"رضينا بالغلب والغلب مش راضى بينا " هو مثل قديم ولكنة يجسد الأزمة الحقيقية التى يعيشها المئات من سكان مساكن الإيواء بمدينة شبين الكومبالمنوفية والتى ترددت اقوال خلال الفترة الماضية عن نقلهم من منازلهم إلى خيام خوفا على حياتهم ,بعد انهيار احدى البلكونات وتاكيد عدد من اللجان على عدم صلاحية المبانى للاستعمال واحتمال انهيارها فى اى لحظة مما يهدد حياة المواطنين بصورة كبيرة ,مما جعل رئيس حي غرب شبين الكوم يعلن عن تشكيل لجنة من قسم المساكن والشئون القانونية والعلاقات العامة والشئون الاجتماعية بحي غرب وديوان عام المحافظة، لحصر المقيمين الفعليين بمساكن الإيواء بالعزبة الغربية وتدبير مكان مناسب لنصب خيام الايواء. فى ظل الأوضاع الجوية السيئة التى تشهدها المنوفية خلال هذة الأيام يصنف سكان الايواء بالمنوفية بانهم رقم اثنين ان لم يكونوا رقم واحد فى التعرض للظروف الجوية السيئة مما يهدد بفقدانهم أرواحهم فى اى لحظة . انطلقنا إلى تلك المساكن, المشهد لا يصدق حيث تدخل الى منطقة لا يمكن ان تصفها بانها منطقة ادمية يعيش فيها بشر بل هى اقرب الى مقلب للقمامة والقاذورات , على مرأى ومسمع من جميع المسؤلين يعيش هؤلاء المواطنين الذين قبلوا منذ عشرات الاعوام ان يكون مصيرهم هنا الى نهاية العمر . هما عمارتين تابعتين للايواء بكل عمارة خمس ادوار يحتوى كل دور منهم على 16 غرفة كل غرفة تسكنها اسرة فى اقل الحالات تحتوى على خمسة أشخاص كان المدخل عبارة عن متر الا ربع تقريبا تدخل منه لتجد نفسك فى ما يشبة المعتقل او السجن طرقتين متوازيين يقسمهما السلم كل وحدة منهم تحتوى على ثمانى من الغرف بكل غرفة تسكن اسرة ويقتسم قاطنى الثمانى غرف حمام مشترك . المشهد بدا يتازم من تلك الروائح الكريهة التى تشمها الانف ودرجات السلم المتهدمة التى لابد ان توصلنا الى نهاية العمارة الدور الخامس , وصلنا بعد معاناة من شدة تزايد الروائح الكريهة والصعوبة فى تخطى اسلاك الكهرباء العارية , اضافة الى الاحساس بان المنزل سينهار فى اى لحظة . قابلنا احدى السيدات كانت تظن فى البداية اننا من موظفى الحى وجئنا للتنبية عليهم باخلاء الغرف , وكان ردها بدون ان نفتح افواهنا للتحدث "احنا مش هنسيب هنا هنموت قبل ما نروح الخيام ". جلست وعلى وجهها علامات الهم لتحكى لنا عن مأساة يعيشونها تقول : دا ميرضيش ربنا اننا نسيب الغرف ونروح فى خيام فى الجو دا , احنا معانا عيال صغيرين لوهيقبلوها على نفسهم يقبلوها بس هيا حرام اوى , مش هنسيب بيوتنا ونروح اى خيام لو الغرف هتقع فوق دماغنا مش هنسيبها . واستكملت السيدة : احنا عايشين 6او 7 فى الغرفة الواحدة ,والبيئة غير محترمة احنا شايفين الغلب والبلد كلها بترمى الزبالة هنا , وعايزين تطلعونا من هنا على خيام دا ميرضاش ربنا , الغرفة دى تقع فوقى وفوق عيالى بس مش هطلع وهما المسؤلين . قابلنا امراة اخرى يبدو على وجهها علامات الكبر فى السن والتى تحكى كم انها عاشت هنا فى هذة العمارة خمسون عاما وكيف مرت عليها الذكريات مع زوجها واولادها , وصفت لحظاتها مع " سماح "صديقتهم وجارتهم التى سقطت من بلكونة الغرفة لتلقى حتفها ويصاب زوجها , فتقول "سماح وجوزها متجوزين ومعاهم عيال كانوا واقفين فى البلكونة لقوا نفسهم على الارض لان الشقق باظت والعمارة تهالكت هيا ماتت وجوزها ما بين الحياة والموت , من يوميها والموظفين فى الحى والمحافظة بقوا يجولنا علشان نخلى الشقق , محسوش بالمشكلة غير لما مصيبة حصلت , فيه ناس عملت الحمامات سيراميك بالتعاون مع متبرعين ولكن بعد الحادثة قالوا المساكن لازم تتهد , واحنا مش هنسيب غرفنا غير ببديل . واضافت : لو اعطونا كل اسرتين شقة هنوافق احنا مش عاوزين غير شقق مؤقتة فى مساكن الاوقاف لحد ما يبنولنا المساكن تانى . تركناها لنقابل اخر عم محمود فى الخمسينات من عمرة , والذى يقول كل اسرة فيها خمسة او ستة وقاعدين فى اوضة ومنهم بنات طيب دول ازاى يقعدوا فى خيام , طيب ما فية شقق تابعة للاوقاف فاضية ما يعطوهلنا مؤقتا , احنا راضيين بحمامات مشتركة خمسة ستة والجيران , مضيفا "احفظوا شرف بناتنا " , المساكن خطر وفية ناس ماتت والقطار لما بيمشى فى السكة الحديد جنبنا بنحس انها بتقع , احنا جينا من 50 سنة واحنا من زمن الزمن , كلنا اسر فقيرة معنديناش امكانيات نشترى شقق . واضاف "محمود " لو احنا استحملنا الاطفال مش هتستحمل كل واحدة قاعدة معاها 7او 8 ازاى يقعدوا فى خيام احنا مش لاقيين نوديهم المدارس علشان يتعلموا لم يكن الوضع فى الاعلى افضل من الاسفل ففى سقف الدور الخامس كانت السماء تتطل من الفراغ الكبير وتلقى بالمياة على المواطنين منه , كان الجو ملبد الكل يجلس فى غرفتة خائف وعلى مقربة خطوات منا كانت حدى الغرف المغلقة ليس باذن اصحابها ولكن بدون ارادتهم فلقد سكن صاحبها منذ اسابيع فى مستشفى شبين الكوم التعليمى ورحلت زوجتة الى عالم اخر بعد ان سقطوا اثناء وقوفهم فى بلكونة المنزل . ما يقرب من 80 اسرة يقل قليلا او يزيد بعض الشئ يسنكنون فى تلك الغرف لا ماوى لهم غيرها ومع هذا تابى المحافظة ان تبقيهم وتريد ان تلقى بيهم الى مصير الخيام الى ان يشاء الله .