رؤية حافظ الشاعر : التعليم.. معركة مصر الحقيقية (1/2)

لم يعد التعليم في مصر مجرد قضية خدمية أو قطاع إداري كبقية القطاعات، بل أصبح هو المعركة الحقيقية التي يتوقف عليها مستقبل الدولة، وقوة اقتصادها، ومكانتها بين الأمم. فالأمم لا تنهض بالموارد وحدها، بل تنهض بالعقول التي تُبدع وتُطور وتبني.
لكن حين نتأمل حال التعليم المصري اليوم نجد أنفسنا أمام مفارقة مؤلمة: ملايين الطلاب على مقاعد الدراسة، آلاف المدارس تتوزع في المدن والقرى، مليارات تُنفق سنويًا، وفي النهاية يبقى المردود ضعيفًا لا يواكب الطموحات ولا يتسق مع احتياجات العصر.
الأزمات متشابكة: مناهج متخمة لا تُناسب الواقع، بنية تحتية متهالكة، معلمون محبطون بين ضعف الرواتب وتهميش الدور، طلاب فقدوا الدافعية أمام نظام امتحانات قائم على الحفظ والتلقين، وأولياء أمور أنهكتهم الدروس الخصوصية حتى صارت عبئًا اقتصاديًا يفوق طاقتهم.
لقد تحولت قضية التعليم إلى قضية أمن قومي، لأن الجهل لم يعد فقط غيابًا للمعرفة، بل أصبح أرضًا خصبة للتطرف، ولإعادة إنتاج الفقر والبطالة والتخلف. فلا تنمية بلا تعليم حقيقي، ولا نهضة بلا عقل مستنير.
إن الحل يبدأ من الاعتراف بأن التعليم ليس رفاهية، بل هو استثمار طويل المدى. نحتاج إلى إصلاح شامل يقوم على:
1. تطوير المناهج لتصبح مرتبطة بالحياة والمهارات، لا بالحفظ والتلقين.
2. إعادة الاعتبار للمعلم ماديًا ومعنويًا، باعتباره حجر الأساس في أي إصلاح.
3. ربط التعليم بسوق العمل من خلال تخصصات جديدة وبرامج تدريبية.
4. الاعتماد على التكنولوجيا كوسيلة مساعدة، لا كبديل يخلق مزيدًا من الفجوات.
إن معركتنا مع الجهل لا تقل خطورة عن معركتنا مع الإرهاب، بل ربما هي الأصل الذي يولد منه كل تهديد آخر. وإذا أردنا لمصر أن تدخل عصر القوة الحقيقية، فلتكن البداية من المدرسة، ومن الكتاب، ومن المعلم.
فالتعليم هو المشروع القومي الأجدر بالالتفاف حوله، لأنه ببساطة: المستقبل أو اللا مستقبل.