البديوي: احتفالية "وطن السلام" درس للأجيال الجديدة ورسالة من قلب العاصمة الإدارية    عيار 21 بالمصنعية بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 في الصاغة    نائب محافظ المنوفية يتابع نسب إنجاز منظومة تقنين الأراضي أملاك الدولة    الاحتلال يعتقل نحو 13 فلسطينيا..ونادي الأسير يؤكد تعرض 49 أسيرة لجرائم منظمة    الكرملين: بوتين وترامب اتفقا على تأجيل قمة بودابست    تشكيل أرسنال - أرتيتا يواجه كريستال بالاس بالقوة الضاربة    كما كشف في الجول - بناء على رغبة حسام حسن.. منتخب مصر يواجه نيجيريا قبل أمم إفريقيا    منتخب مصر يشارك في بطولة ودية بالإمارات    القبض على المتهم بالاعتداء على ابنة عمه لخلافات أسرية في الجيزة    القبض على 3 تجار لبيع حلوى مجهولة المصدر اطلق عليها " شابو الغلابه" في قنا    الحضور الرسميون فى مئوية روزاليوسف    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    أرابكو للتطوير العقاري تشارك في معرض Bayty - The Real Estate Expo بالرياض لعرض فرص استثمارية متميزة    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    حزب حماة الوطن يحصد 12 مقعدا فى هيئات لجان مجلس الشيوخ    أحمد حسام عوض: ثقة الخطيب شرف ومسؤولية.. ونسعى لتعظيم موارد الأهلي وتطوير فكر الاستثمار الرياضي    أبو مازن يصدر إعلانا دستوريا يحدد خليفته حال شغور منصب الرئيس    محمود عباس يصدر إعلانا بتولي نائبه مهام رئيس فلسطين في حال شغور المنصب    يخطر الطلاب بجداول كل المواد.. تفاصيل بدء المدارس اليوم تقييم الطلاب في اختبار شهر أكتوبر    بكين تعلن التوصل إلى توافق مبدئي مع واشنطن بشأن الفنتانيل ورسوم الشحن    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات عنيفة بالفاشر بعد إعلان "الدعم السريع" السيطرة على الفرقة السادسة    وزير الخارجية يتابع استعدادات الوزارة لافتتاح المتحف المصرى الكبير    حياة كريمة تهنئ الدكتورة إيناس عبد الدايم بمناسبة تكريمها من المجلس الوطني للثقافة بالكويت    محمد عبد الصادق يستقبل رئيس جامعة جيانغنان الصينية لبحث تعزيز التعاون المشترك    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لفرق الاستجابة السريعة بجميع المحافظات    وزير الصحة يتفقد مجمع الإسماعيلية الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    السيطرة على حريق محدود بمخلفات داخل معهد أزهري بشبرا الخيمة دون إصابات    وزير الزراعة ورئيس جامعة القاهرة يفتتحان النسخة الأولى من معرض البساتين EXPO-2025    5 لغات للحب.. اكتشف السر بمن يحبك    من صوت التهامى إلى قصر طاز.. العمارة ترسم ملامح الذاكرة |مسابقة شباب المعماريين وإحياء العمارة التراثية بروحٍ معاصرة    إكسترا نيوز: دفعات جديدة من المساعدات الإنسانية تستعد لدخول قطاع غزة    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    تطوير كورنيش شبين الكوم.. ومحافظ الفيوم: هدفنا تحويل العاصمة لمدينة حضارية عصرية    حكاية منظمة (5)    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    ضبط 5 أشخاص روعوا المواطنين بالالعاب النارية بالجيزة    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بالسويس ويتفقد مدرسة "محمد حافظ" الابتدائية    مدير تعليم بورسعيد يتابع بدء المرحلة الثانية لبرنامج تطوير اللغة العربية بالمدارس    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    «التضامن»: الخطوط الساخنة استقبلت أكثر من 149 ألف اتصال ما بين استفسارات وطلبات وشكاوى خلال شهر سبتمبر    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د . يوسف مكي يكتب : النفط والسياسة والحصار
نشر في الوفد يوم 21 - 10 - 2014

في الخامس عشر من هذا الشهر، نشر توماس فريدمان، في صحيفة "النيويورك تايمز" مقالة ناقش فيها ما دعاه ب "حرب النفط"، مشيراً إلى أن انخفاض سعر النفط، هو بهدف إغراق بوتين وخامنئي، في خضم أزمة اقتصادية . وذكر بما حدث سابقاً من إغراق الاتحاد السوفييتي حتى الموت، بخفض أسعار النفط العالمية، إلى مستويات متدنية للغاية، ما كان كفيلا بإحداث العجز المطلوب، متوقعاً أن يؤدي إغراق سوق النفط الآن، إلى إفلاس موسكو وطهران .
وأشار فريدمان إلى أن ما يحدث الآن في أسواق البترول العالمية يعيد إلى الأذهان قصة سقوط الاتحاد السوفييتي، عندما تخلت السعودية، عما تفرضه من رقابة على أسعار البترول العالمية . إن زعزعة أسعار النفط العالمية، سيكون له حتماً أثره السلبي في اقتصاد روسيا وإيران، نظرًا إلى ما تمثله عائدات النفط من أهمية كبيرة لهاتين الدولتين، فعائدات النفط تمثل 60% من إيرادات الحكومة الإيرانية، وتمثل أكثر من نصف إيرادات الحكومة الروسية .
كان بالإمكان أن تمر هذه المقالة مرور الكرام، لولا السمعة الواسعة التي يتمتع بها كاتبها، وقربه من مركز صنع القرار الأمريكي، بما يجعل لكلامه صدى في الأوساط العالمية والإقليمية .
واقع الحال، يفرض صعوبة التسليم بالفرضية التي جاء بها فريدمان . فإذا كانت روسيا تعتمد على النفط بما يقارب من ال 50% وإيران تعتمد عليه بما يقارب ال 60%، فإن اعتماد دول الخليج العربي، على النفط، في دعم خطط التنمية، يتخطى هذه النسب بكثير .
ولن يكون مجدياً الحديث هنا عن التاريخ، لأن ذلك لا يمكن استنساخه أبدا، إلا بشكل كاريكاتوري ومشوه . والاستدلال بسقوط الاتحاد السوفييتي، وإرجاع أسبابه إلى انخفاض أسعار النفط في حينه، هو قراءة مضللة وغير دقيقة . لأن أزمة انخفاض سعر النفط في حينه، كانت وليدة، ولم يمض عليها وقت طويل . لقد أرهق الاتحاد السوفييتي اقتصادياً، وبشكل حاد، بسبب سباق التسلح، الذي استمر أكثر من أربعة عقود . وهو سباق، استمر طويلاً في حصد الجزء الأكبر من ميزانية الاتحاد السوفييتي .
كان السوفييت يتحملون، بسبب عقيدتهم الشيوعية، كلف استمرار الأنظمة الحليفة لهم، في القارات الثلاث: آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية . وبعض هذه الأنظمة تفتقر لأي قدرة اقتصادية، كما كان الحال في اليمن الجنوبي وكوبا وأنجولا وكوريا الشمالية . وكانت علاقة السوفييت بالصين الشعبية، في أسوأ حالاتها . وقد وصلت حافة الحرب مرات عدة .
لقد أصيب النظام الشيوعي بالشيخوخة، ونخره السوس، ولم يتمكن من تجديد نفسه، بالطريقة التي جدد النظام الرأسمالي الغربي فيها نفسه . وجاء برنامج حرب النجوم، الذي أطلقه الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، ليستنزف البقية الباقية من الخزينة السوفييتية . لقد استنفذ التمدد السوفييتي، وانتشار قواعده العسكرية، في بقاع كثيرة من العالم، موارده . وكانت هذه العوامل مجتمعة، هي أسباب سقوطه .
وإيران الذي تحدث عنها فريدمان، وتوقع سقوط نظامها السياسي بفعل ارتفاع أسعار النفط، خاضت حرباً ضروساً ضد العراق ثماني سنوات، وتعطل إنتاجها من النفط . وقد تسببت تلك الحرب في مصرع أكثر من نصف مليون إيراني، وضعفهم من الجرحى . كما تسببت في مشاكل اقتصادية كبيرة، وأدت إلى انهيارات اجتماعية، ومع ذلك استمر نظامها السياسي، ما يزيد على الربع قرن، منذ توقفت تلك الحرب عام ،1988 رغم المصاعب الاقتصادية التي مرت بها . ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا .
إيران في وضعها الحالي، تتوسع يمنة ويسرة . حيث يمتد عمقها الاستراتيجي إلى أفغانستان شرقاً، وحوض البحر الأبيض غرباً، وإلى مضيق باب المندب والقرن الإفريقي جنوباً . هذا التوسع، ربما يضيف لإيران ثقلاً سياسياً، ولكنه بكل تأكيد سيشل قدرتها على تحقيق التنمية لشعبها، ورفع معدلات دخله . والمؤكد أن ذلك سيؤدي لتحقيق خلل كبير في شرعية النظام، ويعزز من احتمالات بروز قوى معارضة حقيقية له .
أما روسيا، فلا يتوقع أن يلحق بها ضرر حقيقي، جراء تخفيض سعر النفط . فهي أولاً حققت تحالفاً حقيقياً شاملاً مع الصين الشعبية . وليس من المنطق أن يسارع الصينيون لإنقاذ أمريكا، وشراء سندات الخزينة الأمريكية، ويقفون متفرجين أمام أزمة اقتصادية يمر بها حليفهم الروسي .
يضاف إلى ذلك، أن روسيا تمتلك من الوفرة المالية، ما يمكنها من الصمود طويلا، لحين انتهاء أزمة أسعار النفط . وهي أزمة لن تطول بسبب مجموعة من العوامل، أهمها حاجة أسواق النفط العالمية، وحاجة الولايات المتحدة لاستثمار منتجاتها من النفط الصخري، الذي لن تقدم على استخراجه، بتكلفة عالية، طالما أن المتوفر في الأسواق العالمية هو أرخص من كلفته بكثير .
وروسيا اليوم ليست كالدولة السوفييتية، فبدلا من النظام الشيوعي، هناك نظام رأسمالي فتي، انطلق بقوة هائلة . وعلاقاته مع الدول مبنية على المصالح، وليس على الاصطفاف العقائدي . وقياداتها، ليست كنظيرتها في الاتحاد السوفييتي، التي ضمت مجموعة من الشيوخ الهرمين . إنها قيادات طموحة، في منتصف عمرها، وتملك طاقة على العمل . ولديها القدرة على إيجاد مخارج للأزمة، بتأجيل بعض خطط صيانة البنية التحتية، بما يتسق مع الأزمة الراهنة . وقد أكدت هذه القيادة السياسية حتى الآن تفوقها على نظرائها الأمريكيين والأوروبيين، على الأقل في أزمتين حادتين، هما أزمة جورجيا وأوكرانيا، حيث استثمرت الأزمة فضمت أجزاء مهمة من الدولتين لجرفها، وعجز الأمريكيون والأوروبيون، في الحالتين عن فرض شروطهم على إدارة بوتين .
إن ما يجري حالياً، بين روسيا وخصومها في أمريكا وأوروبا هو صراع إرادات . فهناك قوى آفلة، وقوى أخرى تتهيأ لامتلاك ناصية المستقبل . صراع بين منظومة "البريكس" وأمريكا والاتحاد الأوروبي، وهناك منظومة أخرى تتشكل، كمنظومة شنغهاي . وسوف تكشف السنوات القليلة المقبلة، عمن هي القوى الآفلة ومن هي قوى المستقبل، وليس علينا سوى الانتظار، أو صناعة استراتيجية عربية خاصة بنا، تليق بالكبار وبصناع الحضارات .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.