حزب حماة الوطن: الانضباط ومشاركة الشباب والمرأة أبرز ملامح الانتخابات البرلمانية    «كوب 30» ودور النفط فى الاقتصاد العالمى    الطاقة تُحلّق فى فضاءات الذكاء الاصطناعى    وزير الخارجية: هدفنا إغراق قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    يوسف بدوي: فخور بتنظيم مصر لبطولة العالم للكاراتيه    موعد مباراة العراق والإمارات والقنوات الناقلة في ملحق آسيا لكأس العالم 2026    سقوط أمطار غزيرة على بورسعيد    حسين فهمي وزوجته يخطفان الأنظار على السجادة الحمراء في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد عبد الغفار يبحث مع لجنة «الصحة في جميع السياسات» السعودية سبل التعاون    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    هل يجوز قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    المفوضية العليا للانتخابات العراقية تعلن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية    قبل مواجهة أوكرانيا.. ماذا يحتاج منتخب فرنسا للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    موعد مباراة عمان والسودان الودية.. والقنوات الناقلة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    إخلاء سيدة بكفالة 10 آلاف جنيه لاتهامها بنشر الشائعات وتضليل الرأي العام في الشرقية    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    خالد النبوي يهنئ محمد عبدالعزيز لتكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي: أهداني أول دور    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    استعدادًا للموسم الشتوي.. حملات ميدانية لمتابعة صرف الأسمدة بالجمعيات الزراعية في الشرقية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة النسائية أسئلة الاختلاف .. وعلامات التحول..الجزء الاول
نشر في الواقع يوم 13 - 10 - 2010


بقلم د. سوسن ناجى رضوان
( قراءة في خصوصية الخطاب النسائي العربي المعاصر )
" نحن نكتب لنستعيد ما أضعناه ، وما سُرق منا ، نحن نكتب لننتهي منهم"
أحلام مستغانمي
(1)
الخطاب
" إن إمكانية تغيير هذا الواقع ، وخرق أقنعته ، والثورة على آلياته ، سيأتي حتماً من أفراد الشرائح المقهورة ، والمغلوبة ، والمهمشة - بما في ذلك النساء في مجتمع بطريركي ... فإمكانية خرق التواطؤ الأيديولوجي ، ونزع الأقنعة الكلامية ، أقوى عندهم . فهم يدركون أبعاد النفاق ، والكذب ، والتزوير في خطاب السلطة "
فريال جبوري غزول (1)
يُعنى هذا البحث بالخطاب الأدبي النسائي ، ومدى خصوصيته - وفي القصص النسائي المعاصر - وهو درس مازال " يمارس نوعا من الإغراء ، يحفز على تقبله قراءة ، ومقاربته نقدا ، وكأنه نسق جمالي يختلف عن أنساق الحركة الإبداعية ككل ، ويتميز عن مختلف تشكلاتها ، ليقترب بذلك من الظاهرة "
(2) ! ربما لأنه مازال يسمح بإثارة إشكاليات منهجية عديدة ، يتعلق بعضها بالمساءلة عن خصوصية الذات الأنثوية / الوعي ، وما يترتب عليها من خصوصية الكتابة / الخطاب . والبعض الآخر يتعلق بماهية استراتيجية هذا الخطاب في خلخلة الآلية النظرية التي أسسها الرجال ، والتي كرست للتحيز ضد المرأة في التراث بشكل عام ، وفي اللغة والأدب بشكل خاص !..
وقيمة هذا الدرس تكمن في فتحه الدلالة على المعاني الخلافية التي تعمل على " تأسيس خطاب نقيض يعمل على تحويل الوعي المستلب إلى وعي نقدي قادر على اختراق سطوة الخطابات السائدة بواسطة الكشف عن آلياتها ، وتفكيك منطوقاتها التي تقوم بتوزيع أيديولوجيات التبعية ، وتبريرها بإنتاج وعي زائف " (3) .
وماهية زيف الوعي الكائن - في الخطاب الجماعي السائد - نابعة من كون هذا الوعي يقع - في بلداننا العربية - تحت وطأة العرض والطلب ، أو بمعنى آخر تحت وطأة اقتصاد السوق بقيمة النفعية ، والذي من جرائه تتحول الثقافة إلى سلعة ، كما تصبح المؤسسات الثقافية شركات استثمار انفتاحية ، "ويخضع البشر في إطار هذه المنظومة لقوانين التبادل والسوق ، فتتبدل قيمهم ، وتفرغ كلماتهم من مرجعيتها ، ودلالتها وجماليتها وتستخدم للتسويق والدعاية والإعلان ، فيصبح الخطاب حينذاك مجموعة من نصوص للاشئ ... حينذاك تتوقف الكلمات عن القول ، بينما تتكاثر عدديا وتتوالد وتنتشر بغير أن تترك أثرا لأنها لا تقوم بوظيفتها . وفي تلك الحالة لا يكون القول وسيطا للتوصيل وللتأمل بل وسيطا للتزييف والتبليد. فعندما تستخدم الكلمات لا لتكشف عن الحقيقة بصورتها الواقعية أو الشعرية ، بل لتخفى وتشوه هذه الحقيقة ، عند ذاك تصبح اللغة عاملا استلابيا وأداة قمعية " (4) .
وفي إطار هذه المنظومة يتخفى الخطاب الجماعي السائد تحت إطار قيم السوق ، وفي أثناء محاولته إخفاء إفلاسه الإنساني يتحايل باللغة لتعزيز فعل الهيمنة ، ويخلق الأوهام لتحقيق مبدأ السيطرة وذلك من خلال تزييف وتبليد الوعي ..
هذه العلاقة بدورها تؤكد أن الخطاب (5) ( Discourse ) ليس مجرد وحدة لغوية مفارقة ، وإنما وحدة من وحدات الفعل الإنساني ، والتفاعل والاتصال والمعرفة ، وأنه ليس كيانا ثابتا ، جامدا ، من الكلمات والدوال ، وإنما حقل فعّال من المشاغل والاهتمامات والتواترات والصراعات والتناقضات التي تكشف عن تنظيم المجتمع ومؤسساته وأبنية القوى وأدوارها المضمنة " (6) .
لذا لا يعد تقييم كتابة المرأة عن طريق محور الخطاب ، فعلا من قبيل المصادفة " بوصفه المسعى المنهجي الذي يكشف عن الأنساق المجهولة من المعرفة المطمورة في كل المجالات ، والأنموذج المعرفي الذي يرد التكثر الفوضوي للعناصر والظواهر إلى نسف النظام ، الذي يمنحها المعنى والفاعلية" (7) .
ومنهج هذا البحث يفيد من رؤى وأطروحات بعض مقولات منهج النقد الأدبي النسائي Feminist Literary Criticism - وهي كثيرة - خاصة تلك التي تتسق والمناخ الاجتماعي للمرأة العربية ، بما ينطوي عليه من خصوصية ، كان لها من الأثر في تجربة المرأة / الكاتبة ، ومن ثم على رؤيتها للعالم ؛ وذلك بوصفه " أحد المناهج النقدية الحديثة التي تؤكد على أهمية التجربة الشخصية في الأدب ... مما يلقي الضوء على المفاهيم الخاطئة الخاصة بمفهوم المرأة في النقد الأدبي ، بحيث تصبح قراءة النصوص من الرؤية النسائية بمثابة تدريب فكري يحرر الذهن من الرؤية التقليدية التي اعتاد أن يفسر بها المرأة ككيان " (8) .
وأيديولوجية خطاب النقد النسائي - في ضوء هذا - هي الإفادة من مجمل العلوم الثقافية ، وعلم الاجتماع ، والتاريخ ، بل الإفادة من المناهج الأدبية المعاصرة ، " مما يمدنه بمدلولات يمكن أن تضيف شيئا في توصيف وضع المرأة الثقافي ، إلى جانب بحث ماهية علاقة مثل هذه المناهج وتلك العلوم بكتابات المرأة ؛ ومن ثم فالأدب النسائي لا يتبنى أي شعارات سياسية ، أو نظريات منهجية قائمة " (9) ، لا يمكنها أن تضيف شيئا إلى مجال توصيف وضع المرأة العربية في مجتمعها ..
والنقد النسائي بهذا - يبدو وكأنه قد أجتاز المرحلة الحرجة " التي كان يتهم فيها بالانغلاق ، وتضييق الرؤية ، بتطبيقه أسسا نظرية تعسفية تقاس بها أعمال المرأة ، فأصبح الآن هناك اهتمام بتوسيع مجالات البحث لأفق أوسع . فنافذة الأدب النسائي لها حرية اختيار أي من المناهج النقدية التي تتلاءم مع أغراضها الفعلية . ولذلك فهي تربح أكثر من قراءتها المتعددة في شتى المجالات .
بذلك يكون النقد النسائي قد أضاف منظورا آخر لما سبق تعريفه من قبل بواسطة المدارس النقدية الأخرى . ولا يكون سببا في التقليل من عمق التجربة الأدبية ، بل إنه يزيدها ثراء بتوسيع إدراكنا بآفاق جديدة في طيات العمل الأدبي " (9).
ويفيد خطاب النقد النسائي - في ضوء هذا - من تفكيكية " ديريدا " ومفاهيمه عن الاختلاف / الارجاء لعملية توليد المعنى - التي تعتمد حركتها على اللعب أو الجدل الحر بين الحركتين - ومن خلال جدله المستمر مع الحضور / الغياب ، والذي يقضي على التصور البنيوي التقليدي للغة حين يربط عملية توليد المعنى بتعارض الثنائيات ... ومكمن الإفادة في اتخاذ مقولات ديريدا كأساس فلسفي مكنه من تفكيك النظام الترميزي للبنية التراتيبية للتفكير الأبوي ، بإعادة صياغتها على أسس جديدة ، يتم فيها تحرير المرأة عن طريق إعادة النظر في الكثير من المصادرات التي سلم النقد بها في تعامله مع النصوص الأدبية ، وخاصة بالنسبة لوضع المرأة فيها باعتبارها موضوعا ، ومنظورا للرؤية معا ، أضف إلى ذلك الإفادة في مجال تحليل دوافع الخطاب من خلال العلاقة الجدلية بين المفصح عنه والمسكوت عنه باعتبارها العلاقة المولدة للمعنى في النص .. (10) .
وتصبح فاعلية درس الخطاب النسائي - في ضوء هذا - كامنة في قدرته على تأسيس نوع جديد من الكتابة : " كتابة الوعي الضدي التي تطرح السؤال على نفسها في الوقت الذي تطرحه على غيرها ، إنها كتابة الأزمة ، والكتابة الإشكالية ، والكتابة التي لا تبدأ من اليقين والإذعان ، بل تبدأ من السؤال ، من لحظة الشك في نفسها ، وما حولها ... وهي حين تبدأ بسؤال الهوية ، تؤسس لسؤال الوجود ، فسؤالها القائل : ما أكون ؟ هو مقدمة لتحديد قدرتها على الإجابة عن السؤال القائل : ماذا يمكن أن أفعل في هذا الوجود؟"
انتظرونا في الجزء الثاني
دراسة ل د/ سوسن ناجى أستاذ ورئيس قسم الأدب بكلية دار العلوم جامعة المنيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.