كشف الدكتور محمد سامح عمرو، سفير مصر باليونسكو، ورئيس المجلس التنفيذى للمنظمة، أن المنظمة تسعى إلى وضع برنامج عمل متكامل يهدف إلى توحيد الروئ لمواجهة من يسعون إلى بث روح العنف والتطرف والحض على الكراهية بين الشعوب. جاء ذلك خلال الكلمة التى ألقاها فى الجلسة الافتتاحية لأعمال الدوره 196 للمجلس، امس الاثنين، كشف خلالها برنامج حول كيفية تطوير دور اليونسكو ليواكب تحديات المرحلة وبما يمكن المنظمة لتنفيذ رسالتها السامية التي أنشئت من أجلها وهي "بناء حصون السلام فى عقول البشر" التى تهدف للارتقاء بالإنسان والحفاظ عليه، باعتباره مصدر الإبداع ومحرك الحياة. وان البرنامج المقترح سوف يطرح على المجلس التنفيذى فى دورته المقبلة والمؤتمر العام للمنظمة في الخريف المقبل، وأن يكون هدف البرنامج هو كيفية تحويل رسالة ومبادئ اليونسكو إلى واقع أكثر رسوخاً وأكثر قدرة على مواجهة تحديات التطرف والتمسك بالرأى الواحد ومجابهة التعصب. ومن هذا المنطلق، أكد على استعداده بصفته رئيس المجلس لتلقى الأفكار والمقترحات كافة من الدول الأعضاء، ووعد بأنه سوف يسعى لفتح قنوات الحوار وتهيئة المناخ المناسب لتبادل الأفكار للخروج ببرنامج عمل يستجيب لطموحاتنا. مؤكدا خلال كلمته على ضرورة التوصل الى بيئة مناسبة لتحقيق "التعاون الفكرى"، تعكس وعينا بالواقع الذى نعيش فيه والمخاطر التى تحدق بنا من داخل المجتمعات، وأنه لا سبيل الا أن نجاهد هذا الفكر المتطرف الا من خلال الفكر العاقل وان نواجه من يقولون بعدم إمكان تحقيق التعاون الفكرى على أساس وجود اختلاف بين الثقافات، لأن هذه ذريعة يحاول البعض استغلالها كى يسود الفكر المتطرف ويقودنا لموجات من الإرهاب الأعمى فى أرجاء المعمورة. أوضح رئيس المجلس التنفيذى لليونسكو بأننا ننشغل جميعا عندما نعلم بخبر لهجوم مسلح على جامعة أو مدرسة أو تدمير عمدى لمتحف أو لموقع أثرى أو الاعتداء على روح إنسان بسبب فكره أو عقيدته، ونتساءل ما دور هذه المنظمة التى قامت لتحقيق التعاون الفكرى بين شعوب العالم. مشيرا الى ان كل اعتداء مما سبق هو بمثابة اعتداء على اليونيسكو نفسها باعتبارها المنظمة الدولية المعنية بالتعليم والثقافة والعلوم. وقال علينا مواجهة الحقيقة ولا نتذرع بضعف الامكانات المالية للمنظمة أو نكتفى بأن يصدر بيان بالتنديد أو الإدانة مع كل حدث، ثم يدخل الحدث دائرة النسيان إلى أن نواجه بحدث جديد مماثل، فتثور الشواغل نفسها ويتكرر المشهد ذاته. كما اكد الدكتور عمرو أنه لا يجوز أن نشعر بأننا نعيش فى جزر تتبادل فيما بينها نداءات ترسلها عبر محيطات من سوء التفاهم، ويجب علينا أن نعرف أنفسنا ومن حولنا لأننا نعيش فى عالم صغير. وأضاف، أين نحن مما ردده قادة الفكر فى العالم عبر العصور، مثل "فولتير"، حيث قال فى القرن الثامن عشر "قد اختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد أن أموت دفاعاً عن حقك في أن تبدي رأيك". كما استرشد بمال قاله الفيلسوف العربى ابن رشد عندما قال "من العدل أن يأتى الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتى بها لنفسه، وأن يقبل لهم من الحجج النوع الذى يقبله لنفسه". وأخيرا ما قاله غاندى بأن "عليك أن تكون أنت التغيير الذى تريده للعالم". وتضمنت كلمة الدكتور عمرو رسائل عدة وجهها للدول الأعضاء بالمنظمة، منها أن الجمود هو مصدر التطرف الفكرى، وأنه يجب معاودة النظر فى كل الأمور من وقت لآخر باعتبار ذلك أهم مفاتيح التقدم، وانه يجب السعى دائما للتحديث، وان تكون لغتنا متجددة بما يتناسب وطبيعة وآليات العصر ونوعية التحديات. وشدد على ضرورة ان نتحمل مسئوليتنا تجاه الأجيال الحاضره والمقبلة وأن نعمل على تهيئة البيئة المواتية ليس فقط لضمان حرية التعبير عن الرأى وإنما لضمان أن ما يتم التعبير عنه لا يساء فهمه، أو أن يستغل تفسيره لتدمير مجتماعاتنا وعالمنا ذاتياً. كما علينا أن نعمل بشكل سريع قبل ان يمضى الوقت وتسود لغة العنف واستخدام القوة ونصبح عاجزين فعلا عن مواجهة الأمر بالعقل والمنطق. وعلينا ان ننشر ثقافة السلام والتسامح، ونعزز التنوع الثقافى كحق وواجب، وأخيرا علينا أن نساعد دول العالم فى ان تعيد النظر فى مناهج التعليم التى تدرس للتلاميذ فى المدارس، سواء من حيث الأسلوب أو المنهج متعاونين فى ذلك مع المنظمات الدولية الأخرى من منظور "التعاون الفكرى".