تواجه لوكسمبورج ورئيس وزرائها السابق جان كلود يونكر الذي يتولى رئاسة المفوضية الأوربية حاليا انتقادات شديدة بعد تسريب وثائق حول منح كبريات الشركات العالمية تسهيلات تساعدها على تجنب دفع ضرائب باهظة. ووردت أسماء شركات عملاقة مثل بيبسي وايكيا ودويتشه بنك ضمن 28 ألف وثيقة سربها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (انترناشونال كونسورسيوم اوف انفستيغاتيف جورناليستس)، ومقره الولاياتالمتحدة. وقال مسؤول فرنسي أن "يونكر بالكاد تسلم مهامه وإذا أردنا إضعافه فإنها فكرة جيدة". وانتقد الأوروبيين الذين "لا يرون سوى المشاكل بينهم" مشيرا إلى ممارسات مشابهة في الولاياتالمتحدة. ومن شأن ما كشفته الوثائق حول الضرائب إضعاف موقف يونكر الذي تسلم منصبه قبل أيام بعد 19 عاما أمضاها رئيسا للوزراء في لوكسمبورج، وهي الفترة التي عقد خلالها الكثير من هذه الصفقات. لكن المتحدث باسمه قال ان يونكر السياسي المخضرم كان "هادئا" حيال الكشف عن التسريبات رغم انسحابه من ندوة علنية متوقعة مساء الخميس مع الرئيس السابق للمفوضية جاك ديلور. وسرعان ما بادرت فرنسا إلى نجدة يونكر وقال وزير المالية ميشال سابان قبل اجتماع في بروكسل إن "المسألة تتعلق بالماضي أتمنى أن نتطلع إلى المستقبل. نحن بصدد العمل بتسعيرة كبيرة لمكافحة التهرب الضريبي الذي لا يقبله أحد". وبعد ساعة من إغراقه بالأسئلة، أكد المتحدث أن المسؤولين عن وضع القواعد في الاتحاد الأوربي يحققون حول قانونية صفقات لوكسبورج مع شبكة أمازون الأميركية العملاقة والذراع المالي لمصنع فيات الإيطالي للسيارات. وقال المتحدث مارجريتس شيناس إنه إذا اكتشف الاتحاد الأوروبي وجود خلل قانوني "فسيتعين على لوكسمبورج اتخاذ إجراءات تصحيحية". وأضاف أن الاتحاد الاوروبي ربما سيعمد الى توسيع التحقيق ليطال شركات مدرجة في الوثائق المسربة. وتظهر هذه الوثائق التي يطلق عليها مجازا "لوكسليكس"مرور بلايين الدولارات في الدوقية الصغيرة بفضل الهيكلية المالية المعقدة التي تسمح للشركات بتخفيف حجم ضرائبها حارمة بذلك الحكومات في إرجاء العالم من العوائد المالية. وقد تولى يونكر مسؤولية الضرائب في لوكسمبورج لأكثر من عقدين حيث حولها من دوقية هادئة الى وجهة مفضلة لكبريات الشركات العالمية للقيام بأعمالها هناك. وتهدد التسريبات بالقضاء على تعهده بمزيد من الانهماك السياسي كرئيس للمفوضية الأوروبية، خصوصا في ظل خلافاته الشديدة مع بريطانيا وإيطاليا بسبب الموازنة. وأعلن الأربعاء ردا على سؤال حول السياسة الضريبية التي تولى مسؤوليتها سابقا، انه كان لديه "افكار" حول هذه المسألة لكنه يفضل أن يحتفظ بها لنفسه كي لا يؤثر في التحقيقات التي يجريها الاتحاد الاوروبي. وقال سفين جيجولد من النواب الخضر في البرلمان الاوروبي ان "الكشف عن الوثائق ينسف مصداقية يونكر وقدرته على العمل من أجل الصالح العام". لكن رئيس وزراء لوكسمبورج كزافييه بيتل شدد في المقابل على أن صفقات الضرائب قانونية تماما. وقال في هذا السياق: "أريد أن أشدد أن إحكام الضرائب تتوافق مع القوانين الدولية". وكشفت التسريبات أن شركة برايس ووتر هاوس كوبر للتدقيق في الحسابات ساعدت الشركات المتعددة الجنسيات الوارد ذكرها في الحصول على 548 قرارا حول الضرائب في لوكسبورغ بين العامين 2002 و 2010. كما أنها تكشف تفاصيل الاتفاق الضريبي المسبق الذي يحدد مسبقا كيفية اقتطاع الضريبة على أرباح الشركات، وهي الممارسة التي يجري حولها الاتحاد الاوروبي تحقيقا في حسابات شركتي أمازون وفيات. ونقلت المجموعة الصحافية عن الخبير في قانون الضرائب في معهد كونيتكت ريتشارد بومب قوله "الأمر مشابه لقيامك بتقديم خطة ضريبة للحكومة ونيل مباركتها في وقت مسبق". يشار إلى أن الاتحاد الأوربي لا سلطة له على ضرائب الدول الأعضاء لكن بإمكانه إجراء تحقيق لمعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بقيام دولة ما بتقديم مساعدة غير قانونية تخرق قواعد السوق الواحدة في الدول ال28. وتم فتح تحقيقات مشابهة في أيرلندا لعقدها صفقة ضريبية مع عملاق التكنولوجيا "ابل" وهولندا لصفقتها مع "ستاربكس". وأفادت المجموعة الصحافية أن أكثر من ثمانين صحافيا من 26 دولة شاركوا في التحقيقات يعملون في صحف لوموند وغارديان وسودوتيش تسايتونغ. وأقرت جارديان في تقريرها بأن صفقات لوكمسبورج "قانونية تماما" لكنها أوضحت أنها تسمح بتجنب الضرائب على "نطاق واسع". وبين الشركات المستفيدة بوربوري، بروكتر اند غامبل، هاينز، جاي بي مورجان وفيديكس. وتؤكد المجموعة الصحافية أن بعض الشركات تمكنت من دفع معدل ضريبة يقل عن واحد بالمئة من الأرباح التي مررتها عبر لوكسمبورج.