كيف يمكن أن يكون هناك مسلم عدو لدينه؟ كيف يقود التعصب الى دمار المجتمعات؟ كيف يصنع الجهل تطرفا؟ كيف يتحول الفكر المتطرف إلى تشويه وقهر وإرهاب؟ تساؤلات كثيرة فرضها المشهد الحالي من خلال التعمق في دراسة ظواهر خبيثة المقصد تطفو على السطح هنا أو هناك، وفي هذا الإطار توقفت أمام مقولتين الأولى للمفكر الإسلامي الأندلسي ابن رشد حيث يقول: «إن التجارة بالأديان هي التجارة الرابحة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل وإذا أردت ان تتحكم في جاهل فعليك ان تغلف كل باطل بغلاف ديني». والمقولة الأخرى للعلامة والداعية الإسلامي الهندي أحمد حسين ديدات حيث يقول: «أشرس أعداء الإسلام مسلم جاهل يتعصب لجهله ويشوه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي ويجعل العالم يظن أن هذا هو الإسلام». ومن المقولتين نجد أن هناك علاقة ارتباط بين تخريب العقول والجهل الذي يعني هنا ليس فقط الأمية الكتابية ولكن المقصود بها أيضا الأمية الثقافية بمعنى الجمود الفكري ورفض التقدم الحضاري بكل صوره وينتهز الأفاقون فرصة تفشي الجهل في أي مجتمع من المجتمعات ويبثون في عقول الناس أفكارا ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب كمن يريد نشر كلمة حق يراد بها باطل وأمام الجهل تتسرب الى العقول أفكار تدمر فرص التطور الطبيعي وتعطل سنن الله في خلقه ويغلفون مقولاتهم بدعوى الدين والتدين والدين منهم براء لأنهم يسعون الى نشر التعصب والدين الإسلامي كغيره من الأديان السماوية يحض على تقبل الآخر ويدعو الى التسامح في أوسع معانيه من هنا إن عملية التشويه الناتجة عن التعصب تؤدي إلى إظهار الدين بغير مظهره الحقيقي لهذا كان أحمد ديدات محقا عندما ربط بين سلوك الجهلة وصورة الإسلام في ذهنية الآخر وكان ابن رشد أكثر صراحة ومباشرة عندما أشار الى هؤلاء المتاجرين بالدين الذين يستغلون نزعة التدين ويقدمون سلعا مغشوشة تقود الى الوقوع في شرك التطرف بسبب عدم المعرفة التي تعمي البصيرة قبل البصر فيتم السقوط في منزلق لي الحقائق وتشويه صحيح الدين . كل ما تقدم يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك خللا في الخطاب الديني قد أتاح الفرصة للمتعصبين والمشوهين وخوارج العصر كي ينفثوا سمومهم في المجتمعات الإسلامية لا سيما مصر التي كانت على مدار التاريخ بؤرة الإشعاع الحضاري، وكان الأزهر مركزا للم شمل المسلمين وفي الوقت نفسه جامعة تستوعب كل المذاهب في اطار من التسامح دون تعصب أو تطرف وبرؤية متعمقة نكتشف ان هناك من يريد إنكار هذا الدور سواء للأزهر أو لمصر بشكل عام بعدما ثبت ان قوة العرب والمسلمين في استقرار وقوة مصر باعتبارها القلب والعقل فإذا تم القضاء عليها انهار العالم العربي والإسلامي الأمر الذي يهييء المجال لتنفيذ مشروع التقسيم الكبير للعالم العربي الذي يعتبر الهدف الذي تسعى له كل القوى المعادية لاستقرار الامة العربية والإسلامية وتحرص هذه القوى على أن يتم المشروع المستوحى من اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الدول العربية بين الدول الاستعمارية في النصف الأول من القرن العشرين بمعرفة هذه الشعوب بلا تدخل او احتلال عسكري وتنفذ الخطة على مراحل بإسقاط الأنظمة الضعيفة بواسطة ثورات مستحقة في بعض المجتمعات مثلما حدث في مصر وتونس وليبيا ثم إشاعة ما يسمونه الفوضى الخلاقة فلا تتفرغ الثورات للبناء انما تقع في حلقة مفرغة من عدم الاستقرار جراء بث الفتن بين أبناء الشعب الواحد الأمر الذي يمهد الطريق لمشروع التقسيم!!