أكد حقوقيون أن تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي، الصادر بشأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» التي تعاملت بطريقة "وحشية" في استجوابها لعدد من المشتبه بهم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، على أنه فضيحة ووصمة عار على جبين الأمريكان، وفشل للديمقراطية الزائفة التي يتغنون بها على العالم. 20 وسيلة تعذيب وكان التقرير قد ذكر 20 وسيلة تعذيب استخدمتها ال«سي آى إيه» في استجواب المعتقلين، وأبرزها الإيهام بالغرق، والصفع، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال، و«البامبرز» والإرواء الشرجى، وهو ما اعتبره الأمريكان وصمة عار على وجه الولاياتالمتحدة، ويعري سجلها المخزي في الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، وعليها أن تصمت حتى تطهر نفسها من مخالفات القانون وحقوق الإنسان، مطالبين بمحاكمة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، والرئيس الحالي باراك أوباما. تورط العرب كارثة ولفت الحقوقيون إلى أن ما تضمنه التقرير بشأن خريطة الدول التي استضافت سجونًا سرية للوكالة الأمريكية، والبلدان التي سهلت عمليات التعذيب، من ضمنها مصر، إلى أن هذا الأمر كارثة ويستوجب تحقيقات موسعة وأن تخرج القيادة المصرية بتوضيحات بهذا الشأن، وإن صحت لابد أن يحاكم نظام مبارك على ما قام به من تحويل مصر لسلخانة تعذيب. جاء ذلك في الوقت الذي بلغ عدد الدول التي استضافت سجونًا سرية - وفقًا لتقرير إحدى الصحف البريطانية، 9 دول، هي: أفغانستان، والبوسنة والهرسك، ومنتجع جوانتانامو، والعراق، وليتوانيا، والمغرب، وبولندا، ورومانيا، وتايلاند، فيما بلغ عدد الدول التي سهلت عمليات التعذيب 47 دولة، منها 10 دول عربية، ومن أبرز الدول التي سهلت عمليات التعذيب لمعتقلي «سى.آى.إيه» حول العالم: النمسا وأستراليا وبلجيكا وكندا وقبرص وكرواتيا والدانمارك وفنلندا وجورجيا وألمانيا واليونان وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وتركيا والمملكة المتحدة. دولة القتل والإبادة يقول المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الإشتراكي، إن تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكى بشأن الاعتقال وممارسات التعذيب، عقب أحداث 11 ستمبر، ليس بجديد على الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة أنها دولة نشأت وتربت على العنصرية والقتل والإبادة، وذلك مع الهنود الحمر وإبادتها ل100 مليون شخص في هذا الحين، قائلًا: "تقرير التعذيب الأمريكي ليس بجديد لأن الأمريكان تربوا على القتل والتعذيب". جاء ذلك في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، مؤكدًا على أن أمريكا لم تترب على تعذيب أفراد فحسب، لكن الأمر طال الشعوب خاصة أن الأمريكان يدافعون عن مصالحهم بأي شكل من الأشكال، حتى ولو كان بالقتل والتعذيب، وللأسف يخرجون على العالم، يدّعون السماحة والديمقراطية، وهم في الأساس لا يؤمنون بها، ويسعون لمصالحهم الشخصية دون النظر لأي اعتبارات أخرى. وبشأن اتهام دول عربية ومنها مصر، بتسهيل عمليات التعذيب، أكد رئيس الحزب الاشتراكي، أنه كان من الواجب أن يحاسب نظام مبارك على هذه الاتهامات، إذا ثبت صحتها، لأنها كارثة في حق الشعب المصري، خاصة أن مصر تحولت لسلخانة تعذيب في عهد مبارك، سواء للمعتقلين في الخارج، أو المصريين، مؤكدًا أن هذه المساعدات كارثة ولابد من المحاسبة عليه، مطالبًا الجهات المسؤلة في الدولة بإعلان التحقيقات الرسمية بشأن هذه الاتهامات. الدور الاستعماري وقال المحامي والناشط الحقوقي أمير سالم، إن التقرير الذي صدر من مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يدين النظام الأمريكي وجهاز المخابرات، "CIA"، بتعذيب وحشي لمتعقلي جونتانامو يتفق مع دور أمريكا الاستعماري في العراق وسوريا وليبيا. وأضاف سالم، أن هذا التعذيب يعد انتهاكًا للقوانين الدولية الإنسانية، لافتًا إلى أن ذلك الفكر يعد نفس تفكير أمريكا التدميري في ردع الجيش الياباني بقنبلتين ذريتين في جزيرتي هيروشيما وناجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. وأوضح سالم أن العنصرية الأمريكية وغطرستها، مستمرة حتى اليوم، يظهر ذلك في قتل الشرطة الأمريكية لشاب أسود واعتقال عدد من مواطنيها السود، ملمحًا إلى أن ذلك يحدث أيضًا مع سكانها الذين ينحدر أصلهم إلى أمريكا الجنوبية. وتابع "أمريكا بها أعداد هائلة بلا مأوى عايشين في طرقات"، موضحًا الولاياتالمتحدة على مستوى حقوق الإنسان والحقوق المدنية سجلها "سيئ جدًا". وطالب سالم الإدارة المصرية والإعلام بألا يأخذ اتهاكات أمريكة تكأة لانتهاك حقوق الإنسان في مصر. وصمة عار ومن جانبه، قال الناشط الحقوقي كمال عباس، إن تقرير مجلس الشيوخ، يعد وصمة "عار في التاريخ الأمريكي و ديمقراطيتها المزعومة"، لافتًا إلى أن هذا التقرير لايعني تبرئه جهاز "سي آي أيه"، مطالبًا بمحاكمة كل من تورط في تعذيب المعتقليين. وأكد عباس أنه يستلزم محاكمة كل من تورط في جرائم التعذيب، مشيرًا إلى أن تلك الجرائم كانت على مدار 8 سنوات وتورط فيها عدة أنظمة، مطالبًا بمحاكمة الأنظمة العربية التي اشتركت في الجرائم أيضًا. وأوضح عباس، أن التقرير أشار إلى مشاركة نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك شارك في تلك الجرائم، مطالبًا بتحريك دعوى قضائية ضد مبارك ورجاله، قائلًا "جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم". وأكد جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن تقرير مجلس الشيوخ حول تعذيب المخابرات الأمريكية، لمشتبه فيهم في أحداث 11 سبتمبر بمعتقل جونتانامو، يدين النظام الأمريكي بشدة، لافتًا إلى أنه على أمريكا ألا تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان قبل التطهر من تلك الجرائم البشعة. وأضاف إسحاق أن نظام مبارك شارك في الانتهاكات التي قامت بها أمريكا، قائلًا "نظام مبارك نظام مجرم ويجب محاكمته"، وتابع "نحن نقوم الآن بجمع مستندات لمحاكمة مبارك مرة آخرى". ومن جانبها، قالت داليا زيادة، رئيس مركز الدراسات الديمقراطية الحرة،: إن تقرير انتهاكات أمريكا وتعذيبها للمعتقلين هو تقرير "كارثي ومرعب"، مشددة على أن هذه الانتهاكات ضد حقوق الإنسان والدستور الأمريكي، حيث من كان يمارس عليهم التعذيب هم مشتبه فيهم وليسوا مدانين. وطالبت زيادة بمعاقبة كل من تورط في جرائم التعذيب، ويجب محاسبتهم أمام العالم حسابًا عسيرًا، موضحة أن رد المظالم لأصحابها ستقطع الطريق على الجماعات المتشددة والإرهابية مثل داعش لتبني أفكار مثل القيام بأعمال إرهابية تحت زعم أنهم يدافعون عن المسلمين المتضطهدين. وتابعت بقولها "يجب محاسبة نظام مبارك إذا ثبت تورطه في التعذيب". تاريخ ليس بجديد وجريمة دولية وعلق محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، على تقرير مجلس النواب الأمريكي عن وسائل التعذيب التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA مع المحتجزين، قائلًا إن هذه المعلومات ليست جديدة أو سرية. وأضاف زارع، أن منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرًا منذ فترة رصدت فيه عملية ترحيل المسجونين من أمريكا إلى دول الشرق الأوسط للتحقيق معهم، وأدانت فيه أوروبا لأنها كانت تسمح للطائرات بالتحليق في المدى الإقليمي لها للطيران لتعبر إلى الدول العربية. ولفت إلى أن هؤلاء المحتجزين كان يتم استجوابهم لعدة أيام للحصول على معلومات معينة، ثم يتم ترحيلهم مرة أخرى لأمريكا، مؤكدًا أن مصر وليبيا وسوريا واليمن والأردن كانوا من الدول التي تشترك في هذه العمليات. ووصف هذه العملية بالجرائم عابرة القارات، مؤكدًا أن العالم كله تواطأ فيها وليس دول الشرق الأوسط فقط. وأشار إلى أن الجديد في الأمر هو أن هذه التقارير صدرت من جهات رسمية أمريكية واعترفت به، مضيفًا أنها جريمة دولية حذرت المؤسسات الحقوقية الدولية منها من قبل.