أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان عن تقريره السنوى الذى يغطى الفترة من 30 يونيو 2013 إلى آخر ديسمبر 2014، والتقرير عبارة عن ستة أقسام – القسم الأول عن حالة حقوق الإنسان فى هذه الفترة– القسم الثانى جهود معالجة الشكاوى– والثالث جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان– والرابع يغطى إستراتيجية عمل المجلس وإعادة هيكلة بنيته الداخلية– والخامس توضح تعاون المجلس على المستوى الوطنى و الإقليمى و الدولى– وأخيرا القسم السادس و يحتوى على التوصيات الذى يقدمها المجلس . حالة حقوق الإنسان: أولا : الإرهاب و إستخدام الإخوان للعنف الممنهج كانت أكبر الانتهاكات وأوسعها خلال هذه الفترة، ما قام به الإرهاب فى سيناء، حيث ارتفع عدد جرائم الإرهاب التى استهدفت قوات الجيش و الشرطة وعددا غير قليل من المدنيين بشكل غير مسبوق، إضافة إلى ضحايا أحداث التجمع المسلح للإخوان المسلمين فى منطقة رابعة و النهضة و فضهما، و العنف الممنهج الذى بدأه الإخوان المسلمين و مؤيدوهم بمجرد البدء فى فض رابعة و النهضة، وتبنى الإخوان إستراتيجية متكاملة تستهدف تقويض أركان الدولة والإخلال بالأمن و ترويع المواطنين، وشل البلاد عبر تغييب سلطة القانون وتعطيل الخدمات العامة و ضرب المرافق الخدمية بما فى ذلك خطوط و وسائل النقل و محطات توليد الطاقة، و شل العملية التعليمية، والهجمات المسلحة على المنشآت العامة والمنشآت الأجنبية والمحاكم والكنائس وملحقاتها ومنازل المواطنين المسيحيين والمتاحف والمراكز الثقافية ومديريات الأمن، مع خطة إعلامية تحرض على العنف، وتأجيج الكراهية وفقدان الثقة . وقد ترتب على ذلك إنتهاك جسيم للحق فى الحياة فقد بلغ عدد الضحايا خلال هذه الفترة 2600 ضحية منهم 700 من ضباط و جنود الشرطة و الجيش، 550 من المدنيين الذين سقطوا نتيجة أعمال عنف إرتكبتها المليشيات المؤيدة لتنظيم الإخوان و الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى 1250 من المنتمين لتنظيمات الإخوان المسلمين و مؤيديهم . ثانيا: وفيات فى أماكن الاحتجاز توفى العشرات من المتواجدين رهن التحقيق فى مراكز الإحتجاز، و قد أعلنت وزارة الداخلية ( فى 24/11/2014 ) أن عدد الضحايا 36، و تشير أرقام متفاوتة لجماعات حقوق الإنسان إلى ما بين 80 إلى 98، وأن أغلب هذه الوفيات يرتبط بسوء الظروف المعيشية و الصحية و التكدس الحاد فى مراكز الإحتجاز المؤقتة فى أقسام الشرطة و فى السجون . وقد بلغ التكدس وفقا لما أعلنته وزارة الداخلية فى الأقسام إلى 400 %، و فى السجون إلى 160 %، مما يجعل الحياة داخل هذه الأماكن بالغة الصعوبة، وظاهرة الوفاة داخل أماكن الإحتجاز– كانت إختفت تماما، ولكنها تعود مرة ثانية، صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أن أى من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب إلا أنه أيضا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك، وبطبيعة الحال فإنه مطلوب إيجاد حل سريع لمشكلة التكدس داخل أماكن الاحتجاز . ثالثا: الأمن والأمان الشخصى والمقصود بها التوسع فى الحبس الإحتياطى لفترات طويلة للمشتبه فيهم، و طبعا سيكون فيهم من تبرأ ساحته، فيصبح الحبس الإحتياطى فى هذه الحالة عقوبة على جرم لم يرتكب، ويطالب المجلس القومى لحقوق الإنسان بوضع حد أقصى مقبول للحبس الإحتياطى، كما يطالب بإخلاء سبيل الحالات الإنسانية و الصحية من كبار السن و المرضى، و كذلك الطلبة الذين لم يتورطوا فى أعمال عنف . رابعا: قضايا عامة التقرير يرصد الإنتهاكات المختلفة و يتناول فى فصله الأخير حزمة من التوصيات التى تلبى إلتزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان و تتفق مع مبادىء و توجهات دستور 2014 و ثورتى يناير و يونيو، يوضح مواقفه من القضايا الأخرى: - فما زال المجلس يطالب بتعديل قانون التظاهر السلمى . - ويطالب بوقف إذاعة ما يسمى بالتسريبات التى تمس أشخاص دون تحقيقات قضائية . - يؤكد حق أصحاب الأديان الأخرى – غير الأديان السماوية – فى الحصول على الأوراق الثبوتية و منها الزواج . - و يعطى المجلس أهمية قصوى لقانون الجمعيات . - و ما يتعرض له العمل النقابى من أزمات نتيجة الجمود التشريعى . - و إصدار قانون بناء و ترميم الكنائس . - و هناك توصيات عديدة أخرى فى مجال الحقوق المدنية و السياسية . الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يرصد التقرير ما تضمنه الدستور من إلتزامات فى مجال تلبية الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و حقوق الأولى بالرعاية ويسجل ما ذهبت إليه التقديرات المستقلة بتضاعف معدلات الفقر خلال السنوات الثلاث السابقة على الفترة التى يغطيها التقرير، كما يرصد التقرير التخفيض الجزئى لدعم الطاقة و الذى أدى لتداعيات سلبية على مستويات أسعار السلع و الخدمات الأساسية بما فى ذلك الغذاء، و لكنه يرصد أيضا التحسن الكمى و النوعى فى منظومة الدعم السلعى للفقراء و التى تخدم شريحة تزيد على ثلثى السكان، جنبا إلى جنب بعض التدابير المؤقتة لمحاربة الإحتكارات و الغلاء التى تبقى خطوات أولية . و يرصد التقرير الإرتفاع المتزايد فى أسعار الأدوية ، و إمكانية إستمرار تفاقم أزمة الدواء نتيجة ضغوط الملكية الفكرية ، و يرصد أيضا نجاح الدولة فى جلب عقار دواء السوفالدى لمعالجة المصابين بفيروس سى الكبدى ، و تصنيعه فى مصر. و على صعيد الحق فى التعليم يرصد التقرير إستمرار الأزمة الهيكلية فى الميزانية التى تلتهم الأجور و المصروفات الإدارية أغلبها، و التحديات المرتبطة بإشكالية تنقية المناهج . ويشير التقرير إلى أزمة إستيعاب الأجيال الجديدة فى العملية التعليمية لإنخفاض معدلات بناء المعاهد التعليمية ، و الزيادات المستمرة فى الرسوم المالية للمدارس الخاصة و الأجنبية ، وإستمرار ظاهرة الدروس الخصوصية، ويسجل التقرير بقاء ظاهرة العمالة المؤقتة . بعض الإيجابيات فى مسار حقوق الإنسان هناك إنجازات فى البنية الأساسية لحقوق الإنسان تحققت بفضل ثورتى 25 يناير و 30 يونيو ، و منها على سبيل المثال : أولا: دستور 2014: لاشك أنه طفرة غير مسبوقة فى تعزيز الحريات و إحترام الحقوق و حمايتها، و عكس ما عبرت عنه شعارات الثورتين، وإن كان مازال يحتاج إلى تفعيل من خلال تشريعات جديدة و تعديل العديد مما هو قائم، و لاشك أن هذا الدستور رفع سقف المطالبة بالحرية بإعتباره العقد الإجتماعى بين الدولة والمجتمع . ثانيا: الخلاص من فرض الطوارىء: فقد حكمت مصر لفترات طويلة تحت إعلان حالة الطوارىء، اليوم خلصنا من هذه الحالة و التى إستمرت 32 عاما متواصلة، تعطل فى ظلها الحريات و حقوق الإنسان، و عندما إقتضت الضرورة فرض حالة الطوارىء فى 30 يونيو 2013، فرضت فقط لمدة 3 شهور، و لم تستخدم إلا فى حدود فرض حظر التجول ليلا بدعم من القوات المسلحة للشرطة. ثالثا: عدم اللجوء إلى المحاكم الإستثنائية: رغم قيام ثورتين إلا أنه لم تجرى أى محاكمات إستثنائية مخالفة للدستور ، و حوكم قادة تنظيم الإخوان المتهمون أمام قاضيهم الطبيعى . رابعا: إجراء إنتخابات و إستفتاءات سليمة: من إنجازات ثورة 25 يناير أننا أصبحنا قادرين على إجراء إنتخابات سليمة بالمعايير الدولية، و إستفتاءات سليمة، وهو ما كنا نعجز عنه قبل ثورة يناير . خامسا: مزيد من التشريعات لحماية المرأة: لاشك أن التشريعات التى صدرت خلال هذه المدة والخاصة بحماية المرأة من العنف وجرائم التحرش والإعتداءات الجنسية بشكل خاص، و ضمان ممارستها و تمتعها بحقوقها على قدم المساواة، كل ذلك ساهم فى بناء بيئة مؤسساتية تراكمية لحماية المرأة من العنف بشكل عام، وقد صدر بالفعل حكم بحبس أحد الأطباء لإجراء عملية ختان لإحدى الفتيات . سادسا: هناك إرتباط شديد بين الأمن و حقوق الإنسان، بمعنى أنه لا يوجد أمن بدون إحترام حقوق الإنسان ، كما أنه لا حقوق إنسان بدون أمن. القسم الأخير: التوصيات يعرض فيها المجلس التوصيات العملية التى قدمها إلى آلية المراجعة الدورية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عند مناقشة تقرير مصر الوطنى ، و هى التوصيات التى بلورها المجلس بعد جولات من المشاورات الوطنية الموسعة وورشات العمل و الندوات التى يشارك فيها المجتمع المدنى و ذوى الإختصاص . و تشمل : أولا: التوصيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية: و هى حزمة من التوصيات التى تلبى إلتزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان و تتفق مع مبادىء و توجيهات دستور 2014 و كذلك ثورتى 25 يناير و 30 يونيو . و منها على سبيل المثال : - إصدار قانون بناء و ترميم الكنائس . - إصدار قانون بإنشاء مفوضية تكافؤ الفرص و حظر التمييز . - تعديل قانون العقوبات ليتواءم مع إتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التعذيب . - يوصى المجلس بوقف الضغوط و القيود التى تمارسها الجهات الإدارية على الجمعيات الأهلية وفقا لقانون 84 لسنة 2002 لحين إصدار قانون الجمعيات المرتقب من مجلس النواب . - القضاء على العشوائيات فى مدة زمنية محددة . - تعديل قانون المرافعات و الإجراءات الجنائية لضمان المحاكمة العادلة و الناجزة و تطوير نظام العدالة . - و إصدار عدد من التشريعات و تعديل بعض القوانين القائمة إلخ ... مما هو مذكور فى هذا البند . ثانيا: التوصيات الخاصة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية: أوضح أن المجلس يعمل على دمج حقوق الإنسان فى خطة التنمية، قناعة منه بأن التنمية لم تعد مجرد نموا إقتصاديا فقط ، و إنما عليها أيضا أن تلبى كافة معايير حقوق الإنسان . - وعلى هذا الأساس حرص المجلس على تنظيم العديد من ورش العمل و الندوات المتخصصة فى مختلف المجالات ( فى الصحة + فى التعليم + فى العمل +فى البيئة –إلخ ... ) بمشاركة فاعلة من جانب الوزارات و الأجهزة الحكومية المختلفة بجانب مؤسسات المجتمع المدنى و الهيئات المختلفة ذات الصلة بهدف أن تتمكن كل من تلك الوزارات و الأجهزة بإدراج حقوق الإنسان فى سياق خطتها للتنمية . وستجدون نتائج هذه الندوات و ورش العمل تشكل توصياتنا فى مجال الحقوق الإجتماعية و الإقتصادية . وفى النهاية : يتطلع المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى إستكمال خطة المستقبل التى حددتها ثورة 30 يونيو بالإنتهاء من الإنتخابات البرلمانية التى نستكمل بها النظام السياسى فى أقرب وقت ممكن . وأخيرا: يتطلع المجلس إلى أن تقوم السلطات السياسية بتطوير قانون تأسيسه على نحو يمكنه من النهوض بمسئولياته و المهام الملقاه على عاتقه ، و أن يكون القانون متمشيا مع المعايير الدولية.