قال الشاعر الكبير فاروق شوشة إن هيبة الدولة ضاعت في الجامعات بين التردد والليونة ومحاولة فرض السيطرة والإدارة، مما أدى إلى فشلها في التعامل مع عنف طلاب الإخوان. وأوضح أن الإرهاب بشكل عام لن ينجح في كسر إرادة المصريين حتي لو قتلوا مليونا من المواطنين، فالدولة لن تركع أبداً وسيجد الإرهابيون أنفسهم أمام حائط مسدود. وذكر في حواره إلى «الوفد» أن الحكومة الحالية أفضل من السابقة التي وصفت بأن أياديها مرتعشة وقراراتها مترددة وكلامها كثير بدون فعل حقيقى وهي من أسوأ الحكومات في تاريخ مصر الحديث، ونبه إلي أن المصالحة مع الإخوان الآن كلام عبثى فهل هناك مصالحة مع القتلة والإرهابيين؟ ومدمرى الوطن؟ وأكد أنه لا يصلح لرئاسة مصر الآن إلا رجل يقوم بدور القائد ولا تنقصه القدرة والكفاءة ويدرك حجم الأخطار الداخلية الخارجية وله رؤية نافذة للمستقبل، وشدد على أن الجيش هو الحامى الحقيقى لمصر طوال هذه الفترة والقوة التي يستند إليها أي حاكم جديد لمصر من أجل الحفاظ على الوطن وتحقيق طموحاته وبناء نهضته. بداية.. كيف تري تحقيق التوازن بين الحرب علي الإرهاب وحماية الحقوق والحريات؟ - التوازن قائم ومطلوب بالرغم من أساليب الإرهاب المختلفة، والمتطورة التي يلجأ إليها الإرهابيون، وهو ما يجعل القائمين علي حماية الحقوق والحريات يخشون أنهم يقبضون علي الجمر. العنف في الجامعة كيف تري مشهد العنف والإرهاب الأسود داخل الجامعات.. ما الذي يمكن أن تفعله الجهات المعنية للقضاء عليه؟ - العنف والإرهاب داخل الجامعات له أسبابه المتعددة، أهمها عدم وضوح واتساق موقف الدولة منه، فضاعت هيبة الدولة بين التردد والليونة ومحاولة فرض السيطرة والإدارة، كذلك هناك عجز كبير من رؤساء الجامعات عن إدارة الأزمة منذ بدايتها فتراوحت مواقفهم بين إعلانهم أن دخول الأمن إلي الجامعات «علي جثتهم» ثم صراخهم ومناشدتهم للأمن التدخل بعد أن وصل التهديد إلي مكاتبهم والإطاحة بهيبتهم، لذا ينبغي تغيير الكثير منهم، علي أن يشترط في رئيس الجامعة الجديدة القدرة علي الإدارة والحسم واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. هل ينجح الإرهابيون في كسر إرادة الشعب المصرى؟ - لم ولن ينجوا.. والواقع أمامنا يشهد بذلك، حتي لو قتلوا مليوناً من المصريين فإن الدولة لن تركع وهم سيجدون أنفسهم في النهاية أمام حائط مسدود. هل أوقفت ثورة 30 يونية المخطط الأمريكي الصهيونى لتركيع مصر؟ - هذا أمر لم يعد محل شك، والمخطط مازال قائماً حتي الآن وهذا ما يغذى الإرهاب بكل أنواعه، لكن مصيره الفشل. إذن كيف تري الحكومة الانتقالية الحالية ومدى قدرتها علي إعادة اللحمة بين أفراد المجتمع المصرى بعد ثورة 30 يونية؟ - هي أفضل من الحكومة السابقة التي وصفت بأن أياديها مرتعشة وقراراتها مترددة وكلامها كثير بدون فعل حقيقى. وقد تسببت الحكومة السابقة في حدوث مخاطر وأضرار فادحة معوقة للثورة ومسارها، والحمد لله أنها رحلت باعتبارها من أسوأ الحكومات في تاريخ مصر الحديث، أما اللحمة بين أفراد الشعب المصرى فقائمة، والغالبية مجمعة علي حماية الثورة ومكتسباتها وتأكيد مسارها بعد سقوط حكم الإرهاب الفاشى. العمل.. أولاً في رأيك.. ماذا يحتاج الضمير المصرى لسد الثقوب وإعادة بناء الشخصية المصرية مرة أخرى لبناء المجتمع والحضارة من جديد؟ - يحتاج إلى الانتقال من مرحلة المناداة بالمطالب إلي العمل الحقيقى، وإدراك أن الوطن في محنة اقتصادية ولابد أن يغلب الناس مصلحة الوطن علي مصالحهم الخاصة لبعض الوقت، حتي يعتدل الميزان، وأعتقد أن اكتمال خريطة الطريق ووصولنا إلي الصيغة البرلمانية الصحيحة سيحقق الكثير من شروط المستقبل. مَن علي الساحة الآن يصلح لرئاسة وطن مثل مصر؟ - لا يصلح لرئاسة مصر الآن إلا رجل يقوم بدور القائد ولا تنقصه المقدرة والكفاءة ويدرك حجم الأخطار الداخلية والخارجية وله رؤية نافذة للمستقبل. البعض يطالب بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية وتيار الإسلام السياسى.. كيف ترى ذلك؟ - هذا كلام عبثى وأصحابه واهمون، وشعار المصالحة الآن يقابله الناس بالسخرية والحكم على أصحابه بالخلل العقلي، مصالحة مع من؟ مع القتلة والإرهابيين وسفاكى الدماء ومدمرى الوطن. ماذا عن تقييمك لدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتي الآن؟ - هو الحامي الحقيقي لمصر طوال هذه الفترة، والقوة التي سيستند إليها أي حاكم جديد لمصر من أجل صيانة الوطن وتحقيق طموحاته وبناء نهضته. هل تعتقد أن مصر مقبلة علي ثورة جياع؟ - إذا تفاعل الحاكم مع تحقيق العدالة في المجتمع، ونظر إلي الطبقات المهمشة لن يحدث شيء ولكن إذا تجاهل ذلك يمكن حدوث ثورة الجياع، فالجائع لا ينام ولا يتوقف قبل نيل حقوقه. هل حقاً أصبح الشعب قادراً علي منع أي ديكتاتورية فاشية دينية؟ - هذا أمر مؤكد وواضح لكل ذي عينين، ولن تحكمه حركة دينية فاشية في أي وقت قادم، بعد أن رأى بعينيه ما فعلته وتفعله الفاشية الإرهابية من أجل استعادة هيمنتها وتحقيق مصالحها، لقد سقطت الفاشية الدينية إلى الأبد. هل أسقطت ثورة يونية مخطط تقسيم الوطن العربى إلي دويلات إسلامية؟ - طبعاً.. وهذا هو الفصل الأول الذي ندين به لثورة 30 يونية، التي كشفت عن حجم المؤامرة التي تتعرض لها مصر، والتي شاركت في رسمها الفاشية الدينية التي سقطت بدورها، وستعود مصر إلي دورها القيادى وقوتها المعهودة لتمنع حدوث هذا المشروع التآمرى الصهيونى الأمريكى في وقت واحد. كيف تري الثورات العربية وتعديل مساراتها وآثارها علي الثقافة العربية والشعوب العربية مستقبلاً؟ - أراها ثورات وفق بعضها في تصحيح مسارها ولم يوفق البعض الآخر، لهذا فإن مطلب الاستقرار ووضوح الرؤية والبعد عن التدخلات الأجنبية والمطامع الداخلية أصبح مطلوباً في بلاد متعددة مثل ليبيا وسوريا وتونس وغيرها. هل الشعر والإبداع ترجما المشهد بشكل جيد منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتي الآن أم لم تكتمل الملامح كي تجسد في عمل إبداعى؟ - التعبير عن الثورات يتم علي مستويين، مستوي سريع ومباشر يحاول أن يلاحق الأحداث ويلهث وراءها، وهذا ليس هو الإبداع الذي سيبقى، لأن الإبداع الحقيقي يحتاج إلى وقت طويل للاختزان والتأمل وصفاء الرؤية، لهذا فهو يتأخر، ومثال ذلك أن حرب أكتوبر لم يكتب عنها حتي الآن إبداع في مستواها رغم مرور أكثر من أربعين عاماً علي حدوثها. في ظل هذا الغزو الثقافى واضمحلال هويتنا الثقافية.. كيف نستعيد لغتنا الجميلة؟ - نستعيد لغتنا الجميلة بتعليم حقيقي في المدرسة يلبي متطلبات العصر، وموقف حازم من الدولة لرعاية اللغة العربية وحمايتها في المؤسسات والهيئات، وقيام مؤسسات المجتمع المدنى التي نشأت لحماية اللغة، بدورها الفعال، وأخيراً بوعي المواطن أن لغته هي أهم عناصر هويته وأهم مكونات شخصيته. هل نحن في حاجة إلي اندلاع ثورة ثقافية للنهوض بالمنظومة الثقافية إلي الأفضل؟ - نحن محتاجون أولاً إلي القضاء علي عار الأمية، وإحداث ثورة تعليمية في الكتب والمناهج والمقررات وأساليب التعليم ومستوي المعلمين، ساعتها سيؤدى التعليم الصحيح إلي حدوث نهضة ثقافية، والثقافة المصرية عموماً تعوقها الأمية القائمة لدي المواطنين، وعدم وجود مشروع ثقافى وطني وقومى، وخيانة كثير من المثقفين لدورهم الصحيح في المجتمع، وانشغالهم بمكتسباتهم الخاصة. أين النقد والنقاد؟ نلحظ غياباً كبيراً لحركة النقد من الساحة الإبداعية هل هذا يرجع لعدم تمكنهم من ممارسة العمل النقدى بشكل أكاديمى.. أم ماذا؟ - النقاد حالهم كحال الأدباء والمبدعين، وهم أيضاً يبحثون عن لقمة العيش، وعن موطن قدم لهم في مؤسسات المجتمع، ويتأثرون بمناخ المجتمع سلباً وإيجاباً، والمناخ القائم لا يشجع علي النقد الحر والبناء، لذا فهو نقد شِلل ومجاملات وتبادل مصالح في معظمه. وماذا عن أحدث أعمالك؟ - أحدث أعمالى كتابان صدرا عن الدار المصرية اللبنانية: ديوان شعر بعنوان «ينفجر الوقت» وكتاب يضم عدداً كبيراً من مقالاتى التي نشرت في «الأهرام» عنوانه «ستون صباحاً». يقولون انتهى زمن الغرام.. هل حقاً انتهى زمن الشعر؟ - لا يمكن للشعر أن ينتهي ولا لزمانه أن يزول، لأنه يتردد في داخلنا مع أنفاسنا ومشاعرنا وامتلاء وجداننا، ولن يستغني الإنسان في أي وقت عن الشعر، لأنه مرتبط بإنسانيته وحياته الروحية والعاطفية. كيف تري إبداعات الشعراء الجدد؟ - في إبداعات الشعراء الجدد كثير من الإيجابيات والمفاجآت وملامح التعبير والتطوير وتجاوز ما هو قادم. وأنا شديد التفاؤل بما يكتبونه، وبالمستقبل الواعد الذي ينتظر كثيراً منهم. في ظل ما يحدث في مصر الآن.. كيف تقاوم طعم الحزن الساكن في أعماق القلب؟! - الحزن الساكن في أعماق قلوبنا قديم ودائم، لأنه مكون أساسى من مكونات الشخصية المصرية منذ العصر الفرعونى، واهتمام الإنسان بالآخرة أكثر من اهتمامه بدنياه وتوقفه طويلاً أمام ظاهرة الموت التي بني لها الأهرامات والمقابر الباقية حتى الآن. وهذا الحزن ليس يأساً أو عدمية، لكنه كثيراً ما يفوز ويثور ويطالب بثورة التغيير والمطالبة بصحوة جديدة. بعيون وعقل ورؤية شاعر.. كيف تري مصر المستقبل.. مصر إلي أين؟! - مصر المستقبل، ومصر إلي أين؟ سؤال واحد ينظر إلي وطن نستحقه، ونعمل ونكافح من أجله، ينفي عنه القبح الذي طاله في سنوات الإرهاب، ويتعامل مع العالم من حوله بكل ندية وقوة، مستعيناً بحضارته العريقة وإنسانه الممتلك لإرادة الحياة والخلود. ماذا عن مؤتمر مجمع اللغة العربية لهذا العام؟! - كان موضوع المؤتمر في الدورة الثامنة عن «التعريب» بمعناه العام الذي يشمل كل ظواهر الحياة والأنشطة الموجودة في المجمع: لغة المؤسسات والهيئات، لافتات المحال والمتاجر والفنادق وغيرها، ثم التعريب بالمعني الضيق الذى يشمل تعريب تعليم العلوم في المدرسة والجامعات ومنه تعريب الطب علي سبيل المثال، وطرح المؤتمر أبحاثاً ودراسات كثيرة من أعضاء المجمع وخبرائه المصريين والعرب والمستشرقين، وهناك إجماع على أهمية التعريب باعتباره ملمحاً أساسياً من ملامح الهوية الوطنية والقومية، وبخاصة أن المجمع في مجال التعريب أصدر عشرات المعاجم العلمية التي تساعد الأساتذة والدارسين والطلاب علي تعلم هذه العلوم بالعربية. وكانت هناك مناشدة من بعض الأعضاء بضرورة ترجمة المراجع والمصادر الأساسية والمجلات العلمية لتساعد في إتمام عملية التعريب وتوفير مادة بالعربية تكون متاحة للجميع.