اعرف أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم    الحكومة تنفي انتشار بطيخ مسرطن في الأسواق    قطع المياه عن قريتين في مركز ناصر ببني سويف لأعمال الصيانة غدا    معلومات عن نظام باتريوت.. واشنطن رفضت تزويد أوكرانيا به    شيماء البرديني: نتنياهو يريد استمرار الحرب للأبد ويستخدم شعبه كدروع بشرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    هدف تاريخي ينتظر محمد صلاح في مباراة ليفربول ووست هام يونايتد اليوم    «رياضة القليوبية» تطلق مبادرة «العمل حياة بناء مستقبل» احتفالا بعيد العمال    حالة الطقس اليوم.. انخفاض درجات الحرارة ونشاط الرياح نهارا وبرودة ليلا    ضبط 16 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    فيلم عالماشي بالمركز الثالث في شباك التذاكر    ناهد السباعي عن مشاركتها في مهرجان أسوان: كانت تجربة ممتعة    عمرو دياب يتألق في أضخم حفلات صيف البحرين (صور)    حكم من مات ولم يحج وكان قادرا عليه.. الأزهر يوضح ما يجب على الورثة فعله    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    «صحة كفر الشيخ» تنظم قافلة طبية لمدة يومين ضمن «حياة كريمة»    «الصحة» تعلن جهود الفرق المركزية في متابعة أداء مراكز الرعاية الأولية    الأوراق المطلوبة لاستخراج شهادات فحص المقبلين على الزواج للمصريين والأجانب    «الداخلية»: حملات أمنية لضبط حائزى المخدرات والأسلحة تضبط 56 قضية ب4 محافظات    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    صوامع الإسكندرية تستقبل 2700 طن قمح محلى منذ بدء موسم التوريد    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    حماس تتسلم رد إسرائيل بشأن الصفقة الجديدة    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب أتوبيس في الشرقية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "الشيوخ" يناقش جودة التعليم والتوسع في التصنيع الزراعي، الإثنين المقبل    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    بعد رأس الحكمة وقرض الصندوق.. الفجوة التمويلية لمصر 28.5 مليار دولار    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة بعد فوزه بجائزة أفضل شاعر عربي:
الإخوان حاربوا الثقافة واتهموا المثقفين بالعمالة والشيوعية
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 04 - 2014


الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة
ثورتا 25 يناير .. و 30 يونيو تحتاجان بعض الوقت للتعبير عنهما إبداعيا
مصر تستكمل مشوارها نحو بناء مؤسسات الديمقراطية بعد الانتهاء من الدستور
ليس بالسياسة وحدها يحيا المواطن الآن.. فالثقافة جزء أصيل من هذه الحياة ومحرك رئيسي لثورتي 25 يناير و30 يونيو، رغم العقبات التي تواجهها الآن، وقبل الآن، إذ يبدو أن الثورة بذاتها كانت عملًا إبداعيًا فأصابت الجميع بهذا السحر الإبداعي فرأينا شبابًا يبدعون روايات وأشعارًا جديدة، ورأينا بعض الصحفيين يعربون عن مشاعرهم رواية أو شعرًا، وينقلبون إلي مبدعين جددٍ.. وكأنه تحول ثقافي كبير يصاحب تحولنا السياسي، أو كأنها حياة أخري بعد محاولات الإماتة التي انتهجتها الجماعة الماكرة حين ركب مرسيُّها رأسه وفرض وزيرًا للثقافة لا يعرف عنها شيئًا، فكانت لعنات المثقفين بداية نهايته..
لذلك وللبحث عن زاوية أخري لقراءة المشهد السياسي من خلال إطلالة ثقافية كان هذا الحوار مع الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة الذي حصل علي جائزة سلطان العويس الإماراتية كأفضل شاعر عربي لهذا العام، ومن قبلها كرمته مصر بجوائز عديدة علي رأسها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية.. فإلي تفاصيل الحوار:
الشاعر الكبير في حوار مع محرر » الاخبار«
في البداية.. ما أهم المطالب التي ترنو أعين المثقفين إليها من الحكومة الجديدة؟
سعدت أولاً من إعادة اختيار د.محمد صابر عرب وزيرًا للثقافة لما أعرفه عنه من جدية وإخلاص وصبر علي الأعمال الثقافية، والحرص علي علاقة طيبة بالمثقفين من كل الاتجاهات.. وقد تلقيت هذا الخبربالسعادة والرضا والقبول.. وطبعًا ما نقرأه في الصحف يؤكد أن الحكومة تُدرك حجم التحديات التي تواجهها علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وكذلك علي المستوي الأمني.. والثقافة محور أساسي من محاور العمل في هذه المرحلة، بعد اختلال وسقوط كثير من القيم.
نوافذ ثقافية
وما هي أركان هذه المحاور الثقافية المرجوة خلال المرحلة القادمة؟
العمل الثقافي يحتاج في المرحلة المقبلة إلي الاهتمام بدور هذه المؤسسات وتدعيمها ماديا، واختيار أفضل الكفاءات لإدارتها، والعمل في الوقت نفسه علي فتح النوافذ علي أقصي حدود الانفتاح الثقافي، لأننا نخرج من مرحلة الانغلاق الفكري إلي مرحلة أخري من الانفتاح الثقافي.
ولكن ماذا تقصد بتعبير الانفتاح الثقافي، وهل هناك أطر محددة لهذا الانفتاح المطلوب؟
الانفتاح هو مجموعة من المبادئ: أولاً: ألاّ يتقوقع العمل الثقافي في المدينة، بل لابد من الانطلاق في آفاق مصر، وإلي أقاليمها المختلفة، بل يصل إلي أطرافها في الصحراء والبوادي والقري.. ثانيًا: التواصل الحميم مع المثقفين العرب، وذلك بإقامة المؤتمرات والمهرجانات لتوثيق العلاقة بين الثقافة المصرية والعربية، سواء في المغرب أو المشرق.. ثالثًا: العمل علي التواصل مع الثقافة العالمية بكل اتجاهاتها، ولا نتوقف فقط عند الثقافة الأوربية والأمريكية، بل لابد من الاتجاه شرقًا إلي الثقافة الأسيوية، إلي ثقافة اليابان والصين وكوريا.. وإلي الهند التي تملك ذخيرة ثقافية للإنسانية بأكملها، ولابد أن ننفتح أيضًا علي إفريقيا ثقافيًا، وذلك عن طريق عدد من المترجمين والمتعلمين في المدارس الأجنبية.. رابعًا: الحرية بأقصي ما تعنيه هذه الكلمة..حرية الإبداع الفكري، حرية التواصل بين المثقفين، لأن المثقفين في هذه المرحلة يتقوقعون داخل شرانقهم.. ونطلب من الوزير أن يعمل علي تقوية الجسور بينهم من خلال المؤسسات الثقافية كاتحاد الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة ودار الأوبرا وهيئة قصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب وغيرها.. هذه هي المبادئ التي من المأمول أن يعمل في ظلها وزير الثقافة الجديد.
إمكانيات محدودة
ألا تري أن دور المثقفين تضاءل وتراجع أمام أصحاب الأيديولوجيات الإسلامية.. في الفترة الأخيرة تحديدًا؟
هذا غير صحيح، حدث بالفعل لبعض الوقت نوع من الانتصار السياسي لجماعات الإسلام السياسي والتيارات الإسلامية السياسية.. وهذا يختلف عن فكرة معاداة الإسلام لأنه دين الأغلبية في مصر، وعلينا أن نوثق العلاقة بين أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين لنغلق الباب أمام الفتن الطائفية، هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخري فإن المثقفين لم يتراجعوا، لأنهم لا يملكون سوي إمكانيات محدودة للغاية متاحة أمام فئات بسيطة.. ولذلك علي الحكومة أن تتيح خلال الفترة القادمة بعض الإمكانيات المادية أمام المؤسسات الثقافية، وتعمل علي تشجيع المثقفين علي التحاور والمشاركة الإيجابية في النشاط الثقافي، في القاهرة أو الأقاليم.
ولكن التجربة أثبتت أن أصحاب الأفكار المتطرفة أقرب لرجل الشارع من المثقف.. كيف تري هذا؟
لم يظهر مثقف حقيقي حتي الآن من بين هذه الجماعات يمكن أن تلتف حوله الناس، بالعكس كانت جماعة الإخوان تقف موقف المعارضة للمثقفين وتتهمهم بالعلمانية وبالشيوعية وبالتغريب وأنهم يعملون دعاة للثقافة الأجنبية، في الوقت الذي لم يصنعوا فيه ثقافة.. وعن وصول هؤلاء لرجل الشارع فهناك وسائل أخري غير الثقافة، مثل الخطاب الديني الموجه، خاصة أن نفوس المصريين مهيأة لسماع مثل هذا الخطاب علي أساس من التراث والتاريخ والتربية والنشأة.
ضد الثقافة
إذن هل تعتبر أن وجود الإخوان في الحكم كان سدًّا أمام وجود ثقافة فاعلة في المجتمع؟
الإخوان كانوا ضد وجود الثقافة، لأن المعيار الأساسي عندهم هؤلاء هو المعيار الأخلاقي الذي يعمل علي مبدأ الحلال والحرام فقط، أما نحن فنعمل علي مبدأ الجميل والأجمل والصحيح والأصح، والصواب والخطأ.
وسط المناوشات السياسية الحالية.. كيف تنظر إلي مستقبل الثقافة في مصر؟
كل هذه المعارك ستحسم تدريجيا بحسم القضايا السياسية بعد أن تستكمل الدولة مشوارها نحو بناء المؤسسات الديمقراطية، وقد انتهينا من الدستور وتبقي استحقاق الانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية.. والانتباه إلي البنية القانونية لمؤسسات الدولة، مع وضع مبادئ مهمة للمستقبل، الأول: العدل، وهذا تحققه الدولة، والمبدأ الثاني وهو الحرية ويحققها القانون، والمبدأ الثالث وهو الحب وهذا يحققه الفن.
إلي أي مدي تكون الثقافة العربية مسئولة عن تحقيق فكرة الاجماع العربي؟
الثقافة بطبيعتها تنزع إلي التواصل وإلي الوحدة، ونحن كنا في مصر نقرأ شعراء العراق واليمن والمغرب علي صفحات الأدب البيروتية علي سبيل المثال، ونري أن المستقبل سيكون مشرقًا بالنسبة للثقافة إذا أعدنا أواصر التواصل، خصوصَا في هذه المرحلة الحرجة من الناحية السياسية التي يمرّ بها العالم العربي، علينا أن نتواصل مع كل أركان عالمنا العربي الثقافية، لأن الثقافة هي التعويض الوحيد عمّا نفقده الآن من أمن.. الثقافة هي ما يبقينا أحياء وسط ما نحن فيه.
هل تعتقد أن المثقف التقليدي تراجع أمام ظاهرة الناشط السياسي؟
لا أوافق علي مصطلح المثقف التقليدي.. لأن المثقف هو مبدع يخوض حياته بكثير من الجرأة والإيجابية والتوهج وهو لا يخضع لمعايير تقليدية، إنما لابد من التجديد المستمر.. والمثقف يعاني مشاكل كبيرة مع الإعلام ولابد من التصالح بين الإعلام والثقافة، وأطلب من التليفزيون أن يحتضن العمل الثقافي من خلال المهرجانات الأدبية والفنون الشعبية.
تحول ثقافي
يحدث الآن تحول كبير في الحياة السياسية المصرية.. هل من المنتظر في رأيك أن يصاحبه تحول في الحياة الثقافية؟
بالتأكيد، لأن الثقافة هي البنيان القيمي والفكري الذي ينشأ علي أسس راسخة من الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأنا علي ثقة أن ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو سوف تعززان أشكالًا جديدة من الثقافة، في الشعر وفي القصة، ولذلك نجد صورة جديدة من وعي الشباب عن الثقافة.
لماذا لم نر حتي الآن أعمالًا إبداعية تليق بالتعبير عن ثورة يناير؟
العمل الإبداعي يحتاج إلي وقت نتيجة التأمل العميق والوعي بجوانب مختلفة للواقع، لأنه في حالة غليان وتشكيل واضطراب، وجانب منه في حالة فوضي، ورغم ذلك فلدينا أعمال كثيرة من الروايات عبّرت عن الثورة، حتي إن الصحفيين تحولوا إلي مبدعين ليعبروا عن الثورة، هناك كذلك إبداع نسائي.. ولذلك ومن خلال هذا الحديث أدعو إلي إعادة التواصل مع الثقافة القبطية وإبراز دور المثقفين الذين أسهموا في النهضة الثقافية أمثال سلامة موسي ولويس عوض.
ما أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام قيام المثقف بدوره المنوط به للتأثير في المجتمع؟
المعوقات التي تواجه المثقف هي نفسها المعوقات التي تواجه المواطن العادي، وهي مشكلات اقتصادية وأمنية وإعلامية، ومشكلات أخري تتعلق بنشر الوعي الثقافي، وأخطر ما يواجه الثقافة الآن هو ابتعاد الشباب عن القراءة، وهذه مشكلة لابد من القضاء عليها واقتحام أسوارها واجتذابهم مرة أخري إلي القراءة، خاصة أن الشباب خلال السنوات الثلاث الماضية قاموا بإظهار قدر كبير من الشجاعة والمرونة في مناقشة قضايا بلادهم وضحوا بأرواحهم من أجل هذه القضايا.. ولذلك لابد من القضاء علي مشكلة فتور استقبال الثقافة في مصر.
هل تري أن حظك من الجوائز حتي الآن يليق بتاريخك الأدبي الحافل؟
أولا أنا حظي من الإعلام به قدر من الظلم، أما حظي من الجوائز فقد حصلت علي ثلاث جوائز دولة: جائزة الدولة التشجيعية وجائزة الدولة للتفوق في الآداب وجائزة الدولة التقديرية عام 2012م.. وأظن أن الفوز بثلاث جوائز دولة يُشير إلي أن هناك نوعًا من التقدير، وهذه الجوائز تُمثل نوعًا من إعادة الاعتبار للظلم الذي لحق بي فترات طويلة والذي كان ملحوظًا لدي البعض، لأن الأجهزة الإعلامية لا تُنصفني ولا تمنحني حقي.. إلا بعض التركيز في الفترة الأخيرة، وأنا أيضًا من صفاتي أنني خجول إلي حد ما ولا أميل للاستعراض ولا للتصدي للأضواء والكاميرات ولا أستقطب الأقلام.
لماذا لم يحصد المسرح الشعري لمحمد إبراهيم أبو سنة ما يستحقه من شهرة؟
حين صدرت المسرحيتان الشعريتان: (حمزة العرب) و(حصار القلعة) كان ذلك في بداية السبعينيات وكان هذا العقد هو عقد التحول في الثقافة المصرية، وحدثت الأزمات الطاحنة المتمثلة بين تيار اليسار وتيار اليمين والانصراف عن المسرح الجاد والاتجاه إلي المسرح الهزلي أو التجاري أو الاستهلاكي.. فلم يُتح لهاتين المسرحيتين أن تعتليا خشبة المسرح ولكنهما قُدّمتا في إذاعة البرنامج الثاني وأخرجهما الزميلان شريف خاطر وهلال أبوعامر، بل إن هلال أبوعامر فاز بجائزة الدولة التشجيعية عن إخراجه مسرحية حصار القلعة".. ولكن عمرو دوارة أخرج مسرحية حصار القلعة لكلية الحقوق جامعة عين شمس وأظن أن ذلك كان علي مسرح السلام لليلة واحدة فقط.. وأنت تعلم أن الحياة المسرحية تعتمد اعتمادًا كبيرًا علي العلاقات الشخصية والإعلامية.. والحقيقة أن معظم المؤسسات الثقافية تجري وراء المشهورين من الكُتاب.. بل وبعض الكُتاب يُدركون أن نجاحهم وتوفيقهم مرتبط تمامًا بقدرتهم علي إنشاء علاقات نفعية بالوسط الثقافي والوسط الفني المسرحي.. ورغم أنني أعرف بعض المخرجين المسرحيين فإنني لم أبذل جهدًا كبيرًا لأنني منذ شبابي الأول وأنا أتصور أن العمل نفسه قادر علي أن يُدافع عن نفسه وأن يشق طريقه إلي الصعود أو الهبوط.. تعلمت هذا من أستاذي وأستاذ الأجيال نجيب محفوظ الذي كنت أداوم علي حضور ندوته الأسبوعية منذ كانت هذه الندوة في (كازينو أوبرا) في أوائل الستينيات حتي بداية السبعينيات في (ريش) وكنت أنظر إلي نجيب محفوظ كمثال، وأري أن هذا الرجل المتعفف البسيط الذي لا يجري وراء الشهرة فأعلم أن الإنسان عليه أن يُتقن عمله ويعمل بإخلاص وصدق ويترك الباقي للسماء.
هناك بعض الشعراء لم يكتبوا مسرحًا شعريًّا مثل حجازي وأمل دنقل.. هل تُعتبر هذه نقيصة في هؤلاء الشعراء؟
ليست نقيصة علي الإطلاق.. فليس ضروريًّا أن يكتب كل شاعر مسرحًا شعريًّا، لأن المسرح الشعري يتمثل في وجود الموهبة الدرامية المسرحية لدي الشاعر، فالشاعر الذي يكتب المسرح يحتاج إلي موهبتين: موهبة الشاعر وموهبة الكاتب المسرحي.. هؤلاء الشعراء أغنتهم القصيدة التي كتبوها وحفظت لهم مكانة عالية في الحركة الشعرية فلم يلتفتوا إلي المسرح، لأن المسرح في حقيقة الأمر يحتاج إلي جهد كبير وتفرغ وولع بهذا النوع من الكتابة.. والمسرح فن هائل، لأن الشاعر يكتب الحياة بأسرها متمثلة في الحكاية والقصة والشخصيات والدراما والخيال والحركة وتصوير الدراما علي الخشبة المسرحية.. فليس مطلوبًا من كل شاعر أن يكتب المسرح الشعري، لكن الذين يكتبون المسرح الشعري يُجازفون في معظم الأحيان، لأنهم قد لا يصلون إلي المستوي الذي يبتغونه، ومعظم الشعراء الذين كتبوا المسرح الشعري كان الشعر يُراودهم أكثر مما يراودهم المسرح، مثل عبدالرحمن الشرقاوي.. لكن الذي أقام توازنًا بين الدراما والشعر إلي حد كبير هو صلاح عبدالصبور، وفي فترة الستينيات كنت مُولعًا بفن المسرح وخاصة عند كبار المسرحيين الذين كنت أقرأ لهم، مثل شكسبير وراسين وكورنييه، والكثير من التراث الشعبي، ولذلك فإن مسرحية (حمزة العرب) بها تجسيد من التراث الشعبي في حمزة البهلوان.
علاقة إذاعية
لديك ميزة قوية في الإلقاء الشعري، والنثري أيضًا.. حدثنا عن علاقتك بالإذاعة والبرنامج الثاني؟
الإذاعة فن، لا يتطلب فقط جودة الصوت وإنما القدرة علي الحساسية التي تربط بين المستمع والمذيع.. ولحسن الحظ أن الزملاء في إذاعة البرنامج الثاني استقبلوني بترحاب عندما التحقت بهذه الإذاعة ووجدوا في صوتي نغمة ملائمة لتقديم البرامج الشعرية التي قدمتها لمدة خمسة وعشرين عامًا، (ألوان من الشعر) و(قصيدة وشاعر) و(حدائق الأوراق).. ومازلت أعتز بهذه الفترة الثقافية لأنها ربطتني بالواقع الثقافي والأدباء والعلماء.
هل تعتقد أن غزارة الإنتاج شرط لبقاء الشاعر حيًّا في الوجدان الأدبي؟
الشهرة الأدبية مرتبطة بالأقدار، فهناك كاتب يشتهر بعمل واحد، وفي الأدب الفرنسي علي سبيل المثال فرانسوا ساجان (صباح الخير أيها الحزن) منذ أصدرت هذه الراوية صارت حديث الأوساط الثقافية، صلاح عبدالصبور عندما أصدر ديوانه (الناس في بلادي) أصبح حديث الأوساط الشعرية وكذلك أحمد عبدالمعطي حجازي أصبح شهيرًا بعد ديوانه (مدينة بلا قلب) وهناك شعراء يكدحون ولا يصلون إلي شهرة هؤلاء الرواد، لأن الشهرة أيضًا فيها قدر من المراوغة، هناك أناس تصطادهم الشهرة، وهناك شعراء يصطادون الشهرة، وهناك أناس يلعبون أمام عتباتها ولا يدخلون.
شخصية متمردة
دراستك أزهرية.. كيف استطعت أن تُحلّق في العوالم الثقافية بعيدًا عن أسر التراث؟
في الواقع أنا أعتز بأزهريتي، والكتاب الأول الذي حفر ملامحه في قلبي وعقلي ووجداني هو القرآن الكريم،، ثانيًا: كانت دراستي الأزهرية هي التي أدخلتني إلي رحاب الشعر من خلال قراءة نماذج من التراث الشعري القديم منذ العصر الجاهلي مرورًا بالعصر الإسلامي والأموي والعباسي حتي العصر الحديث ولكن في شخصيتي عنصر تمرد، وهو عنصر ضروري للمبدع، لأن المبدع الذي يتواءم ويتوافق ويتكيف مع ما حوله هو مبدع لا يحلق بعيدًا، فأنا كنت متمردًا، وتستطيع أن تقول كنت رافضًا للمسار التقليدي الذي وجدته في الحياة الأزهرية، وكان حولي عشرات الشعراء التقليديين الذين يُجلجلون في القاعات بأصداء قصائدهم التقليدية، لكنني كنت قد اكتشفت مُبكرًا طريقًا آخر وهو القصيدة الحديثة من خلال ترددي علي رابطة الأدب الحديث والتقائي بعدد من الشعراء والأدباء في هذه الرابطة، وعلي رأسهم الناقد الراحل الأستاذ مصطفي عبداللطيف السحرتي الذي شجعني وغمرني بعطفه، وفي رابطة الأدب الحديث رأيت مندور ومحمود أمين العالم وصلاح عبدالصبور وعبدالقادر القط وشكري عيّاد وعبدالحميد يونس وأحمد رشدي صالح.. وغيرهم، تفتّح عقلي ووجداني علي قراءات متنوعة، فكنت أقرأ حتي في الاقتصاد السياسي، وأقرأ الرواية لتولستوي وتشيوفسكي، والقصة القصيرة لتشيكوف.. وشكسبير في المسرح، وقرأت الأساطير اليونانية، ومن يقرأ ديواني الأول يجد المؤثرات الأسطورية واضحة فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.