ترامب: لقاء بوتين وزيلينسكي في مرحلة التخطيط حاليا    بعد الإسماعيلي.. بيراميدز منتقدا التحكيم: 4 حالات طرد فى 3 مباريات فقط بالدورى    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة الإعلامية شيماء جمال.. والأسرة تعلن موعد العزاء    وسام أبو علي: أبحث عن الإنجازات الفردية والجماعية مع كولومبوس كرو    الإسماعيلي: لن نصمت على أخطاء الحكام تجاهنا    الداخلية: شائعة الإخوان بفيديو مفبرك محاولة يائسة لضرب الاستقرار    عايدة الأيوبي تتألق بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية.. وتُهدي غزة أغنية جديدة    بعد فوز ريال مدريد.. جدول ترتيب الدوري الإسباني عقب نهاية الجولة الأولى    راحة سلبية للاعبي المصري قبل الاستعداد لمواجهة حرس الحدود بالدوري    هشام يكن: محمد صلاح لاعب كبير.. ومنحته فرصته الأولى مع منتخب الناشئين    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    الشيباني يناقش مع وفد إسرائيلي خفض التوترات في السويداء    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    مع اقتراب تنفيذ اعترافه بفلسطين.. نتنياهو يجدد هجومه على ماكرون    عملية «الحصاد».. حكاية «تكنيك نازي» تستخدمه إسرائيل لقتل الفلسطينيين في غزة    «تصرف غريب ورفيق جديد».. كيف ظهر يورتشيتش من مدرجات بيراميدز والمصري؟    إسرائيل تبدأ استدعاء جنود الاحتياط تمهيدًا لعملية محتملة في غزة    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    عاجل.. تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل الإعلامية شيماء جمال وشريكه بعد تأييد النقض    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    «بعملك غنوة مخصوص».. مصطفى قمر في أحدث ظهور مع عمرو دياب    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    المشدد 5 سنوات لعاطلين حاولا قتل عامل وسرقته بالإكراه في المعصرة    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمار في التعليم الخاص بالقاهرة 3 اضعاف المحافظات
المتفوقون في الثانوية العامة من هم؟ ومن أين يأتون؟
نشر في الوفد يوم 06 - 09 - 2014

قدم الأستاذ جمال غيطاس تحليلاً نقدياً لنتائج الثانوية العامة 2013/ 2014 في جريدة الوطن عدد 2/7/2014، ولعل أبرز ما توصل إليه وكان مثاراً للجدل والنقاش التربوي هو وجود طلاب راسبين في مدارس المتفوقين،
وكان يجب على وزارة التربية والتعليم أن تقدم جواباً شافياً لتلك الظاهرة، إلا أن الوزارة لم تفعل ذلك للآن لأنها مرفوعة من الخدمة أصلاً، من هنا، فنحن نحاول أن نقدم قراءة نقدية تربوية للمتفوقين، من أين أتوا؟ ومن هم؟ وهل المدرسة بوضعها الحالي وبيئة التعلم السائدة فيها تساعد على التفوق؟ وهل قامت بدورها نحو إنجاز هذا التفوق أم أن هناك مدرسة موازية، تعليم ظل آخر نراه ونشاهده أمام أعيننا ولا نحرك ساكناً تجاهه لأننا جميعاً أصحاب مصالح معه؟
لقد تقدم لامتحان الثانوية العامة هذا العام حوالي 450.408 ألف طالب وطالبة، حضر منهم الامتحان فعلاً حوالي 436.073، منهم 252.850 من الشعب العلمية و183.223 من الشعب الأدبية وبلغت نسبة النجاح الكلية 76.63% بنسبة 82.24% للشعب العلمية، و68.90% للشعب الأدبية، وكانت نسبة النجاح للبنين 74.5% مقابل 78.3% للبنات أي أن نسبة نجاح البنات أعلى من البنين.
ونحن هنا نقصد بالطلاب المتفوقين، هؤلاء الطلاب الذين حصلوا على مجموع درجات 409.5 درجة بنسبة 99.9% إلى هؤلاء الذين حصلوا على مجموع درجات 405.5 درجة بنسبة نجاح 98.9%، أي أن الفارق لتلك المجموعة بين الحد الأدنى والأعلى لا يتجاوز أربع درجات وبنسبة 1%، ولقد بلغ عدد هؤلاء الطلاب المتفوقين على مستوى الجمهورية حوالي 2281 طالباً وطالبة موزعين على محافظات الجمهورية 26 وعلى المدارس الثانوية الحكومية والخاصة ونقصد أيضاً بالمدارس الخاصة كل تعليم غير التعليم الحكومي المجاني، فهناك مدارس خاصة ومدارس لغات ومدارس تجريبية ومدارس أجنبية ومدارس خاصة استثمارية عالية التكاليف.
كما أن عدد المدارس التي نتحدث عنها هنا في هذا التحليل النقدي هي تلك المدارس الحكومية والخاصة التي تفوق طلابها وفق المعيار السابق، وهذا لا يعني ألبتة أنه لا توجد مدارس ثانوية حكومية أو خاصة أخرى في تلك المحافظات، والنقاش والتحليل هنا ينصرف بالأساس إلى تلك المدارس التي تفوق طلابها في امتحانات الثانوية العامة النظام الجديد.
والجدول التالي الذي قمنا بتركيبه من نتائج الثانوية العامة يشمل البنين والبنات، كما يشمل الشعب العلمية والأدبية، ونحن هنا نكتفي بتحليل النتيجة العامة وليس على مستوى الشعب أو الجنس، فهذا أمر في حاجة إلى دراسة أخرى، والجدول التالي(1) يوضح عدد المدارس الحكومية والخاصة في كل محافظة، وكذلك عدد الطلاب المتفوقين بكل من المدارس الحكومية والخاصة ونسبتهم إلى طلاب المدارس الحكومية.

جدول (1)
يوضح عدد المدارس والطلاب المتفوقين في المدارس الحكومية
والخاصة لامتحانات الثانوية العامة الجديدة 2013/2014

وبقراءة الجدول السابق قراءة تربوية اجتماعية نقدية نستطيع أن نستخلص العديد من النتائج والقضايا التربوية التى هي في أمس الحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث، وأهم وأبرز تلك النتائج ما يلى:
أن محافظة أسوان ومحافظة البحر الأحمر والوادي الجديد وشمال سيناء ومرسى مطروح وكلها محافظات حدودية تتسم بالفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا يوجد بتلك المحافظات مدارس خاصة تفوق طلابها، فضلاً عن أن الطلاب الذين تفوقوا في المدارس الحكومية أعدادهم قليلة للغاية، فمحافظة أسوان 15 طالباً وطالبة من إجمالي عشر مدارس فقط. والبحر الأحمر 5 طلاب من إجمالي ثلاث مدارس حكومية تفوق طلابها، والوادي الجديد سبعة طلاب من إجمالي مدرستين فقط وتلك نسبة أعلى من محافظة أسوان والبحر الأحمر، أما محافظة شمال سيناء فقد تفوق طالبان من مدرستين فقط، ومرسى مطروح طالبان من مدرسة واحدة فقط.
وعلى الرغم من فقر الإمكانات وتدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعدم رعاية ودعم الدولة لتلك المحافظات، إلا أن طلابها رغم كل تلك الظروف استطاعوا أن يحققوا تفوقاً علمياً وأكاديمياً وفق معيار الامتحانات السائد في نظامنا التعليمي الذي نتحفظ عليه مؤقتاً.
إن المحافظات التي يزيد عدد المدارس التي تفوق أبناؤها على أربعين مدرسة، وهي محافظة الدقهلية 85 مدرسة حكومية مقابل 7 مدارس خاصة وبنسبة 8.2%، وكان نصيب الطلاب المتفوقين بالمدارس الحكومية حوالي 22.3 مقابل 39 طالباً وطالبة للمدارس الخاصة بنسبة 17.5%، أي نسبة تفوق الطلاب فاقت نسبة عدد المدارس الخاصة إلى الحكومية إلى حوالي الضعف.
أما محافظة الشرقية فقد بلغ عدد المدارس الحكومية بها 56 مدرسة في مقابل 7 مدارس خاصة وبنسبة 10.7% للمدارس الخاصة، وعلى صعيد الطلاب بلغ عدد الطلاب المتفوقين في المدارس الحكومية 103 مقابل 16 للمدارس الخاصة وبنسبة 15.5% أي أن نسبة الطلاب المتفوقين بالمدارس الخاصة ضعف المدارس الحكومية بالمقارنة بحجم المدارس ذاتها 10.7%.
وفي محافظة الغربية بلغ عدد المدارس الحكومية 56 مدرسة مقابل أربع مدارس خاصة وبنسبة 7.1%، وعلى صعيد الطلاب المتفوقين في المدارس الحكومية بلغ 169 طالباً وطالبة مقابل 17 في المدارس الخاصة، ونسبة الطلاب المتفوقين بالمدارس الخاصة تضاعفت مرة ونصف 10% بالقياس إلى عددهم ونسبتهم 7.1%، أما محافظة القاهرة والأكبر من حيث عدد المدارس، حيث بلغت حوالي 77 مدرسة حكومية مقابل 72 مدرسة خاصة، وبلغت نسبة المدارس الخاصة 93.5%، وعلى مستوى الطلاب المتفوقين بلغ عددهم في المدارس الحكومية 167 طالباً وطالبة، مقابل 107 في المدارس الخاصة وبنسبة 66.8%.
وهنا يتضح أن العاصمة الكبرى التي تحوي العشوائيات والفئات الفقيرة والمهمشة وكذلك الفئات الوسطى والعليا والطبقة المخملية في المجتمع، يكاد يتعادل عدد المدارس الخاصة مع الحكومية، ويتفوق عدد الطلاب بالمدارس الخاصة أكثر من الحكومية بنسبة 66.8%، وهذا يعني أن الاستثمار في التعليم الخاص عال جداً بالقاهرة ويتنامى، ولعل الواقع المعيش يؤكد ذلك حيث إن عدد المدارس الخاصة يفوق العدد بالمحافظات لثلاثة أضعاف تقريباً.
أما الموقف بمحافظة القليوبية والمنوفية، فإنه عكس ذلك تماماً حيث بلغ عدد المدارس الحكومية بالقليوبية 55 مدرسة مقابل ست مدارس خاصة بنسبة 10.9%، وعلى صعيد الطلاب المتفوقين بلغ العدد في المدارس الحكومية 128 مقابل 21 بالمدارس الخاصة وبنسبة 16.4%، أي أن التعليم الخاص والاستثمارات في مجال التعليم قليل. وفي المنوفية بلغ عدد المدارس الحكومية 75 مدرسة مقابل ثلاث مدارس خاصة فقط وبنسبة 4.0% وعلى صعيد الطلاب بلغ عدد الطلاب المتفوقين بالمدارس الحكومية 270 طالباً وطالبة مقابل 16 بالمدارس الخاصة وبنسبة 5.9% أي ما يعادل نسبتهم في عدد المدارس، والملاحظة الهامة هنا في محافظة المنوفية أن المدارس الخاصة وضعها متدنٍ من حيث العدد ونسبة تفوق الطلاب بها.
وفي محافظة كفر الشيخ بلغ عدد المدارس الحكومية 44 مدرسة مقابل ثلاث فقط للمدارس الخاصة بنسبة 6.8%، وعلى مستوى الطلاب بلغ عدد الطلاب بالمدارس الحكومية 124، مقابل 7 بالمدارس الخاصة وبنسبة 5.6%، وهنا تجدر الإشارة إلى أن محافظة كفر الشيخ لا ينتشر فيها التعليم الخاص، والطابع الغالب عليها التعليم الحكومي على مستوى المدارس وعلى مستوى الطلاب المتفوقين.
ونلاحظ من الجدول السابق أن العدد الأكبر للمدارس الخاصة كان في المدن الكبرى، القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والإسماعيلية والسويس، وعلى مستوى الطلاب المتفوقين بتلك المدارس كان النصيب الأكبر للإسكندرية 71.6% ثم القاهرة 66.8% ثم الإسماعيلية 62.5% والجيزة 75%، وهذا يعني أن محافظات الصعيد والريف والوجه البحري والمحافظات الحدودية لم يكن للمدارس الخاصة الدور البارز في التفوق بالنسبة للطلاب أو التفوق في عدد المدارس، وهذا يعني بالضرورة أن انتشار التعليم الخاص يتركز في العواصم الحضرية تحديداً وأن المدن ومحافظات الصعيد والوجه البحري والمحافظات الحدودية، الاستثمارات في مجال التعليم فيها منخفض على الأقل في المستوى الذي أظهرته الدراسة فيما يتعلق بالطلاب المتفوقين بمجموع من 98.9% إلى 99.9%.
هذا فضلاً عن ملاحظة جديرة بالاهتمام أن الطلاب الذين حصلوا على مجموع 409.5 بنسبة 99.9 قد بلغ حوالي خمسة طلاب منهم طالب واحد من مدرسة خاصة هي مدرسة «المصرية المتعاملة الخاصة» بمحافظة الشرقية والأربعة الآخرين من مدارس حكومية، واثنان من محافظة القاهرة، «مدرسة عبد المنعم واصل الثانوية بنات»، و«مدرسة مصر الجديدة النموذجية»، والطالب الرابع من محافظة المنيا من مدرسة «ملوي الثانوية بنين»، والطالب الخامس والأخير من محافظة الدقهلية من مدرسة «دنديط الثانوية المشتركة»، وهذا يعني أن أعلى نسبة للتفوق كانت لصالح المدارس الحكومية- 4 مقابل واحد للمدرسة- وليس لصالح المدارس الخاصة.
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا الآن، إذا كانت المدارس الخاصة قد حصلت في تلك الفئة 98.9% إلى 99.9% بما يعادل عددها، حيث بلغت نسبة أعدادها 25.6% للمدارس و21.6% للطلاب، فلماذا لم تحقق تفوقاً أكبر من ذلك علماً بأنه من المفترض في هذه المدارس أنها مدارس أفضل من حيث البنية الأساسية والتجهيزات وكثافة الفصول ومكانة ووضع المعلمين والمدراء، أي أن المدارس الخاصة هي الأكثر قابلية للتفوق بحكم وضعها ومكانتها وتكاليف الدراسة بها.
والسؤال المعاكس الذي يفرض نفسه علينا الآن: لماذا تفوق طلاب المدارس الحكومية التي تفتقر للكثير من الإمكانات المادية والبشرية على مستوى التجهيزات والمعدات وكثافة الفصول المرتفعة والمعلمين والمدراء، فضلاً عن تواجدها جميعاً في محافظات الصعيد والريف، تلك المحافظات التي مازالت تعاني قلة بل ندرة اهتمام الدولة بها، منذ زمن طويل وللآن. إذن ما سر تفوق هؤلاء الطلاب؟ هل التفوق يعود إلى قدرات وإمكانات الطلاب أنفسهم؟ أم يعود إلى المدرسة وبيئة التعلم الغائبة؟ وإذا كان التفوق يعود إلى الطلاب- فلماذا يذهب العديد من الطلاب إلى المدارس الخاصة التي يعتقد الكثير منا أن سر النجاح بها، وأن التعليم بها أفضل من المدارس الحكومية الفقيرة؟
أعتقد أن تلك الأسئلة وغيرها كثير لابد أن يجيب عنها الخبراء ورجالات التربية والمشتغلين بالعلم التربوي، وسنحاول هنا أن نجيب عنها من وجهة نظرنا: إن التفوق في تلك المدارس الحكومية والخاصة لا يعود إلا لوجود «مدرسة موازية، تعليم موازٍ، تعليم ظل»، والذي يسمى في الأدبيات التربوية الشعبية «الدروس الخصوصية»، هذا التعليم الموازي وتلك الدروس الخصوصية هي التي تقف خلف تفوق الطلاب بالتعليم عامة، سواء أكان تعليماً حكومياً مجانياً أم تعليماً خاصاً، وبكلفة باهظة في مدارس خاصة أو لغات أو تجريبية أو مدارس أجنبية واستثمارية.
وظاهرة التعليم الموازي/ الظلي الذي ساد أصبح قرين نظامنا التعليمي الرسمي منذ مطلع السبعينيات وللآن، هو الذي يسود نتيجة أساليب التقويم- الامتحانات- التي لا تقيس سوى أدنى قدرة للإنسان، هي قدرة التذكر التي تعتمد على التلقين والحفظ، ويُعظم ذلك ويُكرسه أن الامتحانات لها نموذج إجابة محدد من قبل الوزارة والطالب الذي يبدع أو يعتمد على تفكيره وخياله ويخرج عن النص- نموذج الإجابة- هو الطالب الفاشل الراسب، أما الطالب ذو الذاكرة الحديدية فهو الطالب النابه المتفوق الذي يحفظ عن ظهر قلب.
إذن طريقة التدريس التي تعتمد على التلقين ثم الحفظ والتذكر وطريقة التقويم- الامتحان- التي تقيس بُعداً واحداً للإنسان، هي التي كرست وعظمت التعليم الموازي/ الظلي، الدروس الخصوصية، وحصرت التفوق في الحفظ وليس الإبداع أو المغايرة أو الابتكار، ومن هنا لم يعد للمدرسة دور ألبتة في التعليم، وأصبح التعليم الموازي هو البديل الشعبي للتعليم والمدرسة الرسمية. ومما يدعم ويؤكد هذا أن الطلاب الأوائل في امتحانات الثانوية العامة يقولون هذا بكل وضوح وشفافية أنهم قد أخذوا- تعاطوا- دروساً خصوصية في جميع المواد، بل وصل الأمر ببعضهم أن صرح بأنه لا يذهب إلى المدرسة لأنه لا يستفيد منها شيئاً، وهذه بعض شهادات واقعية لطلاب الأوائل للثانوية العامة للعام 2012/2013، 2013/2014:
أكد الطالب أحمد شرف سعيد بمدرسة «ملوي» الثانوية للبنين والحاصل على المركز الأول في الثانوية العامة شعبة علمي علوم أن والده يعمل مهندساً، وأنه كان ينظم وقته بين المذاكرة في المنزل والدروس الخصوصية التي كان يحصل عليها في جميع المواد الدراسية، ومما يلفت النظر أن مدرسة «ملوي» الثانوية للبنين الطالب الحاصل على 99.9% لهذا العام والعام الماضي من تلك المدرسة المتفوقة بالدروس الخصوصية.
وأكدت الطالبة ياسمين أمين عبد الله أمين الفائزة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية شعبة علمي علوم، وحصلت على مجموع 409.5 درجة بنسبة 99.9 أكدت أنها كانت تحصل على دروس خصوصية في جميع المواد، كما أكدت الطالبة يمنى سالم جمعة «بمدرسة سراي القبة الثانوية» والحاصلة على مجموع 409 درجة قد أكد والدها أن الطالبة لم تكن تذهب للمدرسة واعتمدت بشكل كامل على الدروس الخصوصية وهو ما ساهم في تفوقها (جريدة الأهرام 16/7/2014).
وفي نتائج الثانوية العامة للعام الماضي 2012/2013 أكد كل الطلاب العشرة الأوائل أنهم يحصلون- يتعاطون- على دروس خصوصية في جميع المواد وأن بعضهم لم يكن يذهب إلى المدرسة أصلاً نظراً لعدم استفادته واستيعابه منها.
أكدت الطالبة سلمى خالد محمد عبد العزيز الحاصلة على المركز الأول مكرر بمجموع 407.5 من مدرسة «سانت جان أنتيد» أن وراء تفوقها الحصول على الدروس الخصوصية في جميع المواد، وأكدت الطالبة منة مصطفى عبدالعزيز العواض كما أكد والدها (بالمعاش)، لم أبخل على ابنتي بأي نفقات طوال سنوات الدراسة، فقد أنفقت عليها 12 ألف جنيه مصري في العام الواحد دروساً خصوصية و10 آلاف أخرى مصروفات المدرسة عن آخر عامين، وأكدت الطالبة سارة محمود غانم أنها كانت تذاكر قرابة العشر ساعات يومياً وساعدها على التفوق قدرتها العالية والسريعة في استيعاب المذاكرة إلى جانب الدروس الخصوصية التي كنت آخذها في جميع المواد (جريدة الأهرام 17/7/2012، ص27).
هذه نماذج فقط للأوائل التي تؤكد أن التعليم الموازي/ الظلي- المدرسة الموازية- الدروس الخصوصية لم تقتصر فقط على طلاب المدارس الحكومية، بل طالت وتطول المدارس الخاصة والأجنبية وجميع أنواع وأشكال التعليم في مصر، والجدول (2) يوضح نسب الطلاب الذين يحصلون على دروس خصوصية في المواد الدراسية بجميع مراحل التعليم لعام 2009/2010.
جدول (2)
نسب الطلاب الذين يحصلون على دروس خصوصية
في المواد الدراسية بجميع مراحل التعليم لعام 2009/2010

النسبة من الطلاب الذين يحصلون على الدروس الخصوصية فى كل مادة على حدة.
المصدر: مجلس الوزراء، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، استطلاع رأي أولياء الأمور حول مشكلة الدروس الخصوصية- ديسمبر- 2010، ص8.
ولقد كشفت دراسة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء لعام 2010، أن الدروس الخصوصية تستهلك نحو ألف مليون ساعة في السنة (أي مليار ساعة سنويا) دروس خصوصية، وهو زمن- حسب الدراسة- يكفى لبناء ثلاثة سدود مماثلة للسد العالي كل عام، كما أكدت الدراسة أن الدروس الخصوصية تستنزف نحو 22 مليار جنيه من دخل الأسرة المصرية سنوياً.
التعليم الموازي/ الظلي- المدرسة الموازية- الدروس الخصوصية هي كلمة السر في التفوق، وليس نوع التعليم حكومياً أو خاصاً أو أجنبياً أو قدرات الطالب الذاتية، إنها القضية التي يجب أن ينصرف إليها البحث والدراسة والاهتمام، وعلى الوزارة أن تدرك تلك المهمة الوطنية وأن تطرح خطط الإصلاح والتطوير بدءاً من أساليب التقويم، وكفى حديثاً عن حذف الحشو من المناهج وتطويرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.