علي شبكة الإنترنت قد تتحول الحقائق إلي أكاذيب، تصبح البريئة متهمة، وتتحول الفتاة الملتزمة إلي سافرة.. وعلي شاشات الكمبيوتر تجري عمليات تشويه الأعراض، وفي غرف الدردشة قد يحدث ما هو أضل سبيلاً.. ومن السذاجة أن يتصور الجناة أنهم سوف يفلتون بجرائمهم أو أن أجهزة الأمن لن تتوصل إليهم، لا سيما أنهم ينفذون جرائمهم عبر شبكة الإنترنت، لكن الحقيقة غير ذلك، فمن السهل التحري عن هؤلاء وضبطهم وتقديمهم للمحاكمة، حيث يتم ضبط الجريمة من خلال بلاغ أو معلومة تصل إلي جهاز الأمن، وتقوم الإدارة بتتبعها وإثباتها بالأدلة وبالأسلوب التقني والفني، وتضم الإدارة نخبة متميزة من الضباط والفنيين المدربين في العديد من الدول علي مكافحة جرائم الإنترنت وكيفية التعامل مع أحدث أجهزة الفحص الفني الموجودة بالوزارة للتعامل مع مثل هذه الجرائم. هنا حوار مع اللواء محمد عبدالواحد، مدير إدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق، يتحدث فيه ل «الوفد» عن الجرائم الإلكترونية.. خطورتها.. عقوبتها.. وكيفية مواجهتها. سألته: ما استراتيجية وزارة الداخلية في مواجهة الجرائم الإلكترونية؟ - من المعروف أن مكافحة الجرائم الإلكترونية تعاني الكثير من الصعوبات منها صعوبة الإثبات الجنائي لسهولة محو وإزالة الدليل، خاصة أنها متعدية للحدود، لذا يجب مكافحتها بالتشريع والمواجهة الأمنية، وأناشد المشرع المصري ضرورة الإسراع في استصدار قانون خاص بمكافحة الجرائم الإلكترونية، فمعظم الدول العربية لديها الآن تشريعات متقدمة في هذا المجال، أما المحور الثاني الخاص بالمواجهة الأمنية، فوزارة الداخلية تقوم به علي أحسن وجه وكانت سباقة في هذا الشأن من خلال ربط الوزارة بشبكة معلومات واحدة، وهو السبب المباشر لإنشاء الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق عام 1982، وإنشاء إدارة البحث الجنائي بها عام 2002 لمكافحة الجرائم الإلكترونية وإلحاق الكفاءات من الضباط بها وتدريبهم بالداخل والخارج وتزويدهم بأحدث التقنيات قدر المستطاع لمواجهة تلك الظاهرة المتنامية. كم قضية تم ضبطها في الفترة الأخيرة؟ - قمنا بضبط حوالي 300 متهم وأغلقنا أكثر من ألف صفحة، كلها تحرض علي الجيش والشرطة وحرق مؤسسات الدولة وتدعو إلي التظاهر غير السلمي، وبعض تلك المواقع تخصص في كيفية تصنيع المفرقعات والقنابل وتشغيل الدوائر الكهربائية للتفجير عن بُعد، وهناك مواقع أخري تشرح كيفية تصنيع المخدرات، وكل هذا يشكل محتوي إجرامياً يعاقب عليه القانون بمواد مشددة من قانون العقوبات. لماذا لا يتم التعامل مع كل الصفحات التي تحض علي العنف؟ - بجانب تتبع الصفحات وما تحتويه من أساليب إجرامية، هناك أجهزة معلومات تؤكد أو تنفي ما ينشر علي هذه الصفحات، وبموجبها يتم التعامل مع الصفحات الإيجابية. ما أخطر القضايا التي تم الكشف عنها؟ - تم إخطارنا بنشر صور علي شبكة الإنترنت بمجموعة من الشباب المجهولين في منطقتي الهرم وفيصل انضموا إلي تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وأنشأوا صفحة خاصة بهم علي موقع «الفيس بوك» أطلقوا عليه اسم «داهف» موضحين أن حروف الكلمة تعني دولة الإسلام في الهرم وفيصل، وقد قام ضباط إدارة البحث الجنائي بالفحص الفني وتتبع البصمة الإلكترونية للقائمين علي الصفحة وجمع المعلومات واستخدام التقنيات الحديثة حتي تم ضبط القائم علي هذه الصفحة وتم غلقها. ما أكثر القضايا انتشاراً الآن؟ - قضايا النصب والاحتيال الإلكتروني حيث انتحل شخص صفة ضابط شرطة بمديرية أمن شمال سيناء وأنشأ صفحة باسم «العمليات الخاصة.. الشرطة المصرية» علي موقع «الفيس بوك» وتواصل من خلالها مع سيدة كويتية ومارس عليها أساليب احتيالية أوهمها أن نجله مريض ويحتاج لإجراء عدة عمليات جراحية فقامت بإرسال مبالغ مالية له، كما طلب منها مساعدات مالية لأسر شهداء الشرطة في الحوادث الإرهابية فقامت بتحويل بعض المبالغ المالية له أيضاً. وقد تم جمع المعلومات وتتبع الحساب البنكي كما تم رصد رقمه التعريفي وتتبعه فنياً حتي توصلنا إلي الجناة بالتنسيق مع قطاع مصلحة الأمن العام ومديرية أمن المنوفية. ما النصائح التي يمكنها أن تجنب المواطن الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال الإلكتروني؟ - أولاً: توخ الحذر من أي عرض يطلب منك إرسال مبلغ من المال مقدماً وتجاهله علي الفور إذا ما طلب المرسل دفعه أو رسوم مالية من أجل التأمين أو تسيير الإجراءات أو دفع الضرائب أو إنهاء الأعمال الورقية، ثانياً: إذا اشعرت أن العرض السخي الذي تلقيته للتو علي بريدك الإلكتروني من الصعب أن يكون حقيقياً، فالاحتمال الأقرب أنه غير حقيقي فعلاً خاصة إذا ما أغراك المرسل بالحصول علي قرض كبير بغض النظر عن تاريخك الائتماني أو منحك جائزة مالية كبري، ثالثاً: إذا تلقيت رسالة إلكترونية من أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك المقربين يطلب فيها بعض المال، فتحقق دائما من صحة ذلك عبر الاتصال المباشر معه، ولا ترسل الأموال لمن لا تعرفه أو تثق به وبالأخص لمن لم يسبق لك أن التقيت به شخصياً. هل الإدارة معنية أيضاً بتتبع الصفحات الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي؟ - دور الإدارة هو فقط المتابعة لما ينشر علي الصفحة العامة ورصد ما تحتويه من محتوي إجرامي يعاقب عليه القانون، أما ما يخص الصفحات الخاصة ك «الفيس بوك» و«الواتس آب» «والتويتر» فالإدارة غير معنية برصد الأخبار الاجتماعية أو عملية التواصل بين الناس وأية جريمة يتم رصدها، لا نتخذ فيها أية إجراء إلا بعد استئذان النيابة العامة وذلك بموجب إذن يتم بمقتضاه عرض المعلومات علي جهات التحقيق. ماذا يحدث عند رصد أية جريمة، يكون مرتكبها خارج البلاد مثل عاصم عبدالماجد؟ - في تلك الحالة يتم إخطار الإنتربول والاتفاقيات الدولية هي التي تحكمنا سواء كانت دولة عربية أو أجنبية، وهناك بالفعل قرار ضبط وإحضار وترقب وصول لعاصم عبدالماجد. ما أهم المعوقات التي تواجه الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوجه عام؟ - المشكلة هي عدم وجود قانون خاص بهذه الجرائم الإلكترونية حتي الآن، فنحن نتعامل مع القانون التقليدي لعام 1937 الذي يقف عاجزاً أمام القضايا المطروحة، بالرغم من أن الجريمة الإلكترونية بدأت منذ عام 1993 مع بداية ظهور «الويندوز»، وقد وقعت مصر علي اتفاقية بودابست 2001 لمكافحة الجريمة المعلوماتية وهي أول اتفاقية أوروبية في هذا الشأن وبناء عليه يجب سرعة استصدار قانون لمكافحة تلك الجريمة يتماشي مع تلك الإتفاقية. كيف يمكن لإدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق مواجهة زيادة الجرائم الإلكترونية في ظل تزايد عدد مستخدمي الإنترنت؟ - لدينا ضباط مؤهلون حاصلون علي درجات علمية رفيعة كالماجستير والدكتوراه، ونعمل علي زيادة عدد فروعنا في معظم أنحاء الجمهورية، وهناك دراسة لزيادة عدد الضباط وجميع العاملين في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية حيث يبلغ الآن عدد العاملين بالإدارة 45 ضابطاً. ومن ناحية أخري هناك تنسيق بيننا وبين جميع إدارات الدولة. هناك عقوبة تقع علي منشئ الصفحات المحرضة علي العنف، ماذا عن مستخدمي تلك الصفحات؟ - في حالة تلقي المستخدمين «بوست» معيناً أو صوراً عليها تعليقات تحريضية، فإن مجرد تصفحها لا يمثل جريمة، ولكن إذا قام المستخدم بإعادة نشر تلك الصورة أو الخبر علي المشتركين معه في الصفحة، فهنا يتحقق ركن العلانية ويصبح متهماً أصيلاً مثل المتهم الذي أنشأ الصفحة. وبماذا تنصح الشباب؟ - أدعوهم جميعاً لأخذ الحذر لعدم الوقوع في فخ بعض المواقع الإرهابية وألا ينخدعوا بعدد ال «likes» التي قد تعطي قيمة لبعض الموضوعات الزائفة لأنه تم اكتشاف جهات تبيع ال «Likes» مقابل مبالغ مالية.