الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى معرض دبى الدولى للطيران    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى مصر بتصنيف كيواس للتنمية المستدامة    ارتفاع أسعار الذهب في آسيا مع تصاعد المخاوف من الإنفاق المالي والتقلبات في الأسواق العالمية    خلال جولته الترويجية بفرنسا.. رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في مؤتمر طموح أفريقيا    المشاط تبحث توسيع نطاق برنامج مبادلة الديون من أجل التنمية مع نظيرتها الألمانية    الحكومة: تسليم 265 كيلو ذهب بقيمة 1.65 مليار جنيه للبنك المركزي.. رسالة جديدة لدعم الاقتصاد الوطني    19 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    التضخم في بريطانيا يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    تداول 97 ألف طن و854 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    زيلينسكي في تركيا.. محادثات تغيب عنها روسيا بهدف إنهاء حرب أوكرانيا    زيلينسكي: روسيا أطلقت أكثر من 470 مسيرة و48 صاروخًا على أوكرانيا    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض دبى الدولى للطيران 2025    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    رئيس القابضة لمصر للطيران في زيارة تفقدية لطائرة Boeing 777X    صلاح ينافس على جائزتين في جلوب سوكر 2025    حبس عاطل عثر بحوزته على ربع كيلو هيروين في العمرانية    أخبار الطقس في الكويت.. أجواء معتدلة خلال النهار ورياح نشطة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    الحبس 15 يوما لربة منزل على ذمة التحقيق فى قتلها زوجها بالإسكندرية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    6 مطالب برلمانية لحماية الآثار المصرية ومنع محاولات سرقتها    معرض «رمسيس وذهب الفراعنة».. فخر المصريين في طوكيو    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال تطوير مستشفى طلخا المركزي وإنشاء فرع جديد لعيادة التأمين الصحي    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    تنمية متكاملة للشباب    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة بعد فوزه بجائزة أفضل شاعر عربي:
الإخوان حاربوا الثقافة واتهموا المثقفين بالعمالة والشيوعية
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 04 - 2014


الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة
ثورتا 25 يناير .. و 30 يونيو تحتاجان بعض الوقت للتعبير عنهما إبداعيا
مصر تستكمل مشوارها نحو بناء مؤسسات الديمقراطية بعد الانتهاء من الدستور
ليس بالسياسة وحدها يحيا المواطن الآن.. فالثقافة جزء أصيل من هذه الحياة ومحرك رئيسي لثورتي 25 يناير و30 يونيو، رغم العقبات التي تواجهها الآن، وقبل الآن، إذ يبدو أن الثورة بذاتها كانت عملًا إبداعيًا فأصابت الجميع بهذا السحر الإبداعي فرأينا شبابًا يبدعون روايات وأشعارًا جديدة، ورأينا بعض الصحفيين يعربون عن مشاعرهم رواية أو شعرًا، وينقلبون إلي مبدعين جددٍ.. وكأنه تحول ثقافي كبير يصاحب تحولنا السياسي، أو كأنها حياة أخري بعد محاولات الإماتة التي انتهجتها الجماعة الماكرة حين ركب مرسيُّها رأسه وفرض وزيرًا للثقافة لا يعرف عنها شيئًا، فكانت لعنات المثقفين بداية نهايته..
لذلك وللبحث عن زاوية أخري لقراءة المشهد السياسي من خلال إطلالة ثقافية كان هذا الحوار مع الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة الذي حصل علي جائزة سلطان العويس الإماراتية كأفضل شاعر عربي لهذا العام، ومن قبلها كرمته مصر بجوائز عديدة علي رأسها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية.. فإلي تفاصيل الحوار:
الشاعر الكبير في حوار مع محرر » الاخبار«
في البداية.. ما أهم المطالب التي ترنو أعين المثقفين إليها من الحكومة الجديدة؟
سعدت أولاً من إعادة اختيار د.محمد صابر عرب وزيرًا للثقافة لما أعرفه عنه من جدية وإخلاص وصبر علي الأعمال الثقافية، والحرص علي علاقة طيبة بالمثقفين من كل الاتجاهات.. وقد تلقيت هذا الخبربالسعادة والرضا والقبول.. وطبعًا ما نقرأه في الصحف يؤكد أن الحكومة تُدرك حجم التحديات التي تواجهها علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وكذلك علي المستوي الأمني.. والثقافة محور أساسي من محاور العمل في هذه المرحلة، بعد اختلال وسقوط كثير من القيم.
نوافذ ثقافية
وما هي أركان هذه المحاور الثقافية المرجوة خلال المرحلة القادمة؟
العمل الثقافي يحتاج في المرحلة المقبلة إلي الاهتمام بدور هذه المؤسسات وتدعيمها ماديا، واختيار أفضل الكفاءات لإدارتها، والعمل في الوقت نفسه علي فتح النوافذ علي أقصي حدود الانفتاح الثقافي، لأننا نخرج من مرحلة الانغلاق الفكري إلي مرحلة أخري من الانفتاح الثقافي.
ولكن ماذا تقصد بتعبير الانفتاح الثقافي، وهل هناك أطر محددة لهذا الانفتاح المطلوب؟
الانفتاح هو مجموعة من المبادئ: أولاً: ألاّ يتقوقع العمل الثقافي في المدينة، بل لابد من الانطلاق في آفاق مصر، وإلي أقاليمها المختلفة، بل يصل إلي أطرافها في الصحراء والبوادي والقري.. ثانيًا: التواصل الحميم مع المثقفين العرب، وذلك بإقامة المؤتمرات والمهرجانات لتوثيق العلاقة بين الثقافة المصرية والعربية، سواء في المغرب أو المشرق.. ثالثًا: العمل علي التواصل مع الثقافة العالمية بكل اتجاهاتها، ولا نتوقف فقط عند الثقافة الأوربية والأمريكية، بل لابد من الاتجاه شرقًا إلي الثقافة الأسيوية، إلي ثقافة اليابان والصين وكوريا.. وإلي الهند التي تملك ذخيرة ثقافية للإنسانية بأكملها، ولابد أن ننفتح أيضًا علي إفريقيا ثقافيًا، وذلك عن طريق عدد من المترجمين والمتعلمين في المدارس الأجنبية.. رابعًا: الحرية بأقصي ما تعنيه هذه الكلمة..حرية الإبداع الفكري، حرية التواصل بين المثقفين، لأن المثقفين في هذه المرحلة يتقوقعون داخل شرانقهم.. ونطلب من الوزير أن يعمل علي تقوية الجسور بينهم من خلال المؤسسات الثقافية كاتحاد الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة ودار الأوبرا وهيئة قصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب وغيرها.. هذه هي المبادئ التي من المأمول أن يعمل في ظلها وزير الثقافة الجديد.
إمكانيات محدودة
ألا تري أن دور المثقفين تضاءل وتراجع أمام أصحاب الأيديولوجيات الإسلامية.. في الفترة الأخيرة تحديدًا؟
هذا غير صحيح، حدث بالفعل لبعض الوقت نوع من الانتصار السياسي لجماعات الإسلام السياسي والتيارات الإسلامية السياسية.. وهذا يختلف عن فكرة معاداة الإسلام لأنه دين الأغلبية في مصر، وعلينا أن نوثق العلاقة بين أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين لنغلق الباب أمام الفتن الطائفية، هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخري فإن المثقفين لم يتراجعوا، لأنهم لا يملكون سوي إمكانيات محدودة للغاية متاحة أمام فئات بسيطة.. ولذلك علي الحكومة أن تتيح خلال الفترة القادمة بعض الإمكانيات المادية أمام المؤسسات الثقافية، وتعمل علي تشجيع المثقفين علي التحاور والمشاركة الإيجابية في النشاط الثقافي، في القاهرة أو الأقاليم.
ولكن التجربة أثبتت أن أصحاب الأفكار المتطرفة أقرب لرجل الشارع من المثقف.. كيف تري هذا؟
لم يظهر مثقف حقيقي حتي الآن من بين هذه الجماعات يمكن أن تلتف حوله الناس، بالعكس كانت جماعة الإخوان تقف موقف المعارضة للمثقفين وتتهمهم بالعلمانية وبالشيوعية وبالتغريب وأنهم يعملون دعاة للثقافة الأجنبية، في الوقت الذي لم يصنعوا فيه ثقافة.. وعن وصول هؤلاء لرجل الشارع فهناك وسائل أخري غير الثقافة، مثل الخطاب الديني الموجه، خاصة أن نفوس المصريين مهيأة لسماع مثل هذا الخطاب علي أساس من التراث والتاريخ والتربية والنشأة.
ضد الثقافة
إذن هل تعتبر أن وجود الإخوان في الحكم كان سدًّا أمام وجود ثقافة فاعلة في المجتمع؟
الإخوان كانوا ضد وجود الثقافة، لأن المعيار الأساسي عندهم هؤلاء هو المعيار الأخلاقي الذي يعمل علي مبدأ الحلال والحرام فقط، أما نحن فنعمل علي مبدأ الجميل والأجمل والصحيح والأصح، والصواب والخطأ.
وسط المناوشات السياسية الحالية.. كيف تنظر إلي مستقبل الثقافة في مصر؟
كل هذه المعارك ستحسم تدريجيا بحسم القضايا السياسية بعد أن تستكمل الدولة مشوارها نحو بناء المؤسسات الديمقراطية، وقد انتهينا من الدستور وتبقي استحقاق الانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية.. والانتباه إلي البنية القانونية لمؤسسات الدولة، مع وضع مبادئ مهمة للمستقبل، الأول: العدل، وهذا تحققه الدولة، والمبدأ الثاني وهو الحرية ويحققها القانون، والمبدأ الثالث وهو الحب وهذا يحققه الفن.
إلي أي مدي تكون الثقافة العربية مسئولة عن تحقيق فكرة الاجماع العربي؟
الثقافة بطبيعتها تنزع إلي التواصل وإلي الوحدة، ونحن كنا في مصر نقرأ شعراء العراق واليمن والمغرب علي صفحات الأدب البيروتية علي سبيل المثال، ونري أن المستقبل سيكون مشرقًا بالنسبة للثقافة إذا أعدنا أواصر التواصل، خصوصَا في هذه المرحلة الحرجة من الناحية السياسية التي يمرّ بها العالم العربي، علينا أن نتواصل مع كل أركان عالمنا العربي الثقافية، لأن الثقافة هي التعويض الوحيد عمّا نفقده الآن من أمن.. الثقافة هي ما يبقينا أحياء وسط ما نحن فيه.
هل تعتقد أن المثقف التقليدي تراجع أمام ظاهرة الناشط السياسي؟
لا أوافق علي مصطلح المثقف التقليدي.. لأن المثقف هو مبدع يخوض حياته بكثير من الجرأة والإيجابية والتوهج وهو لا يخضع لمعايير تقليدية، إنما لابد من التجديد المستمر.. والمثقف يعاني مشاكل كبيرة مع الإعلام ولابد من التصالح بين الإعلام والثقافة، وأطلب من التليفزيون أن يحتضن العمل الثقافي من خلال المهرجانات الأدبية والفنون الشعبية.
تحول ثقافي
يحدث الآن تحول كبير في الحياة السياسية المصرية.. هل من المنتظر في رأيك أن يصاحبه تحول في الحياة الثقافية؟
بالتأكيد، لأن الثقافة هي البنيان القيمي والفكري الذي ينشأ علي أسس راسخة من الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأنا علي ثقة أن ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو سوف تعززان أشكالًا جديدة من الثقافة، في الشعر وفي القصة، ولذلك نجد صورة جديدة من وعي الشباب عن الثقافة.
لماذا لم نر حتي الآن أعمالًا إبداعية تليق بالتعبير عن ثورة يناير؟
العمل الإبداعي يحتاج إلي وقت نتيجة التأمل العميق والوعي بجوانب مختلفة للواقع، لأنه في حالة غليان وتشكيل واضطراب، وجانب منه في حالة فوضي، ورغم ذلك فلدينا أعمال كثيرة من الروايات عبّرت عن الثورة، حتي إن الصحفيين تحولوا إلي مبدعين ليعبروا عن الثورة، هناك كذلك إبداع نسائي.. ولذلك ومن خلال هذا الحديث أدعو إلي إعادة التواصل مع الثقافة القبطية وإبراز دور المثقفين الذين أسهموا في النهضة الثقافية أمثال سلامة موسي ولويس عوض.
ما أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام قيام المثقف بدوره المنوط به للتأثير في المجتمع؟
المعوقات التي تواجه المثقف هي نفسها المعوقات التي تواجه المواطن العادي، وهي مشكلات اقتصادية وأمنية وإعلامية، ومشكلات أخري تتعلق بنشر الوعي الثقافي، وأخطر ما يواجه الثقافة الآن هو ابتعاد الشباب عن القراءة، وهذه مشكلة لابد من القضاء عليها واقتحام أسوارها واجتذابهم مرة أخري إلي القراءة، خاصة أن الشباب خلال السنوات الثلاث الماضية قاموا بإظهار قدر كبير من الشجاعة والمرونة في مناقشة قضايا بلادهم وضحوا بأرواحهم من أجل هذه القضايا.. ولذلك لابد من القضاء علي مشكلة فتور استقبال الثقافة في مصر.
هل تري أن حظك من الجوائز حتي الآن يليق بتاريخك الأدبي الحافل؟
أولا أنا حظي من الإعلام به قدر من الظلم، أما حظي من الجوائز فقد حصلت علي ثلاث جوائز دولة: جائزة الدولة التشجيعية وجائزة الدولة للتفوق في الآداب وجائزة الدولة التقديرية عام 2012م.. وأظن أن الفوز بثلاث جوائز دولة يُشير إلي أن هناك نوعًا من التقدير، وهذه الجوائز تُمثل نوعًا من إعادة الاعتبار للظلم الذي لحق بي فترات طويلة والذي كان ملحوظًا لدي البعض، لأن الأجهزة الإعلامية لا تُنصفني ولا تمنحني حقي.. إلا بعض التركيز في الفترة الأخيرة، وأنا أيضًا من صفاتي أنني خجول إلي حد ما ولا أميل للاستعراض ولا للتصدي للأضواء والكاميرات ولا أستقطب الأقلام.
لماذا لم يحصد المسرح الشعري لمحمد إبراهيم أبو سنة ما يستحقه من شهرة؟
حين صدرت المسرحيتان الشعريتان: (حمزة العرب) و(حصار القلعة) كان ذلك في بداية السبعينيات وكان هذا العقد هو عقد التحول في الثقافة المصرية، وحدثت الأزمات الطاحنة المتمثلة بين تيار اليسار وتيار اليمين والانصراف عن المسرح الجاد والاتجاه إلي المسرح الهزلي أو التجاري أو الاستهلاكي.. فلم يُتح لهاتين المسرحيتين أن تعتليا خشبة المسرح ولكنهما قُدّمتا في إذاعة البرنامج الثاني وأخرجهما الزميلان شريف خاطر وهلال أبوعامر، بل إن هلال أبوعامر فاز بجائزة الدولة التشجيعية عن إخراجه مسرحية حصار القلعة".. ولكن عمرو دوارة أخرج مسرحية حصار القلعة لكلية الحقوق جامعة عين شمس وأظن أن ذلك كان علي مسرح السلام لليلة واحدة فقط.. وأنت تعلم أن الحياة المسرحية تعتمد اعتمادًا كبيرًا علي العلاقات الشخصية والإعلامية.. والحقيقة أن معظم المؤسسات الثقافية تجري وراء المشهورين من الكُتاب.. بل وبعض الكُتاب يُدركون أن نجاحهم وتوفيقهم مرتبط تمامًا بقدرتهم علي إنشاء علاقات نفعية بالوسط الثقافي والوسط الفني المسرحي.. ورغم أنني أعرف بعض المخرجين المسرحيين فإنني لم أبذل جهدًا كبيرًا لأنني منذ شبابي الأول وأنا أتصور أن العمل نفسه قادر علي أن يُدافع عن نفسه وأن يشق طريقه إلي الصعود أو الهبوط.. تعلمت هذا من أستاذي وأستاذ الأجيال نجيب محفوظ الذي كنت أداوم علي حضور ندوته الأسبوعية منذ كانت هذه الندوة في (كازينو أوبرا) في أوائل الستينيات حتي بداية السبعينيات في (ريش) وكنت أنظر إلي نجيب محفوظ كمثال، وأري أن هذا الرجل المتعفف البسيط الذي لا يجري وراء الشهرة فأعلم أن الإنسان عليه أن يُتقن عمله ويعمل بإخلاص وصدق ويترك الباقي للسماء.
هناك بعض الشعراء لم يكتبوا مسرحًا شعريًّا مثل حجازي وأمل دنقل.. هل تُعتبر هذه نقيصة في هؤلاء الشعراء؟
ليست نقيصة علي الإطلاق.. فليس ضروريًّا أن يكتب كل شاعر مسرحًا شعريًّا، لأن المسرح الشعري يتمثل في وجود الموهبة الدرامية المسرحية لدي الشاعر، فالشاعر الذي يكتب المسرح يحتاج إلي موهبتين: موهبة الشاعر وموهبة الكاتب المسرحي.. هؤلاء الشعراء أغنتهم القصيدة التي كتبوها وحفظت لهم مكانة عالية في الحركة الشعرية فلم يلتفتوا إلي المسرح، لأن المسرح في حقيقة الأمر يحتاج إلي جهد كبير وتفرغ وولع بهذا النوع من الكتابة.. والمسرح فن هائل، لأن الشاعر يكتب الحياة بأسرها متمثلة في الحكاية والقصة والشخصيات والدراما والخيال والحركة وتصوير الدراما علي الخشبة المسرحية.. فليس مطلوبًا من كل شاعر أن يكتب المسرح الشعري، لكن الذين يكتبون المسرح الشعري يُجازفون في معظم الأحيان، لأنهم قد لا يصلون إلي المستوي الذي يبتغونه، ومعظم الشعراء الذين كتبوا المسرح الشعري كان الشعر يُراودهم أكثر مما يراودهم المسرح، مثل عبدالرحمن الشرقاوي.. لكن الذي أقام توازنًا بين الدراما والشعر إلي حد كبير هو صلاح عبدالصبور، وفي فترة الستينيات كنت مُولعًا بفن المسرح وخاصة عند كبار المسرحيين الذين كنت أقرأ لهم، مثل شكسبير وراسين وكورنييه، والكثير من التراث الشعبي، ولذلك فإن مسرحية (حمزة العرب) بها تجسيد من التراث الشعبي في حمزة البهلوان.
علاقة إذاعية
لديك ميزة قوية في الإلقاء الشعري، والنثري أيضًا.. حدثنا عن علاقتك بالإذاعة والبرنامج الثاني؟
الإذاعة فن، لا يتطلب فقط جودة الصوت وإنما القدرة علي الحساسية التي تربط بين المستمع والمذيع.. ولحسن الحظ أن الزملاء في إذاعة البرنامج الثاني استقبلوني بترحاب عندما التحقت بهذه الإذاعة ووجدوا في صوتي نغمة ملائمة لتقديم البرامج الشعرية التي قدمتها لمدة خمسة وعشرين عامًا، (ألوان من الشعر) و(قصيدة وشاعر) و(حدائق الأوراق).. ومازلت أعتز بهذه الفترة الثقافية لأنها ربطتني بالواقع الثقافي والأدباء والعلماء.
هل تعتقد أن غزارة الإنتاج شرط لبقاء الشاعر حيًّا في الوجدان الأدبي؟
الشهرة الأدبية مرتبطة بالأقدار، فهناك كاتب يشتهر بعمل واحد، وفي الأدب الفرنسي علي سبيل المثال فرانسوا ساجان (صباح الخير أيها الحزن) منذ أصدرت هذه الراوية صارت حديث الأوساط الثقافية، صلاح عبدالصبور عندما أصدر ديوانه (الناس في بلادي) أصبح حديث الأوساط الشعرية وكذلك أحمد عبدالمعطي حجازي أصبح شهيرًا بعد ديوانه (مدينة بلا قلب) وهناك شعراء يكدحون ولا يصلون إلي شهرة هؤلاء الرواد، لأن الشهرة أيضًا فيها قدر من المراوغة، هناك أناس تصطادهم الشهرة، وهناك شعراء يصطادون الشهرة، وهناك أناس يلعبون أمام عتباتها ولا يدخلون.
شخصية متمردة
دراستك أزهرية.. كيف استطعت أن تُحلّق في العوالم الثقافية بعيدًا عن أسر التراث؟
في الواقع أنا أعتز بأزهريتي، والكتاب الأول الذي حفر ملامحه في قلبي وعقلي ووجداني هو القرآن الكريم،، ثانيًا: كانت دراستي الأزهرية هي التي أدخلتني إلي رحاب الشعر من خلال قراءة نماذج من التراث الشعري القديم منذ العصر الجاهلي مرورًا بالعصر الإسلامي والأموي والعباسي حتي العصر الحديث ولكن في شخصيتي عنصر تمرد، وهو عنصر ضروري للمبدع، لأن المبدع الذي يتواءم ويتوافق ويتكيف مع ما حوله هو مبدع لا يحلق بعيدًا، فأنا كنت متمردًا، وتستطيع أن تقول كنت رافضًا للمسار التقليدي الذي وجدته في الحياة الأزهرية، وكان حولي عشرات الشعراء التقليديين الذين يُجلجلون في القاعات بأصداء قصائدهم التقليدية، لكنني كنت قد اكتشفت مُبكرًا طريقًا آخر وهو القصيدة الحديثة من خلال ترددي علي رابطة الأدب الحديث والتقائي بعدد من الشعراء والأدباء في هذه الرابطة، وعلي رأسهم الناقد الراحل الأستاذ مصطفي عبداللطيف السحرتي الذي شجعني وغمرني بعطفه، وفي رابطة الأدب الحديث رأيت مندور ومحمود أمين العالم وصلاح عبدالصبور وعبدالقادر القط وشكري عيّاد وعبدالحميد يونس وأحمد رشدي صالح.. وغيرهم، تفتّح عقلي ووجداني علي قراءات متنوعة، فكنت أقرأ حتي في الاقتصاد السياسي، وأقرأ الرواية لتولستوي وتشيوفسكي، والقصة القصيرة لتشيكوف.. وشكسبير في المسرح، وقرأت الأساطير اليونانية، ومن يقرأ ديواني الأول يجد المؤثرات الأسطورية واضحة فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.