«فات الميعاد» هذا ادق وصف علي تحرك وزارة المالية لاجراء تعديلات علي قانون ضرائب البورصة لالغاء الازدواج الضريبي، وتوحيد المعاملة الضريبية بين المستثمر المحلي والأجنبي فيما يتعلق بضريبة الأرباح الرأسمالية، من خلال إلغاء نسبة 6% التي يتم تحصيلها بشكل فوري من الأجانب، لكن التحرك جاء بعد «خراب مالطة». كل هذه التعديلات لم تشفع للبورصة بالتماسك وتغير دفتها من الانهيارات التي تكبدتها الجلسات الماضية او حتي تتنفس الصعداء، ويبدو ان هذه الاجراءات المرتقبة لن تغير من الامر شيئا، وبالتالي « لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها». المشهد بات اكبر وعلي الحكومة انقاذ البورصة، بإجراءات فورية لتأجيل الضريبة او العمل علي الغائها واستبدالها بضريبة الدمغة، باعتبارها اخف الاضرار، فالوضع يزداد يوما بعد الآخر سوءا، وليس اسوأ من قرار مؤسسة مورجان ستانلي باستبعاد المصرية للاتصالات من مؤشر الشركات الكبيرة، وخروج شركة مارديف من مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهذه مؤشرات تهدد باستبعاد البورصة من «ستانلي»، ووقتها تتحول البورصة الي سوق محلي، وتكون شهادة وفاتها رسميا، حيث إن مؤشر «ستانلي» يعتبر استرشادياً للمستثمرين الأجانب وصناديق الاستثمار العالمية، اذ يتم الاعتماد عليه بشكل أساسى فى اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، ويقومون بتوزيع استثماراتهم على الأسهم المدرجة به وفقاً للأوزان النسبية لكل منهم، وهو ما يشير إلى أن حذف السوق منه يعنى خروجه من توجهات المستثمرين وصناديق الاستثمار الأجنبية، وبالتالي سيؤدى لتراجع كبير فى الاستثمارات الأجنبية الموجهة للبورصة ربما لا يعوضه تعافى السوق بعد ذلك. المراقب للمشهد في البورصة منذ 15 «مارس» الماضي بالتزامن مع مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وحتي جلسة الخميس الماضي،يتبين ان القيمة السوقية للأسهم فقدت نحو 43 مليار جنيه و1400 نقطة، وهو ماتسبب في فقدان المستثمرين لمحافظهم الاستثمارية، وبالتالي حدوث حالات انتحار، واخرها القاء مستثمر نفسه أمام قطار المترو بمحطة غمرة. لم يعد المشهد يحتاج صبرا بعد ذلك، وعلي الحكومة التدخل الفوري، حتي لا تتكرر سيناريوهات الانتحار مع صغار المستثمرين، فليس من المعقول ان ينجو المؤشر من الحذف فى أعقاب ثورة ال 25 من يناير عندما تم غلق البورصة قرابة 50 يوما ، بسبب عدم الاستقرارالسياسي ، ثم تكون حاليا مهددة لأسباب فنية بعد تدنى أسعار الأسهم وتراجع معدلات السيولة لمستويات مخيفة، بالاضافة الي عدم قدرة الاجانب علي التحويلات النقدية. «كارثى» هكذا كان تعليق الدكتور مدحت نافع المتخصص في الاستثمار والتمويل، إذ إنه مع خروج المصرية للاتصالات لم يعد بالمؤشر سوى 3 شركات من مصر منها شركة مهددة بالخروج، وهذه الشركات تتمثل في التجاري الدولي، جلوبال تليكوم، المصرية للاتصالات ، وبالتالي قد يعقبها خروج مصر تماماً من المؤشر، في حال استبعاد شركة اخري من الشركات المدرجة بالمؤشر، اذ تشترط معايير المؤشر، وجود 3 شركات علي الاقل. «السوق شهد في بعض الجلسات صعوداً، بسبب شائعات التعديل الوزاري، والذي توقعه البعض ايجابيا علي السوق حال رحيل المتسببين من وزراء المجموعة الاقتصادية في وصول الامر بالبورصة الي السوء» بحسب «نافع». «اذ كانت تصريحات وزير المالية بأن الاقتصاد ليست اوضة ومكتب» فإن مؤشرات هذا المكتب تسبق مؤشرات الاقتصاد، إذ إن البورصة تحدد وضع الاقتصاد وهو ماقاله الدكتور معتصم الشهيدي خبير سواق المال وتابع ان « البورصة سقطت من حسابات الحكومة، وتحتاج انقاذا سريعا، من خلال مساندتها والعمل علي ادراج وطرحها شركات ذات وزن ثقيل، قادرة علي جذب شرائح جديدة من المستثمرين والمؤسسات المالية. «خروج المصرية للاتصالات اثر سلبيا علي على السوق الذي يعاني من مشاكل داخلية نتيجة سوء القرارات الادارية» يقول محمد بهاء الدين النجار ان «خروج المصرية للاتصالات من المؤشر يرتبط بالنتائج السيئة لقطاع الاتصالات بعد التدهور الواضح الذي اصاب تاجيل الشبكة الرابعة للمحمول و التى كانت الشركة المصرية للاتصالات تطمع ان تكون صاحبة الامتياز فيها، بالاضافة الي الأداء السيىء لشركة جلوبال تليكوم و التهديد بسحب تراخيصها فى زيمبابوى ثم الخسائر الشديدة التى اصيبت بها المصرية لخدمات التليفون المحمول موبينيل من تدهور واضح فى نتائج اعمالها ثم غياب وضوح الرؤية فى استراتيجية اوراسكوم للاعلام و الاتصالات كانت وراء المخاوف من تلك الصناعه» وقال متسائلاً: «هل ستكون الصدمة التالية هي خروج مصر من مؤشر الاسواق الناشئة وهل ستكون الحكومة المصرية صاحبة البحث عن الحلول ام عقبة شديدة التأثير على الاستثمار فى مصر؟»، وبالتالي علي الحكومة وقيادات سوق المال سرعة التدخل واتخاذ القرارات الهامة التي تحافظ للسوق قوته ومميزاته التنافسية بالمنطقة. الحكومة غير مهتمة بالسوق الثانوى «التداول» بحسب قول محمد علام خبير اسواق المال على اساس انه لايتحقق عنه قيمة مضافة وانه يجب الاهتمام بالسوق الاولى «الاكتتابات» لانها تحقق قيمة مضافة بانشاء شركات جديدة أو توسعات لشركات قائمة وهذا نظرياً، الا ان هناك اعتقاد خاطئاً، حيث ان السوق الثانوى هو اساس نجاح السوق الاولى ولن تنجح اى طروحات اولية الا فى وجود سوق تداول كفء نشط وناجح يضمن دخول وخروج المستثمر فى اى وقت وبأقل تكلفة ممكنة تراجعت احجام التداول علي اسهم المصرية للاتصالات بشكل كبير، حيث انخفضت خلال الربع الاول من العام المالي 2015 و بلغت كمية التداول علي أسهم الشركة 53,980,505 أسهم في ثلاثة اشهر وفقاً لقول صلاح حيدر المحلل المالي، الا انه من المتوقع ان تعاود الشركة نشاطها مرة اخري مع بدء تفعيل الرخصة الرابعة للمحمول. اذن المشهد يزداد سوءا وعلي الحكومة إنقاذ الحال، حفاظا علي اموال المستثمرين، فهل يتحقق ذلك قبل «البكاء علي اللبن المسكوب» ام يظل المشهد كما هو؟