مشروع إنشاء مراكز الرعاية الشاملة لذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً، ربما يصبح العصا السحرية التى ستحول جحيم تعيشه آلاف الأسر إلى راحة بعد طول عناء، فالمشروع الذى يتبناه الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً ويوليه عناية خاصة يأتى فى ظل مآس تحيط بالعديد من الأسر التى رزقها الله بطفل يعانى من إعاقة ذهنية، وذلك بعدما عجزت المراكز المحدودة عن سد الاحتياجات الفعلية لهذه الأسر وأطفالها، وبعد أن أصبحت المراكز الخاصة للأثرياء فقط، سبق وأن اجتمع الرئيس السيسى بالقائمين على مشروع إنشاء مراكز الرعاية الشاملة لذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً، وأستمع من القائمين على المشروع الأهم ملامح تصورهم لإنشاء مراكز متكاملة تقدم الرعاية الشاملة لذوى الإعاقات الذهنية وصعوبات التعلم والاضطرابات السلوكية إضافة إلى المصابين بالتوحد الذين يمكن تأهيلهم للعمل فى تخصصات مختلفة داخل وخارج هذه المراكز باندماج كامل مع كافة شرائح المجتمع، الرئيس أكد أن ذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً لديهم القدرة على العطاء ويتعين تنمية مهاراتهم لمساعدتهم على الاندماج فى المجتمع والمساهمة فى العمل والإنتاج، وشدد على ضرورة عدم عزل ذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً بل والعمل على دمجهم مع أقرانهم فى المجتمع ليتمتعوا بحياة طبيعية تساهم فى الارتقاء بمستوى إدراكهم وتحسين مهاراتهم، وذكر القائمون على المشروع أنه يهدف إلى تمكين ذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً من ممارسة حياتهم بشكل مستقل وكريم من خلال تقديم كافة أشكال الدعم والرعاية لهم ولأسرهم بداية من التشخيص الدقيق وكذلك إعداد البرامج التأهيلية المتخصصة وتذليل العقبات التى قد تعوق مسيرة ذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً وخلق بيئة تخضع لمعايير حديثة وعالمية تحتضنهم، ومن المقترح أن تكون هذه المراكز مفتوحة ومتاحة للجميع وليس فقط لذوى الاحتياجات الخاصة فكرياً حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم بجانب أقرانهم من كافة شرائح المجتمع دون تمييز أو اختلاف ومن المستهدف أن تساهم هذه المراكز فى البحث العلمى والعمل الميدانى والتأهيلى وتوفير فرص عمل وتشغيل الشباب، الرئيس عبدالفتاح السيسى أوصى بضرورة مراعاة عدالة توزيع هذه المراكز على مستوى الجمهورية لتغطية أكبر عدد ممكن من المحافظات. وربما تأتى فكرة هذا المشروع لتحل أزمات آلاف الأسر التى تعانى من أجل إلحاق طفلها المصاب بأحد الإعاقات الذهنية، بمدرسة أو مركز لتأهيله وإدماجه مع المجتمع، حيث تشهد العديد من الحالات أن تأهيل هؤلاء الأطفال يمثل رحلة عذاب لهم ولأسرهم بعد أن عجزت المراكز والمدارس الموجودة عن استيعاب الأعداد المتزايدة منهم، كما لا تتوافر بها الرعاية والتأهيل المطلوبين، مما يضطر الأسر للبحث عن دور الرعاية الخاصة التى يعانى معظمها من مشكلات فى التمويل ويعمل الكثير منها بنظام التقسيم ما بين القبول المجانى وقسم آخر بمصروفات وبعضها يعتمد على التبرعات، أما كثير من هذه المراكز الخاصة فتطلب مصروفات باهظة تصل لمئات الآلاف من الجنيهات تعجز أغلب الأسر عن الوفاء بها.. فتتضاعف المأساة. حكت لى إحدى الأمهات عن عذابها فى البحث عن مركز يرعى طفلها الذى ولد مصاباً بمشكلات ذهنية وضمور فى المخ وفرط حركة، وقالت إنه يعيش على المهدئات التى تكلفها ضعف المعاش التى تتقاضاه عن والدها، بعد أن طلقها زوجها، وقالت إن أغلب الجمعيات الخاصة رفضت طفلها ولم تجد له مكاناً فى مركز حكومى أما الجمعيات الخاصة فهى باهظة التكاليف ولا تقدر على دفع مصروفاتها، والنتيجة أن الولد يمثل ليس فقط عبئاً عليها وإنما خطر لفرط حركته وعنفه وهى لا تعرف كيف تتعامل معه خاصة فى فترة المراهقة، لأنه يحتاج إلى علاج وتأهيل وجلسات تخاطب لا تقدر على تكاليفها. مأساة أخرى تعيشها هبة وهى ممرضة بأحد المستشفيات الحكومية ورزقت بطفل يعانى صعوبات تعلم وفرط حركة قالت إنها أنفقت عليه كل ما تملك هى وزوجها استدانت لتأهيله وعمل جلسات له فضلاً عن علاجه المكلف وأكثر من مرة طالبت بإيداعه بأى مدرسة أو مركز حكومى للتعامل مع مثل هذه الحالات لكن للأسف دون جدوى. حالات خاصة! عبير محمد، خبيرة التأهيل لذوى الإعاقات الذهنية ومديرة أحد مراكز الرعاية الخاصة، قالت: المشكلة إن الأهالى بالفعل أغلبهم غير قادرين على مواجهة مصاريف المراكز الخاصة بعضها يصل ل70 ألف جنيه أو أكثر سنوياً، والحكومية نستطيع أن نقول إنها غير موجودة، أما الجمعيات الأهلية فتعانى لعدم وجود دعم والمدرسون لا يرضون بالعمل بها لضعف الرواتب وتكلفة الطفل 2000 جنيه شهرياً ما بين أجر المدرسين والتجهيزات والأدوات واخصائيى التخاطب الجلسة تتكلف 50 جنيهاً والطفل يحتاج خلال اليوم من 4 إلى 5 جلسات وقالت عبير محمد: المراكز تحتاج إلى عناصر عديدة تكفل لها النجاح أولها أن يعمل بها من يحب هؤلاء الأطفال ويؤمن بعمله بعيداً عن المال والبحث عن التربح. ثانياً أن يكون مؤهلاً ومدرباً بشكل جيد للتعامل مع هؤلاء الأطفال ولا يتعامل بمنطق الوظيفة فليس من الشرط أن يكون حاملاً لليسانس آداب وبكالوريوس تربية خاصة أو رياض أطفال المهم أن يكون مؤهلاً نفسياً وتربوياً لهذا العمل كى يضمن له النجاح على ألا يزيد عدد الأطفال فى الفصل الواحد على 5 تلاميذ وهناك فرق بين مدارس التربية الفكرية التابعة للتعليم ومراكز التأهيل سواء جمعيات أو مؤسسات، أما بالنسبة للأعمار فهناك ما قبل المهنى وهذا من 10 سنوات إلى 14 سنة، حيث يتم اكتشاف قدرات ومهارات الأطفال فى هذا السن وتأهيله مهنياً بناء على ذلك، أما بعد 14 سنة فهو سن التأهيل المهنى، وأساساً يجب أن يقبل الأطفال فى سن مبكرة فى هذه المراكز لاكتشاف قدراتهم ومهاراتهم ودرجات إعاقاتهم ليتم التعامل على أساس ذلك، وتطالب عبير محمد بضرورة حصر الجمعيات والمراكز الخاصة وبحث احتياجاتها ودعم الجاد منها.