قال الشاعر الكبير فاروق شوشة: إن ثورة 30 يونية التي أسقطت الإخوان كشفت حجم المؤامرة الأمريكية - الصهيونية بمشاركة الفاشية الدينية لتركيع مصر وتقسيم الوطن العربي إلي دويلات إسلامية، وأكد في حوار ل «الوفد» أن الضمير المصري يحتاج إلي الانتقال من مرحلة المناداة بالمطالب إلي العمل الحقيقي لسد الثقوب ورفض المصالحة مع الجماعة الإرهابية، قائلاً: لا مصالحة مع القتلة والإرهابيين وسفاكي الدماء ومدمري الوطن، وحذر من اندلاع ثورة الجياع إذا لم يتفاعل الحاكم مع مطالب العدالة الاجتماعية وينظر إلي الطبقات المهمشة، فالجائع لا ينام ولا يتوقف قبل نيل حقوقه، ودعا إلي استعادة لغتنا الجميلة بعودة التعليم الحقيقي في المدرسة لكي يلبي متطلبات العصر وأن يكون هناك موقف حازم من الدولة لرعاية اللغة العربية وحمايتها في المؤسسات والهيئات، وشدد علي أن العزوف عن المشهد الثقافي سببه فشل المؤسسة الثقافية علي مدي عقود طويلة أن تهيئ مناخاً للإبداع، أما الرقابة فقد كان دائماً ينقصها الوعي والحكمة. كيف ترى مشهد العنف والإرهاب الأسود داخل الجامعات.. ما الذي يجب أن تفعله الدولة للقضاء علي الإرهاب؟ - العنف والإرهاب داخل الجامعات له أسبابه المتعددة. أهمها عدم وضوح واتساق موقف الدولة، فضاعت هيبة الدولة بين التردد والليونة ومحاولة فرض السيطرة والإدارة، كذلك عجز كثير من رؤساء الجامعات عن إدارة الأزمة منذ بدايتها فتراوحت مواقفهم بين إعلانهم أن دخول الأمن إلى الجامعات «على جثتهم» ثم صراخهم ومناشدتهم الأمن التدخل بعد أن وصل التهديد إلى مكاتبهم والإطاحة بهيبتهم ، لذا ينبغى تغيير الكثير منهم، على أن يشترط فى رئيس الجامعة الجديد القدرة على الإدارة والحسم واتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب. هل ينجح الإرهابيون فى كسر إرادة الشعب المصرى؟ - لن ينجحوا، والواقع أمامنا يشهد بذلك، حتى لو قتلوا مليوناً من المصريين فإن الدولة لن تركع وهم سيجدون أنفسهم فى النهاية أمام حائط مسدود. ألست معى أن ثورة 30 يونية أوقفت المخطط الأمريكى - الصهيونى لتركيع مصر؟ - هذا أمر لم يعد محل شك، والمخطط مازال قائماً حتى الآن، ومازال يغذى الإرهاب بكل أنواعه، لكن مصيره الفشل. ما تقييمك لأداء الحكومة الحالية ومدى قدرتها على إعادة اللحمة إلي أفراد المجتمع المصرى بعد ثورة 30 يونية؟ - حقيقة الأمر أن حكومة المهندس محلب هى أفضل من الحكومة السابقة التى كانت أياديها مرتعشة وقراراتها مترددة وكلامها كثير دون فعل حقيقى، لقد تسببت الحكومة السابقة فى حدوث مخاطر وأضرار فادحة معوقة للثورة ومسارها والحمد لله أنها رحلت باعتبارها من أسوأ الحكومات فى تاريخ مصر الحديث. أما اللحمة بين أفراد الشعب المصرى فقائمة، والغالبية مجمعة على حماية الثورة ومكتسباتها وتأكيد مسارها بعد سقوط الحكم الإرهابى الفاشى. ماذا يحتاج الضمير المصرى لسد الثقوب وإعادة بناء الشخصية المصرية مرة أخرى لبناء المجتمع والحضارة من جديد؟ - يحتاج إلى الانتقال من مرحلة المناداة بالمطالب إلى العمل الحقيقى، وإدراك أن الوطن فى محنة اقتصادية. ولابد أن يغلب الناس مصلحة الوطن على مصالحهم الخاصة لبعض الوقت، حتى يعتدل الميزان، وأعتقد أن اكتمال خريطة الطريق ووصولنا إلى الصيغة البرلمانية الصحيحة سيحقق الكثير من شروط المستقبل. التوازن قائم كيف يمكن تحقيق التوازن بين الحرب على الإرهاب وحماية الحقوق والحريات؟ - التوازن قائم ومطلوب بالرغم من أساليب الإرهاب المختلفة، والمتطورة التى يلجأ إليها الإرهابيون، وهو ما يجعل القائمين على حماية الحقوق والحريات يخشون أنهم يقبضون على الجمر. البعض يطالب بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية وتيار الإسلام السياسى.. كيف ترى ذلك؟ - هذا كلام عبثى وأصحابه واهمون، وشعار المصالحة الآن يقابله الناس بالسخرية والحكم على أصحابه بالخلل العقلى.. مصالحة مع من؟.. مع القتلى والإرهابيين وسفاكى الدماء ومدمرى الوطن. هل تعتقد أن مصر مقبلة على ثورة جياع؟ - إذا لم يتفاعل الحاكم مع تحقيق العدالة فى المجتمع، والنظر إلى الطبقات المهمشة فمن الممكن لأى شىء أن يحدث. فالجائع لا ينام ولا يتوقف قبل نيل حقوقه. هل أصبح الشعب قادراً علي منع أى ديكتاتورية فاشية دينية؟ - هذا أمر مؤكد وواضح لكل ذى عينين، ولن تحكمه حركة دينية فاشية فى أى وقت قادم، بعد أن رأى بعينيه ما فعلته وتفعله الفاشية الإرهابية من أجل استعادة هيمنتها وتحقيق مصالحها، لقد سقطت الفاشية الدينية إلى الأبد. ما دور الفاشية الدينية في مخطط تقسيم الوطن العربى إلى دويلات إسلامية؟ - هذا هو الفصل الأول الذى ندين به لثورة 30 يونية، التى كشفت عن حجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر، التى شاركت فى رسمها الفاشية الدينية التى سقطت بدورها، وستعود مصر إلى دورها القيادى وقوتها المعهودة لتمنع حدوث هذا المشروع التآمرى الصهيونى - الأمريكى فى وقت واحد. كيف ترى الثورات العربية وتعديل مساراتها وآثارها على الثقافة العربية والشعوب العربية مستقبلاً؟ - أراها ثورات نجح بعضها فى تصحيح مسارها ولم ينجح البعض الآخر، لهذا فإن مطلب الاستقرار ووضوح الرؤية والبعد عن التدخلات الأجنبية والمطامع الداخلية أصبح مطلوبا فى بلاد متعددة مثل ليبيا وسوريا وتونس وغيرها. هل عبر الشعر والإبداع عن المشهد السياسي بشكل جيد منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتى الآن أم لم تكتمل الملامح كى تجسد فى عمل إبداعى؟ - التعبير عن الثورات يتم على مستويين: مستوى سريع ومباشر يحاول أن يلاحق الأحداث ويلهث وراءها، وهذا ليس الإبداع الذى سيبقى، ومستوي آخر متأخر وبطئ، يحتاج إلى وقت طويل للاختزان والتأمل وصفاء الرؤية، لهذا فهو يتأخر، ومثال ذلك أن حرب أكتوبر لم يكتب عنها حتى الآن إبداع فى مستواها رغم مرور اكثر من أربعين عاماً على حدوثها. فى ظل هذا الغزو الثقافى واضمحلال هويتنا الثقافية.. كيف نستعيد لغتنا الجميلة؟ - نستعيد لغتنا الجميلة بتعليم حقيقى فى المدرسة يلبى متطلبات العصر، وموقف حازم من الدولة لرعاية اللغة العربية وحمايتها فى المؤسسات والهيئات، وقيام مؤسسات المجتمع المدنى التى نشأت لحماية اللغة، بدورها الفعال، وأخيراً بوعى المواطن أن لغته هى أهم عناصر هويته وأهم مكونات شخصيته. هل حقاً نحن فى حاجة إلى اندلاع ثورة ثقافية للنهوض بالمنظومة الثقافية إلى الأفضل؟ - نحن محتاجون أولاً إلى القضاء على عار الأمية، وإحداث ثورة تعليمية فى الكتب والمناهج والمقررات وأساليب التعليم ومستوى المعلمين، ساعتها سيؤدى التعليم الصحيح إلى حدوث نهضة ثقافية.. الثقافة المصرية تعوقها الأمية القائمة لدى المواطنين، وعدم وجود مشروع ثقافى وطنى وقومى، وخيانة كثير من المثقفين لدورهم الصحيح والمجتمع، وانشغالهم بمكتسباتهم الخاصة. لكن أين النقد والنقاد؟.. إننا نلاحظ غياب كبير لحركة النقد عن الساحة الإبداعية هل هذا يرجع لعدم تمكن النقاد من ممارسة العمل النقدى بشكل أكاديمى؟.. أم ماذا؟ - النقاد حالهم كحال الأدباء والمبدعين، هم أيضاً يبحثون عن لقمة العيش، وعن موطن قدم لهم فى مؤسسات المجتمع، ويتأثرون بمناخ المجتمع سلباً وإيجاباً، والمناخ القائم لا يشجع على النقد الحر والبناء، لذا فهو نقد شلل ومجاملات وتبادل مصالح فى معظمه. هل حقاً انتهى زمن الشعر؟ - لا يمكن للشعر أن ينتهى ولا لزمانه أن يزول، لأنه يتردد فى داخلنا مع أنفاسنا ومشاعرنا وامتلاء وجداننا، ولن يستغنى الإنسان فى أى وقت عن الشعر، لأنه مرتبط بإنسانيته وروحه وحياته العاطفية. كيف ترى إبداعات الشعراء الجدد؟ - فى إبداعات الشعراء الجدد كثير من الإيجابيات والمفاجآت وملامح التعبير والتطوير وتجاوز ما هو قادم.. وأنا شديد التفاؤل بما يكتبونه، وبالمستقبل الواعد الذى ينتظر كثيراً منهم. فى ظل ما يحدث فى مصر الآن.. كيف تقاوم طعم الحزن الساكن فى أعماق القلب؟ - الحزن الساكن فى أعماق قلوبنا قديم ودائم،لأنه مكون أساسى من مكونات الشخصية المصرية منذ العصر الفرعونى، واهتمام الإنسان بالآخرة أكثر من اهتمامه بدنياه وتوقفه طويلاً أمام ظاهرة الموت التى بنى لها الأهرامات والمقابر الباقية حتى الآن.. وهذا الحزن ليس يأساً أو عدمية، لكنه كثيرا ما يفور ويثور ويطالب بثورة التغيير والمطالبة بصحوة جديدة. بعيون وعقل ورؤية شاعر كيف ترى مصر المستقبل.. مصر إلى أين؟ - مصر المستقبل، ومصر إلى أين؟.. سؤال ينظر إلى وطن نستحقه، ونعمل ونكافح من أجله، ينفى عنه القبح الذى لامه فى سنوات الإرهاب، ويتعامل مع العالم من حوله بكل ندية وقوة، مستعيناً بحضارته العريقة وإنسانه الممتلك لإرادة الحياة والخلود. ماذا عن رأيك فى المشهد الثقافى فى ظل الوضع الراهن؟ - المشهد الثقافى يشبه الوضع الراهن، والمؤسسات الرسمية الناس تهجرها وتبعد عنها لكن هناك منتفعين فى كل عصر لا بأس، هناك قوم رحلوا وآخرون يستفيدون بالموجود ويواصلون، لكن فى النهاية لابد من تغيير هذا كله وبعد ثلاثين عاماً من حكم شمولى ومن ثقافة عابرة تقدمها وزارة الثقافة للناس نحن فى حاجة كما قلت إلى مؤسسة ثقافية تدعم العمل الثقافى ولا تفرض شروطاً عليه ولا سلطتها عليه، ولا تقرب هذا وتبعد ذاك طبقاً لهوى الدولة والسلطة. هناك نوع من التهميش وعزوف المبدعين عن المشاركة فى المؤسسة الثقافية مما أدى إلى انسحابهم الملحوظ من الحياة السياسية؟ - ربما هناك نوع من العزوف عن المشاركة فى المؤسسة الثقافية وما تقدمه نتيجة إحساس بفشل هذه المؤسسة على مدار عقود طويلة من الزمان، فى أن تتيح مناخاً مهيئاً لفرص الإبداع القائمة على أحكام سليمة وتحقيق العدالة. بمعنى أن الذين يستحقون الجوائز ينبغى أن يمثلوا مصر فى المحافل الداخلية أو الخارجية، فهناك لون من العزوف نتيجة للإحساس بأنه سادت عقود كانت فيها الأمور لا تمضى دائماً على الوجه العادل والصحيح، لكن فى قلب المشهد هناك مبدعون لجأوا إلى مشاريعهم الخاصة ومنهم أنا، فبدلاً من تضييع الوقت فى لجان واجتماعات وحضور مؤسسات وأنشطة غير صحيحة وغير منتجة لم لا يهتم المبدع بمشروعه الخاص سواء كان هذا المشروع فى الشعر أو القصة أو الرواية أو الدراسة الأدبية أو أى شكل من هذه المشاريع ويعمق ارتباطه بهذا المشروع وبالتالى يعكف على الإنتاج بدلاً من أن يتشرذم ويصبح واحداً بدوره من المهمشين. هل الرقابة على المصنفات الفنية والإبداع تقيد حركة الإبداع مثلما يتهمها دائماً البعض.. ألم يكن الرقيب هو الضمير؟ - الرقابة أساساً بالنسبة لهذا الزمان أو لغيره وليس بالنسبة لمصر أو أى مجتمع آخر هدفها أن يكون للمبدع من الضمير الوطنى والقومى والإنسانى ما يميز به بين ما ينبغى أن يقال ويكتب أو يصدر وما لا ينبغى.. وهنا الضمير يصبح هو المتحكم فى كل العمليات الإبداعية، وأنا لا أؤمن بمراقب خارجى لأن المراقبة الخارجية وقد جربناها قديماً فى برامج التليفزيون وفى صحف ومجلات عديدة دائماً ينقصها الوعى والحكمة، وتميل إلى تفسير كل شىء طبقاً لهوى السلطة أو صاحب السلطة الذى يعمل عنده هذا الرقيب. فهو من باب الكلمة الزائدة يتحسس لكل كلمة ولكل معنى ولكل رمز ويكتفى بالمصادرة حتى لا يزعج هذا الكبير أو الرئيس المسئول الذى وضعه فى هذه المحنة، فأنا أدعو إلى ضمير حى لدى المبدعين جميعا يتناولون به القضايا ويعرفون الفرق الواضح بين أن تبنى وتؤسس وبين أن تهدم ما لا ينبغى هدمه بين المساحة التى تسمح لك بالمغامرة والإدهاش والإتيان بكل جديد والوجه الآخر الذى يجعلنا فى حالة صدام مع الأشياء والقيم النبيلة كالصدق والعدل والفضيلة. ألست معى أن وزارة الثقافة فى حاجة إلى إعادة هيكلة لكل إداراتها؟ - السبب الرئيسى لهذه الهيكلة الآن مادى واقتصادى وهو نفس السبب الذى من أجله الغيت وزارة الإعلام لتصبح مؤسسة قومية إعلامية لا تعبر عن النظام بقدر ما تعبر عن المجتمع ولا تكون صوتاً للسلطة بقدر ما تكون تعبيراً عن كل وجهات النظر وكل الأحزاب، والتيارات السياسية والفكرية، وكل النقابات وكل أصحاب المصالح فى مصر، هذا يتطلب ثمناً اقتصاديا كبيرا، ولسنا الآن فى وضع يتيح لأى وزارة أو أى مؤسسة حكومية هذه الرفاهية التى تصنع بها هيكلاً جديداً، لكن أنا من البداية أرى أنه إذا كانت وزارة الثقافة ضرورة فيكفى أن تكون رسالتها تسهيل تقديم الخدمات، وعلى سبيل المثال إذا كان هناك أدباء شبان بحاجة إلى تفرغ لإنجاز عمل أساعدهم، وأي مشروع ثقافى كبير تعكف عليه مؤسسة تحتاج إلى دعم أدعمها، أو أي خبرة ثقافية كبيرة ينبغى أن تكرم وأن تكافأ وأن تعامل معاملة معينة لأنها وصلت إلى سن لم تعد تستطيع فيها أن تنتج وأن تضيف. بمعنى ألا تباشر وزارة الثقافة العمل الثقافى بل تتركه لأصحابه، وتساعد هؤلاء على أن يبدعوا وأن ينتجوا وكأنها صندوق كبير للتنمية الثقافية التى تحكمها عقلية رشيدة تساعد على العمل وعلى الإنتاج دون أن تكون صوت الدولة المتسلط. بحكم تواجدك داخل وزارة الإعلام لسنوات عديدة.. رأيك بصراحة في وزراء الإعلام د. عبدالقادر حاتم، وصفوت الشريف، وأنس الفقى؟ - جميعاً يشتركون فى صفة قاتلة من وجهة نظرى أنهم صوت الدولة المهيمن الذى ينبغى أن يسيطر والذى يجعل من أجهزة الإعلام بدءاً من الصحافة والإذاعة والتليفزيون والفضائيات مجالاً لخدمة ما تراه الدولة، وما تراه الدولة ليس بالضرورة هو الأمر الصحيح أو الطبيعى لأن الدولة لها حسابات وسلطة ونفوذ ولها مواقف وأعداء، وبالتالى فى المقابل هناك من يرفضون هذا التسلط من الدولة ويريدون مساحة أكبر من الحرية، تعبيراً أكبر عما يستطيعون أن يروا فيه خيراً وفى صالح الناس وبالتالى أى وزير إعلام مادام جاء فى نظام وزارى حكومى فهو يتعرض لمحرقة، والمطلوب هيكل إعلامى، الحكومة تشارك فيه بنصيب لكن الأنصبة الكبرى فيه للنقابات والمؤسسات السياسية والاجتماعية، مؤسسات المجتمع المدنى، أصحاب الرأى فى المجتمع، وبالتالى يصبح لهذا التنظيم القومى الذى هو متحكم بصورة جميلة جداً فى صيغة ال «بى بى سى» أو الهيئة البريطانية للإعلام بشكل لا يمكن أن يكون ضاراً بالدولة وفى الوقت نفسه لا تكون الدولة ضارة بالمجتمع، ونحن نريد أن نحقق هذا وتحقيقه ليس بالمستحيل بشرط أن تكون هناك الإمكانات المادية التى تتبنى المشاريع والتسويق والإنتاج والدعم، وهذا النظام محتاج إلى إعلاميين أكفاء يأخذون حظوظهم وحقوقهم بدلاً من أن يضربوا كل يوم. ألم تتفق معى أن هناك قنوات خاصة ممولة ساعدت بتخطيط ممنهج على إسقاط النظام وقلب نظام الحكم ولاتزال تسعى لإسقاط الدولة؟ - طبعاً بكل تأكيد.. هذه القنوات الخاصة يملكها ممولون، لهم أغراضهم وأهدافهم وحساباتهم وهم مع وضد، وبالتالى لابد أن تشهد هذه القنوات سياسات تعبر عن اصحابها بأكثر مما تعبر عما ينتظره الناس، وعندما نسأل مندهشين لماذا يحدث كذا فى قناة كذا؟.. علينا أن نسأل سؤالاً واحداً.. من الذين يمتلكون هذه القنوات سنجد أن الصورة أصبحت واضحة. كل الشواهد تؤكد أن هناك تخطيطاً منظماً وممنهجاً لإسقاط الدولة؟ - الدولة لم تسقط، دولة بحجم مصر لا تسقط بسهولة ليس لأن وراءها تاريخاً طويلاً من الحضارة كما نقول دائماً سبعة آلاف سنة، ولكن لأن هذا الشعب بما فيه من مفكرين ومثقفين وفنانين وإعلاميين وأساتذة جامعات وعلماء ومدرسين فى المدارس وأنصاف متعلمين ومثقفين لا يمكن إسقاطه، نحن لدينا عشرون أو ثلاثون مليوناً من المستنيرين الحقيقيين، هذا الجمع يستطيع أن يضع دولة كاملة. المؤسسة الأمنية تم إجهاضها.. هل هناك محاولة لإجهاض «العمود الفقرى وصمام الأمان لمصر» المؤسسة العسكرية؟ - المؤسسة العسكرية لم تكن عدواً للناس كما كانت وزارة الداخلية، لها تجاوزات ضخمة، مثل الهجوم على السجون، وسرقة الأسلحة، وقتل من قتل، ويعلم القاصى والدانى والكبير والصغير أن أقسام الشرطة فى مصر لسنوات طويلة وخصوصاً فى عصر حسنى مبارك كانت زنازين للقهر والعسف والتعبير عن عدم احترام الناس، ويكفى التصريح الذى قاله أحد مديرى الأمن فى محافظة البحيرة عندما قال: سنظل أسيادكم ورجولنا على رؤوسكم، عقيدة رجل الشرطة ينبغى أن تتغير فى مصر، والشعار الذى كان مطروحاً – الشرطة فى خدمة الشعب – كان كاذباً. الشرطة كانت تسحق الشعب والعلماء وكبار قاداته، والمفكرين، والأدباء، كم حدث لهؤلاء من قمع وقهر على أيدى الشرطة ومؤسسة الشرطة غير المؤسسة العسكرية، وإصلاح حال الشرطة ليس حلاً مستحيلاً. هناك عشرات الألوف من خريجى كلية الحقوق الذين درسوا القانون لا يحتاجون إلا لشهور قليلة يدرسون فيها ما يتصل بالعمل الشرطى ليكونوا قادة من الشباب لجهاز جديد بعد أن نتخلص من الجنرالات واللواءات الذين عملوا فى وزارة رأسها حبيب العادلى وبالتالى علينا أن نبنى الجهاز من قاعدته الشبابية وليس من جنرالاته المرفوضين من الناس. سيرة ذاتية فاروق محمد شوشة شاعر مصري. ولد عام 1936 بقرية الشعراء بمحافظة دمياط. حفظ القرآن، وأتم دراسته في دمياط. وتخرج في كلية دار العلوم 1956، وفي كلية التربية جامعة عين شمس 1957. عمل مدرساً 1957، والتحق بالإذاعة عام 1958, وتدرج في وظائفها حتى أصبح رئيساً لها 1994 ويعمل أستاذاً للأدب العربي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. أهم برامجه الإذاعية: «لغتنا الجميلة»، منذ عام 1967، والتليفزيونية: «أمسية ثقافية» منذ عام 1977، عضو مجمع اللغة العربية في مصر. رئيس لجنتي النصوص بالإذاعة والتليفزيون، وعضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس لجنة المؤلفين والملحنين. شارك في مهرجانات الشعر العربية والدولية.