بقلم : عبد المقصود محمد ينفطر القلب حزنا عندما يري العرب و قد اتفقوا لأول مرة في التاريخ ، و يا ليتهم لم يتفقوا ، فقد اتفقوا علي إبادة أمة و التدخل العسكري في شئونها ، فبعد مسرحية مرتبة لإقناع الرأي العربي بأن الشعب الليبي ينتفض ، كان الجزء التالي هو فرض الحظر الجوي علي الحاكم الظالم ، في تكرار لمشاهد العراق الدامية و الذي أعقب التدخل العسكري فيها الحظر الجوي ، و هو أمر ملموس فقرار مجلس الأمن يشمل السماح باتخاذ الإجراءات اللازمة للحظر ، و التي يمكن أن تكون في شكل تدخل بري و إبادة القوات المسلحة الليبية . جاء الخونة من العرب لبنفذوا مخططاً صهيوني بإسقاط ليبيا لتتم محاصرة مصر ، و كان لكل حاكم عربي خائن مصلحة شخصية من تصفية حسابات مع القذافي أو وعود أميركية بامتيازات إلخ....، و عرضوا علي جامعة الدول العربية بما يخالف ميثاقها طلب التدخل العسكري في ليبيا من مجلس الأمن ، مما أذهل حتي روسيا و التي طلبت توضيحاً من جامعة الدول العربية علي طلبها الغريب من مجلس الأمن ، و الأغرب من الطلب هو استعداد العرب لتحمل الجزء الأخطر من الحرب بالإنابة عن أميركا و هو الضربة المركزة علي الدفاعات الجوية الليبية ، و تأتي أمريكا بكل تبجح لتعلن أن العرب يجب أن يتحملوا نفقات الحرب التي تريد بها أمريكا و الغرب السيطرة علي منابع النفط و المواقع الاستراتيجية الليبية . يثير الموقف مئات التساؤلا فهل كان زيادة نسبة مبيعات السلاح لدول الخليج العربي عام 2010 محض صدفة ، و هل صفقة الطائرات الأميركية للسعودية و التي تقدر ب 70 مليار دولار لحماية الأجواء السعودية ، أم أنها للمشاركة في المخطط ، خاصة أنه النوع الذي اقترح من قبل خبير استراتيجي اماراتي في الضربة الاستباقية ، و هل كان تسريب الوثائق من قبل ويكيليكس لأجل سواد عيون العرب و المظلومين ، أم أنها لإثارة العرب ضد حكامهم ، خاصة لم يتم التعامل بحزم مع موقع الإنترنت الذي تسبب في كوارث للدول المتحكمة في الإنترنت -علي حد زعم الجميع- في رأيي الخاص كان كل هذا مخطط قذر ضد الدول العربية ، و يأتي التناقض فالجيوش التي ستحمي الشعب الليبي من بطش الدكتاتور هي نفس الجيوش التي تواطأت مع ملك البحرين و ساعدته علي قمع شعبه ، و هي نفس الدول التي نفذت بنفس الطريقة الدنيئة الديمقراطية الأمريكية في العراق . متي كان الجيش الأمريكي ينفذ وعوده للشعوب بالحرية ، و متي كان مجلس الأمن منقذ الشعوب ، وأين كان الحظر الجوي عام 2008 عندما استخدمت اسرائيل سلاح الجو ضد عزل غزة ، و أين هي الديمقراطية الأمريكية في العراق الآن من كل الجرائم ضد البشرية و استخدام جميع أنواع الأسلحة المحرمة ، و لماذا لم يجتمع الحكام الغيورين علي الإنسانية لفرض حظر جوي علي الأجواء الباكستانية و الأفغانية لمنع أمريكا من استهداف المدنيين بالطائرات ، لمن يجيب علي كل هذه التساؤلات فقط الحق في بدء النقاش حول أحقية المجتمع الدولي بفرض الحظر الجوي و التدخل العسكري في ليبيا . ظهر الإسبوع الماضي علي قناة روسيا مسؤول روسي يتحدث علي أنه لا يتخيل دعم العرب للتدخل العسكري في ليبيا لأن العرب جيران هم الباقون لبعضهم البعض ، أدرك هذه الحقيقة الروسي و لم يدركها العربي فمتي يحدث ذلك ، ثم سخر من الأبطال الذين يسقطون طائرات القذافي ثم يقوم الواقفون جوارهم بتحيتهم ، سخر منهم لأنه لم تكن هناك طائرات ، فلو قصفتهم الطائرات هل كانوا سيصفقون أم سيبحثون عن ملاجئ للحماية . ملخص الوضع الحالي أن سيطرة الإمبريالية الغربية علي ليبيا سيجعل مصر محاصرة و يجعل التدخل العسكري في شؤونها أمر محتوم و مسألة وقت ، و الحجج موجودة دائماً لدي الصهيونية بوسائل إعلام عالمية مسخرة لخدمتهم و لتنفيذ الخريطة الصهيونية الموجودة علي باب الكنيست -من النيل للفرات- ، و التهاون في الدفاع عن ليبيا هو تواطؤ مع الصهيونية و خدمة للإمبريالية الغربية التي يجب التصدي لها . من سيقرأ هذا المقال سيتخيل بلا شك أنني من المروجين لنظرية المؤامرة ، و لكن للأسف هذا هو الواقع الأليم الذي نري مصداقه في العراق و لا نكاد نصدقه حتي الآن .