هذا وقت أن نكون.. أو لا نكون، فإما ننجح فى الوصول إلى برلمان حقيقى يقوم بدوره الرئيسى.. فى بناء الوطن الجديد أو ننزوى، وتذهب ريحنا.. لعشرات قادمة من السنين.. إما برلماناً يبنى مع الرئيس وإما برلماناً يدمر كل أحلام هذه الأمة. ذلك أن البرلمان الجديد وفقاً لما نص عليه الدستور الذى أقرته الأغلبية يملك من السلطات أكبر مما يملك الرئيس.. أو رئيس الحكومة.. لأنه البرلمان الذى يملك أن يسقط هذا الرئيس.. وأن يقيل رئيس الحكومة، وكل حكومته.. فإما التوافق والاتفاق على قلب رجل واحد.. وإما التمزق لأنه فى غياب قوة قادرة على تحقيق أحلام الأمة.. تتفرق الأمة.. نقول ذلك لأن بوادر ما نراه الآن بكل أسف يقول بذلك، فى ظل غياب حزب واحد قوى وقادر على أن يقود.. وإما استمرار التمزق الوطنى بفعل هذا التعدد الحزبى، الذى لا يقبله أى مواطن.. لأن الوطن لا يتحمل وجود90 حزباً، لا تتفق على شىء. وهذا للأسف هو الذى يسمح بتسلل القوى الانهزامية سواء كانت من فلول النظام القديم بكل سلبياته.. أو عودة التيار الإخوانى إلى الحكم من جديد، رغم أن الشعب لم يتحمل هذا التيار أكثر من عام واحد.. وللأسف فإن التمزق الموجود الآن يسمح بذلك التسلل من هذا التيار أو ذاك. بينما أصحاب الوطن الحقيقيون يتفرجون.. وكأنهم تعبوا، بعد ما عاناه الشعب من ثورتين كاسحتين. وقد لا يتحمل الوطن.. ثورة ثالثة لتصحيح هذا الوضع. ولذلك كانت وقفة الرئيس الذى حلمت به الجماهير عندما دفعت به الى مقاعد السلطة، ولم يكن يريدها، وقالها الرئيس السيسى صراحة: إنه لا يدعم جبهة أو قائمة دون أخرى.. وليست له قائمة انتخابية محددة.. ولن يسعى الى إنشاء حزب للرئيس «تهرول» إليه أغلب الجماهير.. ولهذا فإن حزب الوفد وهو يحتضن هذا الاتجاه ويفتح بيته بيت الأمة الحقيقى والباقى لكل الاتجاهات، إنما يؤدى الدور الرائد الذى أداه الوفد طوال تاريخه الذى يمتد لأكثر من 95 عاماً. هى إذن الفرصة الأخيرة.. لتوحيد الصف الوطنى.. الفرصة الأخيرة لتتحمل كل القوى السياسية مسئوليتها.. وتقدر الظرف الاستثنائى الذى تمر به البلاد. لأن الكارثة أن تخرج لنا الانتخابات القادمة برلماناً هزيلاً يهبط بالآمال الوطنية.. ولا يسمو بها.. وللأسف، الشواهد الكثيرة تؤكد ذلك. فلا نحن إذا استمر هذا التمزق سنحصل على «برلمان وحدة وطنية» بل برلمان «شراذم» يحاول كل تيار فيه، بل كل عضو فيه، أن يحصل على أكبر قطعة من قالب الجاتوه الذى هو «قلب الوطن». وتخيلوا برلماناً فيه كل هذا الشتات غير متحدى التوجه.. وكل عضو يحاول أن يقفز فوق كل ما عداه ليحقق مصالحه الخاصة.. ويكفى أن هذا البرلمان مطالب وخلال 15 يوماً فقط بأن يناقش ويوافق على كل القرارات بقوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية قبل انتخاب هذا البرلمان وهذا لا يصدقه عقل أى عاقل!! وتلك عقبة رهيبة للأسف وضعتها لجنة الخمسين لإعداد الدستور. وربما يكون عذرها أن الرئيس لن يصدر كل هذه القرارات بقوانين.. ولكنه حدث ووقعنا فى هذا الفخ التشريعى، غير المسبوق. هنا هل نطلب من الشعب الذى خرج يومى 25 يناير و30 يونية ليسحب البساط من تحت أقدام نظامين، هل نطالبه بأن يخرج من جديد لإقناع الأحزاب، ولا نقول إجبارها على التوحد ولو للحد الأدنى من الاتجاهات.. وأن تغلب مصلحة الوطن، فوق مصلحة أى تيار أو اتجاه. نقول ذلك لأن الشعب لن يتحمل تبعات هذا «الخروج الثالث» الذى يمكن ان يركبه تيار ما.. يدمر كل شىء.. ولا يبقى أى شىء. اتفقوا وفقكم العلى القدير ولا تفرقوا. وأجلوا أحلامكم وغلبوا أحلام الأمة فى وحدة وطنية حقيقية قادرة على أن تأخذ بيد الوطنى الى الأمام.. ولا تدفعوه إلى الخلف. اتفقوا.. حتى لا تذهب ريحكم.. وريح الوطن كله. فاليوم الوطن يدعوكم الى ما يبنى لا من يدمر.. وعودوا لتاريخ هذه الأمة الذى عاش عصوراً عظيمة عندما اتفق الأجداد والآباء.. لينقذوا الوطن. فالوطن يناديكم.. والأمة تستغيث.. فلا تسمحوا لمن يهدم.. وهيا للعمل.