هى لقطة لا تتكرر على أرض تجاوزت فيها الحاجة البشرية كل المخاوف المعهودة، وجميع أعراف البشر، حيث تتجسد الصورة بخطوط ملونة قلما يجمعها إطار. فمن جانب يمتد قضبان حديد لفحتهما شمس النهار، وبالداخل يتجمع ذوات الأربع أرجل، يحتويهم حبل وراعى جعل همه الأول في التقاط المارة وعرض المحتوى أملاً في الكسب. سوق شبين أو سوق المواشي يقع بكفر شبين في محافظة القليوبية وتبعد عن القاهرة مسافة 32 كيلو مترًا، يحده من طرفاه قرية طحانوب من جهة وقرية الأحراز من جهة أخرى ، ويربطهم محطة قطار شبين .. حيث يمتد القضبان في خطاه المتوازيان ، لحمل عجلات القطار وتجار السوق، ففي الأحد من كل أسبوع تشهد محطة قطار شبين تراص لباعة الطيور والمواشي علي قضبان القطار نفسه، مناديين على بضائعهم المرصوصة في أقفاص أو مربوطة بحبال يمسكها التجار وتفحصها أيدى الباعة الوافدين. وبين ساعة وأخرى تعلو صافرات القطار المار، الذي يتحدد موعد مروره على رأس الساعة من السادسة صباحًا حتى السادسة مساءً، ومع صوت اقتراب عجلاته بحمولاتها، يتفرق الباعة والزبائن في سرعة على جانبي المحطة. وفي جولة لكاميرا " بوابة الوفد" حاولنا التعرف على أهم المشكلات التى تواجه تجار السوق من جهة، وعن سبب اختيارهم لذلك المكان خصيصى للبيع، وجدنا أن الباعة وفدوا إلى السوق على غرار سابقيهم، وأن السوق موجود في ذاك المكان منذ أكثر من ثلاثين عامًا لاقترابه من محطة القطار ووافديها، الذين يقصدون السوق الأحد من كل أسبوع لشراء الماشية والدواجن أرخص من أسعار المحلات. وأرجع آخرون سبب اختيار المكان إلى موقعة المتوسط بين قرى ومحافظات القليوبية، فضلاً عن بعده عن المؤسسات التى تخص الدولة كسجن أبو زعبل وقسم الخانكة، مستنكرين الحملات التى يدشنها المجلس المحلي أسبوع بعد الآخر لإجلاء الباعة الذين لا يعرفون لهم رزق إلا تجارة المواشي في هذا المكان. وعن عم رجب، تاجر بط، 76 عامًا، فقد أكد أنه وفد الي السوق منذ 15 عامًا بعد صعوده على المعاش وحاجتها إلى الأموال ، قائلاً " أشتريت ب50 جنيه بط وجيت السوق عشان أسترزق ، ولادى عارضونى والناس ضحكت عليا ، مسمعتش لحد ورحت جاى وادينى عايش من خيره". من ناحية أخرى حاولنا الحصول على رأى مسئولي محطة شبين، عن السوق وتجاوز الباعة على مساحة المحطة نفسها، ولكننا فؤجئنا برفض تام من قبل ناظر المحطة والموظفين هناك احتجاج بالتصاريح والأوراق المطلوبة للتحدث عن السوق، موظف بالمحطة رفض ذكر اسمه قال" منهم لله .. لا عاجبهم إننا سايبنهم ولا عاجبهم إنهم يبعدوا عن القضبان". وأخيرًا تتكرر الجملة القانونية المعهودة " يبقي الوضع على ما هو عليه " حيث السوق في مكانه على القضبان والمحطة كما هى بصورتها المعهودة.