتداء عليهم بصورة مستمرة ولا حياة لمن تنادى ؛ فمساحة البحيرة كانت 750 ألف فدان من المياه الصافية والتى تطل علي خمس محافظات تقلصت الآن 85 ألف فقط يطل على ثلاث محافظات هم الدقهلية ودمياط وبورسعيد , إلا أن التعديات على البحيرة لم تترك منها سوي شوارع صغيرة لا يستطيع الصياد الغلبان الصيد فيها ." والبحيرة كانت تعد شاطئا سياحيا بسب اختلاط الماء المالح بها كما أنها كانت تنتج فى الماضي ما لا يقل عن 450 ألف طن من الأسماك سنويا بما يعادل ثلث إنتاج مصر من الثروة السمكية . حيث كانت تنتج ما يزيد عن 20 نوعا من الأسماك منها "الدنيس والأروص"بسبب وجود البواغيز التي تنقل مياه البحر المالح إليها ويأتي معها كميات كبيرة من الأسماك إلا أن غلق البواغيز وإهمال تطهيرها جعل البحيرة تقتصر على نوعى سمك فقط هما" البلطي والقراميط ".بالإضافة إلى أنها مصدر الرزق الوحيد ل250 ألف صياد يعيشون عليها. الكارثة أن البحيرة تحولت الآن إلى مجموعة من المستعمرات الخاصة بسبب كثرة التعديات من أصحاب الأموال والنفوذ . حيث يقوم صاحب النفوذ باستئجار عدد من البلطجية المسلحين بأسلحة آلية واستئجار حفار خاص ويقوم بتحديد المساحة التي يريد أخذها من البحيرة ثم يزرع حولها ورد النيل علي شكل صور ويدعمه بالغاب والبوص ثم يقوم الحفار بنقل كمية كبيرة من طمي البحيرة حول تلك المستعمرة لعمل جسر لها يصل قوته فى عدد من المستعمرات إلى مرور سيارة نقل فوقه ويسمى الصيادون تلك المستعمرات "بالحوش " بعد عدة أسابيع من إنشاء الحوشه تأتى ماكينة رفع المياه لسحب المياه من داخلها وإبقاء الأسماك فى أرض الحوشه ليقوم صاحبها باستئجار الصيادين الذي لم يعد لهم مكان يعملون به بعد تحويل البحيرة إلى مستعمرات ممنوع الاقتراب منها , ويقوم الصيادون المستأجرون بفرز الأسماك وتجهيزها للبيع لصالح صاحب المستعمرة ويلجأ صاحبها لاستئجار جيش مسلح من البلطجية بجميع الأسلحة الممكنة والغير ممكنة ويحملونها جهرا ليلا ونهارا لتأديب من تسول له نفسه الاقتراب من المستعمرة. والمثير للدهشة أكثر هو قيام أصحاب تلك المستعمرات ببناء مساكن عليها وتوصيل كافة المرافق إليها من كهرباء ومياه وصرف صحي .بالإضافة إلى بناء مسجد صغير ليحتمى به عند محاولة شرطة المسطحات إزالة التعدي بحجة انه بيت الله ولا يجوز لأحد هدمه فى حين انه يستخدمه من الخلف كحظيرة للمواشي خاصة وان أحدا لا يذهب للصلاة فى وسط مستعمرة فى عرض البحيرة محرم دخولها . وصاحب المستعمرة يقوم بردم أكبر مساحة منها واستخدامها فى تربية الماشية حيث تنبت حشائش ونباتات طبيعية بينما يكتفي الصيادون الأصليون بالعمل فى تجارة البوص وهو عبارة عن حشائش كبيرة نسيبا تستخدم فى صناعات بدائية مثل الأقفاص وسدد الغاب . حيث لم يعد الصياد يجد مكانا يعمل فيه داخل البحيرة ويكون فى مأمن من شر أسلحة الحرس ولا نتعجب عندما يحكى لنا أحد الصيادين بداية يومه قائلا: نبدأ النزول إلى البحيرة مع بداية النهار أنا وأولادي ندعو الله أن يكفينا شر أصحاب الحوش والحراسات وخفر السواحل ثم نبدأ الصيد بأيدنا حيث نمسك السمك من داخل الماء لعدم استطاعتنا الصيد بالماكينات خوفا من أن نلفت نظر البلطجية لنا , نأخذ حذرنا جدا حتى لا نقترب من أحد الحوش فإذا شاهدنا احد الحراس يطلق علينا الرصاص ويأخذ ما جمعناه بالقوة أو يقوم بضربنا بشدة ونرجع إلى أهلنا" مكسورين العين " لذلك ظهرت الإتاوات وقطاعين الطرق داخل البحيرة وحتى نأمن شرهم نقسم معهم رزقنا بعد أن نتعب فيه حتى لا نتعرض للضرب والإهانة.المهم ان نخرج من المياه قبل غياب الشمس . وعن دور خفر السواحل لا يستطيعون حماية الصيادين لأن "اللنشات" التي يستخدمونها سرعتها أقل بكثير من سرعة "اللنشات" التى تستخدمها الحراسات . ورغم ذلك لا يتركهم خفر السواحل فى حالهم فيقومون بإلقاء القبض على أي مركب صيد أمامهم بحجة انه يجب تقفيل المحضر وإتمام عدد معين من الضبطيات فى اليوم وهذا هو قدر المركب الذي يصادفهم , فيأخذوه إلى نقطة الزهور فى بورسعيد وهناك يدفع غرامة تجاوز سرعة أو أي غرامة يحددها الخفر " فما يحدث فى البحيرة لغزا كبيرا يجب أن يحل لأن حزن أهالي البحيرة ليس على فقد ذويهم وعلى البحيرة فقط وإنما حزن على مصر كلها لأنها حرمت من الخيرات التي كانت تحصل عليها من البحيرة , بالإضافة إلى أن البحيرة تحولت إلى مصدر للأمراض والأوبئة بسبب غلق البواغيز والفتحات التي كانت تربطها بالبحر المالح فى نفس الوقت الذي يتم إلقاء الصرف الصحي والصناعي لمحافظاتالقاهرة الكبري وبورسعيد ودمياط والدقهلية مما حولها إلى مستنقع مائي مليء بالرصاص والزرنيخ والمعادن الثقيلة التي تسببت بدورها فى إصابة الصيادين بالفشل الكلوي والكبد الوبائي .بالإضافة إلى استخدام أصحاب التعديات الطيور النافقة فى صيد القراميط وبعض الأسماك مما يمثل كارثة لصحة الإنسان. وهذه التعديات ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ عام 1981 حتى الآن وهي مخطط مقصود وتم الاتفاق عليه في البنود السرية لاتفاقية كامب ديفيد لما تمثله البحيرة من قيمة تاريخية ومن تهديد دائم لأطماع إسرائيل فى المنطقة حيث يمتد دورها التاريخي الى مقاومة الحملة الفرنسية بقيادة المناضل حسن طوبار , كما لعبت البحيرة دور استراتيجي فى العدوان الثلاثي عام 56 واستمر دورها حتى 67 و73 وهو ما أكد عليه جمال عبد الناصر والسادات فى الزيارات التي قام بها كل منهما فى عهده للبحيرة إلا أنها بدأت تتعرض للإهمال فى نهاية عهد السادات ثم ظهرت التعديات أول مرة فى بداية عهد المخلوع . ويتذكر سامى غبن محامى بعض الأحداث قائلا : لا تقف معاناة الصيادين عند فقدان ذويهم اليوم بل تمتد إلى فقد عدد منهم أثناء الهجرة للعمل فى السواحل الخارجية مثل الصيادين الستة الذي سبق وان اختطفوا ضمن مركب الصيد الذي استولى عليه القراصنة الصوماليين وهم السيد أحمد محمد حبيشي 30 سنة وأحمد محمد حبيشي 60 سنة وإبراهيم المطري 59 سنة والسيد الشناوي 45 سنه وحسيني صبيح 38 سنة والعربي عياد 57 سنة , والذين بقوا رهن الاختطاف أكثر من أربعة أشهر دون أن يهتم بهم أحد أو بأسرهم , اللهم إلا قرر محافظ الدقهلية السابق وقتها صرف إعانة شهرية 300 جنية لكل أسرة . وحول الآثار المترتبة على الوضع الحالي للبحيرة أكد محمد فرج رئيس سابق للجنة الثروة السمكية فى الدراسة التي أعدها حول أوضاع بحيرة المنزلة . أن تدهور البحيرة أدى إلى حدوث خلل اجتماعي وتفكيك فى أسر الصيادين حيث هجر أكثر من 80% من الصيادين بلادهم وذهبوا إلى اليونان وسواحل ايطاليا أو هاجروا هجرة داخلية الى السويس وبرج العرب كما تفشت ألأمراض الاجتماعية بينهم من الحقد والكراهية وكثرة العنف بسبب عدم تكافؤ الفرص وإصرار أصحاب التعديات على الإعلان الدائم أنهم "مسنودين " وفى حماية شخصيات كبيرة مهمة وهو ما يلمسه الصياد الفقير بنفسه , وما زالت تلك الثقافة مسيطرة عليهم ؛كما أن انتشار السلاح أدى الى كثرة جرائم القتل والعنف والعنف المضاد . ومن الآثار الاقتصادية إضافة أعداد جديدة للبطالة بسبب الإمراض أو العاهات التى تصيب الصيادين عند نزول البحيرة . بالإضافة إلى أن البحيرة تحولت من مصدر لتوفير العملة الصعبة للدولة بتصدير الأسماك أصبحت عامل طرد للصيادين كما كلفت الدولة استيراد أسماك مجمده . بالإضافة إلى تعطل السياحة فى البحيرة حيث كانت تمثل شاطئ سياحي جذاب قبل منع وصول المياه المالحة إليها . ويطالب محمد فرج بضرورة إزالة التعديات تماما من داخل المساحة المتبقية من البحيرة وذلك بإسناد الأمر إلى شركات كبري مثل المقاولون العرب وهيئة قناة السويس على أن تقسم البحيرة إلى مناطق تتولى كل شركة تطهيرها وإعادتها للعمل مرة أخرى وتسليمها للصيادين.وبعد ذلك يجب فتح وتطهير جميع البواغيز والفتحات التى تربط البحيرة بالبحر الأبيض لنقل الماء المالح الذي يعمل على منع وجود ورد النيل وعدم تمكن تجار الأسلحة والمخدرات من تخزين بضاعتهم فيه أو استخدامه لتبادل الصفقات . كما أكد على أهمية وجود نقاط ثابتة للتفتيش على وجود تعديات أو مخالفات قانونية وسرعة تحركها لمنع تلك التعديات وذلك مع وجود جهاز خاص بإدارة البحيرة وتنظيم ميزانيتها يشمل جميع الهيئات التى لها علاقة بالبحيرة بالإضافة إلى هيئة البحث العلمي ووزارة الري. وبقول محمد محمد حوالة 55 عاما الصيادون هنا أدمنوا البحر وعندما يصل لسن الأربعين تلاقى معدته كلها هلكانه ؛لأنه موجود يوميا فى بركة ملوثات واحنا ملناش أى مهنة غير الصيد وعارفين إننا هنصاب بكل الأمراض بس هناكل منين .. البحيرة دى بقت لناس بعينها والشباب هجر البلد وبيروح يصطاد فى أماكن تانية وعارف إنه مش هيرجع غير جثة بس هيعمل إيه ؟ ويضيق أحمد أبو طالب السعدنى احنا من 20 سنة بس كان عندنا عربيات بتروح القاهرة والشرقية والإسماعيلية وكل المحافظات لتصدر إنتاجنا لها دلوقتى يا دوب عربية نقل واحدة لكل محافظة ؛كنا زمان بنصدر الحنشان للصين والدنيس والأروص ..ده معدتش موجود دلوقتى عشان نسبة الرصاص العالية من الصرف الصحى بالبحيرة ..والله احنا كنا بنطبخ وناكل ونشرب فى البحر ..عليه العوض . ويؤكد نادر العريان نائب رئيس حزب الكرامة ومرشح مجلس النواب عن الدائرة أن هؤلاء راحوا ضحية لنظامين سابقين استهانوا بالصيادين وبمشكلة البحيرة ،فهم ضحية لإهمال المسئولين والبلطجية ،فنحن نعالج العرض ونترك المرض ،فيوجد مرض ولابد من علاجه وهو تطهير البحيرة من البلطجة واستغلال النفوذ ،ونحن قمنا بتشكيل لجنة من نقابة المحامين بالدقهلية للحصول على حقوق هؤلاء الشهداء ،وأعلن الدكتور جمال شيحه بأن مستشفى الأورام بالمنصورة مفتوحة لعلاج المصابين ويتم عمل قوافل طبية لأهالى المنزلة والمطرية.