لم نكن نعرف اسم عبدالواحد النبوي الذي اختير فجأة ليكون وزيراً للثقافة.. وتخيلت أن يجىء الرجل ومعه خطة طموحة لإصلاح واحدة من أهم الوزارات تحولت علي مدار سنوات إلي مجرد وزارة ترفيهية لا تؤصل ولا تبني للأجيال.. وصار هذا المفهوم هو الشيء الذي ساد في مخيلة الجميع حتي المسئولين.. هؤلاء الذين تولوا الوزارة في السنوات الأخيرة هم ليسوا أبناء ثروت عكاشة الوزير المناضل الذي تسلم الوزارة في حالة خمول وحولها إلي كتلة من التثوير والتنوير.. لا تزال تعيش ثقافة مصر علي إنجازاته.. لكن عبدالواحد النبوي - جاء وزيراً للثقافة - واعتكف في مكتبه لا أحد يدري ماذا ينوي أو ماذا يخطط، فقد أبعد المثقفين من حوله، ولا أعرف هل كان هذا التصرف نتيجة ما وجده من حصار سنوات سابقة، كان فيها كثير من المثقفين ليسوا في حجم المسئولية أو هم بالفعل ضد المصلحة العامة، وحتي الآن كثير من هؤلاء يسيرون ضد الثقافة بالمعني الحقيقي ولا يهمهم سوي المنافع الشخصية والتقرب من المسئول الأول بالوزارة، ليكون هو الباب الملكي لهذه المنافع الشخصية، ولكن «نبوى» لم يختبر تواجده مع المثقفين.. وتعالي عليهم.. وتفنن في عزل نفسه، فلم نجده في كثير من الفعاليات الثقافية والفنية وكل ما فعله كان تغيير أغلب قيادات وزارة الثقافة في هيئاتها الرئيسية، وهو تغيير لم يشف غليل المثقفين والفنانين والأدباء.. بل أغلب التغييرات كانت سلبية.. واليوم نجد مثلاً هيئة قصور الثقافة التي هي من المفترض أن تكون في حد ذاتها الكيان الأعلي صوتاً في الوزارة.. بل هي وزارة ثقافة في وصولها إلي أصغر قري ونجوع مصر.. هيئة قصور الثقافة متوقفة تماماً عن العمل والإصدارات توقفت، وزيارة سريعة لأي من فروعها نجد موظفين علي مكاتبهم يشبهون الشكل السائد الساخر في الأفلام الكوميدية.. حالة كساد غريب وكانت هيئة قصور الثقافة خلية نحل في عهود سابقة أشهرها فترة تولي حسين مهران الهيئة لسنوات، ثم فترة د. أحمد نوار، ود. علي أبوشادي، وجاء المثقف الواعي د. أحمد مجاهد، فكان ثورة في التطوير والتنقيب عن مواهب في أقصي صعيد مصر.. وغير هؤلاء من أسماء مهمة تولت إدارة هيئة قصور الثقافة.. اليوم أهم هيئات الثقافة تكاد تكون متوقفة.. الوزير النبوي لا نعرف حتي الآن بعد شهور من تولية الوزارة ما خطته نحو تطوير الثقافة في مصر وما خطواته المستقبلية للنهوض بأكاديمية الفنون وبهيئة الكتاب، خاصة في وقت هناك تحديات كثيرة نحو هاتين المؤسستين.. الوزير «نبوى» غامض ولا أعرف إلي متي سيظل معتكفاً بعيداً عن الجميع.. لا يريد أن يخرج من مكتبه! [email protected]