«عمر القطن المصرى يتخطى مائة وعشرين عاماً، ومصر فى حاجة إلى التوسع فى زراعة القطن قصير التيلة لأن احتياجاتنا من طويل التيلة تتراوح بين 2 و5٪.. الفلاح فى أوروبا يتم دعمه من جانب الحكومات.. صناعة المفروشات من الصناعات الواعدة وينتظرها مستقبل واعد رغم المنافسة الشرسة من جانب دول جنوب شرق آسيا خاصة المارد الباكستانى».. بهذه الكلمات بدأت حوارى مع المهندس سعيد أحمد، رئيس المجلس التصديرى للمفروشات، تشعر وأنت تحاور هذا الرجل أنه معجون فى النجاح، وعملاق فى صناعته وهى صناعة المفروشات والشىء الذى لا يعرفه الكثيرون أن له شهرة عالمية كبيرة وتستطيع أن تلمس ذلك بنفسك إذا شاهدته فى أحد المعارض العالمية المتخصصة التى تقام خارج مصر.. باختصار شديد إذا ذُكِرت صناعة المفروشات فى مصر فلابد أن تتذكر وتذكر اسم سعيد أحمد.. مع رئيس التصديرى للمفروشات كان الحوار التالى. سألت سعيد أحمد فى البداية عن بدايات رحلته مع صناعة القطن والمفروشات فأجاب: - رحلتى بدأت مع الصناعة منذ 40 عاماً قبل أن أقوم ببناء أول مصنع فى منطقة سموحة وكان معى عدد لا يزيد على 50 فرداً بين مهندس ومحاسب ومشرفى عمال، ثم انتقلنا إلى منطقة برج العرب فى مجمع الصناعات الصغيرة بوحدتين مساحتهما وصلت 2400 متر مربع، ثم انتقلنا إلى مساحة أكبر فى المنطقة الحرة العامة بالعامرية وكبرت مصانعنا وصناعتنا إلى أن أصبح عندنا مصانع للنسيج وصل عدد أنوالها إلى حوالى 350 نولاً، ومصانع للتجهيز بمعدات سويسرية ألمانية، ولدينا مركز للتدريب على أعلى مستوى.. والحمد لله وصل عدد العمالة لدينا إلى 1230 عاملاً ووصل حجم استثماراتنا إلى 120 مليون دولار. هل كل إنتاجكم يتجه للتصدير؟ - نعم كل إنتاجنا يتم تصديره بنسبة 100٪. كيف ترى واقع صناعة الغزل والنسيج فى مصر؟ - مصر تسيطر فقط على 3٪ من حجم السوق العالمية فى السجاد والموكيت والفوط الوبرية و«الملايات» والمفارش والبطاطين والتند والخيام، فى حين تسيطر دول الشرق الأقصى على 97٪ وهو مؤشر يوضح أن هناك مساحة شاسعة لزيادة الصادرات ولكن هذه الزيادة ستكون من حساب دول الشرق الأقصى التى أصبحت مارداً كبيراً فى هذه الصناعة خاصة باكستانوالهند. مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمفروشات اعتادت على الصراخ من وقت لآخر بسبب الدعم والمشاكل المتعلقة بالقطن.. إلى متى ستظل المصانع تطالب بالحماية والدعم الحكومى؟ - أولاً أحب أن أقول لك شيئاً من واقع خبراتى الطويلة والعميقة جداً فى صناعة المفروشات والتى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقطن والغزول.. ما أحب أن أقوله إن غالبية دول العالم تدعم صناعاتها وفى مقدمتها صناعة الغزل والنسيج والملابس والمفروشات وكل الدول الأوروبية وأمريكا تقوم بدعم مزارع القطن.. إذن عندما يصرخ الصناع فهذا شىء طبيعى ومنطقى لأن الهدف الكبير فى النهاية يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بصالح الصناعة ككل.. الأمر الآخر أنه رغم أننا بلد منتج للقطن فإن مشاكله كثيرة والمصانع تعانى، والدليل على ذلك أن غالبية المصانع تحتاج إلى قطن قصير التيلة ورغم ذلك نتوسع فى زراعة طويل التيلة رغم أن احتياجات المصانع منه لا تتعدى من 2٪ إلى 5٪، ونضطر إلى استيراد كميات هائلة من قصير التيلة الذى تصل إنتاجية الفدان منه إلى 16 و17 قنطاراً، وصناعة المفروشات تحديداً تحتاج إلى قطن قصير التيلة، الأمر الثالث أن الفلاح المصرى لا يزال يعانى، والمصانع فى حاجة ماسة إلى استمرار برامج الدعم. هل معنى كلامكم.. أن الحكومة لا تساند الصناعة بالقدر الكافى؟ - نقدر دور الحكومة فى مساندتها للصناعة ولكن لابد أن يعلم الجميع أن عمر القطن فى مصر من عمر دول فى العالم، حيث يتخطى عمر القطن المصرى المائة وعشرين عاماً ولذا على الحكومة أن تسخِّر كافة جهودها للارتقاء بهذه الصناعة العظيمة التى تقود وراءها العشرات والعشرات من الصناعات الأخرى، ولك أن تتخيل أن صحيفة «الجارديان» البريطانية أبدت انزعاجها الشديد من خبر كان قد نشر عن توقف مزارعين مصريين عن زراعة القطن المصرى، وكتبت «الجارديان» وقتها عن القطن المصرى تحت عنوان «نهاية القطن المصرى». وكيف حدث هذا الخلل الرهيب فى منظومة القطن إن جاز التعبير لتسبقنا دول شرق آسيا وتتفوق علينا بكثير؟ - نعم دول شرق آسيا سبقتنا بمسافات كبيرة، وأسباب ذلك كثيرة ومتعددة ومنها، أن حكومات هذه الدول تقوم بدعم كل مراحل الصناعة بدءاً من أول الزراعة، مروراً بمرحلة الغزول وانتهاءً بالتصدير.. الأمر الثانى أن هذه الدول توسعت فى زراعة قصير التيلة ذى الإنتاجية العالية، ما يجعل أسعارها فى النهاية أسعاراً تنافسية لا يقدر الصناع المحليون فى مصر على مجاراتها. الشىء الثالث أن هناك اهتماماً شديداً ببرامج الإرشاد الزراعى وإذا نظرنا إلى دولة مثل الهند فنجدها قد وضعت خطة للنهوض بالقطن قصير التيلة مما جعلها من أرخص دول العالم فى أسعار الغزول والتى تقل عن الأسعار فى مصر بنحو 40٪، ولا تتوقف الهند عند ذلك فحسب، بل تقوم بدعم المصانع بنسب تتراوح بين 12 و 17٪، أما فى مصر فنجد القطن وقد تلوث جزء منه ونعجز عن معالجة هذا التلوث نتيجة ضعف برامج الإرشاد الزراعى.. نجد أيضاً الدعم وبدلاً من أن يزيد، تقوم الحكومة بخفضه من 6٪ إلى 1.5٪ - مثلاً - فى المناطق الحرة.. ما أريد أن أقوله إنه يجب على الحكومة أن تستمع جيداً إلى أصحاب الصناعة ومشاكلهم لأن أهل مكة أدرى بشعابها كما يقولون، وأن تكون الحلول عملية وبشكل حاسم وفورى بعيداً عن المسكنات والقرارات المطاطة. قاطعت المهندس إسماعيل أحمد قائلاً: أراك متحاملاً على الحكومة رغم أن حجم صادرات قطاع المفروشات ضعيف ولا يتعدى 5 مليارات جنيه تقريباً؟ - لا أتحامل على الحكومة، وأتكلم من واقع مسئوليتى كرئيس للمجلس التصديرى للمفروشات وفى رقبتى عشرات المصانع الأخرى.. والحكومة شريك أساسى فى المسئولية مع القطاع الخاص لأننا نعمل - نحن والحكومة - من أجل هدف مشترك واحد وهو الارتقاء بالصناعة وزيادة نسبة النمو والتوسع فى الاستثمارات بالمصانع لخلق فرص عمل للشباب، ولا تنس أنه لا اقتصاد قوياً دون صناعة قوية. أما قولك بأن حجم صادراتنا لا يتعدى 5 مليارات فأقول لك إننا مستعدون للتصدير بأضعاف هذا الرقم إذا تم حل مشاكل الصناعة وتمت الاستجابة لمطالبنا العادلة والمشروعة التى تصب جميعها فى صالح الصناعة وليس فى صالح الأشخاص. ولكن لماذا تنسون كصناع أننا دولة فقيرة ذات موارد محدودة؟ - بنجلاديش أو حتى باكستان ليست أفقر منا، ومع ذلك أنظر إلى صناعة الغزل والنسيج والملابس والمفروشات فى أى منهما كيف وصلت وإلى أى مرحلة تقدمت؟!