شهدت الصادرات الوطنية خلال الفترة الاخيرة تراجعا حادا لم تشهدة منذ سنوات عديدة، رغم سياسات إدارة سعر الصرف من جانب البنك المركزى عندما تم خفض الجنيه تدريجيا مقابل الدولار وهو ما يعتبره الخبراء وسيلة دافعة لزيادة قيمة الصادرات الوطنية إلا أن هذه السياسات لم تكن مفيدة ولم تصلح الوضع المتدهور للصادرات المصرية ولم تؤد الى ارتفاع حصيلة الصادرات، فى فترة حرجة وطال التراجع حتى افضل السلع التى كانت تمتلك فيها مصر مزايا نسبية هائلة مثل صادرات القطن والارز فى الاسواق العالمية وهو ما يشير الى وجود مشكلات خطيرة وأزمة واضحة المعالم لابد للحكومة أن تتفاعل معها وتحل لغزها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. الأرقام الرسمية تكشف حصيلة الصادرات المصرية التى انخفضت الى أدنى مستوى لم تشهده خلال الخمس سنوات الأخيرة حيث سجلت قيمة الصادرات الوطنية نحو 23.9 مليار دولار خلال عام 2009/2010 ارتفعت الى 27 مليار دولا عام 2010/2011 رغم اندلاع ثورة يناير فى النصف الاول من العام وبلغت قيمة الصادرات 25.1 مليار دولار عام 2011.2012 ارتفعت مرة اخرى الى 27 مليار دولار عام 2012/2013 وبلغت 26.1 مليار دولار عام 2013.2014 ولكنها أخذت فى التراجع الحاد فى العام الاخير لتصل قيمتها الى 22 مليار دولار بانخفاض يقترب من 19% مقارنة بأعلى حصيلة حققتها الصادرات خلال الفترة. وأشار البنك المركزى الى ان عجز الميزان التجارى خلال العام الاخير ارتفع بنحو 22,7% ليبلغ 29٫6 مليار دولار مقابل 24٫1 مليار دولار بسبب تراجع الصادرات السلعية بنحو 13٫8% والتى بلغت 16٫9 مليار دولار مقابل 19٫6 وقد تراجعت الصادرات البترولية متأثرة بالاسعار العالمية للبترول الخام بنحو 28٫7% خلال الفترة بينما فى المقابل ارتفعت فاتورة الواردات السلعية خلال العام المالى الاخير 2014/2015 مقارنة بالعام السابق لتصل حصيلة الواردات 60 مليارا و843 مليون دولار مقابل نحو 59.8 مليار دولار العام السابق وسجلت الواردات نحو 57.7 مليار دولار عام 2012/2013 وبلغت قيمتها 59.2 مليار دولار عام 2011/2012 ونحو 54.1 مليار دولار عام 2010/2011 ونحو 43.9 مليار دولار عام 2009/2010 قبل الثورة وفقا لبيانات التدفقات النقدية الحقيقية للصادرات والواردات الصادرة عن البنك المركزى المصرى. قد تكون الأزمة ناتجة عن فقدان مصر لعدد من الاسواق نتيجة للاحداث السياسية فى المنطقة منها العراق والتى انخفضت قيمة الصادرات اليها بنحو 39.5% خلال مايو الماضى مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضى وبلغت قيمتها الى ليبيا 60 مليون دولار خلال مايو الماضى وبالطبع قد انخفضت قيمة الصادرات الى اليمن وسوريا وليبيا والتى كانت تشكل نسبة كبيرة من التصدير الي اسواق لبلدان مجاورة وملاصقة الى مصر وبالتالى فإنه يجب علينا البحث عن اسواق بديلة تعوض ما فقدناه وألا تقتصر صادراتنا على القرب الجغرافى المتأزم حاليا. وتأتى أهمية إعادة النظر لحل أزمة الصادرات المصرية من خلال النظر الى الموازين السلعية المهمة للدولة حيث ارتفعت معظم الموازين المهمة ومنها فقد بلغ العجز فى الميزان السلعى للمواد الغذائية كاللحوم والاسماك والالبان ومنتجاتها والبيض والفواكه والثمار والموالح والشاى والتبغ ليصل الى 2 مليار و280 مليون دولار خلال الفترة من يوليو الى نهاية مارس 2015 مقارنة بنحو 3 مليارات دولار الفترة المماثلة من العام الماضى، كما ارتفع العجز فى الميزان السلعى للبترول ليصل الى 2.7 مليار دولار مقابل فائض 162 مليون دولار خلال الفترة وارتفع عجز الميزان السلعى للحبوب مثل القمح والذرة والأرز والحبوب والثمار الزيتية والنباتات الصنعية الى 3.4 مليار دولار مقابل عجز بلغ 3.1 مليار دولار. وبلغ عجز الميزان السلعى للقطن ومنتجاته والمواد النسجية الأخرى 827 مليون دولار مقابل عجز بلغ 690 مليون دولار فقط وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات وزيادة الواردات وكذلك ارتفع عجز ميزان المنتجات للصناعات الكيماوية الى 2.8 مليار دولار مقابل 1.9 مليار دولار وميزان المعدات والآلات الكهربائية ليصل الى 4.3 مليار مقابل 3.5 مليار دولار. وتكشف الأرقام الرسمية للتدفقات النقدية لصادرات القطن عن انخفاض صادرات القطن الخام على سبيل المثال الى 83.8 مليون دولار عام 203/2014 مقابل 120.3 مليون عام 2012/2013 وبلغت 220.9 مليون دولار عام 2010/2011 وبالتالى يفقد القطن عرشة وبريقة كسلعة لها ميزة للتصدير وتدر مزيدا من النقد الاجنبى وكذلك صادرات الارز والتى انخفضت الى 41.5 مليون عام 2013/2014 مقابل 52.9 مليون دولار العام السابق 2012/2013 وكانت صادراته تسجل 215.4 مليون دولار عام 2009/2010 وبالتالى على الحكومة البحث عن اسباب هذا التراجع وعلاجه فى اسرع وقت ممكن. من جانبه يؤكد الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب الخبير الاقتصادى وكيل وزارة التجارة الخارجية للبحوث الاقتصادية أنه رغم انخفاض قيمة الجنيه المصرى خلال الفترة الاخيرة ليفقده اكثر من 10% من قيمته خلال عدة شهور إلا أنه لن يؤثر ايجابيا على حصيلة الصادرات الوطنية ويرى ان فقد مصر اسواق للتصدير فى المنطقة قلل من حصيلة التصدير اضافة الى ارتفاع واردات مصر من البترول وحصولها على حصة الشريك الأجنبى مما ادى الى انخفاض جملة صادرات البترول خلال الفترة الماضية كما ان الصادرات السلعية انخفضت بشكل واضح لأسباب أخرى قد يكون من بينها فشل الحكومة السابقة كليا فى التعامل مع ملف المشروعات المتعثرة او العاطلة، رغم أن الدراسات تقول ان هناك 39 مصنعا تحتاج فقط الى اقل من 100 مليون جنيه لإعادة تشغيلها وهو رقم هزيل جدا. ويطالب «عبدالمطلب» بضرورة الاتجاه الى أفريقيا وروسيا وأوروبا لزيادة الصادرات المصرية كما طالب بضرورة علاج ملف المصانع المتعثرة أو المتوقفة عن العمل خاصة أن الدراسات تؤكد أن الأموال المطلوبة لتعويم هذه المصانع ليست كثيرة، ويمكن للبنوك اتاحتها بشرط ضمان عدم استيلاء الحكومة عليها وفاء لديون الكهرباء، أو التأمينات وغيره والعمل على حل المشكلات التى تساعد على حل عوائق التصدير وفتح اسواق جديدة للصادرات الوطنية والعمل على استعادة الدولة لميزتها التنافسية فى انتاج السلع التى تتميز بها عبر التاريخ واهمها القطن والأرز. ويؤكد ناصر بيان، رئيس مجلس الأعمال المصري الليبي ان هناك اسبابا لتراجع الصادرات الوطنية اهمها ان العالم الآن تجتاحه موجة كساد تجارى بصفة عامة وتواجه الانشطة التجارية ومنها التصدير تحديات فى المنطقة العربية بصفة خاصة نتيجة لتأثر دول المنطقة بالاحداث السياسية والقلاقل المتعددة التى تشهدها لافتا الى ان 80% من الصادرات المصرية تتم مع الدول العربية وهذه المنطقة بها حروب وقلاقل فى اليمن والسعودية والكويت ودول الخليج اضافة الى توابع الثورات والحرب على الارهاب بعدها فى الدول الاخرى فى سوريا وليبيا وهذه أحداث تجعل المصدرين لا يقبلون على استمرار التصدير وسط هذه المخاطر نتيجة للانفلات الأمنى وتعرض الصادرات للتعدى سواء على السيارات المحملة أو العمالة. ويشير «بيان» الى أن حل الأزمة حاليا لابد أن يكون فى السعى لفتح اسواق جديدة خاصة التوجه نحو السوق الروسى والذى وصفه بأنه سوق واعد لمصر معتبرا إياه أنه سوق بكر يسهل اقتحامه من جانب المصدرين مطالبا وزارة التجارة والصناعة بإقامة معارض لمختلف السلع المصرية بالسوق الروسى لتحفيز المصدر المصرى وقال إن السلع الغذائية المصرية هى التى ذهبت الى روسيا وبالتالى عرفوها واعتمدوا عليها أما السلع الأخرى فلم يتعرفوا عليها وأن زيادة المعارض منها تفتح مجالات جديدة للتصدير وأوضح أن حالة عدم الاستقرار فى الجارة الشقيقة ليبيا أدت الى تراجع الصادرات اليها ولكن السعى لتشكيل حكومة جديدة هناك ربما يؤدى الى الاستقرار ويقلل المخاطر الامنية التى تؤثر على التصدير والتجارة مع ليبيا موضحا ان ليبيا تحصل على معظم احتياجاتها من السوق المصرى.