في ظل تمدد الأعمال الإرهابية الخسيسة، والانفجارات التي طالت كل مكان تقريبًا في مصر، سيطرت "الحملة القومية" التي أطلقها الإعلام بشأن "العنتيل السلفي" الذي ظهرت "كراماته" في محافظة الغربية أخيرًا، على اهتمامات الرأي العام. لاحظنا مدى الاهتمام الطاغي بواقعة "العنتيل"، على الأحداث الإرهابية الدموية المتلاحقة، التي تركت حزنًا عارمًا في ربوع الوطن كافة، بعد أن امتدت آثارها في البر والبحر، وتجاوزت "الحدود". كنا نتوقع أن تكون القضايا المهمة التي تمس مستقبل الوطن، على رأس أولويات الإعلام والمجتمع، بدلًا من نسج الأساطير والقصص حول "العنتيل" وانتسابه للتيار السلفي، وتحديدًا حزب النور، على رغم نفي الأخير أي صلة له ببطل "المقاطع الإثني عشر". هل أصبح جل اهتمامات الإعلام حاليًا ينصب على صناعة "العناتيل"، والتنقيب في قضايا هامشية وإن كانت مهمة قياسًا بالاستحقاق الأخير لخارطة المستقبل، وتسليط الضوء على الانتخابات النيابية، التي ستحدد معالم الطريق للبلاد خلال الفترة المقبلة؟ من واقع معايشتنا اليومية للواقع الإعلامي، نجد تقصيرًا واضحًا في تسليط الضوء على مشاركة علماء مصريين في هبوط "المركبة فيلة" بنجاح، ضمن المهمة الفضائية "روزتا"، للمرة الأولى على سطح مذنب، في لحظة تاريخية للإنسانية لا تتكرر كثيرًا. لم نسمع أو نقرأ أو نتابع أصداء القانون الأخير بشأن ترحيل الأجانب المدانين بارتكاب جرائم في مصر إلى دولهم، أو الغيبوبة التي تلازم الرئيس المخلوع حسني مبارك مع اقتراب كل جلسة من جلسات محاكمته، أو استهداف الأمن القومي. ما يؤسف له أن قضايا الرأي العام، أصبحت خلال السنوات الأخيرة، ترتبط بالفضائح الأخلاقية، التي يستمر الاهتمام بها لأسابيع عدة، إن لم تتواصل على مدى شهور، خصوصًا تلك التي تطال المشاهير من الفنانين أو السياسيين، وبالطبع تكون وطأتها أشد إذا ما ارتبط الأمر بمن يُحسبون على التيارات الإسلامية. الشيء الذي يدعو للتأمل، هو أننا لاحظنا أن كل الفضائح الأخلاقية التي نسبت لإسلاميين أو منتمين للإسلام السياسي خلال السنوات الثلاث الماضية كان بطلها الأوحد "حزب النور"، وذلك "لغز" لا يقل صعوبة عن "لغز" انتماء معظم "العناتيل" إلى محافظة الغربية! فمن فضيحة "أنف البلكيمي"، وبطلها النائب البرلماني السابق أنور البلكيمي، وقصة زواجه "عرفيًا" من إحدى الراقصات، مرورًا بفضيحة زميله النائب السابق "علي ونيس" الذي تم القبض عليه متلبسًا مع فتاة في الطريق بتهمة ممارسة فعل فاضح في سيارته، وصولًا إلى" فضيحة عنتيل الغربية" الذي كانت أخباره محل اهتمام الإعلاميين، ليتفوق بذلك على أصحاب الإعجاز العلمي!