كتب : حافظ الشاعر وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان في لقاء صحفي بعد تبرئته في محاكمته بنصف سنة يتحدث عن أمور مختلفة منها أنه أصبح الآن متفرغا للاعلان عن خطة سياسية جديدة وانفصال نهائي عن الليكود. إن خطته السياسية التي أصبح مؤمنا بها هي توقيع معاهدات سلام مع الدول العربية المعتدلة في مدة خمس سنوات منذ الآن قبل البت في محاكمة عضو الكنيست افيغدور ليبرمان ببضعة ايام أخذ زوجته إيلا في عطلة خاصة الى جمهورية التشيك ليفصل نفسه عن مشكلات العالم. وقدر ليبرمان آنذاك ربما بسبب مشاعره الداخلية أنه ربما لن يخرج بريئا تماما من تلك المحاكمة بسبب احاديثه مع محاميه ذوي الخبرة. وكانت تلك عطلة غير عادية، فقد كان ليبرمان وزوجته وحدهما في شوارع براغ دون حاشية أو حراس أو مساعدين أو اصدقاء. ‘كان من الطيب أن تستيقظ متى تشاء دون أن تكون خطت لشيء قبل ذلك ودون التزامات أو برنامج عمل، ودون أي أحد في الأساس. بل كنا وحدنا فقط نتنزه مسافة كيلومترات على الاقدام'، يعود ليبرمان الى الخريف الاخير. ‘كان ذلك شعورا عظيما متحررا تماما'. شعر ليبرمان برائحة الحرية في هواء براغ، لكن افكاره انتقلت الى القدس حيث كان القضاة الثلاثة من محكمة الصلح في المدينة سيبتون مصيره الشخصي والعام والسياسي. وكان ليبرمان الذي أوتي حواس سياسية حادة، كان مضغوطا وكان الجو مشحونا. وكان المحامون مختلفين بينهم في مسألة كيف ستنتهي القضية التي بدأت قبل ذلك ب 17 سنة. وقد أجاب ليبرمان كل من أراد أن يسمع رأيه بالشعار الثابت: ‘كل شيء جنة عدن'. بيد أن الحديث كان احيانا عن جحيم. ‘كما يمكن أن تتخيل كانت لي ساعات غير سهلة'، يقول ليبرمان في مقابلة صحفية واسعة اولى منذ أن بُريء هنا بالاجماع من جنايات احتيال وخيانة أمانة في قضية تعيين السفير. ‘حافظت على وجه لا يعبر عن شيء لكن كانت عاصفة كبيرة في داخلي. وكان أهم شيء عندي كيف سيتلقى الاولاد وزوجتي وأمي ذلك. فأنت تهتم بالمحيط القريب منك أكثر من اهتمامك بنفسك. وكان بعضهم في توتر أكثر مني ولم أكن متأكدا من أن كل من حولي أقوياء بقدر كاف'. بعد بت القرار فورا اتجه الى حائط المبكى واتجه من هناك الى بيت أمه في الحي د. في يافا. ‘قلت لها إن كل شيء من ورائي'، يقول متذكرا. وأمضى ذلك المساء مع العائلة الصغيرة في بيت ابنته ميخال في القدس وبعد ذلك حان الوقت للعودة الى الحياة السياسية المعتادة لاول مرة دون السحابة التي كانت فوق رأسه. يعترف ليبرمان بصراحة بأنه قدر حتى هو نفسه بأن قرار الحكم سيكون مختلفا. ويقول ‘إن محامي وهم ناس ذوو خبرة ما كانوا على يقين من أن الامر سينتهي الى ما انتهى اليه. وكان ثم ضغط اعلامي فقد جند عدد من الصحفيين أنفسهم كي أُدان وكانت حملة اعلامية مجنونة عليّ لاستعمال ضغط على المحامين وعلى القضاة لتشويه الواقع وتزوير الحقائق وفي هذا الجو غير السهل لا تعلم أبدا كيف ينتهي الامر. فقد كانت محاكمة تمت في المحكمة ومحاكمة تمت في وسائل الاعلام'. كان معه هذا الحوار: ‘ هل نبع خوفك من عدم الثقة الذي أظهرته بجهاز تطبيق القانون في دولة اسرائيل؟ ‘ من الحقائق أن قضيتي استمرت 17 سنة. فقد بدأت في أول اسبوع توليت فيه منصب المدير العام لمكتب رئيس الوزراء، وبدأت كرة الثلج تتدحرج منذ ذلك الحين. لكنني سعيد لأن الامر انتهى الى ما انتهى اليه'. ‘ هل تعتقد أنهم حاولوا أن يُدينوك بأي ثمن؟ ‘ ‘ليس سرا أنه استعملت في حالتي ضغوط وموارد غير مناسبة في دولة ديمقراطية. وقد كان هنا باعث زائد. وكان تنصت خفي عليّ وتحقيقات طويلة ووسائل مرفوضة، لكنني لست غاضبا على أحد. لماذا؟ لأن ذلك أصبح ورائي. شطبت ذلك وقلت: لا مشاعر ولا غضب ولا تصفية حسابات بعد الآن، فكل ذلك من ورائي'. ‘ المعذرة، أليست بينك وبين نائبك السابق داني أيلون الذي شهد عليك في المحاكمة، تصفية حساب؟ ‘ ‘ليست لي تصفية حساب مع أحد. فالذي يريد أن يتقدم يجب أن يحيا في المستقبل لا في الماضي. واذا بدأت أصفي الحسابات مع كل أحد فسأجد نفسي طول حياتي اطارد ناسا لتصفية حسابات. أنا قادر على السيطرة على الغضب والشعور بالمرارة'. ‘ يزعم اشخاص في الحياة العامة ووسائل الاعلام والسياسة أنك لست بريئا وأنك فاسد. وقد قالت رئيسة حزب العمل السابقة يحيموفيتش إنك فاسد حتى دون صلة بالمحاكمة. ‘ ‘اعترفت شيلي يحيموفيتش نفسها بأنها استعملت المخدرات ودخنت ما لا أعرف ما هو. فهل لها بعد ذلك أن تتحدث عني؟'. ‘ يوجد فرق بين تدخين لفافة مخدرات وبين القيام تحت حمل شبهات وأمور؟ ‘ ‘لا أعلم ما هي لفافة المخدرات وأنا سعيد لأنني لا أعرف ما هي. اولئك ناس منافقون لا يعرفون حتى اخفاء ذلك. إنهم يطأطئون هاماتهم لجهاز القضاء لكن في اللحظة التي لا يوافق فيها جهاز القضاء أهواءهم فكأنه لم يحدث أي شيء'. ‘ ألا تشعر بأن صورة الفاسد التصقت بك؟ ‘ ‘لا. يوجد عدد من الاشخاص البائسين الخائبي الرجاء غير القادرين على الوصول الى أي شيء في حياتهم. أنظر الى شيلي يحيموفيتش وزهافا غلئون اللتين تريدان فقط تخريب المجتمع في اسرائيل، فكل ما تلمسانه ينهار. وهم في حزب ميرتس لا يعرفون فعل أي شيء سوى الجلوس في مقاعد الكنيست الخلفية. وشيلي يحيموفيتش مع كل غرورها واستكبارها فشلت فقط'. ‘ ومع ذلك كله يسأل الانسان العادي نفسه: كيف أصبحتَ ثريا على هذا النحو؟ ‘ ‘لا أعرف ما معنى أن تصبح ثريا مثلي. إن الاعلان عن ثروتي قد نشر وكل واحد يستطيع أن يأتي ليرى أين أسكن وأين أعيش. وقد رأيت قائمة الساسة الاسرائيليين الاغنياء الذين ظهروا في قائمة اثرياء ‘فورباس′. ولم أكن بين العشرة الأوائل ولا في العشرة الثانية ولا الثالثة. إن القصص عني صالحة للصحف'. لم يهتم ليبرمان قط ولم يحرص حرصا خاصا على السلامة السياسية ولا تعنيه عناية خاصة ايضا مسألة ماذا يقولون عن اعماله. وهكذا كان بين الأولين ممن اتصلوا ليساندوا رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت فورا بعد أن أُدين بقضية هولي لاند. ‘قلت له إنني أدرك أنه في وقت غير سهل وأنا أسانده وآمل أن تتغير الامور بعد الاستئناف'. ‘ هل يجب أن يدخل السجن؟ ‘ ‘أقترح عدم التدخل في جهاز القضاء فهو الذي يجب أن يبت القرار'. ‘ هل توجد مطاردة غير عادلة للساسة في دولة اسرائيل؟ ‘ ‘أعتقد أن الشيء البارز في دولة اسرائيل هو الحسد وضيق العين. فلا يجوز لك أن تنجح في أي مجال لأنك تصبح في محل الشبهة فورا. قال لي انسان ذكي أُجله جدا إنه لم يوافق قط على تقرير عن حياته في الصحيفة لأنه بعد كل تقرير كهذا يأتي تحقيق. إن قدرتنا على الثناء على النجاحات تؤول الى الصفر في وقت تؤول فيه ثقافة الحسد وضيق العين الى مئة وقد تجاوزنا كل تناسب في هذا الشأن'.