اجتمع مسئولو مجلس الاحتياطى الأمريكى الأربعاء 16 من ديسمبر 2015 واتخذوا قراراً بارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 0.25% هذا ما سيلقي آثاره على الاقتصاد المصري، حيث توقع خبراء البنوك تأثر الاستثمار الأجنبي والبورصة وتحويلات العاملين بالخارج وارتفاع تكلفة القروض التي تحصل عليها مصر لسداد عجز الموازنة وتأثر دول الخليج، وارتفاع تكلفة حصول البنوك المصري على قروض لدعم الاحتياطي الأجنبي. أكد الخبير المصرفي أحمد آدم أن مصر ستتأثر حتماً نظراً للمساندة التى تجدها مصر من بعض الدول النفطية الشقيقة، خصوصًا السعودية والإمارات، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لنا معها علاقات تجارية وكذا تحويلات من مصريين عاملين بها وكانت تتدفق منها بعض الاستثمارات طويلة وقصيرة الأجل قبل ثورة 25 يناير. أوضح أحمد آدم في دراسته عن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة زادت خلال الفترة من 2004 حتى 2008 وكان لدخول مساهمين جدد للقطاع المصرفي دور فاعل في زيادتها حتى وصلت لأقصاها نهاية العام المالي (2008 / 2007) وحققت 13.2 مليار دولار ثم انخفضت بعد الأزمة المالية العالمية إلى 8.1 مليار دولار ثم 6.8 مليار دولار وجاءت ثورة 25 يناير وتداعياتها المستمرة لتنخفض بهذه الاستثمارات لأدنى معدلاتها. مؤكداً أن تعديل خروج رؤوس أموال من أسواق السندات والأسهم بالأسواق الناشئة سيعمل على انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبشكل يؤثر سلباً على ميزان المدفوعات فى ظل أن مشروع محور قناة السويس يتطلب وقتاً حتى تكتمل البنية التحتية وبنائها بعد حفر القناة الموازية كما أن ما يحدث من أعمال عنف تشهدها البلاد بين الحين والأخرى أصبح دخول استثمارات أجنبية جديدة أمراً صعباً. وأضاف أن تحويلات العاملين من الخارج استطاعت بعد ثورة 25 يناير استعواض انخفاض إيرادات قطاع السياحة وكذا صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد بلغت هذه التحويلات يناير 2010 إلى 30 يونية 2013 ما قدره 43.0 مليار دولار دعمت وبشكل رئيسي وأساسي الاقتصاد القومي ومنعت انهياره وميزان المدفوعات المصري خلال نهاية العام المالى الماضى والمنتهى بنهاية يونية الماضى قد أظهر من خلال بيانات أولية أن تحويلات العاملين بالخارج بلغت 19.2 مليار دولار تزيد على العام الماضى. ونوه إلى أن هذه التحويلات ستنخفض لأن ارتفاع سعر الفائدة بدول الخليج سيغرى العاملين المصريين بهذه الدول على العودة للإيداع بالبنوك الخليجية فى ضوء الارتفاع المتوقع للفائدة هناك وصعوبة تحويل العملات غير المصرية من داخل مصر لخارجها وقد كان يمكن للبنك المركزى فى الظروف الطبيعية أن يلغى قراره الخاص بتحويل 100 ألف دولار فقط للخارج سنوياً إلا أن ظروف البلاد الحالية لا تسمح باتخاذ مثل هذا الإجراء. وأوضح آدم أن انخفاض التحويلات يمكن أن يؤدى لانخفاض معدل نمو الإنفاق الاستهلاكي وبشكل يمكن أن يؤثر على معدل النمو الاقتصادى لأن انخفاض أسعار النفط وتسرب الاستثمارات الأجنبية من الدول العربية النفطية قد يؤثر على دخول العمالة المصرية هناك بما يؤثر سلباً على قروض التجزئة المصرفية ونسبة مؤثرة منها مرتبطة بهؤلاء العاملين وكلنا نعرف التأثير الإيجابى لقروض التجزئة على معدل نمو الاستهلاك وبالتبعية على معدل النمو الاقتصادى. ولفت إلى أن البنك المركزى يمكن أن يقوم برفع أسعار العائد على الودائع ليغرى من يفكر بالإيداع من العاملين بالخارج لفوائضه ببنوك الخليج ويمكن أيضاً ألا يقوم بتحريك سعر الائتمان والخصم للمحافظة على أسعار إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة مطالباً بإصدار شهادات ادخار للمغتربين والعاملين بالخارج فقط بعائد يزيد على مثيلاتها وبما لا يقل عن 1.0% على أن يتم شراؤها بما يقابلها بالعملات الأجنبية. وأظهرت دراسة «آدم» إلى أن المستقبل القريب يحمل فى طياته احتمالات كبيرة بتأثر تحويلات العاملين بالخارج سلباً بأوضاع انخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة بالدول العربية النفطية وبالولاياتالمتحدةالأمريكية مما يتطلب من البنوك الحرص الشديد عند منح تجزئة مصرفية لشراء شقق وسيارات مرتبطة بالعاملين بدول الخليج. وأضاف أدم أن البورصة المصرية ستتأثر سلباً وستنخفض استثمارات الأجانب بها وتؤثر مبيعاتهم سلباً على أسعار الأسهم وهو ما يجب أن يقابل من الأفراد بالاتجاه لصناديق الاستثمار التى تعتبر الأقل تأثراً من تعامل الأفراد المباشر بالبورصة مطالباً البنوك بالعودة للاهتمام بإنشاء الصناديق الاستثمارية مرة أخرى مع عمل الدعاية المناسبة لتسويق وثائق الصناديق الجديدة وقال «آدم»: إن الحكومة المصرية قابلت انخفاض المساعدات العربية لمصر لظروف انخفاض أسعار النفط والتأثير السلبى الشديد لهذا الانخفاض على موازنات الدول العربية البترولية بالبدء فى اتفاقات على قروض خارجية من صندوق التنمية الأفريقى ومن البنك الدولى ومن المنتظر ارتفاع الفائدة على هذه القروض فى حال عدم توقيع اتفاقات نهائية بشأنها وهو ما سيزيد من عبء خدمة هذه القروض، مؤكداً ضرورة تعجيل البنوك التى ترغب بالحصول على قروض خارجية بتوقيع اتفاقات نهائية للارتفاع المطرد المتوقع على أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة. قال الخبير المصرفي أحمد الألفي: إن قرار بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى برفع أسعار الفائدة على الدولار الامريكى بواقع 0.25 نقطة مئوية بمثابة قرار تاريخي, بعد أن قامت السلطات النقدية الأمريكية بتصفير أسعار الفائدة فى عام 2007 فى أعقاب تفجر أزمة القروض العقارية التى تسببت فى اندلاع الأزمة المالية العالمية فى العام التالى فى 2008. وأضاف أن القرار له تأثير كبير علي الاقتصادين العربي والعالمي فسيؤدي إلى رفع سعر الفائدة المحلي في البنوك المحلية والمركزية العربية، بسبب ارتباطها بالبنوك الدولية، والبنك الدولي، وكذلك ارتباط هذه البنوك بالدولار الأمريكى، وارتفاع تكلفة القروض والائتمان نتيجة لرفع أسعار الفائدة الأساسية أو الأولية وخروج استثمارات من الأسواق العربية إلى الأسواق الأمريكية وراء زيادة جاذبية الدولار وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وارتفاع أسعار صرف العملات العربية ذات غطاء الإصدار الدولارى الكامل كالعملات الخليجية وانخفاض أسعار صرف العملات العربية غير المغطاة كلياً بغطاء إصدار دولارى كالجنيه المصرى وتراجع معدلات النمو لانخفاض الاستثمارات بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض المحلى والدولى وارتفاع تكلفة أعباء خدمة الدين العام المحلى والخارجى لارتفاع أسعار الفائدة وعودة ظاهرة الدولرة ولا سيما فى مصر وانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة العربية.