قال الشاعر المصري الكبير وأحد أبرز شعراء جيل الستينات إن ثورة 30 يونية أسقطت المخطط الاستعماري الغربي الصهيوني لتفتيت الأمة العربية وتمزيق أبناء الوطن وأكد في حوار ل «الوفد» أن المواجهة الأمنية وحدها لاتكفي لدحر الارهاب الذي انتشر لأسباب عديدة أبرزها غياب الثقافة واستمرار الأزمة الاقتصادية وغياب القدوة، ونبه إلى أن الاخوان تغلغلوا في المجتمع عبر الوجدان الديني مما دفع كثيرين الى التضحية بأنفسهم وهم يتصورون أن هذه التضحية من أجل إعلاء الدين، وذكر أن الالتزام بالقانون هو الحصن الحقيقي لحماية حقوق الانسان وحماية الحدود المشروعة بين ما هو حق وما هو باطل، وأشار الى أن حرب الهويات هي أخطر ما يواجه الوطن العربي الآن مع قيام بعض القوى الأجنبية بصب الزيت على النار، وانتقد الحركة النقدية الحديثة موضحاً أن النقاد يتجهون الى أسماء واضحة ويركزون على تكرار النموذج والمصطلحات، كما انتقد المشهد الثقافي الذي تسيطر عليه الفوضى ويتسم الأدباء والمثقفون بالنمطية والضعف والبحث عن الشهرة والنجومية بطريقة مرضية لجذب انظار الاعلام اليهم دون الاخلاص الحقيقي والابداع الثقافي في المجالات الابداعية. بداية مع إشراقة عام دراسى جديد هل تتوقع تكرار سيناريو العنف الإرهابى داخل الجامعات وكيف يمكن القضاء عليه؟ - لا يمكن تبسيط الأمور حيث يرجع هذا العنف وهذا الارهاب والفوضى وهذا الانقلاب الشامل الى سبب واحد، ربما كانت الثقافة الغائبة وراء الكثير من السلوكيات الأخلاقية والانحرافات، ولكن جذور المشكلة هي الأزمة الاقتصادية والتى تنعكس بشكل ثقيل ومخيف على أوضاع الشباب من حيث قدرتهم على الاستجابة لمطالب الحياة وأولها التعطل عن العمل بعد التخرج والحرمان من الزواج والاستقرار ومن المضى قدما لحياة طبيعية، هذا بالإضافة إلى أن معظم أساتذة الجامعات فى واقع الأمر ليسوا قادرين على توجيه الطلاب توجيها سليما لأنهم يعملون لخدمة مصالحهم أولا فى معظم الأحيان، والطلاب يرون أن هؤلاء الأساتذة يتاجرون فى العلم ويبيعون الكتب بأثمان مرتفعة، وكثيرا ما نفتقد من القيم التى كانت يمثلها أساتذة الجامعة من حيث الجدية والدقة وسعة الأفق والرحابة والأبوة واحتضان الشباب، بالإضافة الى ان منافذ الثقافة لأكثر من 30 عاما كانت مسدودة ليس فقط فى الجامعة، بل فى الخارج والإخوان المسلمون استطاعوا ان يتغلغلوا إلى أعماق المجتمع من خلال النفاذ الى الوجدان الدينى، الذي يدفع الكثيرين للتضحية بأنفسهم، فهم يتصورون أن هذه التضحية من أجل الدين وأنهم يربحون الآخرة، والنخبة السياسية فشلت تماما فى اجتذاب الشباب لأن الثوار الذين خرجوا فى 25 يناير و30 يونيه بعضهم كان يعتمد على قياداتهم السياسية والبعض الآخر كان معتمداً على نفسه، اذا نستطيع القول ان هؤلاء الشباب يفتقدون القيادة والتوجيه والأبوة والقدوة والثقة فى أساتذتهم والثقة فى وطنهم لذا يذهبون ليلقوا بأنفسهم فى البحار وهم يجازفون من أجل الهجرة غير الشرعية. كيف نحمى ونصون الحقوق والحريات فى المنطقة العربية فى ظل الإرهاب الأسود البغيض؟ - الالتزام بالقانون هو الحصن الحقيقى لصيانة وحماية حقوق الإنسان ويحمى الحدود المشروعة بين ما هو حق وما هو باطل، لأن مشكلة الإرهاب معقدة وشديدة الخطورة على المجتمع، ولكن لا يكفى المواجهة الأمنية لها فقط. كيف ترى الثورات العربية وتعديل مساراتها وآثارها على الثقافة العربية وشعوبها؟ - نحن نحيا فى زمن مأساوى بكل المقاييس وهذه الثورات ملتبسة فى مفاهيمها واحداثها وشخوصها وقيادتها، وللأسف لم تكن ثورات خالصة من أجل التغيير، وأخشى أن تكون هبات المتآمرين تسللت إليها لأن الأصابع الخارجية أفقدت معظم القوى الوطنية والقومية توازنها وتدخلت فى شئونها من خلال تفجير الألغام وفى مقدمتها الألغام الطائفية وحرب الهويات، نحن نواجه ما يسمى بحرب الهويات ولا شك أن بعض الدول الأخرى الأجنبية تصب الزيت على النار وتعمل بمنتهى النشاط من أجل تمزيق الوطن العربى، القضية ليست قضية توازنات إنما قضية النجاة من هذه البؤر الملتهبة للنجاة الآن، والمدخل الحقيقى للنجاة هو إعادة اللحمة بين كل الدول العربية، فهناك تشققات داخل كل الوطن العربى نتيجة الاختلافات السياسية والحروب الأهلية وحرب الإرهاب والتركيز العرقى، وكل هذا واضح الآن فى العراق وسوريا وليبيا واليمن لذا لابد أن يجتمع الحكام فى هذه البلاد المختلفة لخلق مؤسسات أمنية وسياسية وقومية وثقافية، والعودة من جديد إلى مفهوم التضامن العربى لأن الجامعة العربية فشلت فشلا ذريعا ولا تمتلك سلطة حقيقية على الدول العربية، فكل دولة عربية تنتهك سياسة مستقلة من أجل مصالحها. وقد غاب البعد القومى فى عمل الجامعة العربية، هناك مؤتمرات ووزراء ثقافة عرب، لكن أتصور انه لا بد من بناء نسيج قوى يشمل المؤسسات الثقافية والأمنية والسياسية والتكامل الاقتصادى. مخطط أجنبي ألم تسقط ثورة 30 يونيه المخطط الأجنبى الاستعمارى الصهيونى لتقسيم الوطن العربى إلى دويلات اسلامية للخلافة الارهابية؟ - بالتأكيد أسقطت المخطط الأجنبى الاستعمارى الغربى الصهيونى لتفتيت الأمة المصرية والعربية من خلال تمزيق أبناء الوطن على أساس الصراع الدينى واستطاعت مرة أخرى أن تستعيد مركزية فكرة الوطن للالتفاف حولها والتقدم نحو نظام جديد يعتمد على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة بين أبناء الوطن الواحد، واعتقد ان هذه الثورة كانت ضرورية جدا لإنقاذ الوطن. لكن كيف يمكن إعادة اللحمة في الوطن العربى فى ظل الربيع العربي؟ - لاشك أن هناك تشققات ونزاعات وتمزقات وفرقة وانفصال بين أبناء الوطن الواحد لاختلاف الرؤى الثقافية، وأعتقد أن القضية فى مصر بل والوطن العربى تحتاج إلى بناء ثقافة حديثة جادة تنويرية تستطيع أن تخلص الوطن من هذه الرؤى الضعيفة والبعد الدينى وحده يدفعنا الى صدام الأديان، لذا لابد من العودة الى ثقافة التنوير التى تعتمد على المساواة والموضوعية وعلى محاربة الفساد، وعلى الإعمال بالقانون واحترام القضاء، وأعتقد أن لابد من العودة الى الموضوعية نحن فى حاجة ملحة إلى وضع قوانين ونظم ولوائح جديدة من أجل تحقيق المساواة بين الوطن الواحد، ثم إن المشكلة السياسية لا تحل بملاحقات أمنية فقط، وإذا كان لابد من ملاحقة ومحاربة الإرهابيين والمخالفين، لكن لا بد من النظر فى الجوانب المختلفة فى القانون، وفى مقدمتها الحلول السياسية، لابد من اكتشاف حلول سياسية لهذه القضايا، وعدم اطلاق الأحكام النهائية لأن مسيرة الوطن بلا نهاية، ومتسعة إلى أبعد مدى وبالتالى لابد من الخروج من، حفرة التشرذم والصراع الطائفى والصراع الدينى وأعتقد ان مشكلة مصر مركبة. هل اكتملت ملامح الثورات كى يعبر عنها البعض فى عمل فنى؟ - لا شىء يتم بشكل نهائى لأن حركة الواقع متفاعلة تقوم على التفاعل المستمر والتشكل الدائم فلا توجد محطة نهائية لتجسيد واقع بشكل كامل، الواقع يتشكل من خلال هياكل وأفكار واحداث وبروز شخصيات وزعماء، وأعتقد أن الأعمال الابداعية والأدبية الحالية مجرد اجتهادات معظمها يتوقف عند تجسيد جزئيات من المشهد وليس تمثيل المشهد بأكمله، ليس معنى هذا أن ننتظر إلى أن يتم تجسيد المشهد بأكمله لأن هذه عملية مرتبطة بالتطور الذى لا نهاية له، هناك دائما الجديد الذي يضيف الى ما هو قائم ويغير الواقع، لكن المهم أن يحلل المبدعون القدرة والنفاذ على الإحاطة بالرؤية الكلية الشاملة والرؤية الصحيحة والقدرة على فهم الواقع والتعامل معه من خلال آليات ممكنة وقادرة على تغيير هذا الواقع والوصول به الى بر النجاة. الغزو الثقافي فى ظل أمواج متلاطمة من الغزو الثقافى كيف نستعيد هوية لغتنا العربية التى باتت منقرضة فى الآونة الآخيرة؟ - حقيقة الأمر هي مشكلة تعليم، واللغة هى وسيلة التعبير عن الواقع الحضارى والفكرى والتاريخى والسياسى والثقافى للأمة، إذا لا نستطيع أن نعمل فى مكان على تصليح اللغة وحدها، لكن من خلال التعليم وهو الركيزة الأولى الأساسية لبناء حضارة الأمة والجميع يعرف سلبيات التعليم المصرى ومأساته، المشكلة أن هذه اللغة التى تعبر عن الواقع، لابد أن تقتضى الموقف السياسى الذى نعيشه، والجميع يرى أن الواقع الاقتصادى والثقافى والسياسى والاجتماعى متدهور، فماذا تفعل اللغة فى هذا، لذا لابد من إعادة هذه المؤسسات من جديد أولها التعليم وثانيها الثقافة، وبعد ذلك لابد من إعادة بناء المؤسسات السياسية والأحزاب لابد أن تكون قادرة على أن تفعل شيئاً من أجل الانقاذ، اللغة هى عصب الحضارة وعصب الثقافة وأعتقد أن مشكلة اللغة ليست مشكلة فكرية، لكن مشكلة سلوكية وأيضا مشكلة مرتبطة بالنشاط الاقتصادى، نحن الآن نستورد معظم المنتجات من الدول الحديثة، تحمل أسماء وشخصيات ورموز مبتكرين ومنشئين لها، نحن فى موقف بالغ الصعوبة، هذا بالإضافة إلى أن الواقع المتقدم الذى يحاصرنا ويواجهنا يفرض علينا قدرا من الشعور بالدونية وقدرا من الرغبات، نحن نتعلق بالمنتصر الآن وهو الغرب، وأساتذة اللغة العربية والمجمع اللغوى يبعثون بأولادهم لتعليم اللغات الأجنبية، وفى مصر الآن عدد هائل من الجامعات الأجنبية فى مواجهة تعليم جامعى وطنى ضعيف. نلحظ أن الساحة الابداعية بعيدة عن النقد الابداعى البناء.. أين النقاد الحقيقيون؟ - معظم اساتذة الجامعات الذين يتصدرون حركة النقد يقومون بعمل ابحاث ودراسات لتطورهم الوظيفى أكثر من التفاعل مع الواقع، لكن هناك مشكلة حقيقية وهى أن النقاد يتجهون إلى أسماء واضحة وتكرار الكتابة حول هذه الأسماء، ولهذا أصبحنا فى حالة من الفقر الشديد يقوم على ركائز تكرار النموذج وتكرار المصطلحات، وهناك الكثير من مصطلحات النقد الأدبى الآن تستورد للأسف الشديد من بيئات بعيدة عن مناخ إبداعنا. إذن كيف يمكن الحفاظ على الهوية والعبور بقاطرة الثقافة إلى الأفضل فى رأيك؟ - الهوية الثقافية تركز على تنقية التراث من الخرافات وفى نفس الوقت الانفتاح على الثقافات ولابد من الاهتمام بالمبدعين الحقيقيين والحفاظ على التراث فى صورته النقية فى كل المجالات سواء التراث الدينى أو الفكرى أو الادبى أو الفنى وايضا التراث الحضارى والتاريخى، نحن فى حاجة الى بلورة هذه العناصر كلها ولكن لا نستطيع أن نمضى فى ركاب الحضارة الحديثة ونحن نعرج بأقدامنا، نكاد نتراجع ولا نتقدم، الذين ينظرون إلى الهوية ربما ينظرون فقط إلى مفهوم التراث الدينى عندهم، هم يتصورون أن مفهوم هذا التراث الدينى هو الذى يشكل الملمح الأساسى للهوية، لكن الهوية ليست فقط التراث الدينى بل هى هوية روحية وهوية دينية وأدبية وفكرية وجغرافية، والذى يشكل كل هذه الملامح هو التاريخ المشترك المنصهر فى بقعة ما للناس فى بلد من البلدان ومنها مصر، ونحن فى حاجة إلى الاهتمام بملامح هذه الهوية أولها اللغة والتاريخ والآثار والتراث والجغرافيا وإعادة دراسة منجزات الرواد، وهم رواد النهضة ورواد السياسة وزعماء التراث، ولابد من إعادة دراسة ذخيرة هذه المراحل المختلفة خاصة فى القرنين الماضيين العشرين والتاسع عشر. المؤسسات الثقافية لماذا تراجع التعاون بين الهيئات والمؤسسات والوزارات الثقافية فى العالم العربى؟ - المؤسسات السياسية تحكم بين المؤسسات الثقافية فى العالم العربى هو المؤسسات السياسية للأسف الشديد، والتوجهات السياسية تسير فى ركاب المؤسسات الاقتصادية، نحن لدينا مؤسسة ضخمة اسمها الجامعة العربية، ولكن هذه الجامعة العربية تخدعنا برؤية الأحضان الدافئة بين السياسيين ولكن للأسف الشديد نجد برودة شديدة فى القلوب التى تحتضن بعضها البعض، وكانت المؤسسات الثقافية فى الماضى تطرح آليات لتوحيد الثقافة منها على سبيل المثال اصدار مجلات ذات بعد قوى وطبيعة قوية، ونجد الجوائز ذات الطبيعة القوية وهى موجودة الآن، أيضا هناك المهرجانات التى كانت تقام وتسخر لخدمة النظم، نحن نريد مراكز للأبحاث يشترك فيها العالم العربى بتجرد شديد على كل المستويات ويزيد مؤسسات للأبحاث السياسية والأدبية والثقافية والاقتصادية، وأن نعمل على وضع هذه المؤسسات فى صيغة قانونية لا تتأثر بالاتجاهات السياسية المباشرة لسياسات الدول العربية المختلفة، ونريد أن نكون أبناء لهذا العصر من خلال الإخلاص للحقيقة المجردة فى كل المجالات. ما رصدك للمشهد الثقافى فى ظل أوضاع مضطربة سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا؟ - المشهد الثقافى تسيطر عليه ايضا هذه الفوضى، والأدباء والمثقفون ينقسمون أيضا على أنفسهم ويتسمون بالنمطية والفتور، والضعف، هناك مشكلة خطيرة جدا في المشهد الثقافى، وهى فكرة الاهتمام بالذاتية، الأدباء معظمهم للأسف الشديد يبحثون عن الشهرة والنجومية ويسعون بطريقة مرضية لجذب انظار الاعلاميين سواء فى الصحافة أو التليفزيون دون الإخلاص الحقيقى والابداع الثقافى فى المجالات الابداعية المختلفة سواء فى الشعر أو الرواية أو القصة القصيرة أو الرواية والدراسات الادبية والنقد الأدبى أو علم الجمال والفلسفة، هناك ذاتية بمعنى أنانية ثقافية، والأنانية الثقافية تعد مشكلة خطيرة جدا، نحن نفتقد هذا الاخلاص للحقيقة المطلقة. كيف ترى دعم دول الخليج الصديقة لمصر للنهوض بالفترة الانتقالية؟ - هذا الدعم كان ضروريا فى المرحلة الانتقالية التى نمر بها، وقد جاء فى موعده وبدون هذا الدعم كان يمكن أن تتعرض مصر للانهيار الاقتصادى والدمار السياسى وتوقف لخارطة الطريق، وأنا أحيى وأشكر دول الخليج التى ساندت مصر لأنها فى واقع الأمر عملت من مصطلح قومى وربما كان هذا المنطلق هو بداية الروح القومية التى يجب أن نفجرها فى كل اقاليم الوطن العربى، روح التضامن العربى هى الضرورية لإنقاذ وطننا من التفتت والتمزق والانهيار. ما أحدث أعمالك الإبداعية؟ - صدور المجموعة الكاملة لأعمالى عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهى تضم ثلاثة عشر ديوانا من الشعر ومسرحيتين شعريتين ، وبالتأكيد هذا الاحساس يملؤنى بقدر كبير من السعادة. الشعر هو صوت الحب وصوت الروح والعاطفة والاحساس هل اختفى الحب في زمن الثورة؟ - الحب موجود فى كل عصر، ولكن العصر هو الذى يشكل هذه العاطفة بوسائل مختلفة جديدة، أما بالنسبة للشعر فهو صوت الروح والعاطفة للإنسان، وصوت اللغة وروحها وهو صوت التاريخ ورحيق اللغة عبر العصور المختلفة، وإذا قلنا ان الامة قد ماتت فيمكن ان نقول انه لا يوجد حب ولا يوجد شعر ولا ابداع، أما الأمة فلا تموت، الأمة حية وقادرة على أن تجدد نشاطها ونفسها وابداعها ورموزها، وايمانى بالشعر والإبداع والانسان بلا حدود ، وايمانى بوطنى يتجاوز كل الحدود. فى ظل الكارثة والفوضى الخلاقة التى يمر بها الوطن العربى.. كيف تقاوم طعم الحزن الساكن فى نبض الروح؟ - الحزن مسيطر ويظهر فيما يسمي بالإحباط الذي يكاد يكون شاملا لأن الناس تشاهد تلك الأعمال الدموية عبر الإعلام. لذا لابد من تضامن كل الشعوب العربية فى قضاياهم فلا يمكن ان ننظر الى جار وبيته مشتعل ولا تحمل اليه الماء لإطفائه، إذا لابد ان يتضامن العرب للوصول الى التكامل، أما الحزن فهناك وسائل للتغلب على الحزن، فالتفاؤل فى الفنون والآداب وعلى كل الأدباء والمبدعين والمثقفين أن يستمسكوا بالشجاعة فى مواجهة الإرهاب والظلم والخراب، والشجاعة هى التى تنقذ الإنسانية، وليعلم الجميع أن انسانية القرن العشرين مرت بكوارث أعظم مما نحن فيه وهى كوارث الحرب العالمية الاولى والثانية وكوارث متفرقة فى بلاد كثيرة ومع ذلك خرجت من هذا البؤس وأصبحت دولا عظيمة ولننظر الى الصين والهند والبرازيل على سبيل المثال، لذا لابد من وضع استراتيجية عاجلة يقوم بها كبار المفكرين والسياسيين والادباء والاقتصاديين ليس من منطلق ذاتى فئوى إقليمى، بل من منطلق اخلاقى عام من البداية والنهاية لإعادة بناء الرؤية القومية العربية ليس على نسق الماضي ولكن على نسق عصري جديد يستخدم وسائل المعرفة والتكنولوجيا لتحقيق امال واحلام ابناء هذه الأمة. الشعراء الشباب فى ظل افتقاد الشباب للأب الروحى والقدوة.. هل تتابع أعمال شعراء الشباب الجدد؟ - نعم هناك شعراء على جانب كبير من الامتياز ولكن معظم هؤلاء لا يكتبون باللغة العربية وهذا انحياز واضح ضد اللغة العربية، ولكن أنا على ثقة بأن هذا الجيل حافل بالامال والتطلعات والاحتمالات لدرجة اننى اراهن عليه فى المستقبل واظن اننى سوف اكسب الرهان . بعيون ورؤية شاعر كيف ترى مستقبل الوطن؟ - أولا أنا لست عرافا لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، ولا أستطيع التكهن بالغد القطارات زاعقة والمطارات خانقة والليالى تطول، والطيور تملأ السماء وهى طيور عسكرية وسياسية وثقافية ولا اعرف متى واين سوف تحط هذه الطيور على أى الأسواق، لكن ما بين أيدينا هو خطط واضحة سماها أصحابها خارطة، نحن نرى الآن اننا فى الطريق لاستكمال الاستحقاقات السياسية، وهذه خطوة جبارة فى بناء مصر الحديثة، تتطلب إرادة شعبية ومساندة شعبية وعملا ينبع من قلب الوطن ودون ذلك لن نفلح فى شيء، بعد ذلك نتجه الى انتخابات مجلس الشعب لاستكمال أسس العملية السياسية فى طريقها الى الأمن والاستقرار والازدهار. لو خُيرت عن العصر الذى كنت تفضل العيش؟ - كنت أتمنى العيش فى هذا العصر وأعيش فى المدة الزمنية التى عشتها لأننى رغم معاناتى أعتقد أن الزمن الذى عشت فيه لم يكن زمننا ورديا، فقد كان مطلع ولادتى مع بداية الحرب العالمية الثانية ويا لها من ولادة وعاصرت بعد ذلك حروبا كثيرة ضد إسرائيل كاسحة سنة 56، 67، 73 بالإضافة الى حروب الخراب العربى وحرب الخليج الاولى والثانية ، لكن رغم كل هذا الدمار الهائل فأنا راضي عن الزمن الذى عشت فيه لأنه منحنى الوعى والفهم والقدرة على الكتابة ، وقد كتبت كثيرا ولن أتنصل من اى مرحلة من مراحل عمرى، والزمن الذى أتمناه لأولادى وأحفادى أتمنى ان يكون زمنا ، افضل من الزمن الذى عشت فيه. بعد حصولك على جائزة العويس.. هل حقا جوائز الدولة ذهبت لمن يستحقها أم مازالت تحكمها الشللية والمحسوبية؟ - نعم الى حد كبير، وأنا حصلت على جائزة العويس للدورة الثالثة عشرة لعام 2013، 2014 فى الشعر وهى جائزة مهمة جدا تمنح كل عام وتحتل مكانة متميزة بين الجوائز العربية لنزاهتها وموضوعيتها واختيار المحكمين لها من أكبر العناصر الأدبية والفنية فى الوطن العربى. سيرة ذاتية محمد إبراهيم أبو سِنَّة (مصر). ولد عام 1937 بمركز الصف , محافظة الجيزة مصر. تخرج في كلية الدراسات العربية عام 1964. عمل محرراً بالهيئة العامة للاستعلامات, ومشرفاً على البرامج الإبداعية والنقدية بإذاعة القاهرة, ويعمل الآن مديراً عاماً لإذاعة البرنامج الثقافي. عضو بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة, ولجان النصوص الغنائية بالإذاعة, واتحاد الكتاب المصريين. شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الدولية والعربية. كما قدم عبر الإذاعة المصرية برنامجه (ألوان من الشعر). دواوينه الشعرية : قلبي وغازلة الثوب الأزرق 1965 حديقة الشتاء 1969 الصراخ في الآبار القديمة 1974 أجراس المساء 1975 تأملات في المدن الحجرية 1979 البحر موعدنا 1982 الأعمال الشعرية 1985 مرايا النهار البعيدة 1987 رماد الأسئلة الخضراء 1990 - رقصات نيلية 1993 - ورد الفصول الأخيرة 1997 - حمزة العرب (مسرحية شعرية) 1971 حصار القلعة (مسرحية شعرية) 1984. أبرز مؤلفاته: منها: دراسات في الشعر العربي فلسفة المثل الشعبي تجارب نقدية وقضايا أدبية أصوات وأصداء تأملات نقدية في الحديقة الشعرية قصائد لا تموت. حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر, ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1984, وجائزة كفافيس 1990 وجائزة (أندلسية) 1997, وجائزة محمد حسن فقي 1998. جائزة جامعة شتيرن بألمانيا عن كتاب "العرب والأدب المهاجر 2008.