ذكرت صحيفة (السفير) اللبنانية أن الجيش اللبنانى قتل أكثر من 50 من الإرهابيين وقادتهم فى أطراف بلدة عرسال بشمال شرق لبنان، فيما يواصل تنفيذ خطة عسكرية اقتضت حشد أكثر من 5 آلاف عسكري فى منطقة البقاع الشمالي. وأوضحت الصحيفة أن هذه القوات تم تدعيمها بمدفعية ثقيلة بعيدة المدى وبطائرات مروحية هجومية استخدمت للمرة الأولى صواريخ جو أرض من طراز (هيلفاير) كان الأميركيون زودوا الجيش بها فى الأسابيع الأخيرة، ووعدوا بشحن كميات إضافية منها فى الأيام القليلة المقبلة. قالت مصادر مطلعة ل"السفير" أن "الجيش تمكن من القضاء على أكثر من خمسين من الإرهابيين وقادتهم فى جرود عرسال، وثمة صور جوية تؤكد حجم الضربة التى تلقّوها فى الساعات ال72 الأخيرة، كما أن الجيش شن حملة توقيفات فى عرسال ومخيمات النازحين فى جرود أفضت إلى توقيف نحو 140 شخصا معظمهم من السوريين، وبينهم 35 اعترفوا بمشاركتهم فى أعمال قتالية ضد الجيش اللبناني أو بتحضيرهم للقيام بأعمال إرهابية جديدة ضد وحدات الجيش فى المنطقة". وأضافت أن الجيش قرر أيضا إحكام الطوق على كل المنافذ البرية المؤدية إلى جرود عرسال، بما يمنع وصول المواد الغذائية والمؤن على أنواعها، خصوصا مادة المازوت. أوضحت المصادر أن إجراءات الجيش جعلت المجموعات الإرهابية تلجأ إلى أسلوب العبوات الناسفة وإطلاق المزيد من التهديدات فى اليومين الماضيين، وهذا المعطى تم وضعه فى الحسبان، وستتخذ إجراءات وقائية إضافية على قاعدة أن الجيش يخوض مواجهة مفتوحة، وهو غير معنى بما يجرى من وساطات أو مفاوضات، ولن يخضع لأي ابتزاز. ولفتت إلى أن أي جهة سياسية لبنانية لم تتدخل لدى قيادة الجيش لثنيها عن إجراءاتها، معتبرة أن هذه نقطة إيجابية تبين وحدة الموقف حول الجيش وعدم تردد أي طرف سياسي فى خيار المواجهة مع المجموعات التكفيرية. وأوضحت المصادر أن هذه الاجراءات عرضها قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام لجنة الأزمة الحكومية التي شددت على مضى الجيش فى تنفيذ خطته، بما فى ذلك عدد من التدابير الاحترازية التى تواكبها من دون تردد أو هوادة أو تهاون، فيما أكد رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أن قرار الحكومة هو المواجهة المفتوحة على كل الخيارات والاحتمالات والأثمان، وأعطى اجتماع لجنة الأزمة الضوء الأخضر للجيش لملاحقة الإرهابيين والمتعاملين معهم وعدم بقاء عرسال رهينة بأيديهم، على أن توضع خطط تأخذ فى الاعتبار كيفية تحييد المدنيين. وأشارت إلى أن البحث تناول الوساطة المستمرة لتحرير العسكريين، خصوصا أن المسلحين يرفضون التفاوض إلا بشروطهم ويحاولون ابتزاز الدولة والجيش وأهل العسكريين، لأن غرضهم هو تعميم الفوضى وزرع الفتنة على حد تعبير أحد المشاركين فى اجتماع خلية الأزمة. ذكرت (السفير) أن الوسيط القطري أعاد فتح قنوات التفاوض مع المجموعات المسلحة، وفى الوقت نفسه، أبلغ هو والجانب التركي "أن أول عنصر للمفاوضة مع (داعش) و(النصرة) هو وقف القتل (للعسكريين) حتى نبدأ الأخذ والرد معهم .. وإذا رفضوا ذلك، فإن قرار الدولة اللبنانية حاسم برفض الخضوع للابتزاز من أى نوع كان" على حد تعبير مرجع أمنى واسع الإطلاع. كانت "جبهة النصرة" قد عممت، أمس الأول، شريط إعدام الشهيد العسكري محمد حمية، واشترطت لتسليم جثمانه لذويه إطلاق 15 سجينا إسلاميا فى سجن روميه، الأمر الذى جوبه برفض من والد الشهيد الذى قال "لا أريد جثة ولدى أن كانت الدولة ستبادلها بإطلاق سراح بعض المجرمين من رومية". على صعيد متصل، ذكرت مصادر فى المعارضة السورية لصحيفة (الأخبار) اللبنانية أن (النصرة) عاودت التهديد باقتحام عرسال مرة جديدة فى حال لم يستجب لمطالبها. ولفتت المصادر إلى أنها لن تكتفي بالضغط عبر قتل جنود الجيش اللبناني المحتجزين لديها فحسب، لكون قيادة (النصرة) باتت ترى أن الوضع الميداني يجرى لمصلحتها. وأشارت المصادر نفسها إلى أن أمير "النصرة" فى القلمون "أبو مالك التلي" رفض وساطة مشايخ لبنانيين طلبوا إليه التراجع عن قتل العسكري محمد حمية، كما رفض الأطروحات التى عرضوها للتدخّل فى المفاوضات لاعتباره أن "أفق أى تفاوض مقفل مع الحكومة اللبنانية بسبب ضغط حزب الله". وقالت الصحيفة أنه "رغم أن مسلحي جرود عرسال فقدوا حرية الحركة بين الجرود والبلدة، إلا أنهم يصعدون من نبرة التهديد..فطوال اليومين الماضيين كانوا يقولون للذين يتواصلون معهم إنهم يعدون العدة لتنفيذ عمليات ضد الجيش اللبناني، سواء فى محيط عرسال أو فى مناطق لبنانية بعيدة عن خطوط التماس البقاعية". وتأتى العبوة الناسفة التي استهدف معسكرا تابعا لحزب الله فى بلدة الخريبة البقاعية فى سياق الحرب التي تعلنها "النصرة" ضد لبنان، وقد تبنّت النصرة العملية التي أدت إلى سقوط عدد من الجرحى نتيجة انفجار العبوة الناسفة التي زرعت إلى جانب الطريق، وأعلنت أنها ستصدر تسجيلا مصورا للحظات الأولى للتفجير. على خط مواز، ذكرت مصادر مقربة من (داعش) في القلمون أن التنظيم سيخرج فى الساعات المقبلة ببيان يهدد بذبح عسكري جديد، أن لم يكن عناصره قد ذبحوا أحدا بعد، لمراكمة الضغوط على الحكومة والشارع اللبناني على حد سواء.. أما ما تردد عن قتل "النصرة" العسكري المخطوف على البزال الذي ظهر فى التسجيل المصور مع الشهيد محمد حمية، فقد نفت مصادر "النصرة" ذلك، مشيرة إلى أن "الأمر فى يد أبو مالك الذي يبدو أنه تمهل فى ذلك مانحا فرصة جديدة للحكومة اللبنانية".