انطلاق المسابقة الثقافية البحثية الكبرى بين التعليم والأوقاف للعام السابع على التوالي    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    البورصة ترتفع 3.5% وتحقق 5 قمم تاريخية هذا الأسبوع    سعر السولار اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025    العد التنازلي بدأ.. مصر على موعد مع تطبيق التوقيت الشتوي قريبًا    الشرطة البريطانية: هجوم كنيس مانشستر عمل إرهابي    روسيا وأوكرانيا تتبادلان مئات الأسرى    الأهلي يخسر من ماجديبورج ويفقد فرصة التتويج بالبرونزية في بطولة العالم لليد    الدوري الأوروبي.. التشكيل الأساسي لفريق ريال بيتيس أمام لودوجوريتس    الداخلية تضبط عاطلين سرقا حديد سلم منزل بالشرقية    هيفاء وهبي تفاجئ جمهورها بطرح 5 أغاني من ألبومها الجديد «ميجا هيفا» (فيديو)    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    "ماجد الكدواني يشعل رمضان 2026 بمسلسل جديد حول الزواج والحياة"    هل الأحلام السيئة تتحقق حال الإخبار بها؟.. خالد الجندي يوضح (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    رئيس الوزراء يوافق على رعاية النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    نجل زيدان بقائمة منتخب الجزائر لمواجهتي الصومال وأوغندا بتصفيات المونديال    نتائج 6 مواجهات من مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب بمشاركة 23 دار نشر    خبير علاقات دولية ل"اليوم": ما فعله الاحتلال ضد قافلة الصمود إرهاب دولة    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    قرار عاجل من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2028 (الباقين للإعادة)    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة عقب جولة ميدانية على المستشفيات والمنشآت الطبية    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    براتب 290 دينار.. العمل تعلن عن وظائف جديدة في الأردن    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    رئيس الوزراء: ذكرى نصر أكتوبر تأتى فى ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة بعد فوزه بجائزة أفضل شاعر عربي:
الإخوان حاربوا الثقافة واتهموا المثقفين بالعمالة والشيوعية
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 04 - 2014


الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة
ثورتا 25 يناير .. و 30 يونيو تحتاجان بعض الوقت للتعبير عنهما إبداعيا
مصر تستكمل مشوارها نحو بناء مؤسسات الديمقراطية بعد الانتهاء من الدستور
ليس بالسياسة وحدها يحيا المواطن الآن.. فالثقافة جزء أصيل من هذه الحياة ومحرك رئيسي لثورتي 25 يناير و30 يونيو، رغم العقبات التي تواجهها الآن، وقبل الآن، إذ يبدو أن الثورة بذاتها كانت عملًا إبداعيًا فأصابت الجميع بهذا السحر الإبداعي فرأينا شبابًا يبدعون روايات وأشعارًا جديدة، ورأينا بعض الصحفيين يعربون عن مشاعرهم رواية أو شعرًا، وينقلبون إلي مبدعين جددٍ.. وكأنه تحول ثقافي كبير يصاحب تحولنا السياسي، أو كأنها حياة أخري بعد محاولات الإماتة التي انتهجتها الجماعة الماكرة حين ركب مرسيُّها رأسه وفرض وزيرًا للثقافة لا يعرف عنها شيئًا، فكانت لعنات المثقفين بداية نهايته..
لذلك وللبحث عن زاوية أخري لقراءة المشهد السياسي من خلال إطلالة ثقافية كان هذا الحوار مع الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة الذي حصل علي جائزة سلطان العويس الإماراتية كأفضل شاعر عربي لهذا العام، ومن قبلها كرمته مصر بجوائز عديدة علي رأسها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية.. فإلي تفاصيل الحوار:
الشاعر الكبير في حوار مع محرر » الاخبار«
في البداية.. ما أهم المطالب التي ترنو أعين المثقفين إليها من الحكومة الجديدة؟
سعدت أولاً من إعادة اختيار د.محمد صابر عرب وزيرًا للثقافة لما أعرفه عنه من جدية وإخلاص وصبر علي الأعمال الثقافية، والحرص علي علاقة طيبة بالمثقفين من كل الاتجاهات.. وقد تلقيت هذا الخبربالسعادة والرضا والقبول.. وطبعًا ما نقرأه في الصحف يؤكد أن الحكومة تُدرك حجم التحديات التي تواجهها علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وكذلك علي المستوي الأمني.. والثقافة محور أساسي من محاور العمل في هذه المرحلة، بعد اختلال وسقوط كثير من القيم.
نوافذ ثقافية
وما هي أركان هذه المحاور الثقافية المرجوة خلال المرحلة القادمة؟
العمل الثقافي يحتاج في المرحلة المقبلة إلي الاهتمام بدور هذه المؤسسات وتدعيمها ماديا، واختيار أفضل الكفاءات لإدارتها، والعمل في الوقت نفسه علي فتح النوافذ علي أقصي حدود الانفتاح الثقافي، لأننا نخرج من مرحلة الانغلاق الفكري إلي مرحلة أخري من الانفتاح الثقافي.
ولكن ماذا تقصد بتعبير الانفتاح الثقافي، وهل هناك أطر محددة لهذا الانفتاح المطلوب؟
الانفتاح هو مجموعة من المبادئ: أولاً: ألاّ يتقوقع العمل الثقافي في المدينة، بل لابد من الانطلاق في آفاق مصر، وإلي أقاليمها المختلفة، بل يصل إلي أطرافها في الصحراء والبوادي والقري.. ثانيًا: التواصل الحميم مع المثقفين العرب، وذلك بإقامة المؤتمرات والمهرجانات لتوثيق العلاقة بين الثقافة المصرية والعربية، سواء في المغرب أو المشرق.. ثالثًا: العمل علي التواصل مع الثقافة العالمية بكل اتجاهاتها، ولا نتوقف فقط عند الثقافة الأوربية والأمريكية، بل لابد من الاتجاه شرقًا إلي الثقافة الأسيوية، إلي ثقافة اليابان والصين وكوريا.. وإلي الهند التي تملك ذخيرة ثقافية للإنسانية بأكملها، ولابد أن ننفتح أيضًا علي إفريقيا ثقافيًا، وذلك عن طريق عدد من المترجمين والمتعلمين في المدارس الأجنبية.. رابعًا: الحرية بأقصي ما تعنيه هذه الكلمة..حرية الإبداع الفكري، حرية التواصل بين المثقفين، لأن المثقفين في هذه المرحلة يتقوقعون داخل شرانقهم.. ونطلب من الوزير أن يعمل علي تقوية الجسور بينهم من خلال المؤسسات الثقافية كاتحاد الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة ودار الأوبرا وهيئة قصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب وغيرها.. هذه هي المبادئ التي من المأمول أن يعمل في ظلها وزير الثقافة الجديد.
إمكانيات محدودة
ألا تري أن دور المثقفين تضاءل وتراجع أمام أصحاب الأيديولوجيات الإسلامية.. في الفترة الأخيرة تحديدًا؟
هذا غير صحيح، حدث بالفعل لبعض الوقت نوع من الانتصار السياسي لجماعات الإسلام السياسي والتيارات الإسلامية السياسية.. وهذا يختلف عن فكرة معاداة الإسلام لأنه دين الأغلبية في مصر، وعلينا أن نوثق العلاقة بين أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين لنغلق الباب أمام الفتن الطائفية، هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخري فإن المثقفين لم يتراجعوا، لأنهم لا يملكون سوي إمكانيات محدودة للغاية متاحة أمام فئات بسيطة.. ولذلك علي الحكومة أن تتيح خلال الفترة القادمة بعض الإمكانيات المادية أمام المؤسسات الثقافية، وتعمل علي تشجيع المثقفين علي التحاور والمشاركة الإيجابية في النشاط الثقافي، في القاهرة أو الأقاليم.
ولكن التجربة أثبتت أن أصحاب الأفكار المتطرفة أقرب لرجل الشارع من المثقف.. كيف تري هذا؟
لم يظهر مثقف حقيقي حتي الآن من بين هذه الجماعات يمكن أن تلتف حوله الناس، بالعكس كانت جماعة الإخوان تقف موقف المعارضة للمثقفين وتتهمهم بالعلمانية وبالشيوعية وبالتغريب وأنهم يعملون دعاة للثقافة الأجنبية، في الوقت الذي لم يصنعوا فيه ثقافة.. وعن وصول هؤلاء لرجل الشارع فهناك وسائل أخري غير الثقافة، مثل الخطاب الديني الموجه، خاصة أن نفوس المصريين مهيأة لسماع مثل هذا الخطاب علي أساس من التراث والتاريخ والتربية والنشأة.
ضد الثقافة
إذن هل تعتبر أن وجود الإخوان في الحكم كان سدًّا أمام وجود ثقافة فاعلة في المجتمع؟
الإخوان كانوا ضد وجود الثقافة، لأن المعيار الأساسي عندهم هؤلاء هو المعيار الأخلاقي الذي يعمل علي مبدأ الحلال والحرام فقط، أما نحن فنعمل علي مبدأ الجميل والأجمل والصحيح والأصح، والصواب والخطأ.
وسط المناوشات السياسية الحالية.. كيف تنظر إلي مستقبل الثقافة في مصر؟
كل هذه المعارك ستحسم تدريجيا بحسم القضايا السياسية بعد أن تستكمل الدولة مشوارها نحو بناء المؤسسات الديمقراطية، وقد انتهينا من الدستور وتبقي استحقاق الانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية.. والانتباه إلي البنية القانونية لمؤسسات الدولة، مع وضع مبادئ مهمة للمستقبل، الأول: العدل، وهذا تحققه الدولة، والمبدأ الثاني وهو الحرية ويحققها القانون، والمبدأ الثالث وهو الحب وهذا يحققه الفن.
إلي أي مدي تكون الثقافة العربية مسئولة عن تحقيق فكرة الاجماع العربي؟
الثقافة بطبيعتها تنزع إلي التواصل وإلي الوحدة، ونحن كنا في مصر نقرأ شعراء العراق واليمن والمغرب علي صفحات الأدب البيروتية علي سبيل المثال، ونري أن المستقبل سيكون مشرقًا بالنسبة للثقافة إذا أعدنا أواصر التواصل، خصوصَا في هذه المرحلة الحرجة من الناحية السياسية التي يمرّ بها العالم العربي، علينا أن نتواصل مع كل أركان عالمنا العربي الثقافية، لأن الثقافة هي التعويض الوحيد عمّا نفقده الآن من أمن.. الثقافة هي ما يبقينا أحياء وسط ما نحن فيه.
هل تعتقد أن المثقف التقليدي تراجع أمام ظاهرة الناشط السياسي؟
لا أوافق علي مصطلح المثقف التقليدي.. لأن المثقف هو مبدع يخوض حياته بكثير من الجرأة والإيجابية والتوهج وهو لا يخضع لمعايير تقليدية، إنما لابد من التجديد المستمر.. والمثقف يعاني مشاكل كبيرة مع الإعلام ولابد من التصالح بين الإعلام والثقافة، وأطلب من التليفزيون أن يحتضن العمل الثقافي من خلال المهرجانات الأدبية والفنون الشعبية.
تحول ثقافي
يحدث الآن تحول كبير في الحياة السياسية المصرية.. هل من المنتظر في رأيك أن يصاحبه تحول في الحياة الثقافية؟
بالتأكيد، لأن الثقافة هي البنيان القيمي والفكري الذي ينشأ علي أسس راسخة من الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأنا علي ثقة أن ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو سوف تعززان أشكالًا جديدة من الثقافة، في الشعر وفي القصة، ولذلك نجد صورة جديدة من وعي الشباب عن الثقافة.
لماذا لم نر حتي الآن أعمالًا إبداعية تليق بالتعبير عن ثورة يناير؟
العمل الإبداعي يحتاج إلي وقت نتيجة التأمل العميق والوعي بجوانب مختلفة للواقع، لأنه في حالة غليان وتشكيل واضطراب، وجانب منه في حالة فوضي، ورغم ذلك فلدينا أعمال كثيرة من الروايات عبّرت عن الثورة، حتي إن الصحفيين تحولوا إلي مبدعين ليعبروا عن الثورة، هناك كذلك إبداع نسائي.. ولذلك ومن خلال هذا الحديث أدعو إلي إعادة التواصل مع الثقافة القبطية وإبراز دور المثقفين الذين أسهموا في النهضة الثقافية أمثال سلامة موسي ولويس عوض.
ما أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام قيام المثقف بدوره المنوط به للتأثير في المجتمع؟
المعوقات التي تواجه المثقف هي نفسها المعوقات التي تواجه المواطن العادي، وهي مشكلات اقتصادية وأمنية وإعلامية، ومشكلات أخري تتعلق بنشر الوعي الثقافي، وأخطر ما يواجه الثقافة الآن هو ابتعاد الشباب عن القراءة، وهذه مشكلة لابد من القضاء عليها واقتحام أسوارها واجتذابهم مرة أخري إلي القراءة، خاصة أن الشباب خلال السنوات الثلاث الماضية قاموا بإظهار قدر كبير من الشجاعة والمرونة في مناقشة قضايا بلادهم وضحوا بأرواحهم من أجل هذه القضايا.. ولذلك لابد من القضاء علي مشكلة فتور استقبال الثقافة في مصر.
هل تري أن حظك من الجوائز حتي الآن يليق بتاريخك الأدبي الحافل؟
أولا أنا حظي من الإعلام به قدر من الظلم، أما حظي من الجوائز فقد حصلت علي ثلاث جوائز دولة: جائزة الدولة التشجيعية وجائزة الدولة للتفوق في الآداب وجائزة الدولة التقديرية عام 2012م.. وأظن أن الفوز بثلاث جوائز دولة يُشير إلي أن هناك نوعًا من التقدير، وهذه الجوائز تُمثل نوعًا من إعادة الاعتبار للظلم الذي لحق بي فترات طويلة والذي كان ملحوظًا لدي البعض، لأن الأجهزة الإعلامية لا تُنصفني ولا تمنحني حقي.. إلا بعض التركيز في الفترة الأخيرة، وأنا أيضًا من صفاتي أنني خجول إلي حد ما ولا أميل للاستعراض ولا للتصدي للأضواء والكاميرات ولا أستقطب الأقلام.
لماذا لم يحصد المسرح الشعري لمحمد إبراهيم أبو سنة ما يستحقه من شهرة؟
حين صدرت المسرحيتان الشعريتان: (حمزة العرب) و(حصار القلعة) كان ذلك في بداية السبعينيات وكان هذا العقد هو عقد التحول في الثقافة المصرية، وحدثت الأزمات الطاحنة المتمثلة بين تيار اليسار وتيار اليمين والانصراف عن المسرح الجاد والاتجاه إلي المسرح الهزلي أو التجاري أو الاستهلاكي.. فلم يُتح لهاتين المسرحيتين أن تعتليا خشبة المسرح ولكنهما قُدّمتا في إذاعة البرنامج الثاني وأخرجهما الزميلان شريف خاطر وهلال أبوعامر، بل إن هلال أبوعامر فاز بجائزة الدولة التشجيعية عن إخراجه مسرحية حصار القلعة".. ولكن عمرو دوارة أخرج مسرحية حصار القلعة لكلية الحقوق جامعة عين شمس وأظن أن ذلك كان علي مسرح السلام لليلة واحدة فقط.. وأنت تعلم أن الحياة المسرحية تعتمد اعتمادًا كبيرًا علي العلاقات الشخصية والإعلامية.. والحقيقة أن معظم المؤسسات الثقافية تجري وراء المشهورين من الكُتاب.. بل وبعض الكُتاب يُدركون أن نجاحهم وتوفيقهم مرتبط تمامًا بقدرتهم علي إنشاء علاقات نفعية بالوسط الثقافي والوسط الفني المسرحي.. ورغم أنني أعرف بعض المخرجين المسرحيين فإنني لم أبذل جهدًا كبيرًا لأنني منذ شبابي الأول وأنا أتصور أن العمل نفسه قادر علي أن يُدافع عن نفسه وأن يشق طريقه إلي الصعود أو الهبوط.. تعلمت هذا من أستاذي وأستاذ الأجيال نجيب محفوظ الذي كنت أداوم علي حضور ندوته الأسبوعية منذ كانت هذه الندوة في (كازينو أوبرا) في أوائل الستينيات حتي بداية السبعينيات في (ريش) وكنت أنظر إلي نجيب محفوظ كمثال، وأري أن هذا الرجل المتعفف البسيط الذي لا يجري وراء الشهرة فأعلم أن الإنسان عليه أن يُتقن عمله ويعمل بإخلاص وصدق ويترك الباقي للسماء.
هناك بعض الشعراء لم يكتبوا مسرحًا شعريًّا مثل حجازي وأمل دنقل.. هل تُعتبر هذه نقيصة في هؤلاء الشعراء؟
ليست نقيصة علي الإطلاق.. فليس ضروريًّا أن يكتب كل شاعر مسرحًا شعريًّا، لأن المسرح الشعري يتمثل في وجود الموهبة الدرامية المسرحية لدي الشاعر، فالشاعر الذي يكتب المسرح يحتاج إلي موهبتين: موهبة الشاعر وموهبة الكاتب المسرحي.. هؤلاء الشعراء أغنتهم القصيدة التي كتبوها وحفظت لهم مكانة عالية في الحركة الشعرية فلم يلتفتوا إلي المسرح، لأن المسرح في حقيقة الأمر يحتاج إلي جهد كبير وتفرغ وولع بهذا النوع من الكتابة.. والمسرح فن هائل، لأن الشاعر يكتب الحياة بأسرها متمثلة في الحكاية والقصة والشخصيات والدراما والخيال والحركة وتصوير الدراما علي الخشبة المسرحية.. فليس مطلوبًا من كل شاعر أن يكتب المسرح الشعري، لكن الذين يكتبون المسرح الشعري يُجازفون في معظم الأحيان، لأنهم قد لا يصلون إلي المستوي الذي يبتغونه، ومعظم الشعراء الذين كتبوا المسرح الشعري كان الشعر يُراودهم أكثر مما يراودهم المسرح، مثل عبدالرحمن الشرقاوي.. لكن الذي أقام توازنًا بين الدراما والشعر إلي حد كبير هو صلاح عبدالصبور، وفي فترة الستينيات كنت مُولعًا بفن المسرح وخاصة عند كبار المسرحيين الذين كنت أقرأ لهم، مثل شكسبير وراسين وكورنييه، والكثير من التراث الشعبي، ولذلك فإن مسرحية (حمزة العرب) بها تجسيد من التراث الشعبي في حمزة البهلوان.
علاقة إذاعية
لديك ميزة قوية في الإلقاء الشعري، والنثري أيضًا.. حدثنا عن علاقتك بالإذاعة والبرنامج الثاني؟
الإذاعة فن، لا يتطلب فقط جودة الصوت وإنما القدرة علي الحساسية التي تربط بين المستمع والمذيع.. ولحسن الحظ أن الزملاء في إذاعة البرنامج الثاني استقبلوني بترحاب عندما التحقت بهذه الإذاعة ووجدوا في صوتي نغمة ملائمة لتقديم البرامج الشعرية التي قدمتها لمدة خمسة وعشرين عامًا، (ألوان من الشعر) و(قصيدة وشاعر) و(حدائق الأوراق).. ومازلت أعتز بهذه الفترة الثقافية لأنها ربطتني بالواقع الثقافي والأدباء والعلماء.
هل تعتقد أن غزارة الإنتاج شرط لبقاء الشاعر حيًّا في الوجدان الأدبي؟
الشهرة الأدبية مرتبطة بالأقدار، فهناك كاتب يشتهر بعمل واحد، وفي الأدب الفرنسي علي سبيل المثال فرانسوا ساجان (صباح الخير أيها الحزن) منذ أصدرت هذه الراوية صارت حديث الأوساط الثقافية، صلاح عبدالصبور عندما أصدر ديوانه (الناس في بلادي) أصبح حديث الأوساط الشعرية وكذلك أحمد عبدالمعطي حجازي أصبح شهيرًا بعد ديوانه (مدينة بلا قلب) وهناك شعراء يكدحون ولا يصلون إلي شهرة هؤلاء الرواد، لأن الشهرة أيضًا فيها قدر من المراوغة، هناك أناس تصطادهم الشهرة، وهناك شعراء يصطادون الشهرة، وهناك أناس يلعبون أمام عتباتها ولا يدخلون.
شخصية متمردة
دراستك أزهرية.. كيف استطعت أن تُحلّق في العوالم الثقافية بعيدًا عن أسر التراث؟
في الواقع أنا أعتز بأزهريتي، والكتاب الأول الذي حفر ملامحه في قلبي وعقلي ووجداني هو القرآن الكريم،، ثانيًا: كانت دراستي الأزهرية هي التي أدخلتني إلي رحاب الشعر من خلال قراءة نماذج من التراث الشعري القديم منذ العصر الجاهلي مرورًا بالعصر الإسلامي والأموي والعباسي حتي العصر الحديث ولكن في شخصيتي عنصر تمرد، وهو عنصر ضروري للمبدع، لأن المبدع الذي يتواءم ويتوافق ويتكيف مع ما حوله هو مبدع لا يحلق بعيدًا، فأنا كنت متمردًا، وتستطيع أن تقول كنت رافضًا للمسار التقليدي الذي وجدته في الحياة الأزهرية، وكان حولي عشرات الشعراء التقليديين الذين يُجلجلون في القاعات بأصداء قصائدهم التقليدية، لكنني كنت قد اكتشفت مُبكرًا طريقًا آخر وهو القصيدة الحديثة من خلال ترددي علي رابطة الأدب الحديث والتقائي بعدد من الشعراء والأدباء في هذه الرابطة، وعلي رأسهم الناقد الراحل الأستاذ مصطفي عبداللطيف السحرتي الذي شجعني وغمرني بعطفه، وفي رابطة الأدب الحديث رأيت مندور ومحمود أمين العالم وصلاح عبدالصبور وعبدالقادر القط وشكري عيّاد وعبدالحميد يونس وأحمد رشدي صالح.. وغيرهم، تفتّح عقلي ووجداني علي قراءات متنوعة، فكنت أقرأ حتي في الاقتصاد السياسي، وأقرأ الرواية لتولستوي وتشيوفسكي، والقصة القصيرة لتشيكوف.. وشكسبير في المسرح، وقرأت الأساطير اليونانية، ومن يقرأ ديواني الأول يجد المؤثرات الأسطورية واضحة فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.