أظهرت دراسة حديثة للكاتب محمد تهامى دور التسويق السياسى فى الانتخابات التى سوف تشهدها مصر خلال الفترة القادمة وذلك بعد أن نفى بعض رجال السياسة الحاليين فكرة وجود تسويق سياسى من الأساس وعدم استخدامها فى الدعاية الانتخابية، الأمر الذى عبر عنه الكاتب بأنه قد يتنافى مع ممارسات الواقع فى السوق السياسى. فمن وجهة نظره أن المرشح ما هو إلا منتج لابد له من الاستعانة بالبحوث التسويقية لتسويقه، وهذه البحوث تعنى بجميع الفئات والشرائح السوقية المتمثلة فى الرأى العام, لأنه على المرشح السياسى إذا كان قادرا على تخمين القضايا الرئيسية فإنه عليه أن يعرف مدى أهميته النسبية فى عقول مختلف مجاميع الناخبين، ولذلك توصلت الدراسة إلى أن التسويق السياسى هو ذلك النشاط الذى يستهدف تعظيم وتنظيم عدد المؤيدين لمرشح سياسى أو لحزب معين . وإن التسويق السياسى يتزايد استخدامه فى النظم السياسية الديمقراطية التى يكون فيها دعم الجماهير غاية فى الأهمية لتعزيز السلطة, فالجهة التنظيمية التى تستفيد من التسويق السياسى هى الأحزاب التى أصبحت ذات توجه أكبر نحو السوق وبدأت فى وضع إطار لبرنامجها وسياساتها يتفق مع استطلاعات الرأى والدراسات المسحية للسوق وليست الأحزاب فقط التى تستفيد، ولكن هناك الحملات الرأسية والتى تتمثل فى انتخابات الرئاسة والاستفتاءات والحملات التشريعية والحملات البلدية مثل المحليات والمجالس المحلية وأيضا الحملات الأفقية مثل حملات الانتخابات النقابية واتحادات العمال والانتخابات المهنية، ولكن ما تقوم به هذه الهيئات التنظيمية من تسويق سياسى يتم بصورة خاطئة فى مصر خاصة مع تعدد الأحزاب السياسية والدينية بعد ثورة 25 يناير . تلك المنظمات تعتمد فى تسويقها السياسى على الحرب النفسية والتى يقوم على مبدأ التغلغل إلى ثوابت القيم والقناعات الراسخة والتأثير على الروح المعنوية عند الشعوب بهدف كسرها أو تفتيتها بما يتلاءم مع أهداف الجهة التى تشن هذه الحرب، ومنها محاولة السيطرة على العقول والأفكار للتأثير على الرأى العام, والعمل على إضعاف ثقة الشعب فى نفسها وقياداتها الحاكمة والعمل على تحطيم ترابط الجماهير تمهيد للسيطرة عليها مع استغلال معاناة الشعب من الأزمة التى تمر بها اقتصاديا ونفسيا ومعنويا بالإضافة إلى إضعاف القيم الدينية وتنمية الخلافات الطائفية والحزبية تمهيدا للغزو الفكرى، كما تقوم بتحريف الحقائق واستغلال الثقافة وكبار الكتاب فى تزييف الحقائق معتمدة فى كل هذا على أساليب لتسويق فكرها ومنه الشائعات وافتعال الأزمات وإثارة الرعب والفوضى وغسل المخ كما هو حاصل الآن، وبصفة عامة يتم البحث عن الحجج التى تهدف إلى سحب موافقه الناخبين واختيار هذه الحجج يتم فى ضوء معايير بعضها موضوعى والآخر شخصى. والتسويق السياسى عند تلك المنظمات له قواعده وأساليبه التى تختلف عن تلك المستعملة فى تسويق المنتجات المادية, فمنظمات الأشخاص التى تعد خلية أو مجموعة خلايا من الأشخاص أو الأفراد يتفقون فى الرأى والطبائع ولهم مصالح مشتركة يسعون لتحقيق مطالب وأهداف خاصة مستعملين كل الإمكانيات والوسائل المتاحة لديهم ومنها الاقتباس من التسويق التجارى أساليب واستراتيجيات تكيفها حسب طبيعة منتجها الذى هو مجموعة من الصفات الشخصية وغير الشخصية وفى ضمنها خصائص المرشح وصورة الحزب الذى ينتمى إليه والوعود المقدمة الذى يقبلها الجمهور على أنها تشبع حاجاتهم ورغباتهم.