«رضينا بالهم والهم مش راضي بينا»، هو مثل قديم ولكنه يجسد بداخله الأزمة الحقيقية التي يعيشها المئات من سكان مساكن الإيواء بمدينة شبين الكومبالمنوفية والذين بدأت مشكلتهم منذ عام 2012 حينما أصدر حي غرب قرارا بإخلاء عمارتين بها بعد وفاة سيدة وإصابة زوجها في انهيار إحدي البلكونات الخاصة بغرفة من غرف المساكن، ولكن لم يتم تنفيذ قرارات النقل لعدم وجود أماكن بديلة، وفي مارس من العام الماضي قام الدكتور أحمد شرين فوزي محافظ المنوفية بتجهيز غرفتين فقط تم بناؤهما وانتقلت إليهما سيدتان من سكان الإيواء واستمر الوضع علي ما هو عليه حتي الآن. الأهالي يعيشون في عمارتين تابعتين للإيواء بكل عمارة خمسة أدوار يحتوي كل دور منها علي 16 غرفة يسكن في الواحدة منها علي الأقل خمسة أفراد من عائلة واحدة، مدخل العمارة عبارة عن متر إلا ربع تقريبا أشبه ما يكون بالحبس الانفرادي أو المعتقل، وطرقة واحدة علي جانبيها عدد من الغرف يحتوي الدور الواحد منها علي ثماني غرف بكل غرفة تسكن أسرة ويقتسم قاطنو الثماني غرف في حمام مشترك. وفي ظل الأوضاع الجوية السيئة التي تشهدها محافظة المنوفية تتساقط قطع من سقف العمارة مما ينذر بكارثة كبري قد تسقط العمارتان علي رؤوس قاطنيها ونفس الحال للسيدتين اللتين تم نقلهما الي غرفة أخري فالأمطار أثبتت عدم صلاحية الغرف وسقوط الأمطار أدي الي انهيار أجزاء من السقف إضافة الي تحول الغرفة لمستنقع من مياه الأمطار. التقينا عددا من الأهالي حيث تقول هانم عبدالرحمن: «رئاسة حي غرب بتقول انهم عاوزين ينقلونا الي خيام واحنا مش هنسيب هنا هنموت قبل ما نروح الخيام، ده ميرضيش ربنا اننا نسيب الغرف ونروح في خيام في الجو ده، احنا معانا عيال صغيرين لو هيقبلوها علي نفسهم يقبلوها بس ده حرام اوي، مش هنسيب بيوتنا ونروح اي خيام لو الغرف هتقع فوق دماغنا مش هنسيبها، لو فعلا عاوزين ينقلونا يشوفولنا شقق في المساكن الجديدة لحد ما يبنوا العمارة دي تاني ويرجعونا». وأضافت «هانم»: «احنا عايشين 6 و7 في الغرفة الواحدة والبيئة غير آدمية احنا شايفين الغلب البلد كلها بترمي الزبالة هنا، وعايزين تطلعونا من هنا علي خيام ده ميرضيش ربنا، الغرفة دي تقع فوقي وفوق عيالي بس مش هطلع منها غير لما ألاقي بديل محترم». قابلنا امرأة أخري يبدو علي وجهها علامات الشيخوخة، التي تحكي أنها عاشت هنا في هذه العمارة خمسين عاما وكيف مرت عليها الذكريات مع زوجها وأولادها وصفت لحظاتها مع «سماح» صديقتهم وجارتهم التي سقطت من بلكونة الغرفة لتلقي حتفها ويصاب زوجها، فتقول: «سماح وجوزها متجوزين ومعاهم عيال كانوا واقفين في البلكونة لقوا نفسهم علي الأرض لأن الشقق «باظت» والعمارة تهالكت هي ماتت وجوزها أصبح عاجز من يومها والموظفين في الحي والمحافظة بقوا يجولنا علشان نخلي الشقق، محسوش بالمشكلة غير لما مصيبة حصلت بعد الحادثة قالوا المساكن لازم تتهد، واحنا مش هنسيب غرفنا غير ببديل». وأضافت: لو أعطوا كل اسرتين شقة هنوافق احنا مش عاوزين غير شقق مؤقتة في مساكن الأوقاف لحد ما يجهزوا لنا المساكن تاني. كما أشار الأهالي الي أن مياه الأمطار تقتحم الغرف يوميا وأنهم اشتوا للحي مرارا ولكن لا يرد أحد علي شكواهم إضافة الي أن الغرف منفصلة عن الحمامات وتحتاج الي مسافة 70 مترا لتصل إليها والتي أصبحت مأوي للكلاب والبلطجية وتجار الكيف مما يهدد بناتهم الفتيات. كما طالب الأهالي محافظ المنوفية الدكتور أحمد شرين فوزي بإعادة النظر في مشكلتهم حيث إن الغرف غير آدمية ولا تصلح للسكن وأن حياتهم مهددة في أي لحظة بالموت.